علجية عيش - 05 % فقط منهم على قيد الحياة...المجاهدون في الجزائر ينقرضون

(أصداء تصريحات وزير المجاهدين حول الاعتذار الفرنسي للجزائر)

أثارت تصريحات وزير المجاهدين خلال إحياء الذكرى السابعة و الستون لاستشهاد البطل ديدوش مراد ردود فعل الأسرة الثورية و الشباب و هم الذين كانوا ينتظرون من اصحاب القرار اتخاذ قرارات صارمة من خلال إعادة النظر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، في الوقت الذي يناقش فيه البرلمان الفرنسي مشروع قانون الاعتذار للحركى الذين قاتلوا مع الجيش الفرنسي، بعد 60 سنة من استقلال الجزائر و حمّل أحد المجاهدين المسؤولية للشباب و ابناء السرة الثورية في الحفاظ على الذاكرة الجماعية و المؤرخين في تدوين تاريخ الثورة و استرجاع الأرشيف الجزائري

و قالوا أن ما قام به الإستعمار الفرنسي من جرائم بشعة في حق الجزائريين لا يمكن نسيانه، لأنه يشكل ظاهرة فريدة من حيث منهجيته و طرقه لإلغاء الوجود التاريخي للشعوب و في مقدمتها الشعب الجزائري، فالممارسات الإستعمارية التي انتهجتها فرنسا و توسعاتها العسكربة و إصدارها القوانين لاسيما قانون الإنديجينا الذي الحق الأضرار بالجزائريين و تجريدهم من أراضيهم و ممتلكاتهم، كانت ابشع جريمة عرفها التاريخ دون الحديث عن هدمها و تخريبها المساجد و المدارس لمحاربة الدين و منع ابناء الجزائر من التعليم ، كل هذا يدعو إلى عدم التهاون في تحقيق المطلب الجزائري في اعتذار فرنسا منهم و التهاون في تحقيق هذا المطلب يعني تكريس تبعية الجزئر لفرنسا سياسيا، اقتصاديا و ثقافيا، ثم تحقيق مخططاتها في إحداث القطيعة مع جيل نوفمبر و رسالة الشهداء، و طمس معالم الشخصية الجزائرية، فالحرب الأهلية التي قامت في الجزائر بين النظام و الجبهة الإسلامية للإنقاذ Fis بعد إلغاء الإنتخابات التشريعية في بداية التسعينيات لم يكن سببها سياسيا أو اقتصاديا فقط بل كان فكريا ثقافيا أرادت أطرافا تخدم المشروع الإستعماري في محاربة شخصية الأمة الجزائرية و آفاق تطورها.

كما أن السبب هو خلق دولة جزائرية على النمط الغربي دون اعتبار الأصول الثقافية للجزائريين ، لدرجة أن اتفاقيات إيفيان كما يقول مؤرخون كرست من الوجهة الحضارية سيادة اللغة الفرنسية، إذ تمت المفاوضات بالفرنسية و لم يعتمد نصا رسميا باللغة العربية، و لذا فردّ أول مسؤول على قطاع المجاهدين و هو الذي يمثل رئيس الجمهورية في إحيائه المناسبات التاريخية و إحياء ذكرى رموز الثورة لم يشف غليل البعض و لم يطفئ غضبهم و ثورتهم ، و كأن الثورة حدث بسيط سرعان ما يتجاوزه الزمن، خاصة و أن جيل نوفمبر في طريقه إلى الإنقراض و الأفول، هذا الأفول و الإنقراض قد يحدث الإنفصال الفعلي و الإنقطاع الجذري بين الجيلين، كما أنه يخدم أعداء الجزائر الذين يطرحون شعار القطيعة مع الماضي، فاستمرار العلاقات بين الجزائر وفرنسا يعد أمرا متناقضا، لأنه لا يوجد في التاريخ علاقة بين بلدين كان أحدهما يستعمر الآخر محل إثارة و موضوع اهتمام مثل علاقة الجزائر بفرنسا، و كان لابد من فهم طبيعة هذه العلاقة و التذكير بخلفياتها التاريخية.

تأتي ردود الفعل الجماهيرية في الوقت الذي يتواصل فيه الغضب الجزائري ضد تصريحات إيمانويل ماكرون التي وصفت بالمسيئة لتاريخ الجزائر تضحيات الشهداء و تصاعد الغضب الجزائري بعد إعلان الحكومة الفرنسية بإصدار قانون الاعتذار للحركى الذين قاتلوا مع الجيش الفرنسي، بعد 60 سنة من استقلال الجزائر، و تمريره على البرلمان الفرنسي لمناقشته و تماطل السلطات العمومية في الجزائر في رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدولية و هي التي اصدرت قانونا خاصا يجرم فيه الاستعمار الفرنسي و ما ارتكبه من جرائم ، رغم أن تصريحات الرئيس الحالي عبد المجيد تبون كانت واضحة عندما قال أن علاقة الجزائر مع فرنسا مرتبطة بمعالجة ملف الذاكرة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل عنها، لكنه لم يسارع في فرض موقف الجزائر و إصرارها على الاعتذار للجزائريين و للشهداء أيضا، و يعتبر مشروع قانون الاعتذار للحركى تجسيدا لخطاب الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي كلف المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا بإعداد تقرير حول ملف الذاكرة المتعلق باستعمار الجزائر و جرائم فرنسا في حق الجزائريين ليتفاجأ الراي العام الدولي بالتقرير الذي عرضه ستورا، حيث لم يتضمن الموقف الفرنسي و قرار تقديم الاعتذار للجزائريين.

ففرنسا كانت و لا تزال تستعمل كل المنافذ و الثغرات التي يمكن أن يقع منها التسرب لضرب الثورة الجزائرية و زعزعة النظام، و الدليل أن كل ما وقع في الجزائر كان من تخطيط فرنسي، حتى لا يكون للجزائريين الخيار من التخلص من التبعية لفرنسا، يقول مجاهدون التقينا بهم في الذكرى الـ 67 لإستشهاد البطل ديدوش مراد و منهم المجاهد جدّي عبد الحميد من الولاية التاريخية الثانية أن المجاهدين الذين لا زالوا على قيد الحياة لا يتجاوز عددهم 05 بالمائة، و الدور اليوم على المؤرخين في أن يحرصوا على تدوين تاريخ الثورة التي دامت طيلة 132 سنة و تصحيح الأخطاء، كما على ابناء الشهداء و أبناء الجاهدين أن يواصلوا المسيرة و يتركوا عنهم الخلافات و الصراعات الداخلية و يلتفوا حول رسالة الشهداء، و التاريخ أمانة في عنق الشباب، لأن ما تبقى من المجاهدين كما اضاف لم يعودوا قادرين على الإستمرارية، كما على الذين بيدهم سلطة القرار أن يبعدوا الثورة و ذاكرة الجزائريين عن المساومات السياسية التي تسعى فرنسا فرضها على الجزائر، لأن المتآمرين على الجزائر في الداخل أشد خطرا من أعدائها في الخارج.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى