إشبيليا الجبوري - الديالكتطيقيا في ملهمات النقد (1/ 4)

(1/ 4)

لا يمكن أختصار الابداع نحو الفكرة المدهشة٬ ولا أختصار الارصفة إلى الحكمة. فلا مجال للتوليفات المعرفية إلا بدعوة الباحث بالصبر والتروي٬ وحسن الأختيار٬ والإرشاد بتشغيل فوائض القيم بالملهمات٬ أذن٬ حصر المهارات في ملاحظات التجربة٬ لا الاخبار بالموعظة.
ملهمات النقد لا تعلم. ويصعب على الباحث في مجال النقد أن يختصر الحكمة حيث يهفت تعليم النقد بالتأليف٬ أو يخطئ التوليف بالهدف. فأن جاز فتاريخيا٬ أي: يقع التوليف مسيرا في مجال آخر٬ لعله النقل والاخبار بالنصائح.
ولذا يكون الناقد قد صرف وحدات الديالكتطيقيا في ملهمات النقد إلى المشقة وانشيال التشغيل.

فمن غمرة المتلقي أن يطلع الناقد مبادرا وثمينا٬ لا عتبة ليلج المحتوى لاحقا٬ ولا متدافعا لمبتغيات أخر. لكن٬ الديلكتطيقيا يؤسر ملهمات النقد حكمة٬ ويدفع بالناقد مشرفا على بوكير النسقية وأن يشرح/يفسر ويقنع المتلقي برجاء السعادة٬ في الاتصال٬ لا أن يأخذ من ملهمات النقد السعادة بمنحها٬ ليطمع فيها٬ لأن الديلكتطيقيا يرسم للنقد واقعا تحكمة الأسباب والمسببات٬ في أختيار النص٬ لا المؤلف فحسب. فمن أين للنقد أن يخرج من ملهماته٬ وكيف يقدم لغة قبلية منه؟ بل٬ كيف يكون مبادرا حين يكون مجرد عارضا للقبوسات عليه أن يكون ناقدا محترفا وامينا؟؟!

في هذا الإشكال حاصل مضروب بين الناقد والمؤلف ـ أي النص المنقود ـ محصورا٬ لا يبقى للحكمة٬ ولا للمتلقي٬ سوى البهتان بالقراءة. والاعتراف المزيف بالسعادة٬ أذن٬ إن محك الديلكتيطيقيا جاء ناقذا هوامش تواصل لملهمات النقد العلمي٬ في قراءة أخرى فيه٬ ومهارات تشغيل٬ وبالتالي٬ على القول بنقد النص بالابداع.

فالديالكتطيقيا٬ تبحث اغوار النقدية٬ وتعد٬ للشرح تفسيرا٬ دلائل تترجم تحولاتها وسبب نقلاتها التراتبية٬ لا ترك المفصل يقرأ إسقاطا٬ إستخفافا بفهم وبساطة القارئ بألفاظ كثيرة٬ إلا أنه متابع٬ يسوده٬ في توليف السياقات التاريخية٬ والضرورة. فمفاتيح الديالكتطيقيا تلخص الملهمات النقدية إلى التروي والشكيمة في التخصصات النسقية٬ أعادة فحص الخطوات من إستدامة الإتجاهات والمواقف الفلسفية وتحولاتها. أو إستدامة الفائض القيمي في تجدد فلسفة النقد وتحبب القارئ بمشاركته اللاحقة مذهبا في صناعة الملهمات٬ في الإنسان لحاجاته ورغباته٬ أو الصعود في المباحث النظرية في اقتصاد التقنيات المعرفية وبحث الأسانيد العلمية في العلم. حيث الدفع أساسا في تجديد البراهين النقدية التي مست أنشغال تفكيره المعاصر ومازالت تتأشكل.

تريد الديالكتطيقيا الناقد أن يرى "النقد في ذاته"٬ في مراجعة ما جعله يتفلسف بأقواله النقدية٬ ويعتني بالمبادهة والغنى بذاته٬ وينظر إلى المبادهات القبلية كيف تحققت وصارت متناولة؛ شروط الإمكان في الحقول المعرفية٬ وتحيين المحددات في الموضوعات الجديدة للبحث ونقوده٬ هو٬ لا طبيعة الأفاهيم الدوغمائية٬ بل٬ النقد حيث القدرة الابداعية على المعارف وتطورها٬ لا القبلية فحسب. بل فتح أفاق حقول جديدة في مهارات حقل الشروط التشغيلية.

ما تعتمده الديالكتطيقيا هو منهج خاص يقوم على الالتزام في مجال حقول المعرفة ونقدية مشاغلها٬ والتنظيم وفقا لسياقات معرفية للبحث والتطوير٬ لا يكون للناقد هو الذي ينتظم وفقا للموضوعات. وقد أبرزت الديلكتطيقيا أتاحية لسوق التدابير ملهمات النقد للناقد تمكنه من أن يستكمل أدواته ليصير مستتما٬ ومركبا منتظما في حقول البحث والتطوير.

إطر الديالكتطيقيا٬ ترسم للنقد المشكلة الغالبة٬ بمعنى: كيف تتعاطى المعايير التوليفية للأحكام المسبقة أن تبنى؟ أي٬ كيف يقدمها النقد للفهم وأن تكون بمتناول القواعد للأحكام التي تشكل قولها للنص موضوعا شاملا ومهما٬ وبالتالي خلقا ابداعيا من الخارج إلى الداخل ـ موضوعيا ـ؟ وما هي لوازم شروط إمكانيه وحدود صدقية نجاحات فوائضه القيمية؟

والإستفهام قابل أن يوضح٬ بل لابد أن يشخص ابداعه على جميع الضوابط التوليفية للأنساق القبلية في البحث والتدريب والتطوير٫ أي ملزما لمعظم تعدد العلاقة القائمة٬ أو الصلات المفترضة٬ بين تصور ذهنية النص لمحمولات الموضوع والمؤلف مع الموضوع نفسه. وقد يظن البعض في البداية أن ثمة تشخيصين فقط في العلاقة التوليفية؛ التوليف بروابط التصورات والهدف لعملية التحقق والمطابقة لموضوع الأبداع٬ وفيها يكون الوعي النقدي ملكة معرفية٬ أو قراءة نقدية نظريا ـ حسب الادبيات القبلية ـ٬ ويجيز النقر فيه على ملهمات النقد وروابط العلاقة بين التأملات المكتسبة كسبب والموضوع كمسبب٬ وفيها يلقي الوعي ذهنيته ملكة رغبة أو نقدا عمليا٬ ومجال التحقق٬ حصره نقد ملكة الملهمات٬ لكن سرعان ما يتضح٬ أن٬ ثمة٬ نوعا أخر واخيرا يستكمل ـ إستقامة الإنشطار والتوليف ـ ليتمم الإنتظام واستمراريته٬ وهو أن الديالكتطيقيا تأخد روابط العلاقة بين التصور للنص وحركته الذهنية لجهة تشخيص درجة أنفعاله للتصورات في التأمل٬ فييتقوقع حيزه مكونا استمرارية برغبة اللذه والشقاء٬ ويشرع مجالا في نقد فوائض قيم الملهمات القبلية الحاكمة.

لكن٬ هنا يصبح الأبداع محصورا داخل الادبيات النظرية. استلاب في الأقوال٬ وطمس للموضوع. فالقواعد النقدية النظرية دائما تجهل الموضوع. فالأحكام لا تتجاوز غير الكلام على إمكانية تلبيس الحكم التكافلي التأليفي المسبق٬ خلال النظرة القبلية للأنساق التي تتقاطع أو حين تتواصل٬ وفقا للفروض المنهجية٬ وتبعا لإمكانيات أنشيال الوعي المعرفية وقدراتها على التحقيق. يبحث الجانب النظري على صياغة الكلام٬ وتغوره في إمكانية تلقي جذوة الموضوع ومعرفة تأصل المعرفة لتعقلها. وكل الإجتهادات يكون لها إعدادا مسبقا٬ أي مشقة البحث في النقد نفسه لا في موضوعاته٬ إلا أنه لن يستتم بحثا في الشروط للرغبة٬ أو في النزوات المتقلبة٬ أو في مصدات أحكام المعرفة العلمية. بل ولا تاريخانية الادبيات بفلسفات مذاهبها. ولا أيضا حتى تنشأ شكوك لقبلية جديدة. لكن٬ سيصبح هناك مجرد نقد ملهمات الملكية المعرفية٬ أي تمكين لتعيين شروط حاكمية المعرفة الشكاكة للقبلية٬ وأصول التوليف النقدي والنطاق التوقي لمنهج الاستدلال من الإمكان على التجديد.

الى الحلقة القادمة: الديالكتطيقيا في ملهمات النقد ( 2 ـ4 )


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• إشارة: هذه الورقة العلمية٬ ألقيت في الندوة و الورشة التدريبية المشتركة ٬ تحت عنوان (أخلقة الابتكار في فلسفة تصميم وتشغيل الابداع)٬ بمشاركة كل من البروفيسور (شعوب٬ ابوذر٬ الغزالي٬ إشبيليا٬ د. اكد الجبوري)٬ في مقر مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية٬ شركة ( BMW)٬ فرانكفورت٬ التي عقدت يوم الاثنين الماضي 13.08.18 ٬ استمرت لمدة أربعة ايام.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...