أ. د. عادل الأسطة - "درهمونا وإلا فقدتمونا" "أطعم الحمام يأتك من كل فج عميق"

عندنا مثل شعبي نصه " أطعم الفم تستح العين " وقد أورده صديقنا القاص أكرم هنية في إحدى قصصه بالصيغة الآتية " أطعم الفم تستح الايديولوجيا " ، فكثير من الدول تشتري المعارضة بالمال والوظائف والمناصب ، وكم من معارض في دول عديدة غدا وزيرا وصار يمدح النظام الذي أشبعه هجاء وربما تخوينا ؟!
طبعا أستثني بعض الأنظمة التي زجت بمعارضيها في غياهب السجون ولم تخرجهم منها إلا إلى القبر أو إلى البيت بعاهة .
ما علينا !
أمس ظهرا جلست في باب الساحة ساعة ونصف الساعة تقريبا ، فقد كان الجو مشمسا ، ولم يحط الحمام على الأرض لفترة طويلة ، ما دفع أحد الجلوس إلى التساؤل عن سر تفضيل الحمام البقاء بعيدا . ( أخذت أنظر إلى شبابيك الجامع وبعض جوانبه البارزة فلاحظت الحمام يحط هنا وهناك أو يطير محلقا ثم يعود ) .
هل سمع أحد أصحاب المحلات سؤال الجالس ، فأخذ بالمثل الشعبي ، ليعلم الناس حكمة المثل ؟
أحضر صاحب المحل كمشتين من القمح ونثرهما في الساحة حيث يحط الحمام حين يعلف ، وما هي إلا لحظة حتى حط الحمام يلتقط نصيبه من هذي الدنيا ، ولم يطر إلا حين اقترب منه بعض المارة ، ثم سرعان ما أخذ يحط من جديد .
هل تعلمت بعض الأنظمة سياستها في التعامل مع المعارضة من خلال ملاحظتها متى يحط الحمام ومتى يطير ؟. ( لمحمود درويش قصيدة عنوانها " يطير الحمام يحط الحمام "
كتبها حين كان في باريس كما قالت زوجته الثانية حياة الهني / الحني ، وبعض قرائها يربطها بفراق زوجته الأولى رنا قباني له ثم زواجه الثاني " يطير الحمام ، يحط الحمام " تطير رنا ، تحط حياة ) .
وبالمناسبة فربما يتذكر بعض القراء قصة زكريا تامر " النمور في اليوم العاشر " ، فبعض الأنظمة تجوع المواطن حتى يرضخ ، وإن كان نمرا جعلته يرضى بأكل الحشيش .
أمس تعرفت في شارع النصر إلى مقهى جديد ( كافيه ) هو " كافيه خانم " وصاحبته الست منية معلمة متقاعدة ، وال " كافيه " مفتتح منذ أربعة أشهر والطريف أنني لم انتبه إليه من قبل على الرغم من أنني أمر بمحاذاته يوميا ، ويبدو أنني لا ألتفت يمينا أو شمالا . دوغري ودوز ما شاء الله عني وعين النبي تحرسني شو مستقيم ، مع أن المقاطعة والأمن الوقائي والجامعة والفصائل والأهل والجيران والأصدقاء والدول المجاورة ما زالوا محتارين في شأني . يا سبحان الله ! يا سبحان الله ! يا سبحان الله شعبنا شو ذكي ، وليته كان ذكيا يوم حط المستوطنون الأوائل على أرضه .
ما علينا !
في شارع النصر رممت عدة بيوت صارت مقاهي وكان يفترض أن تعمر لولا خرابة البيوت والدول " الست كورونا " .
" يطير الحمام ، يحط الحمام " ولكي يحط فلا بد من علف . هل لسان حال الحمام هو " درهمونا وإلا فقدتمونا " - أي " اعلفونا والا لن ترونا " .
مرة بعث طالب نابلسي كان يدرس في الجامعات المصرية إلى أبيه رسالة مختصرة يطلب فيها منه المال ونصها " درهمونا وإلا فقدتمونا " ، وكان المرحوم ياسر عرفات " أبو عمار " يدرهم كثيرين من الكتاب بزيادة صفر أمام الرقم الذي ينشدونه وفي ذلك حكايات .
عادل الاسطة
صباح الخير
خربشات
الجمعة ١٧ كانون الأول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى