أ. د. عادل الأسطة - "كل ده كان ليه"؟

على الرغم من توتر الأوضاع في الضفة الغربية وارتفاع عدد الإصابات في برقة التي يتصدى سكانها وفلسطينيون آخرون معهم لتغول المستوطنين ، فإن المرء لم يعدم أمس فرصة الاستمتاع نهارا بشمس كانون ليخزن قليلا من حرارتها في جسمه لساعات المساء والليل حيث البرودة شديدة .
أمس اشتريت مجلتي " فصول " المصرية و " عالم الفكر " الكويتية وتذكرت المرحوم الشاعر فاروق مواسي الذي كان يوصيني بشراء عدد له أيضا .
وأنا جالس في الساعة الواحدة في ساحة المنارة " باب الساحة " كان أحد أصحاب المحلات يستمع إلى أغنية " كل ده كان ليه " بصوت محمد عبد الوهاب . طرب الرجل وأطربنا ومع طربه كثرت التعليقات التي لم ألتفت إلى قائليها ، فقد كنت أجلس على مقعد وظهري لهم ، كما لو أنني أدير ظهري للعالم .
- ربع ساعة وهو يكرر العبارة .
- جالس في الشمس لطرد الرطوبة ( خاطب شخص شخصا آخر )
- أنا ما عندي رطوبة . رطوبة بظهرك .
ولفترة افتقدت الحمام على الأرض وفي زوايا مسجد النصر ، والتفت إلى مجموعة من النساء تتشابه كما لو أن خمسا منهن أخوات . كاد الفضول يستبد بي لسؤال إحداهن إن كن أخوات ثم خاطبت نفسي :
- وما جدوى المعرفة ؟
وأخذت أكرر سطر محمود درويش :
- ما حاجتي للمعرفة ؟
وهو سؤال ورد في قصيدته " أوديب " من مجموعة " هي أغنية ... هي أغنية "(١٩٨٦) . ورد على لسان ( أوديب ) :
"- ما حاجتي للمعرفة !
أنا زوج أمي وابنتي أختي
وعرشي مثل تختي أوبئة .
ما حاجتي للمعرفة !"
ويعرف القراء أسطورة " أوديب " التي جلبت الطاعون لمدينة طيبة . قتل أوديب أباه وتزوج أمه ، فحل الطاعون ، فهل حلت الكورونا لأن أحدا ما سلك في العام ٢٠٢٠ سلوك أوديب ؟
وفجأة أخذ شخص يلقي بالحب في الساحة فتجمع الحمام يلتقطه . " كلنا نحتاج إلى علف " و " اعلفه " حتى تمشي الأمور و ... و ... .
كانت الشمس أمس ظهرا تسطع في سماء المدينة ، ما شجعني للجلوس في باب الساحة فترة طويلة أتجاذب أطراف الحديث مع من شاركني المقعد أو اقترب مني ليفتح معي حوارا لأمر في نفس يعقوب .
من يقرأ في أيامنا هذه مجلات مثل " فصول " و " عالم الفكر " وكتب النقد النظري والتطبيقي إلا بعض الدارسين؟!
في المساء تصفحت أعداد المجلتين وقرأت ما كتبه الناقد المصري جابر عصفور عن سيرته النقدية ، وقد حاولت ألا أتذكر حصوله على جائزة القذافي وقبوله منصب وزير الثقافة في زمن الربيع العربي فأخفقت .
هل كررت مع محمد عبد الوهاب " كل ده كان ليه "؟
في الأيام الأولى التي أعقبت هزيمة حزيران ١٩٦٧ أكثرت دار الإذاعة المصرية من بث أغنية " أبو سمرة زعلان " . كأن الأغنية كتبت كلماتها لجمال عبد الناصر إثر تجرعه سم الهزيمة . كلنا مهزومون و " كلنا أبو سمرة زعلان " - أي والله !!
عادل الاسطة
صباح الخير
خربشات
٢٧ كانون الأول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...