لا تزال الشعوب مخدوعة بالكلمات الرنانة التي تشعرنا بأن العالم ليس فوضوياً، ومن ضمنها كلمة المساواة أمام القانون. بعض الشعوب الأفريقية تعتقد بأن العالم الأول يتساوى فيه الجميع، تحت مبدأ المساواة أمام القانون.
في الواقع..
الحقيقة مختلفة تماماً، فلو تساوى الجميع لفسدت الأرض، ولو زال الفقراء والمظلومون من العالم، لبحث البشر عن فقراء ومظاليم، لتتمكن الحياة من الحركة إلى الأمام.
بالتأكيد نحن كدارسين للقانون، فرحنا كثيراً بالقانون الذي على الورق، الذي درسنا مقرراته على الورق، ولكننا لم نكن نعرف أشياء كثيرة محيطة بالقانون كنص مكتوب، تؤثر فيه وتجعله هو نفسه سلاحاً من أسلحة الصراع الإنساني.
بعض الأنقياء لا يصدقون.
عندما درسنا الحصانات بأنواعها درسنا الجدل الفلسفي الذي ثار حولها، والكم الضخم من المثالية التي تم تداولها في ذلك الجدل. غير أننا عندما نخوض معترك الحياة نكتشف أن ذلك الجدل كان مجرد جدل لفلاسفة يجلسون خلف مكاتبهم ويبدؤون التنظير خارج واقع الحياة.
فالحياة الحقيقية ليست في الكتب.
نعتقد جميعنا بأن السجون يتساوى فيها الجميع، وهذا غير صحيح.
ففي الولايات المتحدة ودول أوروبا ما يسمى بالسجون المريحة Cushiest Prisons، وهي مخصصة لمن (يدفع) من كبار المجرمين السياسيين ومن يطلق عليهم أصحاب الياقات البيضاء من مرتكبي الجرائم المالية كالموظفين ورجال البنوك وغيرهم من ذوي الطبقات العليا. باختصار إن سرقت دولاراً سيتم وضعك في السجون القذرة كسجن كولورادو، وإن سرقت الملايين فسيتم وضعك في أحد السجون الفاخرة، حيث أحواض السباحة، ويتوفر لك (كمجرم) جناح به انترنت وتلفزيون بقنوات فضائية، وأفخر أنواع الشراب والطعام. ويمكنك فوق ذلك أن تنال زيارات مفتوحة من الأقارب، بل ومعاشرة زوجتك أو صديقتك أو من تريد. إن سجون الكوشييست عبارة عن منتجعات سياحية (بحسب ما تدفعه).
لقد ذكرنا من قبل مازق التوجه إلى رفض العقوبة البدنية كالجلد مثلاً أو قطع اليد..الخ، وما نتج عن ذلك من اكتظاظ السجون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بالمساجين، ويمكننا ان نقرأ استئجار الدنمارك لسجون من كوسوفو، (حوالى 300 زنزانة) لتخفيف الاكتظاظ، مع تكاليف إدارة السجن وحراسته وعلاج وإطعام وتعليم وتدريب المساجين، جعلت من استئجار السجون ضرورة كما فعلت النرويح وبلجيكا من قبل واللتان استاجرتا سجونا من هولندا.
تعاني أمريكا وحدها من ضروة بناء سجن جديد كل عامين لتستقبل مئات الآلاف من المساجين بالولايات المختلفة.
إثر هذا، سنجد أن هناك فرصة كبيرة جداً للدول الفقيرة مثل السودان ودول أفريقيا الأخرى ورجال أعمالها للاستثمار في هذا المجال، أي مجال السجون. بحيث يتم بناء السجون وتأجيرها.
سجن درجة أولى (فاخر).
سجن متوسط.
سجن للمجرمين الفقراء والكادحين.
يمكن بناء الصحراء كلها من السجون، كما يمكن بناء سجون منتجعية في مناطق سياحية كبورتسودان وجبل مرة وكاودا. وباتفاقيات دولية يتم تأجير هذه السجون للدول التي تعاني من الاكتظاظ. فمن الضروري إبرام إتفاقيات دولية ثنائية على الأقل لكي يتم عمل تمديد للولاية القانونية عبر الحدود دون مساس بمبدأ السيادة.
سنجد بعد بضع سنين، سجون لأسامة داوود، وسجون لابراهيم الشيخ، وسجون لحميدتي، وسجون صغيرة تافهة لصغار المستثمرين. سجون باستثمارات قطرية وإماراتية وسجون تطرح سندات اكتتاب من قبل الشركة العامة للسجون، والتي ستتبع لوزارة الداخلية، مستقلة عن الشرطة..الخ.
المهم
العالم يتغير؛ فهو ليس عالم الأمس، وقانون الرأسمالية المنتصرة في حروبها منذ فجر التاريخ، هي بدورها تغيرت. كل شيء يخضع للربح والخسارة. وسنجد شركات التزويج الاستثماري، والصداقة السياحية، والأبوة الإقتصادية، وسوق بورصة الأمومة..الخ..
إنه عالم قد يثير اندهاشنا الآن، لكن بعد سنين قليلة، سوف يقرأ طالب القانون (الذي في الغالب لا يملك عقلاً نقدياً) تقسيم العقوبات إلى عقوبات سياحية وعقوبات اقتصادية وعقوبات شعبية، وسيتقبلها كمسلمة لا شية فيها.
في الواقع..
الحقيقة مختلفة تماماً، فلو تساوى الجميع لفسدت الأرض، ولو زال الفقراء والمظلومون من العالم، لبحث البشر عن فقراء ومظاليم، لتتمكن الحياة من الحركة إلى الأمام.
بالتأكيد نحن كدارسين للقانون، فرحنا كثيراً بالقانون الذي على الورق، الذي درسنا مقرراته على الورق، ولكننا لم نكن نعرف أشياء كثيرة محيطة بالقانون كنص مكتوب، تؤثر فيه وتجعله هو نفسه سلاحاً من أسلحة الصراع الإنساني.
بعض الأنقياء لا يصدقون.
عندما درسنا الحصانات بأنواعها درسنا الجدل الفلسفي الذي ثار حولها، والكم الضخم من المثالية التي تم تداولها في ذلك الجدل. غير أننا عندما نخوض معترك الحياة نكتشف أن ذلك الجدل كان مجرد جدل لفلاسفة يجلسون خلف مكاتبهم ويبدؤون التنظير خارج واقع الحياة.
فالحياة الحقيقية ليست في الكتب.
نعتقد جميعنا بأن السجون يتساوى فيها الجميع، وهذا غير صحيح.
ففي الولايات المتحدة ودول أوروبا ما يسمى بالسجون المريحة Cushiest Prisons، وهي مخصصة لمن (يدفع) من كبار المجرمين السياسيين ومن يطلق عليهم أصحاب الياقات البيضاء من مرتكبي الجرائم المالية كالموظفين ورجال البنوك وغيرهم من ذوي الطبقات العليا. باختصار إن سرقت دولاراً سيتم وضعك في السجون القذرة كسجن كولورادو، وإن سرقت الملايين فسيتم وضعك في أحد السجون الفاخرة، حيث أحواض السباحة، ويتوفر لك (كمجرم) جناح به انترنت وتلفزيون بقنوات فضائية، وأفخر أنواع الشراب والطعام. ويمكنك فوق ذلك أن تنال زيارات مفتوحة من الأقارب، بل ومعاشرة زوجتك أو صديقتك أو من تريد. إن سجون الكوشييست عبارة عن منتجعات سياحية (بحسب ما تدفعه).
لقد ذكرنا من قبل مازق التوجه إلى رفض العقوبة البدنية كالجلد مثلاً أو قطع اليد..الخ، وما نتج عن ذلك من اكتظاظ السجون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بالمساجين، ويمكننا ان نقرأ استئجار الدنمارك لسجون من كوسوفو، (حوالى 300 زنزانة) لتخفيف الاكتظاظ، مع تكاليف إدارة السجن وحراسته وعلاج وإطعام وتعليم وتدريب المساجين، جعلت من استئجار السجون ضرورة كما فعلت النرويح وبلجيكا من قبل واللتان استاجرتا سجونا من هولندا.
تعاني أمريكا وحدها من ضروة بناء سجن جديد كل عامين لتستقبل مئات الآلاف من المساجين بالولايات المختلفة.
إثر هذا، سنجد أن هناك فرصة كبيرة جداً للدول الفقيرة مثل السودان ودول أفريقيا الأخرى ورجال أعمالها للاستثمار في هذا المجال، أي مجال السجون. بحيث يتم بناء السجون وتأجيرها.
سجن درجة أولى (فاخر).
سجن متوسط.
سجن للمجرمين الفقراء والكادحين.
يمكن بناء الصحراء كلها من السجون، كما يمكن بناء سجون منتجعية في مناطق سياحية كبورتسودان وجبل مرة وكاودا. وباتفاقيات دولية يتم تأجير هذه السجون للدول التي تعاني من الاكتظاظ. فمن الضروري إبرام إتفاقيات دولية ثنائية على الأقل لكي يتم عمل تمديد للولاية القانونية عبر الحدود دون مساس بمبدأ السيادة.
سنجد بعد بضع سنين، سجون لأسامة داوود، وسجون لابراهيم الشيخ، وسجون لحميدتي، وسجون صغيرة تافهة لصغار المستثمرين. سجون باستثمارات قطرية وإماراتية وسجون تطرح سندات اكتتاب من قبل الشركة العامة للسجون، والتي ستتبع لوزارة الداخلية، مستقلة عن الشرطة..الخ.
المهم
العالم يتغير؛ فهو ليس عالم الأمس، وقانون الرأسمالية المنتصرة في حروبها منذ فجر التاريخ، هي بدورها تغيرت. كل شيء يخضع للربح والخسارة. وسنجد شركات التزويج الاستثماري، والصداقة السياحية، والأبوة الإقتصادية، وسوق بورصة الأمومة..الخ..
إنه عالم قد يثير اندهاشنا الآن، لكن بعد سنين قليلة، سوف يقرأ طالب القانون (الذي في الغالب لا يملك عقلاً نقدياً) تقسيم العقوبات إلى عقوبات سياحية وعقوبات اقتصادية وعقوبات شعبية، وسيتقبلها كمسلمة لا شية فيها.