أمل الكردفاني- تحولات في التعامل مع الأديان

هناك فهم دوغمائي آيدولوجي سائد بين طرفي المعادلة الدينية، اي الملحدين والمؤمنين، وهو أنه لا توجد منطقة إلتقاء وسطى، وهذا حقيقي، كما يبدو طبيعياً بين الآيدولوجيات، ولكنه لا يفضي إلى أي قيمة إنسانية مشتركة؛ إن لم يكن يُفني أي قيم حاضرة بالفعل.
لا أرَ -وبشكل شخصي- صعوبة تكييف الكتل الصلبة، بدون تقديم تنازلات تشوه البعد الذاتي للآيدولوجيا بما هي كواشف متنوعة للهوية المُتبناة. يمكن أن نخلق جُدراً للفصل الآيدولوجي، وهذا حل تاريخي وله تأسيس قداسي في العديد من الآيدولوجيات التصادمية. غير أنه ورغم تاريخيته، لكن التاريخ بذاته يثبت عدم نجاعته، بل تزييفه للحقيقة الإنسانية، التي مهما تشعبت وتشابكت وتنافرت سلاسلها نحو السماء أو الأرض فكلها ستنتهي إلى المصدر الواحد وهو المصلحة الذاتية. فالمفاهيم والمذاهب والفلسفات والأديان هي مجرد تعبير عن الاختيار العقلاني للفرد لتوجيه مصالحه الوجهة المُثلى. يبدو أن الرأسماليين هم الأكثر إدراكاً لتلك الحقيقة والأكثر استغلالاً لها، ومنها انطلقت علوم مختلفة تعمل على السيطرة والتحكم والاستقطاب بمنهجة تلك النقطة الارتكازية.
فالتعامل مع الدين كتعاليم أخلاقية، جيد، ويعضد بالتعامل معه كثقافة، ولا بأس في ذلك. إننا هنا نكون كسياح يزورون مجتمعاً بشرياً مكتشفاً للتو. فينظرون إليه بعين الدهشة والغبطة بدون تقييمات سلبية. فالعداء ينشأ عبر المعاشرة، وينشأ في الواقع من تهديد المصالح خلال تلك المعاشرة الطويلة، ثم يتحيز هو بذاته منفصلاً عن مسبباته، وهكذا يعلق فيه الإنسان كوسواس قهري.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى