سعيد العليمى - ملكيه الأرض فى القرن الثامن عشر على ضوء مشاهدات علماء الحملة الفرنسية (قراءة فى وصف مصر)

يخص هذا النص رفيقنا المفكر الراحل صلاح العمروسي . ومن يعرفه يعلم مدى اهتمامه بتاريخ مصر الاقتصادى ، وإلى أى حد تعمق فيه منذ شبابه الباكر ، وإنخراطه فى العمل السياسي . وقد إهتم دائما بنوعية ومستوى مايكتب لذا كان انتاجه النظرى قليلا قياسا بمعارفه العميقة . كان قد كتب بحثا بعنوان : فى نقد نظرية وأسلوب الانتاج الأسيوى ملاحظات تمهيدية عامة ، وقد قدم هذا البحث فى الندوة المهداة الى أحمد صادق سعد وعقدها مركز البحوث العربية والأفريقية فى الفترة من 3 - 5 مايو 1990 ، وقد نشر البحث فى كتاب " اشكاليات التكوين الإجتماعى والفكريات الشعبية فى مصر 1992 . ويعتبر المقال الحالى مكملا للبحث السابق ، وقد كتبه حوالى عام 2004 . ترك رفيقنا اوراقا ومخطوطات كان قد أوصى بأن يتولاها رفيقنا الراحل هانى شكر الله الذى لم تمكنه ظروفه االصحية من القيام بهذا الأمر . أتمنى أن يقوم الرفاق المقربين منه فى الأيام الأخيرة من قيادات حزب التحالف الشعبى الإشتراكى الذى رحل وهو عضو فيه بالاتفاق مع أسرته لجرد أوراقه وحاسبه الآلى وإسترداد المسلوب منها ونشر أعماله . وهناك ايضا دراسات وأبحاث قد تخص آخرين ، منها مخطوطة كتاب يخصنى بعنوان " الماركسية والدين" 1980 - وهو رد على كتاب بنفس الاسم لأستاذ السوربون رشدى فكار الذى إستقدمه السادات خصيصا الى مصر ليحارب الماركسية . ولابد من أن أشكر بامتنان عميق رفيقنا المغترب الذى حرص على أن ينشر هذا المقال التاريخى الهام .
ملكيه الأرض فى القرن الثامن عشر
على ضوء مشاهدات علماء الحملة الفرنسية
( قراءة فى وصف مصر )

صلاح العمروسي
مقدمة منهجية:
ان غياب تصور دقيق عن ملكية الأرض فى مصر فى العصور السابقة على الراسماليه يمثل أحد المشاكل الرئيسية التى تواجهنا فى دراسة التكونيات الاقتصادية الاجتماعية فى تلك العصور فضلا عن ذلك فهى تلقى بظلها أيضا على نقطة البدء في دراسة العصر الحديث، أى على عملية نشاة العلاقات الرأسمالية وتحلل العلاقات السابقة عليها.
ومن المعروف ان هناك اختلافا عميقا حول تلك القضية، فهناك من يرى ان مصر لم تعرف الملكية الخاصة طوال تاريخها، وان الدولة كانت هى المالك الوحيد للأرض وتبنى هذا الرأى عدد واسع من العلماء والباحثين المصرين والأجانب من بينهم إبراهيم عامر ،احمد صادق سعد وكذلك جبريل باير وغيرهم وقد اصبح هذا الرأى هو الاكثر شيوعا فى مصر بعد نشر كتاب الأرض والفلاح : لابراهيم عامر ثم بعد أحياء نظرية الأسلوب الأسيوى فى الإنتاج.
على الطرف الأخر نجد هناك من يرى على النقيص من الرأى السابق ان الملكية الخاصة كانت هى السائدة فى مصر شأنها شأن أى بلد أخر، ورغم عدم انتشار هذا الرأى إلا انه لم يعدم ممثلين كبارا يدافعون عنه مثل المستشرق الفرنسى الكبير سلفر دى ساس ، وفى مصر د0 راشد البراوى ، الذى توصل فى رسالته للدكتوراه عن " حاله مصر الاقتصادية فى عهد الفاطميين "إلى أن المصريين بعد الفتح العربى كانوا يمتلكون الأرض ملكية تامة مطلقة أو بتعبير القانون رقبة ومنفعة"، وانه لم يكن للحكومة على الملكيات الخاصة سوى حق السيادة العليا ، كما كان الشأن فى التشريع الحديث "
فنحن إذن إزاء وجهتي نظر، تبدوان على طرفى نقيض، ومن المفترض بطبيعة الحال أنه لا يتسع لهما معا واقع محدد رغم ان كل فريق لم يعدم الشواهد المستخلصة من هذا الواقع ليقدمها كأدله لدعم وجهه نظرة فى مواجهه وجهة النظر الأخرى. وبالمناسبة فنحن نجد هذا الخلاف نفسه كان قائما بين المؤرخين والفقهاء المسلمين. ففقهاء المذهب الحنفي اتخذوا جانب الملكية الخاصة، ومعظم المذاهب الأخرى اتخذوا جانب ملكية الدولة، وبمعنى أدق انه فى حاله "الفتح عنوة مع عدم تقسيمها بين الفاتحين"، صارت الأرض وقفا لصالح "جماعه المسلمين، وأن الدولة بدورها أصبحت مجرد حارسة لهذا الوقف، وبالتالي لا يحق للإمام (أي رأس الدولة نفسه) التصرف فيها وقد كان هذا الخلاف فى الحقيقة تعبيرا أيديولوجيا عن الخلاف الاجتماعى حول ملكية الأرض، وحول حق الدولة فى الخراج بعد انتشار الإسلام بين السكان الأصليين من أهل الذمة، وكذلك استقرار العرب المسلمين واشتغالهم بالزراعة، ومن ثم مطالبه كل هؤلاء بعدم أحقية الدولة فى خراج الأرض الذى فرض أصلا على أراضى أهل الذمة الخ ،ولم يخل الأمر من تبدل فى المواقع بين ممثلى مختلف المذاهب الفقهية المتأخرين
ونجد الخلاف نفسه بين علماء الحملة الفرنسية حيث وقف لانكريه الى جانب الملكية الخاصة، بينما وقف جبرار الى جانب ملكية الدولة أما إستييف وكذلك دى شابرول فقد اتخذا موقفاً وسطاً الى هذا الحد او ذاك كما سيرد تفصيل ذلك فيما بعد.
والخلاف الحالي بين الباحثين والعلماء هو من زاوية من الزوايا ، انعكاس لهذه الخلافات القديمة، حيث يستعيدون إلى حد كبير نفس الشواهد والبراهين. وهذه المنهجية، التي لا تزال سائدة حتى اليوم، لا تضيف جديدا من الناحية الجوهرية، اللهم من زاوية طريقة العرض والبرهنة، وعدا ذلك فهي مجرد تكرار لتلك الخلافات القديمة. ولكننا في الحقيقة لا بد ان نتساءل قبل كل شئ عن دلالة مثل تلك الخلافات نفسها، وبدون الكشف عن تلك الدلالة تصبح مجرد لغز محير، أو رياضة ذهنية خارج التاريخ. ولذلك من الضروري أن نتساءل عن السبب، أو الأسباب، في ظهور تلك الخلافات سواء بين فقهاء المسلمين، الذين عاصروا تلك الحقب التاريخية القديمة نفسها، أو حتى كانوا قضاة يفصلون بأنفسهم في منازعات الملكية، أو من الفرنسيين، وهم الذين شاهدوا الوضع على الطبيعة، أو لم تكن تنقصهم الشواهد الإمبيريقية، والذين كانوا، فضلا عن ذلك، يملكون منهجية مستقاة من العلوم القانونية والاقتصادية الحديثة ؟ ولما كانت تلك الخلافات قد نشأت بين من عاصروا تلك الحقب التاريخية، فمن المنطقي أنها ليست بالتالي راجعة إلي قصور في الشواهد الإمبيريقية، وتكرارها وثباتها التاريخي، الذي جعلها تمتد من الفقهاء المسلمين حتى علماء الحملة الفرنسية، يبرهن علي أنها ليست ناشئة عن أسباب ذاتية، أو قصور في الفهم والتحليل، وأنها تعود، بالتالي إلي أسباب موضوعية ما تستحق البحث والتحليل.
ويدفعنا كل ذلك إلي الفرضية التالية: وهي أن تلك الخلافات تنطوي علي دلالات معينة وثيقة الصلة بأن هناك التباسا تاريخيا يحيط بحقوق الملكية نفسها في تلك العصور، وهذا بدوره وثيق الصلة بالعلاقات الاجتماعية القائمة، الأمر الذي أفرز بالضرورة مثل ذلك التضارب.
ومن هذه الفرضية نري ضرورة دراسة القضية على ضوء طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة، دون أن نحصر أنفسنا فى مجال الشكل القانونى وحده فهذا من شانه أن يمكننا من فهم أدق لملكية الارض بل يمكننا من تفسير تلك الخلافات، بدلا من الغرق فيها نفسها ، وإعادة تكرار براهين وشواهد القدماء.
وفقا لهذه لاعتبارات سوف نحاول دراسة أوضاع ملكية الأرض فى مصر فى القرن الثامن عشر على ضوء مشاهدات وآراء علماء الحملة الفرنسية.

تصنيف ملكية الأراضي في مصر في زمن الحملة الفرنسية:
ومن المعروف أنه كان هناك قسمين رئسيين من الأرض فى ذلك العصر :
- القسم الاول : الارض الخراجية وهذه تنقسم بدورها الى أراض الالتزام " الأواسى"من ناحية وأراضى الفلاحين ( الارض الاثرية ) من ناحية أخرى.
- والقسم الثانى: أراضى الرزق والرزق الأحباسية.
- وهناك قسم ثالث: وهو قليل الأهمية وهو يخص أراضى "الأطلاق "وهى أساسا تتكون من المراعى الخاصة بباشا مصر والملتزمين فى اواخر العصر العثمانى 0
والخلاف يدور أساسا حول الارض الخراجية بقسميها، اما اراض الرزق فليس هناك خلاف بشأنها باعتبار أنها كانت قبل وقفها ملكية خاصة معفاة من الضرائب (أو كانت الملكية الخاصة شرط لصحة ونفاذ الوقف)، وذلك باجماع المؤرخين والفقهاء على اختلاف مذاهبهم وكذلك علماء الحملة الفرنسية، وفيما يتعلق بالارض الخراجية، هناك اطراف ثلاثة يدور الخلاف بشأنهم ملكية اى منهم الارض : الدولة، الملتزمين، الفلاحين.

عرض موجز لآراء علماء الحملة الفرنسية:
نعرض فى البداية اراء كل عالم على حده ثم نقوم بمحاوله لتحليل هذه الآراء :
أولا: آراء جيرار:
ينفى جيرار وجود حق الملكية الخاصة فى الأرض سواء بالنسبه للفلاحين او الملتزمين وهو اذا كان يعترف بوجود حق الميراث ، فانه لايرجعه الى وجود حق الارث وانما الى ارادة الحاكم أما حق التصرف بالبيع والشراء فينكرة جيرار تماما ويرى أن حق التصرف مقصور على مايسمى " الرهن المؤقت " اى نظام " الفاروقه ".وهذه هى مقتطفات من شهادة جيرار :
ففى معرض حديثة عن بؤس الفلاح يتحدث عن انه يرجع " إلى أن الفلاحين لبسوا هم المالكين لأراضيهم "
ثم يتحدث في فقرة أوسع عن حاله الملكية عموما ودون تمييز بين الأرض الاثريه ( أراضى الفلاحين ) وأرض الالتزام ،فيقول منذ أول احتلال لمصر كان حق الغزو هو السند الوحيد الذى ترتكز علية حكومتها وكان الانتفاع ببعض أجزاء من الارض الزراعية قد ترك فى بعض الأحيان للشعب المهزوم فلن يكن ثمة ما يلزم لايقاف هذا الانتفاع الهزيل سوى صدور فعل يعبر عن ادارة آخر الغزاة. ولا تزال هذه هى حاله ما يطلق علية الملكيات الخاصة نعم تظل هذه الملكيات فى نطاق نفس العائلة. ليس بسند من حق الارث بقدر ما هو دليل على حسن صنيع الحكومة التي تظل تحتفظ لنفسها بحق التصرف فى هذه الأراضي حسب مشيئتها. وكما رأينا، فليست هذه الملكيات سوى إقطاعيات قابله للنقل (إلى آخرين) ولهذا السبب نفسه غير قابله للبيع أو التنازل. ولهذا السبب فلا ينبغى علينا ان نلصق بتعبير "بيع عقار من الارض" فكرة تخويل متبادل ومطلق ولكن فقط فكرة الرهن المؤقت مقابل مبلغ من المال نحصل عليه فى شكل سلفه ويمتلك المقترض الأرض بنفس هذا الشكل من الملكية إلى وقت تحصيله لقروضه، وفى هذه الفترة يقوم المنتفع أو الذى آلت إليه الانتفاع خلالها بالإنتفاع بالأرض التى ارتهنها " . ويعلق "لانكرية" على الفقرة الاخيرة فى نص جيرار قائلا " فقد ظن الكاتب المشار اليه ( اى جيرار) أن بيع مساحة من الأرض ليس سوى تعاقد مؤقت لا يدوم إلا إلى فترة السداد ومع ذلك فقد لمسنا أن كل الملتزمين فى كل انحاء مصر كانوا يقومون فيما بينهم بعمليات بيع مطلقة "
سوف تعود الى ماكتبه لا نكرية فى مكان لاحق ولنواصل عرض آراء جيرار.
فقد بقيت فقرة هامه على قصرها وردت فى كتابات جيرار، هذا نصها : "وعلى الرغم من أن كل أراضى الصعيد ملك للحكومه فإنها مع ذلك بقيت مقسمه بين القرى المختلفة ويحق لسكان هذه القرى أن يزرعوا مساحه محددة من اطيانها " .
ومن الواضح إذن أن جيرار يرى أن الدولة هي الطرف الوحيد المالك للارض وينفى اية حقوق كانت للملتزمين أو الفلاحين على السواء، رغم انه يعترف لهم ببعض الحقوق التى تنتمى إلى حق التصرف ولكن مع الهبوط بها (أي الحقوق) إلى مستوى الرهن المؤقت أى الغاروقة والذي بمقتضاه يتنازل الراهن عن الأرض بصورة مؤقتة للمرتهن ( صاحب الدين) لينتفع بها حتى يتم السداد. كذلك يعترف جيرار بحق الميراث "استمرار الأرض في نفس العائلة" ولكن مع الهبوط به الى مجرد "حسن صنيع الحكومة" ودون أن يرقى إلى مستوى الحق المعترف به من الدولة، كما يعترف جيرار بأن الأرض مقسمه بين القرى وهذه بدورها مقسمه بين سكانها، أى أن الزراعة الفردية المنفصلة هي الشكل السائد لاستغلال الارض حتى فى الصعيد المعروف بأنه أقل تطوراً عن مصر السفلى.
2- أراء الكونت استيف:
أما الكونت استيف ، فيذهب ، مثلما فعل جيرار إلى أن السلطان هو المالك الوحيد للأرض، وإن كان يعترف للفلاحين والملتزمين على السواء بحقوق أوسع من تلك التى أعترف بها جيرار. فهو يؤكد تمتع الملتزمين بحق التصرف بالارض، وأنه كان محرماً إبطال الحق المنوح لهم، فمن النادر حرمان الملتزمين من توريث أراضيهم، وذلك على خلاف جيرار والذى ربط كل ذلك بالارادة المطلقة للحكومة.
ومن ناحية أخري، يؤكد استيف، احتفاظ الفلاحين بحق التملك المباشر والوراثى وان كانوا محرمون من التصرف فيها بالبيع، وأنهم في ذات الوقت، ليس لهم الحق فى هجرها.
ورغم أن جيرار يستخلص النتيجة العامة التالية وهى أن هذا النظام للاشياء يحقق مزايا تتساوى مع نفس المزايا التى تحفظها الملكية، إلا أنه لا يزال يرى فى نفس الوقت، أن السلطان هو المالك الوحيد للارض
وهذا هو نفس ما اورده استيف :-
" وقد اعلن السلطان نفسه المالك الوحيد فكل اراضى مصر ملك له ، ومع ذلك فحيث أن الأرض قد انتقلت إلى مستغلين يسمون أنفسهم ملتزمين يستطيعون أن يتصرفوا فيها ، وحيث كان محرما إبطال هذا الحق المنوح لهم ، وحيث كان من النادر ان ترفض ايلولة حق الاستغلال إلى ورثة هؤلاء الملتزمين ، فان هذا النظام للأشياء ظل يحقق مزايا تتساوى مع نفس المزايا التى تحققها الملكية، فقد احتفظ الفلاحون بحق التملك المباشر والوراثى للجزء الأكبر من الاراضى التى آلت تبعيتها للملتزمين، وإن كان ذلك لا يعطيهم حق بيع الارض أو هجرها ، واذا حدث أن مات بعضهم دون أبناء أو ورثه فان الأراضى التى كانوا يملكونها تعود لتصبح تحت تصرف الملتزم الذى يضطر لاعطائها إلى فلاح آخر ، وحين يموت أحد الملتزمين ، دون ان يخلف هو الآخر من يرثه تعود أرضه إلى السلطان الذى بعهد بها بدورة إلى ملتزم آخر".
وهكذا يلاحظ ان استيف يقترب من الرأى الاخر ، علي الرغم من أنه قد بدأ شهادته مؤكدا اعلان السلطان عن نفسه بوصفة المالك الوحيد لارض مصر .
3- آراء دى شابرول:
كذلك يتخذ دى شابرول موقفا وسطا وان كان يقترب الى حد كبير من موقف لا نكريه فهو يصف أوضاع الفلاحين قائلا "...الفلاح في هذه البلاد البائسة ، ليس بمالك للارض ، وليس بمقدوره أن يكون كذلك انه ليس بصاحب للأرض ، ولكنه قن منذ ولادته ، يعمل لحساب تلك العصبة التي قهرت وطنه، واستذلته انه رقيق الدولة في اسبارطة القديمة وعبد المستعمرات الأمريكية التعس"
ويقول أيضا " يورث الفلاح لأبنائه حق زراعه الأرض التى فى حوزته وعلى هؤلاء أولا أن يدفعوا للملتزم نوعا من رسوم التقليد 000 واذا رفض الفلاح المورث ان يسدد هذه الضريبة بالرغم من أوامر وتنبيهات المالك الملتزم فان الاخير يستطيع ان يرغمه على ذلك بمنعه من استغلال الارض التى كانت فى حوزة أبيه " .
ثم يضيف "ومن نافلة القول أن نلفت النظر إلى أن الفلاح لا يستطيع ان يبيع الأرض التى يزرعها ، حيث أن ملكيتها الحقيقة ليست فى يده ومع ذلك فقد كان له الحق فى أن يؤجرها لبعض الوقت ويظل يحتفظ لنفسه بحق الرجوع إليها وعندما يكون الفلاح معسراً غير قادر على سداد ما علية فإن الملتزم يستدعيه أمام القاضي ويثبت عن طريق شهود أنه لا يستطيع تحصيل أى شئ منه ، أى من الفلاح، وعندئذ يعزل الفلاح المسكين من الأرض ويصبح لسيده الحق فى إحلال فلاح آخر محله، ويرشح الفلاح الجديد عادة عن طريق شيخ أول القرية ويقبل الملتزم هذا الاختيار لكن ذلك لا يعنى أن الفلاح القديم قد انتزع من أرضة بغير عودة، فيكفى أن يستطيع دفع الأقساط المتراكمة علية لكي يحصل من جديد على أرضة، ومن جهة أخرى فإن حدث ان وقع ضرر بين وبالغ على الفلاح على يد الملتزم، فان بمقدور الفلاح أن يهجر حقله ويحل محله فى هذه الحالة شيخ الفلاحين والملتزم" .
هذا ما كتبه دى شابرول عن اوضاع ملكية الفلاحين، فهو وإن كان يتحدث عن غياب حق الملكية للفلاحين على أراضيهم بوصفهم أقنانا إلا أنه يعود فيؤكد أنهم يتوارثونها ويتصرفون فيها بالإيجار، ومن ناحية أخري فهو يركز على حق الملتزم فى انتزع الأرض من الفلاح المعسر وعلى هجر الفلاح لأرضه اذا وقع علية ضرر بالغ من الملتزم، ولكنه يعود فيؤكد حق الفلاح فى استرداد أرضه بعد تسديد ما تراكم علية من ضرائب وإتاوات للملتزم. ومن الجدير بالذكر أيضا، أنه علي الرغم من كل تلك الحقوق المكتسبة للفلاح هذه فإن شابرول يؤكد أنه لا يستطيع أن يبيع ما بيده من أراضى .
أما الملتزمين، في رأى دى شابرول، فإن حقوقهم في ملكية الأرض تختلف اختلافاً عظيما عن حقوق الفلاحين، فهو يصفهم بأنهم "هم الذين يمتلكون أراضى هذه القرى امتلاكا فعليا" .
ثم يضيف " وللملتزم الحق أن يبيع التزامه، وعندما يحدث ذلك يقوم الملتزم الجديد بدفع الميري بدلا منه وعندما يبع التزامه فى ارض الفلاحين فانه يبيع كذلك الجزء الذى فى حوزته والمقابل لتلك فى أرض الوسية، إذا لا يمكن ان تنفصل هاتان الملكيتان .
ثم يقول " ويرث أبناء الملتزم الالتزام عن والدهم، لكنهم لا يخلفونه إلا بعد موافقة الباشا، وفى الحالة يحصل هذا الضباط (أى الباشا) باعتباره ممثلا للسلطان ثلاثة أمثال قيمه الفايظ السنوى غير مشتمل على البرانى ... ويعدل الباشوات في معظم الحالات من المبلغ المفروض كضريبة إرث ويمارسون في هذا الخصوص نحو الملتزم ما يمارسه هؤلاء نحو الفلاحين فى نفس الظروف وينظر المصريون إلى ضرائب الإرث هذه باعتبارها استرداد للأرض وهكذا يصبح أبناء الملتزم أصحاب حق في الحصول على ممتلكات أبيهم بعد دفع الضريبة المفروضة ..." .
وهكذا يتميز دى شابرول عن جيرار، وعن اسيتف أيضا فى أنه يؤكد على وجود حق الملكية الخاصة شبه التامة للمتزمين فهم يورثون أراضيهم لأبنائهم ويتصرفون فيما بالبيع ومالى إلى ذلك من تصرفات ومن الواضح أيضا أن هذه الحقوق في الملكية تنطبق على أراضى الالتزام بأسرها، أي على أرض " الوسايا "وعلى أراضى الفلاحين "الأثرية" التي تدخل في نطاق الالتزام .
ويتميز دى شابرول أيضا بأنه يفض الخلاف حول حق الملكية بين الأطراف الثلاثة: الدولة، والملتزمين و الفلاحين لصالح الملتزمين ويعتبرهم "هم الذين يمتلكون أراضى القرى امتلاكا فعليا أي أراضى الفلاحين الاثرية ، وذلك بالإضافة إلى أراضى "الأوسية".
ولكن ينبغي أن نلاحظ أنه لم يتحدث عن ملكية الدولة لا بالتأييد ولا بالرفض وذلك على الرغم من تأكيده على ضرورة موافقة الدولة، ممثله في باشا مصر، على توريث أبناء الملتزمين ،وعلى حقوق الدولة المالية قبلهم.
آراء لا نكريه:
أما لا نكريه فهو على خلاف سابقيه جميعا يؤكد على وجود الملكية الخاصة بالنسبة للملتزمين وايضا بالنسبة للفلاحين هؤلاء الذين ليس لهم حتى الان (وحسب جيرار واسيتف ودى شابرول) الحق في بيع أراضيهم.
" إن معظم الفلاحين فى أية قرية هم ملاك أراضيها، أي ملاكها الحقيقيون، بمعنى أنهم يستطيعون أن يهبوها أو يبيعوها إلى فلاحين آخرين، والأراضي مهما كانت التغيرات التى تصيبها تبقى على الدوام مقيدة بضريبة، ويحمل الشخص الذي يؤدى إلية هذه الضريبة اسم : ملتزم أو سيد وهو فى الواقع سيد هذه الارض إذ هو يستطيع أن يزيد او ينقص من قدر الضريبة التي يحصلها من هذه الأراضي كما أنه يستطيع أن يعطيها أو بيعها لملتزم آخر ،كما أن هذه الأراضى تصبح من بعده ملكا لا بنائه ثم أنه فى النهاية يضمها الى ملكه الخاص إذا مات الفلاح المالك دون وريث، وهو الأمر الذى لا يحدث بخصوص أنواع الملكيات الأخرى التى يتملكها الفلاح ، حيث ان منزل الفلاح وأثاثه وقطعانه تؤول في حاله موته (بلا وريث ، ملاحظه من الكاتب) إلى بيت المال وليس إلى الملتزم" .
ثم يقول " وعندما يموت الملتزم ينبغى على أولاده، حتى يحصلوا على أملاكه، أن يحوزوا موافقة الباشا، وكانوا يحصلون على هذه الموافقة بأن يدفعوا له ضريبة محددة، وكان الأتراك ينظرون إليها ـ أى إلى هذه الضريبة ـ باعتبارها شكلا من إعادة الشراء للأرض ، وبدون ذلك تعود الأرض لتصبح من حق بيت المال. وإذا مات مالك دون أن يخلف أبناء أو يكتب وصيه فإن ممتلكاته تؤدى إلى بيت المال ولكن اذا ما كتبت وصيه فان تنفيذها يقع على عاتق من كتبت لصالحهم أيًا كانوا، وبذلك يكون عليهم أن يدفعوا الضربية للباشا "
ويلاحظ أن لانكرية قد بدأ شهادته بالتأكيد علي أن فلاحى القرى هم ملاك أراضيها الحقيقيون، ولهم عليها حق التصرف بالبيع والشراء الهبة ولكنه أكد في ذات الوقت ان الملتزمون هم سادة الأرض نفسها ويتصرفون بدورهم فيها أيضا بالبيع والهبة الخ ،وذلك بخلاف ملكيتهم لأرض الوسايا ، تلك التى يعود إليها لا نكرية فى نص خاص، وهكذا يصبح هناك طرفان( الفلاح والملتزم ) ينسب لهما لانكرية ملكية الأراضي الإثرية للفلاحين، ولعل هذا بشكل تناقصا ظاهريا فى شهادة لا نكرية ، سوف نتعرض اليه فيما بعد0 وبطبيعة الحال فان الطرف الثالث وهو الدولة لا ينظر إليها لانكرية بوصفها طرفا مالكا للأرض.
ويلاحظ أيضا أن لانكرية يعود فى الهامش ليقول أنه نادرا ما يبيع الفلاحون أراضيهم لأن الأراضى عادة بخسة القيمة وإذا ما أصبح فلاح ما حائزا على وسائل الزراعة فانه يحصل على الأرض دون شرائها وفى نفس الوقت فانه من المؤكد أنه كان للفلاحين حق بيعها ولن نعدم أمثله على ذلك .
وهكذا فعلي الرغم من ندرة وقائع حالات تصرف الفلاحين فى أراضيهم بالبيع للأسباب المذكورة إلا أن لانكرية لا يرى فى ذلك ما يلغى وجود هذا الحق.
ثم يورد لانكرية حقا آخر للتصرف وهو الرهن "الحيازى" المسمى بالغاروقة ،الذي بمقتضاه تنتقل أرض المقترض إلى المقرض حتى يتمكن الاول من سداد الدين للأخير "فعند ما يجد فلاح نفسه عاجزاً لحد لا يستطيع معه أن يزرع كل أراضية فإنه يقوم برهن جزء منها لقاء مبلغ معين يستغله فى زراعه الجزء الذى احتفظ به، وعندما يستطيع أن يرد المبلغ الذى حصل علية فان الرهن يتوقف وتعود الأرض التى رهنها الى حوزته ، ويسمى هذا النوع من الرهن: الغاروقه " .
وبينما يركز دى شابرول على أحد جوانب علاقة الفلاح بالملتزم التى تمكنه من نزع أرض الفلاح إذا ما عجز عن دفع الضرائب، فان لا نكرية يركز على الجانب الآخر فيؤكد أن الملتزم "لا يستطيع أن ينتزع من الفلاح الأرض التى يزرعها ، طالما - على الأقل - لم يلمس أن الفلاح غير قادر على زراعتها ... وما دام الفلاح، نتيجة لذلك، يقوم بدفع الضرائب المقررة". ثم يركز على حق عودة الفلاح إلى أرضه إذا نزعت منه بسبب عجزه عن دفع الضرائب، وذلك "إذا ما تملك الوسائل التى تمكنه من سداد ما علية من ديون متأخرة إلى الملتزم" .
وأخيراً يضيف لانكريه" أن الفلاحين يتمتعون بكل الحرية فى اختيار نوع المحاصيل التى يريدون أن يزرعوها فى اراضيهم فهم يستطيعون أن يبذروها بالقمح، أو الأرز، أو الذرة حسبما يتراءى لهم بشرط أن يدفعوا الضريبة للملتزم وليس للأخير أن يرغمهم على شئ".
وإذا كانت أراضى الفلاحين كما رأينا ، تنشأ عليها حقوق ملكية لكل من الفلاحين والملتزمين ، فإن الاخيرين ينفردون بملكية أرض " الوسايا" ، يقول لانكريه:
" انتهيت الآن من شرح الطريقة التى كان الفلاحون يمتلكون بها الارض، وكيف كانت ملكيتها تقسم بينهم وبين الملتزمين، وسأتحدث الآن عن جزء آخر من الملكية كان فى حوزة هؤلاء الملتزمين، وهو يشتمل على الأراضى التي تتبعهم كلية والتى لم تكن تدفع من ضرائب إلا ضريبة الميرى، وهذه الأراضى كانت تعتبر ملكية خاصة كانت تسمى أرض الوسية أو أرض الملاك. ولم يكن هذا النوع من الملكية موجوداً فى الصعيد بعد المنيا، ولكن يمكن القول عامة أن أراضى الوسية، فى مصر السفلى، كانت تبلغ حوالى 1/10 من أراضى الفلاحين . 
ويلاحظ أن التصرف فى أراضى "الوسية" يرتبط بالتصرف فى أراضي الفلاحين، فإذا باع الملتزم الأولى بأكملها فإنه يبيع معها فى نفس الصفقة الثانية بأكملها، وإذا باع نصف الأولى فإنه يبيع معها نصف الثانية وهكذا، وذلك أياً كانت النسبة بين النوعين من الأرض.
ولكن ما هو الفرق بين طريقة الاستغلال فى أراضي الفلاحين وفى أرض الوسية؟ لقد عرفنا من لانكريه أن أرض الفلاحين تزرع بشكل مستقل عن الادارة المباشرة للملتزم، ويدفعون له ثلاثة أنواع من الضرائب، الأول: المال الحر: (وهو يتكون من الميري والمضاف) يدفعه الفلاح للملتزم الذى بدوره يدفع للدولة المال الميري ويحتفظ لنفسه بالفرق الذى يسمى المضاف، والنوع الثانى: المال البرانى ويحتفظ به الملتزم لنفسه، والنوع الثالث عبارة عن مجموعة من الضرائب مثل الكشوفية ،الفرد، الكلف، المغارم، رفع المظالم ...إلخ.
المهم هنا أننا ازاء زراعة صغيرة مجزأة تتم بصورة مستقلة عن الإرادة المباشرة للملتزم، وفى أرض يحوزها الفلاح بشكل وراثي، فضلا عن حقوق التملك الأخرى، وفى نفس الوقت يكون تابعا للملتزم ومقيد إزاءه بدفع الريع، وما يتبقى بعد دفع كل تلك الضرائب والإتاوات يمثل "الإنتاج الضروري" لمعيشة الفلاح.
وتحدث "لانكريه" عن عدة طرق لاستغلال أرض "الوسية"، فقد كان الفلاحون "يرغمون فى بعض المناطق على زراعتها بطريق السخرة " . أي أن الملتزم يحصل على عمل الفلاحين بصورة مجانية، الذي يمثل نوعا من الريع في صورة عمل مباشر، أي "ريع عمل".
وفى أحوال أخرى كان الفلاحون يستأجرون أرض "الوسية"، إما بطريق غير مباشر عن طريق تأجيرها جملة واحدة إلى "شيخ البلد الذي يدير في نفس القرية زراعة أراضيه الأخرى، وثمن الإيجار على الدوام أكبر من مجموع المال الحر والبرانى الذي تغله أرض الفلاحين فى هذه القرية" . ويعنى ذلك أن دخل الملتزم يظل أعلى من دخله من أراضى الفلاحين،واذا ما أخذنا فى الاعتبار أن مشايخ القرى يقومون بإعادة تأجير هذه الارض مرة أخرى للفلاحين ، ويحصلون بدورهم على جزء من الريع ، فإن ما يتبقى للمزارع الفعلى ، أدنى بكثير مما يحصل عليه من أراضيه الاثرية.
كذلك قد يقوم الملتزم بتأجير أرض " الوسية" مباشرة إلى الفلاحين، وفى هذه الحالة: "يكون للملتزم فى كل واحدة من القرى التى تتبعه بصفه أساسية رجلان مكلفان بزراعة وحصد أراضيه، أي "الوسية" ويسمى الأول الخولي ويسمى الثاني الوكيل أو المحصل. ويقوم الخولي بالتنسيق مع مشايخ البلد بتوزيع الأرض على مختلف الفلاحين...ويبدأ الوكيل القيام بأعماله عندما يحين وقت الحصاد ، فيمسك سجلاً بكميات الحبوب المحصودة ويودعها في بيته ويحضر معه شيخ البلد كشاهد، ويتلقى الفلاحون 45-60 مدينى عن زراعة الفدان الواحد . أما عن الحصاد فإنهم يحصلون على مكيال من القمح أو الشعير يساوى على أكثر تقدير 1/22 من الإردب ، وذلك عن اليوم الواحد".
ويمكننا أن نخلص مما سبق أن حق التملك الفردي لا شك فى وجوده بصورة معينة، ولكن هناك وضعاً متميزاً لهذا الحق بالنسبة للفلاحين من ناحية، وبالنسبة لسادتهم من الملتزمين من ناحية أخرى ولهذا سنناقش هذه النتيجة بصورة منفصلة عند كل من الفلاحين والملتزمين ، ثم نتناول مشكلة ملكية الدولة.

أ ـ حق الملكية وتناقض أوضاع الفلاحين
1- ان الجميع باختلاف آرائهم يتفقون على وجود الاستغلال الخاص، والتملك الخاص لأراضى الفلاحين. ذلك أن أشد العلماء تطرفاً فى نفى وجود الملكية الخاصة، وهو مسيو جيرار يعترف بأن "الملكيات تظل في نفس العائلة " أى يجرى توارثها بين الأبناء، أما نفيه لوجود حق الملكية بما فى ذلك حق النقل بالميراث، فيعود إلى أنه يرجع هذا التوارث إلى "حسن صنيع الحكومة" وليس إلى سند من حق الارث. فنفى جيرار لحق الفلاح فى الملكية لا يقوم على إنكار واقعة التوارث داخل نطاق نفس العائلة، وإنما يقوم على تفسيره الخاص للمصدر الحقوقى الذى تقوم عليه واقعة التوارث تلك التى يعترف بها.
2- وإذا كان جيرار، قد نفى حق الفلاحين فى التصرف فى أراضيهم بالهبة والبيع، فإن لانكريه الذى يقف فى أقصى الطرف الأخر فى تأكيده حق الملكية، يؤكد أن الفلاحون هم الملاك الحقيقيون للأرض، ويؤكد أن لهم الحق فى التصرف فيها بالبيع والهبة.
إلا أنه هو نفسه يعود فيؤكد أنه نادراً ما يقع فعل البيع لأراضى الفلاحين "الاثرية" ولكن بينما يفسر جيرار غياب وقائع التصرف فى الأرض بالبيع والشراء ، إلى غياب حق الملكية فإن لانكريه يفسر ندرة وقائع مثل تلك التصرفات بأن أسعار الارض بخسه.
3- إن الجميع يتفقون (بما في ذلك لانكريه الأشد تطرفاً فى تأكيد حق الملكية للفلاحين ) علي أن هناك قيوداً محددة على حق تملك الفلاحين لأراضيهم : فالفلاح يتوجب عليه دفع رسم توريث، وإلا فقد مؤقتاً حقه فى استغلال الأرض التى له حق توارثها، كذلك فإن الفلاح المعسر يطرد من الأرض، حتى يفي بديونه من الضرائب المفروضة عليه، وله الحق فى الرجوع إلى أرضه متى كان فى مقدوره الوفاء بديونه.
4- نخرج من كل هذا العرض، أن هناك اتفاقاً كبيراً على الوقائع الأساسية فيما يخص أرض الفلاحين وأن هناك اختلافات محدودة على تفاصيل تلك الوقائع، لكن الاختلاف الواسع يقوم فى التحليل وفى النتائج المستخلصة، والفصل في هذا الخلاف يتطلب الخروج من دائرة التحليل القانونى إلى دائرة التحليل الاقتصادى الاجتماعى لعلاقات الانتاج.
فملكية الفلاحين للارض هى ملكية قنية أى ملكية محملة بالأعباء والحقوق التى تعود إلى الدولة، وإلى طبقة الملتزمين الاقطاعيين. وعلاقات الإنتاج الاقطاعية تفرض طريقة نوعية محددة للجمع بين الفلاحين وبين الأرض باعتبارها وسيلة الإنتاج الرئيسية، وتقوم هذه الطريقة على تزويد الفلاحين بالأرض وربطهم بها وإجبارهم على عدم هجرها، مقابل دفع الريع الاقطاعى للدولة والملتزمين، والذى اتخذ في مصر العثمانية صور متعددة : المال الحر (وهو عادة ما يكون أكبر من الميرى الذى يعود الى السلطان، حيث يتضمن المال الفايظ الذي يعود إلي الملتزم، ويتضمن أيضا مال الكشوفية الذي يعود للبك أو حاكم الولاية) والمال البرانى يتكون من مختلف الاتاوات الاقطاعية المستجدة .
وهذه العلاقة يعاد إنتاجها مادام أسلوب الإنتاج مستمرا، أي تبقي الأرض على الدوام فى أيدى الفلاحين ليتوارثوها في نفس الذي يتوارثون فيه تلك الالتزامات المتمثلة في دفع الريع الإقطاعي، ومعنى ذلك أنه أيًا كان الادعاء من طرف الحكومة بملكيتها الاخيرة للأرض وبكل ما تتمتع به من جبروت، لا يوجد لها من خيار سوي ترك الأرض بين الفلاحين ليتوارثونها وليكتسبوا عليها حقوق ملكية فعلية (ليست قانونية)، وذلك حتى تستمر عملية الإنتاج، ومن ثم تكون قادرة على إعادة إنتاج الريع، من خلال مجموعة من القواعد والأعراف والحقوق، ودون اللجوء بصفة دائمة إلي الإكراه فوق الاقتصادي (أي العنف)، الذي يستخدم فقط عند الضرورة، ويتركز بصفة خاصة في المرحلة الأخيرة، أي عند وفاء الفلاحين بدفع الريع المفروض عليهم، أيا كان شكله (ريع نقدي، أو عيني، أو عمل – أي السخرة - ). وهى فوق كل ذلك تستخدم كل جبروتها في ربط الفلاح بالأرض وليس طرده منها، فالملتزم أو الحكومة اذا كان بمقدورهم طرد فلاح ما من أرضه، إذا لم يكن قادراً على سداد الريع، أو سداد رسم التوريث، فإنهما ( الملتزم والحكومة) ليس بمقدورهما انتزاع أرض مجموع لفلاحين أو قسم محسوس منهم، طالما كان أسلوب الإنتاج قادراً على إعادة إنتاج نفسه، ومن ثم علاقاته الإنتاجية، أما طرد أفراد من الفلاحين من أراضيهم، كما أن السماح بهجرة فردية للفلاحين، فما ذلك إلا لأن الدولة والملتزم يكونان قادرين على إحلال فلاحين آخرين محلهم إلي حين الوفاء بالضرائب. أما إذا حدثت هجرة واسعة تتخذ أبعاد ظاهرة ، فهى تواجهها بالقوة المسلحة.
5- وعلى ذلك فإن كان استيف يقول أن الفلاحين ليسوا بملاك حقيقين فإنه محق فى ذلك تماماً، طالما أنه يقصد أن بؤس الفلاح الفقير ناشئ من حرمانه من الإنتاج الفائض لأرضه، ولا يبقى إلا ما يحافظ على حياته البائسة. أما لانكريه عندما يقول أن الفلاحين هم الملاك الحقيقيون للأرض، فهو محق بقدر معين، أى بقدر ما يتعلق الأمر بوجود حق ما للملكيه مكفول لهم بحكم نفس العلاقة الاقطاعية التى تقتضى ربطهم بالأرض وتوارثهم لها أباً عن جد، أي التي ترتب لهم نوع من حق الملكية الفعلية على أراضيهم. ببساطة أن كل منها يركز على أحد جانبى العلاقات الإقطاعية.
وهذا الحق يتضمن التصرف بالبيع والشراء. فعلي الرغم من ندرة حدوثه، إلا أنه كان مكفولاً، ولانكريه في الحقيقة محق فى حديثه عن وجود هذا الحق، ولا يقلل منه حديثه عن ندرته، ونجد دليلاً على ذلك من شهادة اللائحة السعيدية نفسها، التى تعبر بذلك عن وجهة نظر الدولة. ففى البند الرابع تؤكد على حق الدولة فى ملكية الأرض، بقولها "إن الأرض الخراجية لا تملك لمزارعين فيها، بل ليس لهم فيها الا حق الانتفاع بها فقط"، إلا أنها تعترف فى البند العاشر بأنه " الجارى منذ قديم الزمان أن المزارعين فى الأراضى الميرية الخراجية يسقطون حقوقهم من اراضى الزراعة، ويفرغونها لغيرهم بموجب حجج شرعية" .
وربما يوجد تناقض ظاهر بين نفى " ملكية" الفلاحين للأرض والتأكيد على أن ما للفلاحين من حقوق لا تتجاوز "حق الانتفاع" أي لا تتجاوز حقوق المستأجرين، وبين الاعتراف في نفس الوقت "بحق الإسقاط والإفراغ" (أي البيع والشراء) منذ قديم الزمن، فضلاً عن حق الإرث. وذلك بموجب حجج شرعية، أي معترف بها قانونا من الدولة. وفى الحقيقة أن حق الفلاحين من حيث الشكل يتجاوز حق الانتفاع وأقل من حق الملكية التامة، وهو ما يطلق عليه البعض "ملكية الانتفاع" ولكنه من حيث المحتوى يعكس الوضعية الاجتماعية المتناقضة بين الدولة والفلاحين، فالتأكيد الأول ( نفى حق الفلاح فى ملكية الارض) لا يعنى سوى تأكيد حق الدولة فى الريع الإقطاعي، وهنا لا يهم الدولة مسألة التصرف فى الأرض وانتقالها من فلاح إلى أخر، طالما أن أى منهما سيتكفل بدفع الريع للدولة. وينهض ذلك دليلاً على عدم كفاية التحليل القانونى لفهم التعقيد القانونى الناشئ من طبيعة العلاقات الإقطاعية، فدائرة التحليل القانوني لن تفسر على الاطلاق لماذا تركت الدولة ( مالكة الرقبة) للمستأجر الذى ليس له سوى "حق الانتفاع" إمكانية ممارسة حق التصرف ( بالبيع والشراء والهبة والإرث الخ) مهما تكن هناك قيود على ذلك الحق. أما إذا دخلنا دائرة التحليل الاقتصادى الاجتماعي، فسوف يصبح الامر شديد الوضوح. فالعلاقة الإقطاعية كما سبق القول تقوم على ربط "الأرض بالفلاح" وقيام الفلاح بالانتاج بعيداً عن الإدارة المباشرة لسادة الإقطاع (على نقيض الإنتاج العبودي والرأسمالي على السواء)، ومن هنا تقتضى هذه العلاقة وضع الأرض فى يد الفلاح، ثم إلى ورثته من أجل إعادة إنتاج نفس العلاقة، ومع تقادم الزمن يتحول حق الفلاح إلى ما هو أقوى من "حق الانتفاع" الذي يمنح عادة بشكل مؤقت إلى المستأجر وهو أدنى من حق الملكية التامة لسلطان غاز خارجى (أو حماية أمير اقطاعى) يقوم بفرض إتاوات على الفلاحين "ريع إقطاعي" في مقابل عدم نزع أراضيهم من أيديهم ليؤدى ذلك إلى الانتقاص من ملكيتهم التامة لأراضيهم.
وتصبح المشكلة أكثر تعقيداً حينما ندرك التباين الشاسع بين اوضاع الفلاحين فى ظل نفس وضعية " الحق الشرعى" في الأرض أياً كان مداه ، وأياً كان تكييفه القانونى فهو بالنسبة لفلاح صغير لا يبقى له سوى ما يسد رمقه بعد دفع الريع الإقطاعي، له معنى مغاير تماماً لما يعنيه بالنسبة لفلاح غنى يكون قادراً على تأجير أرضه والحصول منها على "دخل" يتبقى له بعد دفع الريع المطلوب منه للدولة وأمراء الإقطاع، علماً بأن التمايز بين الفلاحين شديد القدم فى مصر ( انظر على سبيل المثال د. زبيدة عطا فى كتابها " الفلاح المصرى فى القرنين السادس والسابع الميلاديين " حيث تورد وثيقة هامة من القرن الثانى الهجرى لحيازات 24 مزارعاً تتراوح بين 5,2 الى 120 فدان، وثيقة أخرى تتراوح فيها الحيازات بين 23 ،40 فداناً . ولعل ذلك يجعل العلاقات الاقطاعية أشد تعقيداً، كما ينهض ذلك دليلاً أخر على قصور التحليل القانونى للملكية، حيث أن ذلك الشكل القانونى الواحد من "حق الملكية" في الأرض الخراجية، ويخفى تحته علاقات شديدة التباين يستحيل التعرف عليها دون تحليل الواقع الاقتصادى الاجتماعى للفلاحين .

ب- حق الملكية فى أراضى الأوسية " الملتزمين"
اذا كان من الممكن تفهم نفى جيرار لحق ملكية الفلاحين، باعتباره تأكيداً على مضمون العلاقة القنية، وبسبب ندرة الاستخدام الفعلى لحقوق التصرف بين الفلاحين الأقنان، والثمن البخس لأراضيهم، إلا أنه لا يمكن بأى حال قبول نفى جيرار لحق الملكية فى أراضى الملتزمين (لأواسى)، حيث أن الاستخدام الفعلى لهذا الحق كان واسع الانتشار (وليس نادرا كما هي الحال في أراض الفلاحين)، كما أن سعر أراضى الالتزام لم تكن بخسة كما كان الحال في أراضى الفلاحين، حيث أن هذه "الملكية" لا تعنى فقط التمتع بحق الحصول على نتاج أراضي الأواسي (التي كانت تزرع بالسخرة، فضلا عن الإعفاء من الضرائب للدولة)، ولكن تعني أيضا الحق في الحصول علي الفايظ وغيره من الاتاوات الاقطاعية كجزء من الريع الاقطاعى المفروض على أراضى الفلاحين الملحقة بالأوسية. وتلك الأراضي التي تنتقل إلى الملتزم الجديد بنسبة ما اشتراه من أرض الأوسية فإذا اشترى نصف مساحة الأوسية انتقل إليه حق حيازة الريع من نصف أراضى الفلاحين. وعلى ذلك لابد أن يرتفع سعر الارض (الذى لا يعدو أن يكون رسملة للريع إذا استعرنا مصطلحات العصر الحديث).
ومن هنا فإن نفى جيرار غير مبرر منطقياً ، ولا يتفق مع الوقائع فى آن واحد وشهادة لانكريه هى الشهادة الأصح تماماً ( وهى تتفق أيضاً مع شهادات كلاً من استيف، ودى شايرول) تلك الشهادة التى تؤكد حق ملكية الملتزمين، وقيامهم بجميع التصرفات: البيع والشراء والميراث ...الخ.
وفى دراسة حديثة للدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم ، نجد ما يؤكد شيوع التصرف فى ملكية الملتزمين بالبيع والشراء، ويورد بيانات عن عدد الملتزمين وفئاتهم فى سنتى 1658(بداية تطبيق نظام الالتزام ) و1797(عام سابق علي الحملة الفرنسية 1798- 1801) وهى بيانات مستخلصة من دفاتر الإلتزام أي من وثائق لا شك فى صحتها وتعطى بيانات عن الواقع بصورة أكثر وثوقاً. وقد بلغ عدد الملتزمين فى السنة الأولى 1714 ملتزماً، ثم ارتفع الى 4420 ملتزماً عشية الحملة الفرنسية. وهذه الزيادة لا تعود كلها الى تفتيت الالتزام بين الورثة، وإنما أيضاً إلى انتقال الأرض من يد لأخرى بالبيع أو الشراء. هذا فضلاً عن ورود كثير من الحصص بأسماء الأسر، وليس بأسماء الورثة، مما يؤكد محدودية تأثير عامل التفتيت بالوراثة على زيادة عدد الملتزمين. وبفحص فئات الملتزمين يبين دخول فئات جديدة ميدان الالتزام، مثل التجار والعلماء، والنساء ( بعد أن كان الامر مقصوراً بشكل رئيسى على المماليك والعسكريين ) وهى فئات لم تكن فى بداية الفترة تحتل وزناً له اهمية تذكر، حيث نجد عشية الحملة الفرنسية 580 ملتزماً من النساء، 307 من العلماء، 57 من التجار. وقد تتبع د. عبد الرحيم أسباب دخول هذه الفئات ميدان الالتزام من واقع وثائق المحاكم الشرعية، فوجد أن التصرف بالبيع والشراء كان سبباً رئيسياً فيها، سواء فيما يتعلق بالفئات الأصلية من المماليك والعسكريين، أو الفئات الجديدة من العلماء والتجار والنساء، ودخول النساء تحديداً ميدان الالتزام يؤكد أيضاً حق الارث حيث لم يعد التمتع مرتبطة بالخدمة العسكرية كما كان الحال فى بداية الامر .

جـ - ملكية الدولة
بقيت فى النهاية كلمة أخيرة حول ملكية (الدولة، فلا يعنى تأكيدنا أعلاه على وجود اشكال معينة من حق الملكية لكل من الفلاحين والملتزمين، أننا ننكر حق الدولة فى ملكية الارض، كما فعل د.راشد البراوى الذى سبق لنا اقتباس نص رأيه فى صدر هذا المقال، حيث يرى ملكية الأرض فى مصر باعتبارها ملكية خاصة تامة مطلقة، وأن حق الدولة ليس سوى حق السيادة العليا بالمعنى السياسي.
وفى رأينا أنه من صواب الرأى التسليم بحقوق ملكية لكل من الأطراف الثلاثة ( الدولة، الملتزمين، الفلاحين)، وليس إرجاع الملكية إلى طرف واحد من هؤلاء. وهذا الرأي غير معقول على الاطلاق من زاوية منطق القانون الروماني، أو القانون البرجوازى الحديث ، ولكنه شديد المعقولية وفق منطق علاقات الملكية الإقطاعية، التي يؤدى التراتب الهرمى الاقطاعى الى تعدد الحقوق العينيةعلى نفس القطعة الواحدة من الأرض وعدم النظر إلى الملكية باعتبارها "وحدة معنوية مطلقة" بحيث تكون مقصورة لشخص واحد بصورة حصرية exclusively، بحيث يزيح من عداه وفق منطق القانون الروماني. إن الدولة في مصر تتمتع بحقوق الملكية بوصفها السيد الإقطاعي الأعلى، وتأسيسا علي حقها في جانب من الريع الإقطاعي، وتنتهي السلسلة بالشكل القني من تملك الفلاح للأرض. كذلك كانت تتوسط تلك السلسلة الملكية الخاصة الاقطاعية للأرض فى مصر، ولكنها كانت مقيدة بحقوق الدولة من جهة وبحقوق الفلاحين من جهة أخرى. أما ملكية الفلاح القنية فقد كانت تئن بحقوق الريع الاقطاعى للدولة وأمراء الاقطاع ، ولا تحمل من حق الملكية سوى الاسم والشكل من زاوية معينة، وان كانت من زاوية أخرى ترتب له حقاً فى الأرض يتمكن منها من الحصول على وسائل عيشه الضرورية. وتصبح في عصر التحول الى الرأسمالية ذات أهمية قصوى بالنسبة له، حينما يجرى تجريده من أرضه وتحويله الى معدم ثم إلى بروليتاري .
ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الذين ينفون وجود الملكية الخاصة للأرض فى مصر هم أنفسهم الذين يؤكدون وجودها فى أوروبا الإقطاعية. فالأستاذ صادق سعد على سبيل المثال يتحدث عن أن امراء الإقطاع فى أوروبا كانوا يتمتعون بحق الملكية المطلق على الطراز المحدد وفق القانون الروماني، فيتحدث عن "حق الأمير في التصرف في أرضه ، يقدمها مهراً لبناته، أو يورثها لأكبر أولاده"
ولكن وجود تلك العناصر من حقوق التصرف، (والتي رأينا ما يناظرها فى مصر) ليست دليلاً على أن نظام الملكية في أوروبا كان يتفق مع منطق القانون الرومانى، فوفق ما يذهب إليه مؤرخى الاقطاع الاوروبيين أنفسهم لم تكن الملكية الخاصة الاقطاعية ملكية مطلقة وإنما كانت مقيدة بأشكال مناظرة لما كان قائماً فى مصر. الأمر الذي يعنى إنكار وجود الملكية الخاصة للأرض فى مصر إنكارها بالضرورة فى أوروبا، والعكس صحيح، حتى يكون هناك انسجام داخلي ووحدة في المعيار، بدلا من ازدواج المعايير.
يقول المؤرخ الإنجليزى فينوجرادوف " تنشأ عن العقد الاقطاعى ظاهرة خاصة بقانون ملكية الأرض، وذلك بالإضافة إلى ما بالعقد فى ذاته من صبغة سياسية، وهذه الظاهرة هى أنه يتولد فى العقد تمييز ذو مغزى لعنصرين من عناصر فكره الملكية (dominium ). ذلك أن الملكية فى القانون الرومانى اتسمت فى معظم أيام الدولة الرومانية بأنها وحدة معنوية مطلقة. فالشخص المالك لشيء من الأشياء – بما فى ذلك قطعة من الأرض – له وحده حق الملكية المفردة المانعة. على حين تعين على رجال القانون فى العصور الوسطى أن يعتبروا للقطعة الواحدة مالكين اثنين، متبوع وتابعه، وللأول حق الملكية المباشرة أى ملكية الرقبة عند فقهاء القانون، والثانى حق الملكية الإنتفاعية، أي حق استغلال الأرض، وفى انجلترا تجنب القانون ازدواج فكرة الملكية بالمرادفة بين ملكية الرقبة وملكية الخدمة .. غير أن ضرورة اعتبار نوعين من الملكية فى جميع احوال التملك أدى من طريق غير مباشر إلى اضعاف الملكية المطلقة للأرض. ولذا دارت قضايا الاختلاف فى ملكية الارض حول التملك بوضع اليد، وهو التملك المتمتع بالحماية الفعلية، على حين أخذ حق التملك بالحجة المكتوبة يتضاءل تدريجياً "
ويقول كانتور إنه فى البداية "لم تكن التبعية الاقطاعية "Vassalage” ترتبط بملكية الأرض، فقد كان الافصال "Vassals” يعيشون فى قلعة ذات جدران خشبية سميكة يقيمها سيدهم الذى يتكفل بإطعامهم وكسوتهم وتسليحهم. وفى المرحلة التالية من مراحل تطور النظم الاقطاعية تم الربط بين التبعية الإقطاعية والأرض: "ويلاحظ أن الأفصال سيشكلون لاحقاً الشخصية الرئيسية لأمراء الإقطاع فى أوروبا. ثم يقول كانتور "ولم يكن منح الاقطاع Fief يعنى أن يمنح الفصل الاقطاع كافة حقوق ملكيتها. إذ كان له أن يفيد من عائد الأرض كمكافأة له على خدماته ... ولكن من الناحية القانونية كانت ملكية الارض حقاً للسيد الذى يمكنه استعادتها إذا لم يلتزم الفصل بالولاء له، وعندما يموت الفصل كان الاقطاع يعود الى السيد بشكل تلقائى" ومن المعتقد أن أصل الحيازة الاقطاعية كان هو نظام حيازة الأرض الذى كان معروفاً فى القرنين السابع والثامن باسم يريكار يوم precarium وهو النظام الذى كان معمولاً به فى أراضى الكنيسة على نحو خاص، ووفقاً لنظام الحيازة المؤقتة هذا، كان مقدم الدير أو الاسقف الذى يتملك مساحة من الارض أكبر مما يمكنه أن يديرها بنفسه يسمح للمدنيين بالافادة من هذه الأراضى لقاء إيجار معين، مع العلم أنه يمكن لصاحب الأرض أن يستردها متى شاء". ثم يعرض كانتور للتطورات اللاحقة منتهياً إلى القول بأنه "كانت نتيجة للربط المتزايد بين التبعية الاقطاعية والاقطاع أن نشأ جوع إلى الأرض فى أوساط الأفصال فى المجتمع الاقطاعى ..كما سعوا ( أى الأفصال ) إلى تأكيد الصفة الوراثية للأرض التى حازوها من سيدهم"
كذلك يقول بيرى اندرسون أن "المفهوم الكلاسيكى لحق الملكية الرومانى Quiritary Ownership قد سقط فى الأغوار المبهمة للاقطاعية المبكرة ويؤكد أيضاً أن حقوق الملكية فى نمط الانتاج الاقطاعى كانت قائمة على "مبادئ حقوقية للملكية المشروطة والمراتبية المكملة لتقسيم السيادة" كما أن تطور الاقتصاد السلعى المدينى "كان مصحوباً بجهود لاعادة احياء القانون الرومانى" ثم يتحدث أنه كان من بين تلك الجهود " ابتكار اختلاف بين الملكية المباشرة Dominium ---dir---ectum وبين ملكية الانتفاع dominium utile من أجل تعليل هيرارشية الأفصال، أي "الأتباع" ، ومن ثم تعدد الحقوق على نفس الأرض . ومحاولات أخرى تميز التصور الوسيطى لملكية الأرض seisin باعتباره مفهوماً يتوسط ما بين الملكية اللاتنية  latin "praporty" وبين الحيازة possession التى ضمت حماية الملكية من الاستيلاء المؤقت ودعاوى النزاع ، بينما استمرت المبادئ الإقطاعية في تعدد حقوق الملكية على نفس الشيء : فحق ملكية الأرض seisin لم يكن مقصورا على صاحبة (exclusive)، ولم يكن متمتعا بصفة الديمومة perpetual، والعودة الكامله لظهور فكرة الملكية الخاصة المطلقة كانت نتاج الحقبة الحديثة المبكرة " .
إن كل ما سبق لا يكشف لنا فقط عن حقيقة خرافه وجود حق الملكية الخاصة المطلقة للأرض على الطراز الرومانى فى أوربا الإقطاعية، وبالمثل خرافه الغياب المطلق لحق الملكية الخاصة للارض فى مصر، وإنما يمكننا أيضا من الذهاب إلى أبعد نحو التخلص من الذهنية القانونية الضيقة0
فغياب نظام الملكية على الطراز الروماني، لا يعنى غياب حق الملكية الفردية، وإنما نكون إزاء نظام آخر ( أو نظم أخرى) للملكية وثيق الصلة بنوعية علاقات الإنتاج، والأشكال الخاصة لتنظيم الطبقة السائدة الداخلي، حيث تتشابك ملكية الأرض كحق عينى ( أى حق يقع على الاشياء ) مع الحقوق الشخصية لأفراد الطبقة السائدة إزاء بعضهم البعض، ثم يمكن البحث عن جذر كل ذلك فى طبيعة علاقات الإنتاج السائدة. فالأشكال القانونية للملكية هي في جانب أساسي منها في التحليل الأخير، صورة في المرآة لتلك العلاقات، وإذا شئنا التعرف على دقائق الصورة فعلينا البحث عنها فى الأصل، لاسيما إذا كانت المرآة غير مستوية واذا كان الضوء قبل ان يصلها يتعرض لانكسارات عديدة ، لتصلنا فى النهاية صورة مقلوبة عن الواقع ومليئة بالألغاز .



ملحق

لمحه موجزة عن الخلاقات بين الفقهاء المسلمين حول ملكية الارض

ارتبط هذا الخلاف بتقسيمات معينه للاقطار التى شملها "الفتوحات"، فهناك الأرض المفتوحه صلحاً والأرض المفتوحه عنوه ولم يقتصر الخلاف بين الفقهاء على الأحكام الخاصة بهذين الصنفين من الأراضي، وإنما اتسع ليشمل الوقائع التاريخية لعملية الفتح نفسها فرغم ان مثل هذه الوقائع التاريخية كان يجب أن تكون ثابتة وبعيده عن أى خلاف، باعتبارها أحداث كبري يفترض أن تعرف طريقها إلي التدوين، إلا أن الطابع الأيديولوجي للخلاف زعزع أى يقين حول طريقة الفتح، فلم يفلت أى بلد من إدعاء طرف أنه فتح عنوة ومن ادعاء طرف آخر أنه فتح صلحاً ولم يعدم أى طرف من حبك رواية أو إبراز وثيقة، ولتكن وثيقة بأحكام للصلح علي سبيل المثال.

وفيما يتعلق بمصر نجد هناك من يجزم بأن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد، وهناك من يستثنى هذه البلد أو تلك فيذكر البلاذرى أن عمرو بن العاص قال من فوق المنير "لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من مصر من قبط مصر على عهد ولا عقد، إن شئت قتلت وإن شئت خمست (يقصد توزيع الغنائم حيث كان يستبعد أولا الخمس لله وللرسول ( صلى الله علية وسلم ) ثم يقسم الــ 4/5 على الجند) وإن شئت بعت، إلا أهل انطابلس فإن لهم عهدا يوفى لهم به"
وفى نفس الوقت نجد من يؤكد أن مصر قد فتحت صلحا ويورد نص وثيقة للصلح (يراجع البلاذرى، أحمد بن يحيى بن جابر، كتاب فتوح البلدان ،القسم الاول، ملكية النهضة المصرية، بدون تاريخ ،صــ249 - 258 - وكذلك تاريخ الطبرى لان جعفر محمد جرير الطبرى ، الجزء الرابع، دار المعارف بالقاهرة ،الطبعة الرابعة، 1977 ، صـ106 - 109)

أما أحكام أرض الصلح فليس هناك خلاف كبير عليها، فمن تعتبر ملك لأهلها من أهل الذمة لهم عليها حق التصرف بمختلف أركانه ( التوريث والبيع الخ ) وذلك فى مقابل فرض الخراج على أهل الذمة، وياتى الخلاف حينما يدخل أهلها الإسلام، أو يحصل عليها عربي مسلم، فالمذهب الحنفي يرى أن الخراج لا يسقط بإسلام أهلها لأن الأرض كانت فى الأصل دار حرب قبل فتحها بالصلح، لذلك تستمر على حالتها الأصلية ولا تتأثر بالحالة الدينية لمالكها.

أما المذاهب الأخرى جميعا ( الشافعية ، المالكية ، الحنابلة) فقد أقرت بأن خراج أرض الصلح يسقط بالإسلام مثله فى ذلك مثل جزية الرؤوس فهذه المذاهب الأخيرة تبدو أكثر تقوى واتساقا، ومع ذلك فقد كانوا يميلون غالبا إلى الروايات التاريخية التى تؤكد أن أرض العجم فتحت عنوة وليس صلحا، وفى بعض الحالات ابتدع نوع آخر من أرض الصلح ترد فيه شروط للصلح تجعل من أحكام الأراضى فيها متطابقة مع أرض العنوة.

وأما أحكام أرض العنوة فيدور عليها خلاف كبير، فهي في الأصل تعتبر من غنائم الحرب، وبالتالي فقد كان من المفترض أن توزع على الجند وفى هذه الحالة تكون الأرض عشورية وتصبح ملكا تاما للفاتحين المسلمين. ولكن واقع الأمر أن تلك الأراضى لم توزع على الفاتحين وتركت بأيدى أهلها وعند هذا الحد بدأ الخلاف، فالمذهب الحنفي يذهب إلى أن الأرض فى هذه الحالة ينسحب عليها ما ينسحب على أرض الصلح مع فارق واحد. ويتلخص هذا الفرق في أن الخراج فى أرض الصلح يكون مسمي (أي متفق عليه) في وثيقة الصلح فلا يحق للإمام أن يفرض المزيد. أما مقدار خراج أرض العنوة يكون من مرهوناً بإرادة الحاكم. يقول أبو يوسف "أيما قوم من أهل الشرك صالحهم الأمام على أن ينزلوا على الحكم والقسم وأن يؤدوا الخراج فهم أهل ذمه وأرضهم أرض خراج ويؤخذ منهم ما صولحوا عليه، ويوفى لهم ولا يزاد عليهم، وأيما أرض افتتحها الإمام عنوة فقسمها بين الذين افتتحوها... هي أرض عشر، وإن لم ير قسمتها ورأى الصلاح فى إقرارها فى أيدى أهلها كما فعل عمربن الخطاب رضى الله عنه فله ذلك، وهي أرض خراج وليس له أن يأخذها بعد ذلك منهم، وهى ملك لهم يتوارثونها ويتابعونها ويضع عليهم الخراج، ولا يكلفوا من ذلك مالا يطيقون،(القاضى أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم، كتاب الخراج، نشرة قصي محب الدين الخطيب ، المطبعة السلفية - ومكتبتها، القاهرة ،الطبقة الخامسة ،1396 ه - صـ68-69).

وعلى النقيض من ذلك فإن المذاهب الثلاثة الاخرى، ترى أن أرض العنوة ، إذا لم تقسم بين الجند الفاتحين، وتركت بيد أهلها فإنها تتحول إلى أرض وقف لجماعه المسلمين، ويكون خراجها بمثابة أجرة ( أى إيجار) لا يسقط إذا ما تحول صاحبها إلى الدين الإسلامي، أي أن حالتها القانونية (ومن ثم الاقتصادية الاجتماعية) تظل مستقلة عن حاله المالك الدينية، على خلاف أرض الصلح.

ويجب أن نذكر هنا أن هذا الخلاف اندلع في فترة متأخرة بعد استقرار العرب المسلمين واشتغالهم بالزراعة وكذلك دخول أهل الذمة ( الذين بقيت الأرض سواء كانت صلحاً أو عنوه بأيديهم) فى الاسلام ومن ثم نشأت حركة واسعة للمطالبة بإسقاط الخراج أسوة بالجزية ومن هنا نشأ الصراع حول أحكام الأراضى وكذلك نشأ الصراع حول أحكام الأراضي. وكذلك نشأ الصراع حول طريقة الفتح نفسها فمال الفقهاء بطرق مختلفة إلى تأبيد الخراج على الأرض، حفاظا على آلة الدولة من الانهيار في مواجهة المطالبة بإسقاطه.
ويمكن أن نقول أيضا أن هذا الخلاف نفسه يؤكد حقيقة تداول الأرض من الناحية الفعلية وكما تؤكد الشواهد التاريخية مثل وثائق البردى العربية، فلن يكن يهم الفقهاء سوى تأكيد استمرار فريضة الخراج بعض النظر عن دخول الشخص الإسلام أو عدم دخوله، أو انتقال الأرض من أهل الذمة إلي المسلمين العرب الذين استقروا بعد الفتح. ومما له دلاله أيضا أن جزية الرؤوس نفسها لاقت مقاومه فى إسقاطها عن من دخل من الذميين الإسلام.
ومن الجدير بالذكر أن مواقف الفقهاء قد تبدلت على مر التاريخ وفق تبدل الظروف السياسية والاجتماعية. فقد اندلع صراع فقهي مشابه لما سبق فى العصر المملوكي، حينما حاول سلاطين المماليك مصادرة أرض الوقف بعد أن تكاثرت حتى وصلت إلى عشرة قراريط من أرض مصر( اى 41.7% من إجمالى المساحة) في أواخر العصر الملوكى، ولجأ السلاطين إلى نظرية الفتح عنوة لتبرير فك الأوقاف والاستيلاء عليها وقد وقف معظم الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ضد السلاطين عدا من كان منهم يتخذ موقفا مغايرا عن ضعف ونفاق ( د0 محمد محمد امين : الاوفاف والحياة الاجتماعية فى مصر، دار النهضة العربية ،القاهرة ، الطبقة الاولى 1980 ، صـ278 ، صـ324 وما بعدها)
كذلك فعلي الرغم من أن الشيخ الشرقاوي الذي عاصر الحملة الفرنسية كان ينتمى إلى المذهب الشافعى فاننا نجده يخالف رأى أستاذه الذى ذهب إلى مصر ( مثلها مثل العراق ) فتحت عنوة. فهو يقصر واقعة الفتح عنوة على المدينة فقط ( أما قراها ففتحت صلحاً ) ثم يقول "أعلم أن أراضى مصر ودورها، وما يوجد منها بيد أحد، يقضى له بملكه باليد، ولا يجوز ضرب خراج على ما بأيدى أهلها وذلك لأنها وإن فتحت عنوة، لكن لا نسلم أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وقفها، وما في بعض التواريخ أنه وقفها لا اعتبار به، لأن الأحكام الشرعية وما يتعلق بها لا تبني علي مثل تلك التواريخ التى لم يعلم ثبوتها، وحينئذ نقول فيما نجده بأيدى أهلها وفيما وقفه ملوكها أو غيرهم أنه يجوز أن يكون انتقل من الغانمين بطريق شرعي لغيرهم وهكذا إلى أن وصل إلى ما هو بيده "أو يجوز أن يكون مات القائمون من غير ورثة، فصار لبيت المال فتصرفت فيه الأئمة بالتمليك وغيره مما يجوز لهم فى اموال بيت المال، فيجوز إقرار أهلها على ما بأيديهم والحكم بصحة وقف الملوك وغيرهم ولا يجوز ضرب الخراج على ذلك ( الشرقاوى على التحرير : حاشية شيخ المحققين العلاقة الشيخ ( عيسى البابى الحلبى بدون تاريخ ،الجزء الثانى ،صـ422 )

ويلاحظ أننا إزاء انقلاب من الناحية المنهجية فهو ينطلق من الواقع الماثل أمامه والمتمثل فى أن الأرض بيد الناس، ولا يعتد بالروايات التاريخية (التي تذهب إلى أن أرض مصر وقف على جماعه المسلمين) ثم يحاول تفسير هذه الواقعة الماثلة أمامه وتخيل احتمالات التاريخية معينة تناسبها، وليس العكس. فالأحكام الشرعية فى نظرة لا يجب أن تبنى على الروايات المشكوك فيها والتى يكذبها الواقع ثم أنه ثانيا يصل إلى حد إنكار حق الدولة فى جباية الخراج نفسه.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الآراء أتت في سياق ما كان يعتبره معاصري الحملة الفرنسية محاولات لمصادرة حقوق الملكية القائمة لصالح ما أطلقوا عليه "الجمهور" (أي الجمهورية الفرنسية). فيذكر الجبرتي أن قادة الاحتلال الفرنسي "شرعوا في ترتيب ديوان آخر وسموه محكمة القضايا" تحال إليه "القضايا في أمور التجار والعامة والمواريث والدعاوى. وجعلوا لذلك الديوان قواعد من الخبث، وأساسا من الكفر، ودعائم من الظلم وأركانا من البدع السيئة ... وشرطوا في ضمنه شروطا، وفي ضمن تلك الشروط شروطا أخر، وذلك بتعبيراتهم الكثيفة، وألفاظهم السخيفة، محصلتها التحيل علي سلب أموال الناس، ونزع ما بأيديهم من مال وعقار وميراث وغير ذلك ... "، ثم يضيف أن الفرنسيون اشترطوا "بأن يأتي أصحاب الأملاك بحججهم، وسنداتهم الشاهدة لهم بالتمليك، فإذا أحضروها وبينوا وجه تملكم لها، إما بالبيع، أو الانتقال لهم بالإرث عن أسلافهم، لا يكتفي بذلك، بل يؤمر بالكشف عليها في السجلات، ويدفع علي ذلك دراهم بقدر عينوه ... فإن وجد تمسكه مقيدا بالسجل، طلب منه بعد ذلك الثبوت، فإن أثبته بشهادة البينة، وقبلوها دفع مقررا آخر علي ذلك الإشهاد، وكتب بذلك تصحيحا (أي التأشير بصحته)، ويكتب له بعد ذلك تمكين (أي سند يعطيه حق الملكية)، وينظر بعد ذلك في قيمته، ويدفع علي كل مائة اثنين، فإن لم يكن له حجة، أو كانت، ولم تكن مقيدة بالسجل، أو مقيدة ولم يثبت ذلك التقييد، فإنها تضبط لديوان الجمهور، وتصير من حقوقهم . وهذا من أخبث التحيل علي نزع الأملاك والعقارات من أيدي أربابها، وذلك أن الناس إنما وضعوا أيديهم علي أملاكهم إما بالشراء، أو بأيلولتها لهم من مورثهم أو نحو ذلك، بحجة قريبة أو بعيدة العهد، أو لحجج أسلافهم ومورثيهم، فإذا طولبوا بإثبات مضمونها وسجلاتها تعسر أو تعذر لحادث الموت أو الأسفار، أو ربما حضرت الشهود فلم تقبل، فإن قبلت فعلت به ما ذكر. ( عبد الرحمن الجبرتي: مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس، تحقيق عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، دار الكتب والوثائق القومية، مركز وثائق تاريخ مصر الحديث والمعاصر، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة،1998، ص 57.). وقد ورد نفس النص بلهجة مخففة في "تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت ج2، ص 209 – 210).

***


إضافه الى ماسبق يمكن الرجوع الى مراجع عديده نذكر بعضها :
ابو عبيد القاسم بن سلام ،كتاب الأموال تحقيق وتعليق خليل هراس مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة ، 1969، مواضع متفرقة،ص96-100، ص110-130 ،ص222-229 ،ولهذا الكتاب أهمية عظيمة .
الامام الشافعى :الأم ،الدار المصرية للتأليف والترجمة طبعه مصورة عن طبعه بولاق 1321هـ ، الجزء الرابع صـ103 -105 ، صــ 191- 193
الماوردى ( ابو الحسن على بن محمد حبيب البصرى ) :الأحكام السلطانية والولايات الدنيية ، المكتبة التوفيقية بدون تاريخ ، صـــــ156 - 157
ابو الفرج بن رجب الحنبلى : الاستخراج فى أحكام الخراج ، دار الحداثة ، بيروت 1982، مواضع متفرقه خاصة صــ14-19 ،صـ35-42، صـ72،76
موسوعه جمال عبد الناصر فى الفقه الاسلامى ،المجلس الاعلى للشئون الاسلامية ، القاهرة ،1390 هـ الجزء الخامس ، صـ111 - 128 .



المراجع والهوامش



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى