بَحْثُ كَلِمَةٍ من الحَسّانيَّة (1)
هذه سلسة بُحوثٍ كُلٌّ منها يعكس نقاشا دار بيني وبين أحد أساتذتي الأفاضل أصحاب التخصص وقد يكون ذلك عن طريق التواصل على الخاص وبطريقة ارتجالية ولكنني أحببت أن أنشرها من أجل أن تعمّ الفائدة مع بعض التأصيل و أقتنص الفرصة للإشارة على الهامش إلى أي كلمة من حسّانيّة الأعماق "الصّْرَيْكِيكْ" لها علاقة بالموضوع.
وفي هذه السلسلة أُوضّح للإخوة المتابعين والمهتمين بهذا المجال المَشُوقِ والمُمْتِعِ حقّا، أوضّح لهم طريقتي في البحث عن أصل الكلمة الحسّانيّة بطُرقٍ علميّة واضحة بعيدا عن العاطفة والبحث عن دليل لتأكيد حكم سابق في النفس يُراد الانتصار له بكل الوسائل، بل مرادي وقصدي هو البحث العلمي الخالص بالدليل الواضح، وهذا لايعني أنّي قد لا أخفق أو لا أخطئ أو لا أفهم دليلا مّا فأخالف الصواب فيه، بل قد يحدث ذلك وستكون فرحتي عظيمة وغبطتي بأي تصويب من طرفكم.
الاستفسار الأول:
ماهو أصل كلمة الْكَجّْ؟
وهل لها علاقة بكلمة اِلْگَجِي؟
وكان يلزمني الاستيضاح عن الكلمة حتى أتأكد من المطلوب.
فقلت للسائل الكريم: هل تقصدون الكلمة الواردة في كَجّْ اگْوَيْرَه؟
فردّ عليّ بالإيجاب والتأكيد أنْ نَعَمْ.
"ئِكِجّْ" فعل مصدره "اِلْكَجّْ" ومعناه في الحسّانيّة الْحَكُّ بِقُوَّةٍ وقد نستخدمه مرادفا لكلمة الْفَرْك التي هي كذلك حسّانيّة وإن كان الفرك أخف وقعا من الكجّ في المعنى المقصود.
من الاستخدامات اليومية لهذه الكلمة مثل قول الأمّ لولدها "أَگْبَظْ أَمِسْوَاكْ أحرش كِجّْ بِيهْ گَرَّارِيَّاتَكْ الصِّفِرْ" والمعنى خُذْ مِسْوَاكًا وافْرُكْ بِهِ أَسْنَانَك الكبيرة الصفراء.
ومن الأمثلة كذلك "ئكِجّْ اِلْبَاسُو بالصابون أو يَفْركْ الباسو بالصابون" والمعنى يغسل ملابسه بالصابون مجتهدا في تنظيفه.
جاء القاموس المحيط:
فَرَكَ الثوبَ والسُّنْبُلَ: دَلَكَهُ فانْفَرَكَ.
والفَرَكُ، محرَّكةً: اسْتِرْخاءُ أصْلِ الأذُنِ، فَرِكَتْ، كفرِحَ، فهي فَرْكاءُ وفَرِكَةٌ.
وجاء في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية
فَرَكَ الشَّيْءَ: دَلَكَهُ وَحَكَّهُ حَتَّى قَشَرَهُ
أقول والمقصود من الكجّ في الحسّانيّة واضح لنا وهو الفَرْكُ أو الْحَكُّ بقوّة وشدّة. هذا من حيث الدلالة اللفظية للكلمة وأمّا من حيث استعارتها فهي تعني الإغاظة وتعني التحدّي والمنافسة.
"حَكّْ اِلطّْعِينْ" هنا كانت البداية حيث كانت هذه العبارة متداولة بين الناس للتعبير عمن يتعمّد إغاظة غيره واستفزازه بما يكره من قول أو فعل مع التعمّد وسبق الإصرار، وهو ليس من طباع الأخيار ولا العقلاء. ثمّ تطوّرت العبارة بعد ذلك من "حَكِّ الطّعين" إلى "الْكَجّْ ؤ لِفْرِيطْ" وهذا تدرّج تصاعدي من مُجرّد حكّ إلى "كَجٍّ" والنتيجة "لِفْرِيطْ" أي من مجرد احتكاك بسيط إلى فرك وتقشير للجلد.
ومن العبارات الحسّانيّة المتداولة قديما "حَكّ النّار" و "احْكَيْكْ الدَّزّْ"
- في لغة العرب كَجَّ معناها لعب بالكُجّة.
جاء في القاموس المحيط:
الكُجَّةُ، بالضم: لُعْبَةٌ يأخُذُ الصَّبِيُّ خِرْقَةً فَيُدَوِّرُها، كأنها كُرَةٌ، وكَجَّ: لَعِبَ بها. اهـ
أقول وهذا المعنى بعيد من المعنى الحساني المقصود بهذه الكلمة.
- في المعاجم الأمازيغية عند الأستاذ الكبير محمد شفيق في معجمه الرائع العربي الأمازيغي في الجزء الثالث في الصفحة الثلاثين بعد المائتين: النشر بالمنشار : أكوجو/أكوجت، والمنشار: أكْجْكَاجْ والجمع ئكجكاجن.
وقد ورد في معجم أماوّال: النَّشْرُ بالمِنْشَارِ: أكوجو
أقول: ولا يخفى على أحد العلاقة بين الكجّ في الحسّانيّة وبين النّشر بالمنشار من حيث الحك ومتابعته إلّا أنّ الكجّ لا يكون بشيء حادّ أو له أسنان مثل المنشار.
ولقد أخبرني أستاذي أحمدو أن في لغة أجدادنا من صنهاجة لغة المرابطين عندما سألته عن الكجّ في الحسّانيّة ماذا يقابله في كلام اژناگة فأتحفني بالتالي:
فعل كَجّْ: يَـجْـكَـهَـا
فعل انْكَجّْ: يَـكُّـهـا
والمصدر أيْـجْـكُـهِـى وهو بمعنى التحطيم ويكنى به عن إهانة الشخص أو التحقير به. اهـ
وأمّا الْگَجِي في الحسّانيّة فهو كشط قشرة خفيفة من أرض الحرث بعدما ينبت الزرع ويخرج من أجل القضاء على كل النباتات الطُّفيلِيّة وإبعادها.
نقول يِگْجِي لِحْرِيثَة، يِگْجِي الرّْبِيعْ عن الژرع.
وآلة الكشط المستخدمة (الْمِكْشَطُ) نُسمّيه في الحسّانيّة أَوَاجِيلْ والجمع ئِوَاجْلِنْ.
واسمه في الصنهاجية: أَوَهِ
- في لغة العرب لم أجد كلمة تبدأ بالقاف ثم الجيم غير كلمة القجقجة
جاء في القاموس المحيط: القَجْقَجَةُ: لُعْبَةٌ يُقالُ لها: عَظْمُ وضَّاحٍ
- وأمّا في المعاجم الأمازيغية فقد جاء في معجم الأستاذ الكبير محمد شفيق، في الصفحة الرابعة والسبعين بعد المائة من الجزء الأول: ابتعد، تباعد: يَاگُجْ والبُعْدُ: أگّوج.
ولقد ورد فيه أيضا:
أَفنشيل: مكشط الحَرّاث يكشط به الطين عن السّكّة والجمع ئفنشال.
راجع مادة كشط في الصفحة الخامسة والتسعين بعد المائة الثالثة من الجزء الثاني من المعجم المذكور.
والفعل يِگْجِي له استخدامات أخرى منها إذا تعرض الإنسان لحادث فانكسرت أجزاءُ رؤوس ثناياه وبقيت أجزاؤها الأخرى، فيقولون "اِنْگْجَاوْا امْظَاحْكُو"
ويظهر من هذا البحث السريع أن كلمة الكجّ والگجي في الحسّانيّة ليستا من مادة واحدة رغم التقارب النسبي بين المعنيين وإن كان الكجّ يحمل معنى قصد وتعمّد الإغاظة مع الإبقاء على المكجوج على قيد الحياة وأمّا الگجي فهو القضاء على الخصم واستئصاله كما يفعل الحَرّاث بالنباتات الطفيلية.
هذه سلسة بُحوثٍ كُلٌّ منها يعكس نقاشا دار بيني وبين أحد أساتذتي الأفاضل أصحاب التخصص وقد يكون ذلك عن طريق التواصل على الخاص وبطريقة ارتجالية ولكنني أحببت أن أنشرها من أجل أن تعمّ الفائدة مع بعض التأصيل و أقتنص الفرصة للإشارة على الهامش إلى أي كلمة من حسّانيّة الأعماق "الصّْرَيْكِيكْ" لها علاقة بالموضوع.
وفي هذه السلسلة أُوضّح للإخوة المتابعين والمهتمين بهذا المجال المَشُوقِ والمُمْتِعِ حقّا، أوضّح لهم طريقتي في البحث عن أصل الكلمة الحسّانيّة بطُرقٍ علميّة واضحة بعيدا عن العاطفة والبحث عن دليل لتأكيد حكم سابق في النفس يُراد الانتصار له بكل الوسائل، بل مرادي وقصدي هو البحث العلمي الخالص بالدليل الواضح، وهذا لايعني أنّي قد لا أخفق أو لا أخطئ أو لا أفهم دليلا مّا فأخالف الصواب فيه، بل قد يحدث ذلك وستكون فرحتي عظيمة وغبطتي بأي تصويب من طرفكم.
الاستفسار الأول:
ماهو أصل كلمة الْكَجّْ؟
وهل لها علاقة بكلمة اِلْگَجِي؟
وكان يلزمني الاستيضاح عن الكلمة حتى أتأكد من المطلوب.
فقلت للسائل الكريم: هل تقصدون الكلمة الواردة في كَجّْ اگْوَيْرَه؟
فردّ عليّ بالإيجاب والتأكيد أنْ نَعَمْ.
"ئِكِجّْ" فعل مصدره "اِلْكَجّْ" ومعناه في الحسّانيّة الْحَكُّ بِقُوَّةٍ وقد نستخدمه مرادفا لكلمة الْفَرْك التي هي كذلك حسّانيّة وإن كان الفرك أخف وقعا من الكجّ في المعنى المقصود.
من الاستخدامات اليومية لهذه الكلمة مثل قول الأمّ لولدها "أَگْبَظْ أَمِسْوَاكْ أحرش كِجّْ بِيهْ گَرَّارِيَّاتَكْ الصِّفِرْ" والمعنى خُذْ مِسْوَاكًا وافْرُكْ بِهِ أَسْنَانَك الكبيرة الصفراء.
ومن الأمثلة كذلك "ئكِجّْ اِلْبَاسُو بالصابون أو يَفْركْ الباسو بالصابون" والمعنى يغسل ملابسه بالصابون مجتهدا في تنظيفه.
جاء القاموس المحيط:
فَرَكَ الثوبَ والسُّنْبُلَ: دَلَكَهُ فانْفَرَكَ.
والفَرَكُ، محرَّكةً: اسْتِرْخاءُ أصْلِ الأذُنِ، فَرِكَتْ، كفرِحَ، فهي فَرْكاءُ وفَرِكَةٌ.
وجاء في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية
فَرَكَ الشَّيْءَ: دَلَكَهُ وَحَكَّهُ حَتَّى قَشَرَهُ
أقول والمقصود من الكجّ في الحسّانيّة واضح لنا وهو الفَرْكُ أو الْحَكُّ بقوّة وشدّة. هذا من حيث الدلالة اللفظية للكلمة وأمّا من حيث استعارتها فهي تعني الإغاظة وتعني التحدّي والمنافسة.
"حَكّْ اِلطّْعِينْ" هنا كانت البداية حيث كانت هذه العبارة متداولة بين الناس للتعبير عمن يتعمّد إغاظة غيره واستفزازه بما يكره من قول أو فعل مع التعمّد وسبق الإصرار، وهو ليس من طباع الأخيار ولا العقلاء. ثمّ تطوّرت العبارة بعد ذلك من "حَكِّ الطّعين" إلى "الْكَجّْ ؤ لِفْرِيطْ" وهذا تدرّج تصاعدي من مُجرّد حكّ إلى "كَجٍّ" والنتيجة "لِفْرِيطْ" أي من مجرد احتكاك بسيط إلى فرك وتقشير للجلد.
ومن العبارات الحسّانيّة المتداولة قديما "حَكّ النّار" و "احْكَيْكْ الدَّزّْ"
- في لغة العرب كَجَّ معناها لعب بالكُجّة.
جاء في القاموس المحيط:
الكُجَّةُ، بالضم: لُعْبَةٌ يأخُذُ الصَّبِيُّ خِرْقَةً فَيُدَوِّرُها، كأنها كُرَةٌ، وكَجَّ: لَعِبَ بها. اهـ
أقول وهذا المعنى بعيد من المعنى الحساني المقصود بهذه الكلمة.
- في المعاجم الأمازيغية عند الأستاذ الكبير محمد شفيق في معجمه الرائع العربي الأمازيغي في الجزء الثالث في الصفحة الثلاثين بعد المائتين: النشر بالمنشار : أكوجو/أكوجت، والمنشار: أكْجْكَاجْ والجمع ئكجكاجن.
وقد ورد في معجم أماوّال: النَّشْرُ بالمِنْشَارِ: أكوجو
أقول: ولا يخفى على أحد العلاقة بين الكجّ في الحسّانيّة وبين النّشر بالمنشار من حيث الحك ومتابعته إلّا أنّ الكجّ لا يكون بشيء حادّ أو له أسنان مثل المنشار.
ولقد أخبرني أستاذي أحمدو أن في لغة أجدادنا من صنهاجة لغة المرابطين عندما سألته عن الكجّ في الحسّانيّة ماذا يقابله في كلام اژناگة فأتحفني بالتالي:
فعل كَجّْ: يَـجْـكَـهَـا
فعل انْكَجّْ: يَـكُّـهـا
والمصدر أيْـجْـكُـهِـى وهو بمعنى التحطيم ويكنى به عن إهانة الشخص أو التحقير به. اهـ
وأمّا الْگَجِي في الحسّانيّة فهو كشط قشرة خفيفة من أرض الحرث بعدما ينبت الزرع ويخرج من أجل القضاء على كل النباتات الطُّفيلِيّة وإبعادها.
نقول يِگْجِي لِحْرِيثَة، يِگْجِي الرّْبِيعْ عن الژرع.
وآلة الكشط المستخدمة (الْمِكْشَطُ) نُسمّيه في الحسّانيّة أَوَاجِيلْ والجمع ئِوَاجْلِنْ.
واسمه في الصنهاجية: أَوَهِ
- في لغة العرب لم أجد كلمة تبدأ بالقاف ثم الجيم غير كلمة القجقجة
جاء في القاموس المحيط: القَجْقَجَةُ: لُعْبَةٌ يُقالُ لها: عَظْمُ وضَّاحٍ
- وأمّا في المعاجم الأمازيغية فقد جاء في معجم الأستاذ الكبير محمد شفيق، في الصفحة الرابعة والسبعين بعد المائة من الجزء الأول: ابتعد، تباعد: يَاگُجْ والبُعْدُ: أگّوج.
ولقد ورد فيه أيضا:
أَفنشيل: مكشط الحَرّاث يكشط به الطين عن السّكّة والجمع ئفنشال.
راجع مادة كشط في الصفحة الخامسة والتسعين بعد المائة الثالثة من الجزء الثاني من المعجم المذكور.
والفعل يِگْجِي له استخدامات أخرى منها إذا تعرض الإنسان لحادث فانكسرت أجزاءُ رؤوس ثناياه وبقيت أجزاؤها الأخرى، فيقولون "اِنْگْجَاوْا امْظَاحْكُو"
ويظهر من هذا البحث السريع أن كلمة الكجّ والگجي في الحسّانيّة ليستا من مادة واحدة رغم التقارب النسبي بين المعنيين وإن كان الكجّ يحمل معنى قصد وتعمّد الإغاظة مع الإبقاء على المكجوج على قيد الحياة وأمّا الگجي فهو القضاء على الخصم واستئصاله كما يفعل الحَرّاث بالنباتات الطفيلية.
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com