اثنتا عشرة سنة مضت منذ آخر لقاء بيننا.. لا اعرف لِمَ تذكرتها حين عبرت ورقة مصفرة هاربة من أغصان شجرة الدردار شارعاً من الأسفلت الشاحب واستقرت فوق كثيب من الرمل. زحفَت محدثة هشيشاً كعبور سحالي الخريف من تحت القش. كان الكون هادءً وتذكرتك. تذكرت السنوات التي مضت. ولا أعرف لماذا؟.. ربما لأنني اليوم أدركت أنني قد فقدت شجاعة الحياة. أليس من السخرية أنه في لحظات ضعف الرجال يتذكرون المرأة.
كان الجسر يخفي تحته شبح النهر الأسود. وتنتزع بعض الفقاعات شيئاً من سكونه فتتباعد حلقات صغيرة من الدوامات المائية قصيرة العمر.
"هل هذه أسماك تتنفس؟"
سألت، وأنا أزرع كوعيَّ على إفريز الفولاذ البارد.
"إن قاموسك ثري؟"
قالت ومَضَت ومْضتُها في الذاكرة.
ليست المسألة حباً، أخبرت نفسي. بل هو نقص ما.. لكنه رغم كل شيء قد غيَّر كل شيء. حتى لو كان مجرد لعبة في القلب.
مضت اثنتا عشرة سنة منذ لقاء بلا وداع. ولم يكن ذلك بأسوأ من مقطوعة موسيقية تنتهي بقطع مفاجئ. بلا تدرج..أو بلا نغمة دو.
كان الجسر خالياً في هذه الساعة المتأخرة من الليل. الساعة التي غالباً ما يولد فيها الناس ويموتون. تلك التي تتلامس فيها سبابة الليل مع سبابة الصباح. الساعة التي ينام فيها الفلاسفة والمعربدون. غير أنني كنت انتظر رؤية النهر، وحين انكشف بدا كما لو كان يحتضر.
تركتُ الفقاعات التي تطفوا فوق السطح المرتعش، ومضيت أهبط الجسر.
"كنت مجنوناً حين..."
فلأترك هذه السيرة جانباً. كل غابات خيالي تنموا في الليل، وتذبل في الفجر.
"حان وقت التدخين"... أشعر بأنني أخنق أشياء كثيرة في صدري بالدخان..لذلك أدخن بشراهة. هل أستمر في السير أم استقل سيارة أجرة؟ إنها الأسئلة التي لم تعنِ لي شيئاً يوماً.. الأسئلة الأقل حيرة في حياتي. وحينما عشت هلفوتاً في شوارع عينيك اللتين تدخران الماء للحظة الصفر دائماً دون أن تأتي ساعة الصفر أبداً ك..
فليكن.. كنتِ قاسية.. ولكن..فليكن..
"ءأشتري من بائع الذرة الشامية واحدة؟" كنتُ أتمنى لو لم تكوني تتقززين من أكل الشوارع لنتمشى كبوهيميين، لنأكل الذرة الشامية، ونتأبط أيدينا ببساطة، غير أنك كنتِ ذات شفاه قرمزية لم تذق طعم الابتسامة من قبل.
"اللعنة ..من أي شيء خُلقتِ؟"..
بدأ الناس يخرجون فزعين إلى الشوارع، يبحثون عن أشياء ضائعة دائماً. والشوارع لا تعيد ما ضاع من أعمارهم أبداً.
سأخون ذلك التمركز حول ذاتي قليلاً اليوم. لقد تعلمت منذ اثنتي عشرة سنة ذلك. أن أتمركز حول ذاتي لأحمي نفسي. ولكن لا بأس اليوم من مخالفة القانون.
أدرتِ رأسكِ.. سقط شعرك خلفه ولمحتني وافتغر ثغرك بدهشة.
كانت هذه هي اللحظة اليتيمة في الدهر التي حملت معنى.
فليكن.. فليكن.. كل شيء فليكن..
(تم)
كان الجسر يخفي تحته شبح النهر الأسود. وتنتزع بعض الفقاعات شيئاً من سكونه فتتباعد حلقات صغيرة من الدوامات المائية قصيرة العمر.
"هل هذه أسماك تتنفس؟"
سألت، وأنا أزرع كوعيَّ على إفريز الفولاذ البارد.
"إن قاموسك ثري؟"
قالت ومَضَت ومْضتُها في الذاكرة.
ليست المسألة حباً، أخبرت نفسي. بل هو نقص ما.. لكنه رغم كل شيء قد غيَّر كل شيء. حتى لو كان مجرد لعبة في القلب.
مضت اثنتا عشرة سنة منذ لقاء بلا وداع. ولم يكن ذلك بأسوأ من مقطوعة موسيقية تنتهي بقطع مفاجئ. بلا تدرج..أو بلا نغمة دو.
كان الجسر خالياً في هذه الساعة المتأخرة من الليل. الساعة التي غالباً ما يولد فيها الناس ويموتون. تلك التي تتلامس فيها سبابة الليل مع سبابة الصباح. الساعة التي ينام فيها الفلاسفة والمعربدون. غير أنني كنت انتظر رؤية النهر، وحين انكشف بدا كما لو كان يحتضر.
تركتُ الفقاعات التي تطفوا فوق السطح المرتعش، ومضيت أهبط الجسر.
"كنت مجنوناً حين..."
فلأترك هذه السيرة جانباً. كل غابات خيالي تنموا في الليل، وتذبل في الفجر.
"حان وقت التدخين"... أشعر بأنني أخنق أشياء كثيرة في صدري بالدخان..لذلك أدخن بشراهة. هل أستمر في السير أم استقل سيارة أجرة؟ إنها الأسئلة التي لم تعنِ لي شيئاً يوماً.. الأسئلة الأقل حيرة في حياتي. وحينما عشت هلفوتاً في شوارع عينيك اللتين تدخران الماء للحظة الصفر دائماً دون أن تأتي ساعة الصفر أبداً ك..
فليكن.. كنتِ قاسية.. ولكن..فليكن..
"ءأشتري من بائع الذرة الشامية واحدة؟" كنتُ أتمنى لو لم تكوني تتقززين من أكل الشوارع لنتمشى كبوهيميين، لنأكل الذرة الشامية، ونتأبط أيدينا ببساطة، غير أنك كنتِ ذات شفاه قرمزية لم تذق طعم الابتسامة من قبل.
"اللعنة ..من أي شيء خُلقتِ؟"..
بدأ الناس يخرجون فزعين إلى الشوارع، يبحثون عن أشياء ضائعة دائماً. والشوارع لا تعيد ما ضاع من أعمارهم أبداً.
سأخون ذلك التمركز حول ذاتي قليلاً اليوم. لقد تعلمت منذ اثنتي عشرة سنة ذلك. أن أتمركز حول ذاتي لأحمي نفسي. ولكن لا بأس اليوم من مخالفة القانون.
أدرتِ رأسكِ.. سقط شعرك خلفه ولمحتني وافتغر ثغرك بدهشة.
كانت هذه هي اللحظة اليتيمة في الدهر التي حملت معنى.
فليكن.. فليكن.. كل شيء فليكن..
(تم)