(4/0)
على سبيل التمهيد:
تتناول الدراسة لقصيدة "كوليـرا" التي نقدمها اليوم٬ والذي يسعدني أن أبسطها إلى قراء الموقع٬ أحد القصائد المهمة؛ التي ما تزال ذات مكانة مهيبة٬ لا في تاريخ الشعر العراقي فحسب٬ بل في تاريخ الشعر العربي عموما. أنجزتها صاحبتها على أثر إصابة شديدة لمرض (الكوليرا) إلى الشعب المصري من عام (1947)٬ وما رافقها من نكبة فلسطين(1948) ما شكلت هلعا مرعبا أكثر. مما جعل بالمقابل أنتشار القصيدة الصادم؛ شنها التقليديون من أنصار المدرسة التقليدية٬ تلك الحملة؛ حينها اعتبرت حدودها تقتصر على اختيار ميدانها في موطنها العراق٬ بل تجاوزتها إلى باقي الاقطار العربية (صالونات وصحف ومجلات الادبية متعددة) ـ ولقد أشارت الشاعرة إلى هذه المواجهة الشرسة التي لا هوان أو هوادة فيها حين عبرت لأصدقائها٬ مضمنة عزم قوة إرادتها؛ على أن تكتب أصول التحدي في التجديد؛ مناصرة التحول الابداعي في وضع مبادئ نظرتها التفعيلية؛ التجديدية للشعر الحر٬ قبل أن تنتقل إلى موضوعات خارج جغرافية دواعيها العروبية والإسلامية الخاصة والإنسانية عامة٬ وربما أثر هذا الوباء الذائع الصيت وعلى اثر الحملة العنيفة التي لم تقتصر على الوباء٬ بل على التحديات في التحولات "للحداثة" على العراق أو المنطقة العربية ـ٬ وإشارتنا هنا لابد من ذكرها" دواعينا٬ وقصدي أن آنوه بالكتابة عن هذه القصيدة؛ بأن أكتب عرضا لها؛ أرتباط من متابعتي وقرائتي؛ بغرض دفعها إلى القاريء العربي٬ في صورة دعاوي أقتصرت فيها على ذكر ما آلت إليه النتائج التي أنتهيت إليها٬ والدواعي الحقيقة للتنبه؛ على ما نحن بصدده (في ظل الجائحة٬ كورونا).
وهذا أمر أعتقد فيه يمكنني أداءه؛ في تأطير أبعاد آثره على الثقافة التقليدية العامة٬ والادبية خاصة ـ في مجال التجديد الشعري٬ أسوة بما يكتب كـ"تنميط تابعية تذيلت إلى الحداثة الغربية.. من شكل ومظاهر دعاوى المواكبة والعصرنة"٫ مع تعقيباتي٬ في مزاولة الوقوف على كل مسألة... وما سنراى من وقفات موازنة في نهاية الامر على نقائض مضادات هذين الفلسفتين أو المدرستين المتعارضتين (الحداثة) و (التجديد). غير أني لأؤكد ما إليه بدأ الذكر عن دواعي قصدي من هذا كله٬ كي يتم تغطية إطره٬ واقع الهدف الرئيس٬ هو رسوخ ركائز الشاعرة المبدعة في تأطير سياقات نظم فضائل قصيدة الكوليرا.. وطبيعة طبقات عذرية حجر الزاوية للتجديد الشعري٬ و مدى آثر صياغة رسالة التدفقات الملهمة؛ إشكاليات حسية وجمالية إبداعية في فحص وتحقيق فيها على ذكر جميع النتائج التي أنتهت إليها فيها تمتد عمقا في تغيراتها المتعاقبة إلا حركة خاضعة لـ (تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية)؛
بعد ذلك قصدت أن يقابل هذا؛ نشر موجز دراسات "ماقبلية" ما تعني؛ التي أشارت إليها في القصيدة؛ وهي عن أسباب دواعي القصيدة؛ سبب وأنتشار آثر هذا الوباء الفتاك٫ وانعكاسه العنيف علي المجتمع؛ ثقافيا وسياسيا واقتصاديا٬ وتاملات في التحولات الأخلاقية٬ وما حدث أن ألف ذلك لدى البعض؛ إزاء "الحداثة الاوربية"٬ للرمي في دواعي احتضان تجربتهم٬ وإتباع اذيالها؛ ما تمنحه من دروس في فلسفة القصيدة النقليدية؛ من نزاع وتعقيبات وردود لنشر حداثتها٬ وإن كان بالوباء؛ عن قصد الامراض بالاضعاف٬ وبث روح المنقذ الحداثي الاوربي بيديهم٬ ودفعها نحو عالم "شهادة حسن سلوك" تتويجها بالقيادة المستقبلية والتسليم لمبادئها. غير إن الشاعرة (لم تلتفت) إلى هذه الدعوة؛ التي ناشد إليها (جماعة مجلة شعر)٬ أو متعاقبة مريديهم "القاصدين بها مواكبة وتتبع الحداثة الغربية٬ "دون نظر"٬ إلى الوقوف عند تراث الأمة٬ أو عن الحث إلى إعادة النظر في خواصها٬ وتشذيب ما يستطاع الأدلاء٬ عند حدود صحة ونفع أداءه من مضاره؛ ما يفسر فيه جذبة مد التجديد٬ لا "طويه"٬ لغرض ماجاء بأدعاء الغرب الرأسمالي/الاستشراقي/ ومقلديهم؛ من رعيل المرحلة عامة٬ و انخراط دوافع مجلة شعر خاصة٬ التي جاءت مدعومة بأسم التبشير أوالاستشراق أوالتفكيك والتجزئة٬ بفكرة الحداثة٬ ما ابهمته بين تغيرات الاجسام بالتجزئة وحولتها إلى مسخ. وحدث أن ألف الخطاب الحداثي الغربي في بيروت ومصر وأيضا في العراق أثر (كتابات مجلة شعر)٬ وما لحق في قصور خطابها "الغامض"٬ من "أقتصارات سياسية " ملغم بمؤدلجات نصية"٬ أن تطع تحت شروط الكتابة الحداثوية والتغيير٬ أشبه بـ"مينفيسو"٬ كما في الكتب والدروس الايديولوجية ـ السياسية التقليدية على كل مسألة... بحيث "شلة/زمرة تحريرمجلة شعر" سخرت أهدافها لهذا القصد (تقليد نظم الغرب "اللاشرقية"٬ وإتباع ما يسأل للإجابة في تعقيباتهم وملاحظاتهم٬ (تغيب العقل والابداع العربي وتراثه ) بل إلغاء كل مافي محمولاته من تأملات علمية وفكرية٬ شيئا فشيئا٬ حتى يتم للمبدع اتهامه "بالميتافيزيقي مقابل هول الحداثة الغربية الواعدة بعلميتها٬ وشراسة صراع "الاخوة الاعداء" في أنتزاع المقولات الماورائية٬ في فهم التراث إلى الاختبار العلمي والصناعي. غير أن بالمقابل أوضح (وضع) قصيدة كوليرا٬ ما آلت إليه الشاعرة؛ رأت فيها٬ أنها مجرد نزعات فلسفية مدرسية٬ نهوض بعضها على بعض بالمقولات٬ تقويضات٬ كتبت تساؤلاتها ايديولوجيا٬ نتيجة أزمات وصراع داخلية اوربية/دينية٬ مآخذها مع سلطة وقيادة الارث والتراث الكنسي٬ التي لا حاجة من العرب الاسلامي إلى تفنيدها أو تصويبها؛ لغرض يكشف أحقية نصرة نزاع طرف ضد آخر.
مما جعل وضعها لقصيدة (كوليرا) ظهورا قنوعا ولاذعا٬ متوخاة فيها أن تبسط ما سخرت فيها؛ من وقفة وتأملات الشاعرة "التجديد في رأسمال المعرفة للواقع"٬ عاقدة العزم ـ كما يقال ـ على أن تضع ما لمتنها من بلوغ وشهرة في العراق والاوساط العربية بالتجربة٬ وفي مجالات ملفتة غير التجديد الشعري فقط٬ بل مجال العلوم والفلسفة في خطاب التجديد٬ هذا ما أثار سخط "شلة/زمرة تحرير مجلة شعر" ومآربهم ضدها٬ وشجع الآمال لما خلفهم من دعاوى سياسية لمناكفتها٬ وتسريع محاربتها شخصيا٬ وتلفيقات رخيصة لحينها٬ على ما ترتب عليها من بقايا الاقاويل٬ وما ترتب عليها من ثلمات رجال٬ عما يخشاه رجال التعليم من نقص دواعي التغريب.
إذن فقد رسخت شاعرتنا (نازك الملائكة) لتقويض دواعي التغريب ومريدوا (زمرة تحرير مجلة شعر) وبعض من وقف بجانبهم من المحافظين أيضا (عدو عدوي صديقي) إن جاز القول٬ بنشرها قصيدة (كوليرا) متوخية فيها؛ أن تبسط هدفها على ترتيب التدفقات المعرفية٬ كشفها النقاب عما خاضت بها التجربة من نظر تعلم معارفها الميسورة٬ ومؤملة أن يتحقق الناس عنها بالتجربة. بمعنى٬ أن آراءها ليست فيها شيء مما قد يلبسها لتخشاها رجالات الثقافة والفكر للتعليم٬ بل سيجدون فيها نفعيا وفيرا واصلاحا نافعا كبيرا.
وظهور القصيدة الواعدة بنشرها في1947 بعنونها الصريح٬ وضعت٬ و روجعت من أوجهها ـ الدراسات النقدية ـ٬ وقامت من رفعها بعد انتشار المرض في مصر٬ وراجعها مقاما مرموقا٬ وآخر من نصبها وأنزلها دركا مقصودا٬ ولف حول عنقها حبل سياسي مشؤوما٬ دخيلته الانتقام. مما بعث لمكانة الشاعرة رسالة هامة مفادها بمثابة جعلها مقدمة معرفية سباقة لخطى قراءات قادمة٬ راجعت خلالها ترجمة الواقع القيم٬ وشعورها بمرارة عناوين الواقع القادم٬ مما أوضح فيها الخلاف والجدل بين المدرسة "الفلسفة الشعرية القديمة/التقليدية من جهة والفلسفة الشعرية الجديدة" من جانب آخر٬ والميزات التي توجد في فلسفتها٬ وفضلها قيمة في تقدم المعارف الإنسانية العربية٬ بملحوظتها لتقدمها مضطردة غير محدودة. وأنتقالها واتصالها خارج العراق٬ عن طريق المراسلات٬ كانت بمثابة قراءة تستشرها ـ تجربتها عن نفسها ـ لا بكشف الصعوبات والتحديات التي كانت تتلقاها في المسائل الفكرية والعلمية فحسب٬ بل في شئونها الخاصة نحو بناء منظور الانوجاد للتجديد. وكانت الشاعرة بين النخب الثقافية القيادية٬ لها شأن رفيع أيضا٬ يقدر لها تقديرا عاليا٬ لما تمتاز به من صفات نادرة. ونعتقد أن ابداعها الشعري العام٬ وقصيدة (كوليرا) ما آثارته من جدل عارم في الوسط الثقافي النخبوي العربي٬ كان له آثر كبير٬ أكسبها أمتيازا عظيما٬ من تلك الصلة السابقة٬ وما ضاعف فلكيته الثقافية هو ما استتبعته من مراسلات ذات شأن رفيع في قيمة اضافتها.
فإذا كانت قصائد ومؤلفات الشاعرة توقفنا على (نازك الملائكة) الشعري والنقدي نحو التجديد والإنسان٬ فإن مناشدتها الاخلاقية العليا؛ تستكشف عن رسالتها المتينة لنا٬ عن جوانية المرأة الإنسانة وبواطنها الثرية. وهذا ما يجعل لها أهمية فريدة في كل مبادرة ذكر تمر عن المبدعين العراقيين والعرب٬ بصنعة هذا الرأسمال المعرفي في التجديد الابداعي٬ وفي لب وقوع جوهر المشقة؛ التي لا تساوي في الحقيقة إلا ما يعادل صاحبته من شكيمة الإرادة الحرة٬ ومشرب علم موضعها السليم إليه في نفسها٬ وفي كل إنسان شريف حريص على تراث أمته٬ لحصد ثمرة التحدي٬ دخول زاخر إليها٬ تمكن إليها دراية شامخة.
وقد جمعنا نهج الورقة هذه؛ التي بين يدي ـ القاريء الكريم ـ في أربع معارف رئيسة٬ وسوماتها جاءت٬ في وسم: رأسمال المدخلات والمخرجات الإبداعية؛ تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية؛ رأسمال الإشكاليات الحسية والجمالية؛ رأسمال الابتكار الوظيفي الخلاق.
أما تغطية النتائج/ المعطيات المطلوب التوصل إليها فهي٬ يمكن وضعها على الشكل التالي:
• لماذا تأكيد مشاركة المدخلات النقدية لتلك الإشكاليات الحسية والجمالية في رأسمال المعرفة الابداعية؟.
• كيف تدفق التأمل الذاتي في التجربة الخاصة للتمكن أو التمرد عليها بروح معنوية ابداعية رأسالمال المعرفي والمعلوماتي؟.
• اين الانوجاد الحاث على زيادة في اتساع مساحة تبادل المعرفة الابداعية بالابتكار والتجديد والأصالة في خيارات رأسمال المعرفة والمعلومات؟.
• متى يستمكن مواصلة تدعيم فكرة تحسين مستوى رأسمال وعي الكتابة الشعرية ونقد التجربة بوعي جماعي خلاق.؟.
• ما قيمة إضافة رأسمال المعرفي القادم؛ وتدعم من؟ افساح مجال الأدوات النقدية نحو تجديد المجال الأبداعي الشعري الخلاق في ظل تجربة الشاعرة نازك الملائكة.
وقدمتها للإنسان العربي بأنتماء خالص٬ تعكس لبنات مبادئها٬ الناخبة لمقدمة رسالتها الفكرية والاخلاقية الهامة٬ جعلتها بمثابة صرخة فكر يدرك موقف تعبيره٬ لا تملى عليها بوهيمية عبث ثلمات التغريب والاستشراق٬ مددها القصيرة٬ بل واقفة على طبيعة قوى الأمل في إرادة بنات مباديء الامة وتراثها للتجديد٬ أبنة هذه الأمة ونضالاتها للتحرر أوضح الأماني ومجده. ولقد عبرت عن ذلك في منابر عدة ـ قبل أنغلاقها على نفسها ـ في أيامها الأخيرة٬ قد كانت على أهبة الجمال النادر وبأخلاق رصينة وكلمة حاسمة وذكاء متوقد لا يخلو من القلق٬ وحظ غزير من الثقافة المتماسكة المتعددة والخيارات المنوعة٬ هذا إلى جانب درايتها وحذقها للموسيقى والنقد والرياضة الفكرية في التحدي.
فقراءة قصيدة كوليرا تلقينا ملحوظاتنا عن طريق إرساء المسائل المتينة التي تستشعرها عزاءها أشر عزاءا " تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية" عاليا لما أمتازت بها من صفات نادرة٬ وما كسبت لفرادتها كسبا عظيما من تلك الصلة٬ وما اسستبعته من حفر شكل إليها مثلما وردت من ذات قيمة مضافة٬ لذا تكشفت لنا عن عوالمها عن متن الابعاد واغراض جوانية وذلالة ظاهرة٬ وهذا ما ما جعلنا أن ترسو ما يساوي صاحبة الحقيقة للشاعرة٬ وما حاولنا وضعنا فيها من نفسها٬ فجعلنا تقسيمها إلى تقسيمها إلى وحدات٬ إذن فجاءت لتشمل:
ـ الحلقة "صفر: على سبيل التمهيد
ـ الحلقة الأولي: والتي تحمل وسم: على سبيل المقدمة٬ ثم
1.1: الأنوجاد والترائي ما قبل قراءة "قصيدة كوليرا"
ـ الحلقة الثانية:.عرض القصيدة قبل أختبارها أو المحاولة في تشخيص الذكاء المعلوماتي
ـ الحلقة الثالثة: التحليل المنهجي النوعي للقصيدة:
3.1 وحدة رأس مال معرفة الأبصار
3.2 رأسمال المعطى المعرفي الاشكالي
3.3 رأسمال معرفة التوقع الظاهر
3.4 رأسمال فعل التصورات المعرفية
3.5 تجسير رأسمال الاتجاه المعرفي
3.6 رأسمال الإشكالية الحسية المعرفية
ـ الخلاصة والاخيرة.
يتبع...
نحو الحلقة الأولي: والتي تحمل وسم: على سبيل المقدمة.
على سبيل التمهيد:
تتناول الدراسة لقصيدة "كوليـرا" التي نقدمها اليوم٬ والذي يسعدني أن أبسطها إلى قراء الموقع٬ أحد القصائد المهمة؛ التي ما تزال ذات مكانة مهيبة٬ لا في تاريخ الشعر العراقي فحسب٬ بل في تاريخ الشعر العربي عموما. أنجزتها صاحبتها على أثر إصابة شديدة لمرض (الكوليرا) إلى الشعب المصري من عام (1947)٬ وما رافقها من نكبة فلسطين(1948) ما شكلت هلعا مرعبا أكثر. مما جعل بالمقابل أنتشار القصيدة الصادم؛ شنها التقليديون من أنصار المدرسة التقليدية٬ تلك الحملة؛ حينها اعتبرت حدودها تقتصر على اختيار ميدانها في موطنها العراق٬ بل تجاوزتها إلى باقي الاقطار العربية (صالونات وصحف ومجلات الادبية متعددة) ـ ولقد أشارت الشاعرة إلى هذه المواجهة الشرسة التي لا هوان أو هوادة فيها حين عبرت لأصدقائها٬ مضمنة عزم قوة إرادتها؛ على أن تكتب أصول التحدي في التجديد؛ مناصرة التحول الابداعي في وضع مبادئ نظرتها التفعيلية؛ التجديدية للشعر الحر٬ قبل أن تنتقل إلى موضوعات خارج جغرافية دواعيها العروبية والإسلامية الخاصة والإنسانية عامة٬ وربما أثر هذا الوباء الذائع الصيت وعلى اثر الحملة العنيفة التي لم تقتصر على الوباء٬ بل على التحديات في التحولات "للحداثة" على العراق أو المنطقة العربية ـ٬ وإشارتنا هنا لابد من ذكرها" دواعينا٬ وقصدي أن آنوه بالكتابة عن هذه القصيدة؛ بأن أكتب عرضا لها؛ أرتباط من متابعتي وقرائتي؛ بغرض دفعها إلى القاريء العربي٬ في صورة دعاوي أقتصرت فيها على ذكر ما آلت إليه النتائج التي أنتهيت إليها٬ والدواعي الحقيقة للتنبه؛ على ما نحن بصدده (في ظل الجائحة٬ كورونا).
وهذا أمر أعتقد فيه يمكنني أداءه؛ في تأطير أبعاد آثره على الثقافة التقليدية العامة٬ والادبية خاصة ـ في مجال التجديد الشعري٬ أسوة بما يكتب كـ"تنميط تابعية تذيلت إلى الحداثة الغربية.. من شكل ومظاهر دعاوى المواكبة والعصرنة"٫ مع تعقيباتي٬ في مزاولة الوقوف على كل مسألة... وما سنراى من وقفات موازنة في نهاية الامر على نقائض مضادات هذين الفلسفتين أو المدرستين المتعارضتين (الحداثة) و (التجديد). غير أني لأؤكد ما إليه بدأ الذكر عن دواعي قصدي من هذا كله٬ كي يتم تغطية إطره٬ واقع الهدف الرئيس٬ هو رسوخ ركائز الشاعرة المبدعة في تأطير سياقات نظم فضائل قصيدة الكوليرا.. وطبيعة طبقات عذرية حجر الزاوية للتجديد الشعري٬ و مدى آثر صياغة رسالة التدفقات الملهمة؛ إشكاليات حسية وجمالية إبداعية في فحص وتحقيق فيها على ذكر جميع النتائج التي أنتهت إليها فيها تمتد عمقا في تغيراتها المتعاقبة إلا حركة خاضعة لـ (تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية)؛
بعد ذلك قصدت أن يقابل هذا؛ نشر موجز دراسات "ماقبلية" ما تعني؛ التي أشارت إليها في القصيدة؛ وهي عن أسباب دواعي القصيدة؛ سبب وأنتشار آثر هذا الوباء الفتاك٫ وانعكاسه العنيف علي المجتمع؛ ثقافيا وسياسيا واقتصاديا٬ وتاملات في التحولات الأخلاقية٬ وما حدث أن ألف ذلك لدى البعض؛ إزاء "الحداثة الاوربية"٬ للرمي في دواعي احتضان تجربتهم٬ وإتباع اذيالها؛ ما تمنحه من دروس في فلسفة القصيدة النقليدية؛ من نزاع وتعقيبات وردود لنشر حداثتها٬ وإن كان بالوباء؛ عن قصد الامراض بالاضعاف٬ وبث روح المنقذ الحداثي الاوربي بيديهم٬ ودفعها نحو عالم "شهادة حسن سلوك" تتويجها بالقيادة المستقبلية والتسليم لمبادئها. غير إن الشاعرة (لم تلتفت) إلى هذه الدعوة؛ التي ناشد إليها (جماعة مجلة شعر)٬ أو متعاقبة مريديهم "القاصدين بها مواكبة وتتبع الحداثة الغربية٬ "دون نظر"٬ إلى الوقوف عند تراث الأمة٬ أو عن الحث إلى إعادة النظر في خواصها٬ وتشذيب ما يستطاع الأدلاء٬ عند حدود صحة ونفع أداءه من مضاره؛ ما يفسر فيه جذبة مد التجديد٬ لا "طويه"٬ لغرض ماجاء بأدعاء الغرب الرأسمالي/الاستشراقي/ ومقلديهم؛ من رعيل المرحلة عامة٬ و انخراط دوافع مجلة شعر خاصة٬ التي جاءت مدعومة بأسم التبشير أوالاستشراق أوالتفكيك والتجزئة٬ بفكرة الحداثة٬ ما ابهمته بين تغيرات الاجسام بالتجزئة وحولتها إلى مسخ. وحدث أن ألف الخطاب الحداثي الغربي في بيروت ومصر وأيضا في العراق أثر (كتابات مجلة شعر)٬ وما لحق في قصور خطابها "الغامض"٬ من "أقتصارات سياسية " ملغم بمؤدلجات نصية"٬ أن تطع تحت شروط الكتابة الحداثوية والتغيير٬ أشبه بـ"مينفيسو"٬ كما في الكتب والدروس الايديولوجية ـ السياسية التقليدية على كل مسألة... بحيث "شلة/زمرة تحريرمجلة شعر" سخرت أهدافها لهذا القصد (تقليد نظم الغرب "اللاشرقية"٬ وإتباع ما يسأل للإجابة في تعقيباتهم وملاحظاتهم٬ (تغيب العقل والابداع العربي وتراثه ) بل إلغاء كل مافي محمولاته من تأملات علمية وفكرية٬ شيئا فشيئا٬ حتى يتم للمبدع اتهامه "بالميتافيزيقي مقابل هول الحداثة الغربية الواعدة بعلميتها٬ وشراسة صراع "الاخوة الاعداء" في أنتزاع المقولات الماورائية٬ في فهم التراث إلى الاختبار العلمي والصناعي. غير أن بالمقابل أوضح (وضع) قصيدة كوليرا٬ ما آلت إليه الشاعرة؛ رأت فيها٬ أنها مجرد نزعات فلسفية مدرسية٬ نهوض بعضها على بعض بالمقولات٬ تقويضات٬ كتبت تساؤلاتها ايديولوجيا٬ نتيجة أزمات وصراع داخلية اوربية/دينية٬ مآخذها مع سلطة وقيادة الارث والتراث الكنسي٬ التي لا حاجة من العرب الاسلامي إلى تفنيدها أو تصويبها؛ لغرض يكشف أحقية نصرة نزاع طرف ضد آخر.
مما جعل وضعها لقصيدة (كوليرا) ظهورا قنوعا ولاذعا٬ متوخاة فيها أن تبسط ما سخرت فيها؛ من وقفة وتأملات الشاعرة "التجديد في رأسمال المعرفة للواقع"٬ عاقدة العزم ـ كما يقال ـ على أن تضع ما لمتنها من بلوغ وشهرة في العراق والاوساط العربية بالتجربة٬ وفي مجالات ملفتة غير التجديد الشعري فقط٬ بل مجال العلوم والفلسفة في خطاب التجديد٬ هذا ما أثار سخط "شلة/زمرة تحرير مجلة شعر" ومآربهم ضدها٬ وشجع الآمال لما خلفهم من دعاوى سياسية لمناكفتها٬ وتسريع محاربتها شخصيا٬ وتلفيقات رخيصة لحينها٬ على ما ترتب عليها من بقايا الاقاويل٬ وما ترتب عليها من ثلمات رجال٬ عما يخشاه رجال التعليم من نقص دواعي التغريب.
إذن فقد رسخت شاعرتنا (نازك الملائكة) لتقويض دواعي التغريب ومريدوا (زمرة تحرير مجلة شعر) وبعض من وقف بجانبهم من المحافظين أيضا (عدو عدوي صديقي) إن جاز القول٬ بنشرها قصيدة (كوليرا) متوخية فيها؛ أن تبسط هدفها على ترتيب التدفقات المعرفية٬ كشفها النقاب عما خاضت بها التجربة من نظر تعلم معارفها الميسورة٬ ومؤملة أن يتحقق الناس عنها بالتجربة. بمعنى٬ أن آراءها ليست فيها شيء مما قد يلبسها لتخشاها رجالات الثقافة والفكر للتعليم٬ بل سيجدون فيها نفعيا وفيرا واصلاحا نافعا كبيرا.
وظهور القصيدة الواعدة بنشرها في1947 بعنونها الصريح٬ وضعت٬ و روجعت من أوجهها ـ الدراسات النقدية ـ٬ وقامت من رفعها بعد انتشار المرض في مصر٬ وراجعها مقاما مرموقا٬ وآخر من نصبها وأنزلها دركا مقصودا٬ ولف حول عنقها حبل سياسي مشؤوما٬ دخيلته الانتقام. مما بعث لمكانة الشاعرة رسالة هامة مفادها بمثابة جعلها مقدمة معرفية سباقة لخطى قراءات قادمة٬ راجعت خلالها ترجمة الواقع القيم٬ وشعورها بمرارة عناوين الواقع القادم٬ مما أوضح فيها الخلاف والجدل بين المدرسة "الفلسفة الشعرية القديمة/التقليدية من جهة والفلسفة الشعرية الجديدة" من جانب آخر٬ والميزات التي توجد في فلسفتها٬ وفضلها قيمة في تقدم المعارف الإنسانية العربية٬ بملحوظتها لتقدمها مضطردة غير محدودة. وأنتقالها واتصالها خارج العراق٬ عن طريق المراسلات٬ كانت بمثابة قراءة تستشرها ـ تجربتها عن نفسها ـ لا بكشف الصعوبات والتحديات التي كانت تتلقاها في المسائل الفكرية والعلمية فحسب٬ بل في شئونها الخاصة نحو بناء منظور الانوجاد للتجديد. وكانت الشاعرة بين النخب الثقافية القيادية٬ لها شأن رفيع أيضا٬ يقدر لها تقديرا عاليا٬ لما تمتاز به من صفات نادرة. ونعتقد أن ابداعها الشعري العام٬ وقصيدة (كوليرا) ما آثارته من جدل عارم في الوسط الثقافي النخبوي العربي٬ كان له آثر كبير٬ أكسبها أمتيازا عظيما٬ من تلك الصلة السابقة٬ وما ضاعف فلكيته الثقافية هو ما استتبعته من مراسلات ذات شأن رفيع في قيمة اضافتها.
فإذا كانت قصائد ومؤلفات الشاعرة توقفنا على (نازك الملائكة) الشعري والنقدي نحو التجديد والإنسان٬ فإن مناشدتها الاخلاقية العليا؛ تستكشف عن رسالتها المتينة لنا٬ عن جوانية المرأة الإنسانة وبواطنها الثرية. وهذا ما يجعل لها أهمية فريدة في كل مبادرة ذكر تمر عن المبدعين العراقيين والعرب٬ بصنعة هذا الرأسمال المعرفي في التجديد الابداعي٬ وفي لب وقوع جوهر المشقة؛ التي لا تساوي في الحقيقة إلا ما يعادل صاحبته من شكيمة الإرادة الحرة٬ ومشرب علم موضعها السليم إليه في نفسها٬ وفي كل إنسان شريف حريص على تراث أمته٬ لحصد ثمرة التحدي٬ دخول زاخر إليها٬ تمكن إليها دراية شامخة.
وقد جمعنا نهج الورقة هذه؛ التي بين يدي ـ القاريء الكريم ـ في أربع معارف رئيسة٬ وسوماتها جاءت٬ في وسم: رأسمال المدخلات والمخرجات الإبداعية؛ تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية؛ رأسمال الإشكاليات الحسية والجمالية؛ رأسمال الابتكار الوظيفي الخلاق.
أما تغطية النتائج/ المعطيات المطلوب التوصل إليها فهي٬ يمكن وضعها على الشكل التالي:
• لماذا تأكيد مشاركة المدخلات النقدية لتلك الإشكاليات الحسية والجمالية في رأسمال المعرفة الابداعية؟.
• كيف تدفق التأمل الذاتي في التجربة الخاصة للتمكن أو التمرد عليها بروح معنوية ابداعية رأسالمال المعرفي والمعلوماتي؟.
• اين الانوجاد الحاث على زيادة في اتساع مساحة تبادل المعرفة الابداعية بالابتكار والتجديد والأصالة في خيارات رأسمال المعرفة والمعلومات؟.
• متى يستمكن مواصلة تدعيم فكرة تحسين مستوى رأسمال وعي الكتابة الشعرية ونقد التجربة بوعي جماعي خلاق.؟.
• ما قيمة إضافة رأسمال المعرفي القادم؛ وتدعم من؟ افساح مجال الأدوات النقدية نحو تجديد المجال الأبداعي الشعري الخلاق في ظل تجربة الشاعرة نازك الملائكة.
وقدمتها للإنسان العربي بأنتماء خالص٬ تعكس لبنات مبادئها٬ الناخبة لمقدمة رسالتها الفكرية والاخلاقية الهامة٬ جعلتها بمثابة صرخة فكر يدرك موقف تعبيره٬ لا تملى عليها بوهيمية عبث ثلمات التغريب والاستشراق٬ مددها القصيرة٬ بل واقفة على طبيعة قوى الأمل في إرادة بنات مباديء الامة وتراثها للتجديد٬ أبنة هذه الأمة ونضالاتها للتحرر أوضح الأماني ومجده. ولقد عبرت عن ذلك في منابر عدة ـ قبل أنغلاقها على نفسها ـ في أيامها الأخيرة٬ قد كانت على أهبة الجمال النادر وبأخلاق رصينة وكلمة حاسمة وذكاء متوقد لا يخلو من القلق٬ وحظ غزير من الثقافة المتماسكة المتعددة والخيارات المنوعة٬ هذا إلى جانب درايتها وحذقها للموسيقى والنقد والرياضة الفكرية في التحدي.
فقراءة قصيدة كوليرا تلقينا ملحوظاتنا عن طريق إرساء المسائل المتينة التي تستشعرها عزاءها أشر عزاءا " تجديد رأسمال العبقرية الإبداعية" عاليا لما أمتازت بها من صفات نادرة٬ وما كسبت لفرادتها كسبا عظيما من تلك الصلة٬ وما اسستبعته من حفر شكل إليها مثلما وردت من ذات قيمة مضافة٬ لذا تكشفت لنا عن عوالمها عن متن الابعاد واغراض جوانية وذلالة ظاهرة٬ وهذا ما ما جعلنا أن ترسو ما يساوي صاحبة الحقيقة للشاعرة٬ وما حاولنا وضعنا فيها من نفسها٬ فجعلنا تقسيمها إلى تقسيمها إلى وحدات٬ إذن فجاءت لتشمل:
ـ الحلقة "صفر: على سبيل التمهيد
ـ الحلقة الأولي: والتي تحمل وسم: على سبيل المقدمة٬ ثم
1.1: الأنوجاد والترائي ما قبل قراءة "قصيدة كوليرا"
ـ الحلقة الثانية:.عرض القصيدة قبل أختبارها أو المحاولة في تشخيص الذكاء المعلوماتي
ـ الحلقة الثالثة: التحليل المنهجي النوعي للقصيدة:
3.1 وحدة رأس مال معرفة الأبصار
3.2 رأسمال المعطى المعرفي الاشكالي
3.3 رأسمال معرفة التوقع الظاهر
3.4 رأسمال فعل التصورات المعرفية
3.5 تجسير رأسمال الاتجاه المعرفي
3.6 رأسمال الإشكالية الحسية المعرفية
ـ الخلاصة والاخيرة.
يتبع...
نحو الحلقة الأولي: والتي تحمل وسم: على سبيل المقدمة.