محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - حكى جارنا العجوز

حكى جارنا العجوز
أنه في الصباح
يجلس امام البقالة ، لم يغير عاداته قط
الشتاء الذي يلهب الاجزاء غير المُغطاة من الجسد
الخريف
والاحذية التي ينمو عليها البلل
الصيف
والرغبة في السير عرايا ، كما ينبقي لنا كقردة
"قبل أن نتنكر بالادراك "
يجلس
ليراها صباحاً
تصعد باص الروضة يومياً
ثم تكبر قليلاً
وتصعد باص المدرسة الابتدائية يومياً
ترفع له يدها لتحيه
ثم باص الثانوي ، مراهق في عمرها ينتظرها بعينيه اللتان تتلصصان من زجاج الباص
" قُبل ما قد تُسرق في انشغال المُدرس "
يشتد صدرها
جدي المُسن يشتد جسده ، تنكمش ذاكرته
والبقالة تفلس وتنتعش
والفتاة
تواصل سيرها نحو الجامعة
تأتي مُصفرة احياناً لأنها مُرهقة من سهرة ما
تأتي تأئهة لأن احدهم قد شق صدرها بافلات
تأتي منشرحة في احيان اخرى
لأن صُدفة ما دهست اصابع رجلها بالحب
جدي يُدخن عمره
امام البقالة
الفتاة تكبر تتلون بالوقت ، بفوضى اشخاص ومشاعر
الفتاة تنهي دراستها
جدي لا ينهي مقعده ، امام البقالة
الفتاة تعمل
تتوظف
تخرج يومياً تلوح له
جدي يرحل
الفتاة تنحرف عن طريقها ، تمر بالمنزل لواجب العزاء
وتعود
لتواصل
فاصلة صغيرة في يومها "مثل من يتوقف ليعدل ربطة حذائه ويواصل"
لا احد تضرر
سوى المقعد الذي انتبه لكل شيء
ليس الموت بذلك السوء
الاسوء منه
أن لا تتوقف لتلمح شيئا ما
شيئا قد يجعلك تدرك
أنك لست بآلة
وانك تحتاج حقاً عن أن تكف من أن تكون "ملتزماً الى ذلك الموت"

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى