منذ وجد الإنسان على هذه الأرض لازمه فضول فطري قوي لاستجلاء كل الغموض المحيط به، وخصوصا ما يتعلق بمكامن روحه وعميق مشاعره، ولا شيء أكبر من الحب يدفعه للحياة وينير دروبه فيها، ويجعله قادرا على مواجهة ضعفه الإنساني وألمه النفسي والوقوف في وجه الأعاصير المدمرة من الانكسارات والهزائم ويحولها لحالة من الانتصار حتى تنقشع الغمة وينجلي عن النفس التائهة غبار التيه فتهتدي للصواب.
ومن أقرب الفنون الأدبية وأشهرها وأيسرها على احتواء بوح الإنسان، وهذيانه، واعترافاته، ومواجهته لنفسه وللحياة هو فن الخاطرة، فهو فن يتحرر من كل القيود الموضوعة على عاتق الفنون الأدبية الأخرى؛ فالخاطرة بوح الروح وسحابة الإحساس، وعزف الحرف على أوتار القلوب، يلوذ بها المبدع ليسكب وجده، ويقطف من أزاهير نفسه ما يود أن يهديه للقارئ، فتولد النصوص الحرة التي تسعى للانعتاق من كل القيود، فتأتي بوحا صافيا كماء عذب، ففي الخواطر يبث الأديب مشاعره بأعذب الحروف وتخرج لغته جميلة الوقع على الوجدان، فترتقي لمستوى الشعرية بهذا السيل من الأحاسيس الممتزجة بالفكرة او الموقف الذي يثير في نفس القارئ رغبته في مواصلة اكتشاف خبايا روح الأديب.
وقد جاءت خواطر آمال القلاف في إصدارها الأول (خواطر الطريق) بلغة رقيقة دافئة محملة بسيل من الأحاسيس المملوءة بالحب والوجد والحنين والانتماء، وغرقت في بحر البوح الشخصي والحميمي فكانت نسيجا شعوريا متكاملا تعضد فيه الفكرة العاطفة، وترسم من خلال الحرف والكلمات فضاءات تشي بالأتراح تارة والأفراح أخرى، وهل حياتنا الا مزيج من المأساة والملهاة، وهل يمر يوم على أحدنا دون أن تمر به تناقضات المشاعر كلها، بفرحها وحزنها، بصمتها وبوحها، يتوق ليصرخ فيلجم صراخه بالصمت، ويجنح للصمت لولا ان أمرا ما يدفعه بكل ما فيه نحو الصراخ والبوح بمكنون قلبه، وهذا ما أقدمت عليه الكاتبة، تقول في إهدائها:
"تناولت المعاني لأنثر الوجد والشوق لأحبابي في الزمان والمكان؛ لأشعر كم أنتم حولي يا مهج الفؤاد".
ولأنها تأنس بهم وتسكن لهم، لم تجد غضاضة في البوح في حضرتهم بأوجاعها وهواجسها فتقول:
"النفس وما فيها من أكوان تتقلب بين ليل ونهار، تسير بين نور وظلمة، تتأرجح بين أشواق وأشواك، تدمي القلب أزمات الفراق..."
وبين دفتي هذا الكتاب جملة من الخواطر وصفحات من الأفكار لنفس شغوفة بالبحث عن المجهول في خبايا النفس الإنسانية، تلاحقه بالتحليل لتسبر أغواره وتكتشف هويته في فضول يود أن يصل إلى أعماق الذات، فالكاتبة تضع بين أيدينا مادة متنوعة متفاوتة في مدلولاتها لكنها يجمعها خط واحد وموضوع ما يزال من مواضيع الساعة التي تشغل جميع الناس بمختلف ثقافاتهم وتجاربهم ومشاربهم.
تقول في نصها "طفل من الجنوب" والذي اقتبست في بدايته من الشاعر بدر شاكر السياب قوله:
الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام
حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
واحسرتاه، متى أنام؟
وتقول آمال القلاف في نصها:
"الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام
حتى الظلام ذاك الذي احتضن الجنوب
وا حسرتاه متى أنام؟"
متى أعود إلى لعبي؟
إلى أهلي.. إلى بيتي؟
إلى أرضي.. إلى عطر الجنوب؟
إلى قراي الصامدات
عشقت تربتك الحبيبة
أبكيك يا بلدي وأعلم أن الدمع
أن الشهادة وحدها ملكي!
ثم تنتقل بنا من همها الإنساني العام لتصحبنا معها في طريق البحث عن الصداقة الحقة والحب الإنساني البعيد كل البعد عن الأهواء الدنيا والمحلق في سموات السمو الروحي، بدءا بذكر «جابر القلوب»، وانتهاء بـ «بدأت من حيث وجدت العذوبة».
وفي طريق البحث هذا، نجدنا ننظر معها لصداقة فقدت، وعلاقة قطعت، وضمائر ماتت، لكنها أبدا غير مستعدة للتنازل عن صداقة رأتها تستحق الدفاع عن وجودها في حياتها، تقول:
"خسران الصديق الحق لا يعوض، أينما تسير قد تمر عليك صداقات شتى، ولكن مَنْ مِنَ الأصدقاء يترك الأثر في حياتك؟ أنا غير مستعدة لأن أخسر صداقتك، حيث تتعطر الصداقة بعبير المحبة والمودة والتضحية".
وفي "عذوبة قلب" تخاطب الإنسان قائلة: "أيها الإنسان، تكفيك عذوبة القلب شاهدا لتجمع شملك بالحب والعطاء... فكن في عرشك مفعما بالإيمان شاكرا، وكن في عرشك عطوفا على من حولك؛ تكن في عرشك ملهما".
ورغم مشروعية ما تحلم به الكاتبة وما تبحث عنه من آمال؛ فعلى ما يبدو أن الكثيرين لا يفهمون كنهها ولا يقدرون أهميتها، لكنها لا تلتفت لذلك وتمضي في طريقها غير عابئة بالآخر بم يؤمن وماذا يقول، المهم إيمانها الذاتي بما تود أن تعبر عنه من تجربتها الذاتية التي جعلتها متفتحة على تحديات الحياة تسعى لتحقيق طموحاتها وتتعهدها بالرعاية والاهتمام إلى أن تصبح واقعا ملموسا، وقد تجد مقاومة من المجتمع والناس لكنها تسير قدما.. تقول:
"لأنني أرقى بالحب؛ فلا أبالي، ولن أبالي.. رضعت الحب فنما زهرا عطرا بين جوانحي".
وكلما واجهت صعوبات الحياة وقسوة الأنام، كلما ازدادت قوة وإصرارا على المواجهة، وكلما لاحت لها الآمال من بعيد سعت لها بنشاط وتحدٍ وإصرار على العمل والإنجاز، لكن الحياة لا تترك لنا هناء دائما، فلنعالج لواعج الفؤاد بالصبر والصمت وليبق الفؤاد نابضا بالحياة، وينادي قائلا:
"للسعاة أنفاس تحيي الوجدان، تحيي الآمال لتنطلق ماضية نحو العطاء، لا الصمت يؤرق حين اجتياح الأمل، ولا الأمل يقف حين ركوب اللجج.. إن في الصمت بركان ثائر".
وتسير الكاتبة قدما في طريقها، تبحث عن رمز صنعته في مخيلتها للإنسان الذي تبحث عنه حتى تراه.. تقول:
"قد لا تكون أنت هنا، ولا تكون أنت بيننا، لذا.. رسمت الصورة كي أراك، رسمت البسمة حتى ألقاك، رسمت الذكريات كي أناجيك".
وتظل تناجيه في مخيلتها وتناديه، وتحن إليه وتشتاق، فتجده معنى يملأ كيانها حبا ويغمرها بالسعادة فتطير كالفراشات، وأينما يكون تحلق بالذكرى معه وتناجيه، فإن غلبتها العبرات واجتاحها الشوق تشبثت بالأمل، والانتظار بشوق للآتي.
وبين طيات تلك الخواطر، التي تظهر فيها الكاتبة أحلامها الكبيرة المتمثلة في البحث عن الإنسان الحقيقي، الإنسان المبدع ذو الخيال الجامح والقلب الملاذ، تلجأ إليه فتجد السعادة والحب في أرقى معانيه، فهل يا ترى وجدته وأنست إليه؟ ووجدت فيأه كفيء شجرة؟.. تقول:
"إحساسي بك وأنت في هذا الوجود، يعني أني قريبة منك، أتمتع بفيئك وظلك الظليل الذي يشعرني بالارتياح والرضا، ونسيمك يدغدغ شعوري فيعزف أنشودة الحياة، أنشودة البقاء، أنشودة الحب".
يبدو أنها وجدته بالفعل، وآن لها أن تستقر وتهدأ، وتبدأ من حيث وجدت العذوبة، تقول كاتبتنا:
"بدأت حين عشت العذوبة، وجدت العذوبة في قلب ذلك الإنسان، قرت عيني وفزت بالملاذ، آوي إليه بعد العناء... إنك تزهو في خاطري مدى الأيام، في خطوات تتألق بين اثنين.. أنت وأنا، والأحلام".
أحلام كبيرة وتساؤلات تأملية تحاول أن تطرحها الكاتبة، وهي معنية بجوهر الإحساس الإنساني بعيدا عن التلاعبات اللفظية واللغة المقعرة، في إيمان منها أن ما يخرج من القلب لابد أن يصل إلى القلب دون حجاب.
ومن أقرب الفنون الأدبية وأشهرها وأيسرها على احتواء بوح الإنسان، وهذيانه، واعترافاته، ومواجهته لنفسه وللحياة هو فن الخاطرة، فهو فن يتحرر من كل القيود الموضوعة على عاتق الفنون الأدبية الأخرى؛ فالخاطرة بوح الروح وسحابة الإحساس، وعزف الحرف على أوتار القلوب، يلوذ بها المبدع ليسكب وجده، ويقطف من أزاهير نفسه ما يود أن يهديه للقارئ، فتولد النصوص الحرة التي تسعى للانعتاق من كل القيود، فتأتي بوحا صافيا كماء عذب، ففي الخواطر يبث الأديب مشاعره بأعذب الحروف وتخرج لغته جميلة الوقع على الوجدان، فترتقي لمستوى الشعرية بهذا السيل من الأحاسيس الممتزجة بالفكرة او الموقف الذي يثير في نفس القارئ رغبته في مواصلة اكتشاف خبايا روح الأديب.
وقد جاءت خواطر آمال القلاف في إصدارها الأول (خواطر الطريق) بلغة رقيقة دافئة محملة بسيل من الأحاسيس المملوءة بالحب والوجد والحنين والانتماء، وغرقت في بحر البوح الشخصي والحميمي فكانت نسيجا شعوريا متكاملا تعضد فيه الفكرة العاطفة، وترسم من خلال الحرف والكلمات فضاءات تشي بالأتراح تارة والأفراح أخرى، وهل حياتنا الا مزيج من المأساة والملهاة، وهل يمر يوم على أحدنا دون أن تمر به تناقضات المشاعر كلها، بفرحها وحزنها، بصمتها وبوحها، يتوق ليصرخ فيلجم صراخه بالصمت، ويجنح للصمت لولا ان أمرا ما يدفعه بكل ما فيه نحو الصراخ والبوح بمكنون قلبه، وهذا ما أقدمت عليه الكاتبة، تقول في إهدائها:
"تناولت المعاني لأنثر الوجد والشوق لأحبابي في الزمان والمكان؛ لأشعر كم أنتم حولي يا مهج الفؤاد".
ولأنها تأنس بهم وتسكن لهم، لم تجد غضاضة في البوح في حضرتهم بأوجاعها وهواجسها فتقول:
"النفس وما فيها من أكوان تتقلب بين ليل ونهار، تسير بين نور وظلمة، تتأرجح بين أشواق وأشواك، تدمي القلب أزمات الفراق..."
وبين دفتي هذا الكتاب جملة من الخواطر وصفحات من الأفكار لنفس شغوفة بالبحث عن المجهول في خبايا النفس الإنسانية، تلاحقه بالتحليل لتسبر أغواره وتكتشف هويته في فضول يود أن يصل إلى أعماق الذات، فالكاتبة تضع بين أيدينا مادة متنوعة متفاوتة في مدلولاتها لكنها يجمعها خط واحد وموضوع ما يزال من مواضيع الساعة التي تشغل جميع الناس بمختلف ثقافاتهم وتجاربهم ومشاربهم.
تقول في نصها "طفل من الجنوب" والذي اقتبست في بدايته من الشاعر بدر شاكر السياب قوله:
الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام
حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
واحسرتاه، متى أنام؟
وتقول آمال القلاف في نصها:
"الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام
حتى الظلام ذاك الذي احتضن الجنوب
وا حسرتاه متى أنام؟"
متى أعود إلى لعبي؟
إلى أهلي.. إلى بيتي؟
إلى أرضي.. إلى عطر الجنوب؟
إلى قراي الصامدات
عشقت تربتك الحبيبة
أبكيك يا بلدي وأعلم أن الدمع
أن الشهادة وحدها ملكي!
ثم تنتقل بنا من همها الإنساني العام لتصحبنا معها في طريق البحث عن الصداقة الحقة والحب الإنساني البعيد كل البعد عن الأهواء الدنيا والمحلق في سموات السمو الروحي، بدءا بذكر «جابر القلوب»، وانتهاء بـ «بدأت من حيث وجدت العذوبة».
وفي طريق البحث هذا، نجدنا ننظر معها لصداقة فقدت، وعلاقة قطعت، وضمائر ماتت، لكنها أبدا غير مستعدة للتنازل عن صداقة رأتها تستحق الدفاع عن وجودها في حياتها، تقول:
"خسران الصديق الحق لا يعوض، أينما تسير قد تمر عليك صداقات شتى، ولكن مَنْ مِنَ الأصدقاء يترك الأثر في حياتك؟ أنا غير مستعدة لأن أخسر صداقتك، حيث تتعطر الصداقة بعبير المحبة والمودة والتضحية".
وفي "عذوبة قلب" تخاطب الإنسان قائلة: "أيها الإنسان، تكفيك عذوبة القلب شاهدا لتجمع شملك بالحب والعطاء... فكن في عرشك مفعما بالإيمان شاكرا، وكن في عرشك عطوفا على من حولك؛ تكن في عرشك ملهما".
ورغم مشروعية ما تحلم به الكاتبة وما تبحث عنه من آمال؛ فعلى ما يبدو أن الكثيرين لا يفهمون كنهها ولا يقدرون أهميتها، لكنها لا تلتفت لذلك وتمضي في طريقها غير عابئة بالآخر بم يؤمن وماذا يقول، المهم إيمانها الذاتي بما تود أن تعبر عنه من تجربتها الذاتية التي جعلتها متفتحة على تحديات الحياة تسعى لتحقيق طموحاتها وتتعهدها بالرعاية والاهتمام إلى أن تصبح واقعا ملموسا، وقد تجد مقاومة من المجتمع والناس لكنها تسير قدما.. تقول:
"لأنني أرقى بالحب؛ فلا أبالي، ولن أبالي.. رضعت الحب فنما زهرا عطرا بين جوانحي".
وكلما واجهت صعوبات الحياة وقسوة الأنام، كلما ازدادت قوة وإصرارا على المواجهة، وكلما لاحت لها الآمال من بعيد سعت لها بنشاط وتحدٍ وإصرار على العمل والإنجاز، لكن الحياة لا تترك لنا هناء دائما، فلنعالج لواعج الفؤاد بالصبر والصمت وليبق الفؤاد نابضا بالحياة، وينادي قائلا:
"للسعاة أنفاس تحيي الوجدان، تحيي الآمال لتنطلق ماضية نحو العطاء، لا الصمت يؤرق حين اجتياح الأمل، ولا الأمل يقف حين ركوب اللجج.. إن في الصمت بركان ثائر".
وتسير الكاتبة قدما في طريقها، تبحث عن رمز صنعته في مخيلتها للإنسان الذي تبحث عنه حتى تراه.. تقول:
"قد لا تكون أنت هنا، ولا تكون أنت بيننا، لذا.. رسمت الصورة كي أراك، رسمت البسمة حتى ألقاك، رسمت الذكريات كي أناجيك".
وتظل تناجيه في مخيلتها وتناديه، وتحن إليه وتشتاق، فتجده معنى يملأ كيانها حبا ويغمرها بالسعادة فتطير كالفراشات، وأينما يكون تحلق بالذكرى معه وتناجيه، فإن غلبتها العبرات واجتاحها الشوق تشبثت بالأمل، والانتظار بشوق للآتي.
وبين طيات تلك الخواطر، التي تظهر فيها الكاتبة أحلامها الكبيرة المتمثلة في البحث عن الإنسان الحقيقي، الإنسان المبدع ذو الخيال الجامح والقلب الملاذ، تلجأ إليه فتجد السعادة والحب في أرقى معانيه، فهل يا ترى وجدته وأنست إليه؟ ووجدت فيأه كفيء شجرة؟.. تقول:
"إحساسي بك وأنت في هذا الوجود، يعني أني قريبة منك، أتمتع بفيئك وظلك الظليل الذي يشعرني بالارتياح والرضا، ونسيمك يدغدغ شعوري فيعزف أنشودة الحياة، أنشودة البقاء، أنشودة الحب".
يبدو أنها وجدته بالفعل، وآن لها أن تستقر وتهدأ، وتبدأ من حيث وجدت العذوبة، تقول كاتبتنا:
"بدأت حين عشت العذوبة، وجدت العذوبة في قلب ذلك الإنسان، قرت عيني وفزت بالملاذ، آوي إليه بعد العناء... إنك تزهو في خاطري مدى الأيام، في خطوات تتألق بين اثنين.. أنت وأنا، والأحلام".
أحلام كبيرة وتساؤلات تأملية تحاول أن تطرحها الكاتبة، وهي معنية بجوهر الإحساس الإنساني بعيدا عن التلاعبات اللفظية واللغة المقعرة، في إيمان منها أن ما يخرج من القلب لابد أن يصل إلى القلب دون حجاب.