حماد بن فواز الشعراني.
ولد في قرية الدور (محافظة السويداء - جنوبي سورية) وتوفي فيها.
عاش في سورية.
تلقى تعليمه الابتدائي في جمعية خيرية للمكفوفين بمدينة السويداء، ثم تابع دراسته في دمشق، حتى حصل على الثانوية (مع المبصرين) عام 1981، وكان ترتيبه
الأول في القسم الأدبي، ثم انتسب إلى كلية الآداب بجامعة دمشق (قسم اللغة العربية) وقد حال الموت بينه وبين التخرج فيها.
كان منتسبًا إلى جمعية المكفوفين في السويداء ودمشق.
الإنتاج الشعري:
- له مجموعة شعرية بعنوان: «تمرد في مدائن الليل والموت» - إصدار دار مجلة الثقافة - دمشق 1984.
يضيء عنوان الديوان المبكر - وعناوين القصائد أيضًا - تلك الحالة الشعرية الاستثنائية التي عاشها هذا الفتى: حاد الذهن، جريء العبارة، فائق القوة في اصطحاب
خصوصيته والدفاع عن حقوقه، تنبع أسئلته من هذه الخصوصية ذاتها، فيؤطرها بجمال إنساني وحزن شفيف، ويبقى شعره ورحيله المبكر وتجربته الفريدة علامات على صراع الحياة، ونبل المعاناة، وتمرد الإنسان في مدائن الليل والموت!!.
مصادر الدراسة:
1 - ديوان الشاعر، والمقدمات التي تتصدره.
2 - ماجد علاءالدين (إشراف): موسوعة «سويداء سورية» - دار ماجد علاءالدين - دمشق 1995.
أنا إنسان
أنـا أعـمـى، نعـمْ هـذا قضـائــــــي = ولكـنّي جـديرٌ بـالسّنــــــــــــــاءِ
ففـي صدري ككلّ النـاسِ قـلــــــبٌ = مـلـيءٌ بـالـمحـبّة والصّفــــــاء
وفـي رأسـي ضـيـاءٌ لـيس يـخبــــو = وضـوءُ الشمس يـخبـو فـي الـمــاء
أظلّ أحـبّ نـورَ الشمسِ مهـمـــــــا = يفـارقنـي ويـمعـن فـي الجفـــاء
فإنـي صـاحـبٌ أوفـــــــــي بعهدي = وإن ضنَّ الأحـبّةُ بـالـوفــــــــاء
أنـا أعـمـى ولـدتُ كـمـا رأيـتـــــم = وذقتُ بعـاهتـي مُرَّ الشقــــــــاء
عـرفتُ القهـرَ والـحـرمـــــان طفلاً = ولـم تـنفع دمـوعـي واشـتكـائـي
وكـاد الـمـوتُ يأتـيـنـي مــــــرارًا = ولكـنّي عصـيـتُ عـلى الفـنــــــــاء
شققتُ الـدربَ فـي الـدنـيـا بكـدحــي = وعـلـمـي، لا أبـالـي بـالعــاء
إذا مـا أظلـمتْ دنـيـايَ يـــــومًا = نسجتُ النّورَ مـن ومض الرّجــــــاء
وإنّي الـيـومَ أمضـي بعـد كــــــدٍّ = لجـامعةٍ تُقـرّب كلَّ نـــــــــــــــــــاء
وأعـلـم أن دربـي لـــــــــيس سهلاً = وأنّ النّصر يُحـرَز بـالـدّمــــــــــــــاء
فـيـا أهلَ الثقـافة سـاعـدونـــــــي = أعـيـنـونـي عـلى صنع الضّيـــــاء
أزيلـوا صـبـغةَ الـمسكـيـنِ عــــــنّي = أنـا إنسـانُ، لستُ بـمـومـيــــــاء
أقـرّوا لـي حقـوقـي يـا رفـاقــــــي = بفعـلٍ صـادقٍ لا بـــــــــــــــــالهُراء
أقـرّوا لـي حقـوقـي واجعـلـوهــــــــــا = مطـارقَ فـوق رأسِ الأغبـيـــــــاء
أرى فـي العـيش حقّاً لـي كغـــيري = ولـيس تكرُّمًا مـن أقـربــــــــــــــــاء
أرى فـي الـحـبّ حقّاً لـي كغـــــيري = كحقّي فـي الـمـيـاه وفـي الهـواء
أرى فـي الشّغل حقّاً جـوهـــــــــريًا = أُحقّق فـيـه ذاتـي وانـتـمـائـــــــــي
أرى فـي العـلـم حقّاً لـي ثـمـيــــنًا = أُبـدّد فـيـه ديجـورَ العـمـــــــــــــاء
فأعـمـى العـيـنِ قـد يُشفى ولكـــنْ = سقـيـمُ العـلـمِ مـيؤوسُ الشّفــاء
ولستُ بـمـن يرى فـي النـاس خـصـمًا = ولكـنّي أراهـم أصدقـائـــــــي
لأجل الطـيّبـيـن كتبتُ شعــــري= لأجل الطّاهـريـن الأنقـيــــــــــــــاء
لأجل الـبـائسـيـن ومـن تـراهــم = لضعفٍ يُعـرضـون عــــــــــــــــن النّداء
أنـا مـاقـلـتُ شعـرًا كـي أُجــازى = وأغرق فـي الـحـرير وفــــــــــي الثّراء
وإنّي إن تُجـيبـــــوا أو تصدّوا = سأمضـي مـا استطعتُ إلى العـلاء
***
أمنية
آهِ لـو أُصـبح طـيفًا أو جـمـــــــــــادَا = آهِ لـو أُصـبح رمـلاً أو رمــــــــادَا
آهِ لـو يُسبك قـلـبـي مـن حجـــــرْ = آهِ لـو أمقت إشعـاعَ القـمـــــرْ
آهِ لـو أكره حتى أمـنـيـاتـــــــــــــي = آهِ لـو أُبـلـي خزائنَ ذكريـاتــــي
عـندهـا أغدو طلـيـقًا فـي الـحـيــاةِ = دون حـبٍّ دون كرهٍ أو ممــــــــاتِ
عـندهـا أعـلـو عـلى ضـوء الشمـوسِ = لا أرى وجهًا أسـيرًا للعبـــوسِ
أتعـالى فـوق شكّي ويـقـيـنــــي = لا أهـاب الغوصَ فـي بحـر ظنـونـــي
لا أخـاف اللـيلَ أن يـتلـو الصـبــاحْ = أو أذوقَ الصّبرَ مضغًا للجــــــــــراحْ
عـندهـا ولـيذهـبِ العقـلُ ونـــورُهْ = ثـمَّ ولـيُدفـنْ فؤادي وشعــــــــورهْ
إنّمـا إشقـاءُ عقـلـي فـي هداهْ = فـي افتكـارٍ أيـن يـمضـي فـي خطـــاهْ
يـومَ أخلـو مـن شعـوري وصـوابــي = وأعـيش العـمـرَ فـي طـيّ الســــرابِ
يـومَهـا لا لـيلَ عـمـري أو ضـيــاهْ = سـوف يـدعـونـي لأن أخشى الـحـيـــاه
***
عودي إلى حبّنا
عُودي إلى حـبّنـا ولـيغضبِ الـبشرُ = ولـيحـرقِ الـحقـدُ مـن للـحقـد قــد نُذروا
كـاد النـوى أن يُبـيـدَ القـلـبَ مـن ظــمأٍ = فكـيف أتـرك ركـنًا أمّه الــــــــــــمطر
قـال العذولُ وقـد كلّتْ مخـالـــــــــــبُه = والهجـرُ يذهـب والآمـالُ تزدهـــــــــــر
لا تـنسَ مـوتًا بـه بُعْدٌ بـلا أمـــــــــلٍ = فـي أن تعـودَ إلى مـن حـبُّه الــــــــوطر
وقـد تجـاهلَ أنّ الـمـوت يجـمعـنــــــــا = ونعـمَ مـا يجـمع العـشّاقَ لـــــــــو حُفَر
غبـيةٌ يـا قـلـوبَ الـحقـدِ كـــــــم تعبتْ = لـتبعـدَ القـلـبَ عـمّن حـبُّه القــــــــدر
لكـنّ حـبًا مـن الرحـمـن قــــــــــــوّتُه = رغمَ الأسـى والعـوادي لـيس يـنكـسـر
هـذي الـحـيـاةُ تغنّي الـيـومَ فرحتَنـــا = ويرقص اللـونُ والـمـنظوم والـوتــــــــر
فـيسمع الـبـلـبـلُ الـبـاكـي عـلى فَننٍ = فـيرحـل الـحـزنُ مـن عـيـنـيـه والضّجـــر
ويـطلق الصــــــوتَ صدّاحًا فتسمعه = ريحـانةٌ مـن ضرام الـحـبِّ تستعــــــــــر
فتـرسل الفـوحَ يحكـي عـن محـبّتهــا = لـمـن بخمـر الهوى والعـشقِ قد سكروا
ولد في قرية الدور (محافظة السويداء - جنوبي سورية) وتوفي فيها.
عاش في سورية.
تلقى تعليمه الابتدائي في جمعية خيرية للمكفوفين بمدينة السويداء، ثم تابع دراسته في دمشق، حتى حصل على الثانوية (مع المبصرين) عام 1981، وكان ترتيبه
الأول في القسم الأدبي، ثم انتسب إلى كلية الآداب بجامعة دمشق (قسم اللغة العربية) وقد حال الموت بينه وبين التخرج فيها.
كان منتسبًا إلى جمعية المكفوفين في السويداء ودمشق.
الإنتاج الشعري:
- له مجموعة شعرية بعنوان: «تمرد في مدائن الليل والموت» - إصدار دار مجلة الثقافة - دمشق 1984.
يضيء عنوان الديوان المبكر - وعناوين القصائد أيضًا - تلك الحالة الشعرية الاستثنائية التي عاشها هذا الفتى: حاد الذهن، جريء العبارة، فائق القوة في اصطحاب
خصوصيته والدفاع عن حقوقه، تنبع أسئلته من هذه الخصوصية ذاتها، فيؤطرها بجمال إنساني وحزن شفيف، ويبقى شعره ورحيله المبكر وتجربته الفريدة علامات على صراع الحياة، ونبل المعاناة، وتمرد الإنسان في مدائن الليل والموت!!.
مصادر الدراسة:
1 - ديوان الشاعر، والمقدمات التي تتصدره.
2 - ماجد علاءالدين (إشراف): موسوعة «سويداء سورية» - دار ماجد علاءالدين - دمشق 1995.
أنا إنسان
أنـا أعـمـى، نعـمْ هـذا قضـائــــــي = ولكـنّي جـديرٌ بـالسّنــــــــــــــاءِ
ففـي صدري ككلّ النـاسِ قـلــــــبٌ = مـلـيءٌ بـالـمحـبّة والصّفــــــاء
وفـي رأسـي ضـيـاءٌ لـيس يـخبــــو = وضـوءُ الشمس يـخبـو فـي الـمــاء
أظلّ أحـبّ نـورَ الشمسِ مهـمـــــــا = يفـارقنـي ويـمعـن فـي الجفـــاء
فإنـي صـاحـبٌ أوفـــــــــي بعهدي = وإن ضنَّ الأحـبّةُ بـالـوفــــــــاء
أنـا أعـمـى ولـدتُ كـمـا رأيـتـــــم = وذقتُ بعـاهتـي مُرَّ الشقــــــــاء
عـرفتُ القهـرَ والـحـرمـــــان طفلاً = ولـم تـنفع دمـوعـي واشـتكـائـي
وكـاد الـمـوتُ يأتـيـنـي مــــــرارًا = ولكـنّي عصـيـتُ عـلى الفـنــــــــاء
شققتُ الـدربَ فـي الـدنـيـا بكـدحــي = وعـلـمـي، لا أبـالـي بـالعــاء
إذا مـا أظلـمتْ دنـيـايَ يـــــومًا = نسجتُ النّورَ مـن ومض الرّجــــــاء
وإنّي الـيـومَ أمضـي بعـد كــــــدٍّ = لجـامعةٍ تُقـرّب كلَّ نـــــــــــــــــــاء
وأعـلـم أن دربـي لـــــــــيس سهلاً = وأنّ النّصر يُحـرَز بـالـدّمــــــــــــــاء
فـيـا أهلَ الثقـافة سـاعـدونـــــــي = أعـيـنـونـي عـلى صنع الضّيـــــاء
أزيلـوا صـبـغةَ الـمسكـيـنِ عــــــنّي = أنـا إنسـانُ، لستُ بـمـومـيــــــاء
أقـرّوا لـي حقـوقـي يـا رفـاقــــــي = بفعـلٍ صـادقٍ لا بـــــــــــــــــالهُراء
أقـرّوا لـي حقـوقـي واجعـلـوهــــــــــا = مطـارقَ فـوق رأسِ الأغبـيـــــــاء
أرى فـي العـيش حقّاً لـي كغـــيري = ولـيس تكرُّمًا مـن أقـربــــــــــــــــاء
أرى فـي الـحـبّ حقّاً لـي كغـــــيري = كحقّي فـي الـمـيـاه وفـي الهـواء
أرى فـي الشّغل حقّاً جـوهـــــــــريًا = أُحقّق فـيـه ذاتـي وانـتـمـائـــــــــي
أرى فـي العـلـم حقّاً لـي ثـمـيــــنًا = أُبـدّد فـيـه ديجـورَ العـمـــــــــــــاء
فأعـمـى العـيـنِ قـد يُشفى ولكـــنْ = سقـيـمُ العـلـمِ مـيؤوسُ الشّفــاء
ولستُ بـمـن يرى فـي النـاس خـصـمًا = ولكـنّي أراهـم أصدقـائـــــــي
لأجل الطـيّبـيـن كتبتُ شعــــري= لأجل الطّاهـريـن الأنقـيــــــــــــــاء
لأجل الـبـائسـيـن ومـن تـراهــم = لضعفٍ يُعـرضـون عــــــــــــــــن النّداء
أنـا مـاقـلـتُ شعـرًا كـي أُجــازى = وأغرق فـي الـحـرير وفــــــــــي الثّراء
وإنّي إن تُجـيبـــــوا أو تصدّوا = سأمضـي مـا استطعتُ إلى العـلاء
***
أمنية
آهِ لـو أُصـبح طـيفًا أو جـمـــــــــــادَا = آهِ لـو أُصـبح رمـلاً أو رمــــــــادَا
آهِ لـو يُسبك قـلـبـي مـن حجـــــرْ = آهِ لـو أمقت إشعـاعَ القـمـــــرْ
آهِ لـو أكره حتى أمـنـيـاتـــــــــــــي = آهِ لـو أُبـلـي خزائنَ ذكريـاتــــي
عـندهـا أغدو طلـيـقًا فـي الـحـيــاةِ = دون حـبٍّ دون كرهٍ أو ممــــــــاتِ
عـندهـا أعـلـو عـلى ضـوء الشمـوسِ = لا أرى وجهًا أسـيرًا للعبـــوسِ
أتعـالى فـوق شكّي ويـقـيـنــــي = لا أهـاب الغوصَ فـي بحـر ظنـونـــي
لا أخـاف اللـيلَ أن يـتلـو الصـبــاحْ = أو أذوقَ الصّبرَ مضغًا للجــــــــــراحْ
عـندهـا ولـيذهـبِ العقـلُ ونـــورُهْ = ثـمَّ ولـيُدفـنْ فؤادي وشعــــــــورهْ
إنّمـا إشقـاءُ عقـلـي فـي هداهْ = فـي افتكـارٍ أيـن يـمضـي فـي خطـــاهْ
يـومَ أخلـو مـن شعـوري وصـوابــي = وأعـيش العـمـرَ فـي طـيّ الســــرابِ
يـومَهـا لا لـيلَ عـمـري أو ضـيــاهْ = سـوف يـدعـونـي لأن أخشى الـحـيـــاه
***
عودي إلى حبّنا
عُودي إلى حـبّنـا ولـيغضبِ الـبشرُ = ولـيحـرقِ الـحقـدُ مـن للـحقـد قــد نُذروا
كـاد النـوى أن يُبـيـدَ القـلـبَ مـن ظــمأٍ = فكـيف أتـرك ركـنًا أمّه الــــــــــــمطر
قـال العذولُ وقـد كلّتْ مخـالـــــــــــبُه = والهجـرُ يذهـب والآمـالُ تزدهـــــــــــر
لا تـنسَ مـوتًا بـه بُعْدٌ بـلا أمـــــــــلٍ = فـي أن تعـودَ إلى مـن حـبُّه الــــــــوطر
وقـد تجـاهلَ أنّ الـمـوت يجـمعـنــــــــا = ونعـمَ مـا يجـمع العـشّاقَ لـــــــــو حُفَر
غبـيةٌ يـا قـلـوبَ الـحقـدِ كـــــــم تعبتْ = لـتبعـدَ القـلـبَ عـمّن حـبُّه القــــــــدر
لكـنّ حـبًا مـن الرحـمـن قــــــــــــوّتُه = رغمَ الأسـى والعـوادي لـيس يـنكـسـر
هـذي الـحـيـاةُ تغنّي الـيـومَ فرحتَنـــا = ويرقص اللـونُ والـمـنظوم والـوتــــــــر
فـيسمع الـبـلـبـلُ الـبـاكـي عـلى فَننٍ = فـيرحـل الـحـزنُ مـن عـيـنـيـه والضّجـــر
ويـطلق الصــــــوتَ صدّاحًا فتسمعه = ريحـانةٌ مـن ضرام الـحـبِّ تستعــــــــــر
فتـرسل الفـوحَ يحكـي عـن محـبّتهــا = لـمـن بخمـر الهوى والعـشقِ قد سكروا