منذ عدّة أيّام وأنا عاجز عن كتابة حرف واحد، فكلّما هممتُ بالكتابة سألني آخر في داخلي عن ماذا سوف تكتب؟!! فأُقلع، وأدير ظهري لهذه الرغبة التي أصبحت جزء من حياتي، وحياتي دون كتابة تعني عطالة لا تُلغيها القراءة اليوميّة معظم الأوقات، ولقد حاولتُ تطبيق ما أشار به أحد النّاصحين المرموقين في هذا المجال، حيث ينصح أنّ عليك أن تجلس وتترك قلمك ينساب بحريّة، فما أجدتْ هذه الطريقة، لأنّها قد لا تصلح إلاّ في حالات معيّنة، كأن تكون الكتابة استرسالا، أو تداعيات على طريقة ما هو متّبع في التحليل النفسي،
قال قائل أكتب عن الفساد، ألا ترى هذا البحر العرمرم الذي طغى وعمّ؟
أجابه مجيب:" لقد بُحّت الأصوات، وكلّت الألسن، ويَبست الحروف لكثرة ما قيل فيه، والكتابة غير مُجدية إلاّ من باب مَن يتوجّع، فالأنين لا يزيل ألماً ولكنّه ربّما ارتاح المريض إليه، والمرجّح عندي أنّ الفاسدين، بتشكيلتهم، وباستنفاعاتهم القائمة على "انتفِعْ ونفّعْ"،.. والنّفع هنا مسلوب منه صفة العموم، بل استنفاع لزُمَر محدّدة،.. بهذه التشكيلة هم مرتاحون للحديث عنهم ما دام ذلك لا يتعدّى عتبة الكلام الذي لا يضرّهم، وفي تقديري أنّ ما يقال عنهم ما يكادون يسمعون به، فهم بين لحظتين: إمّا الا نتفاع أو التنفيع، وكلاهما يسند صاحبه،
قال القائل:" يا أخي المفرزات التي تركتها الحرب، وما تلى تلك الحرب من سنوات ليست أقلّ صعوبة من الحرائق تركتْ من المواضيع ما يحتاج لأجيال من الكتابة لكي يوفّيه حقّه، فلماذا تراها أنت ضيّقة"؟!!
أجابه: " أنا لا أكتب قصيدة، أو قصة، أو رواية، بل هي كتابة مباشرة تريد أن تقول ما في ألمها من حرقة، وهي مقيّدة بألف قيد، ألا يذكّرك هذا بالقصّة الشعبيّة المتداوَلة، والضيف الذي دعاه أحدهم إلى زاده ، وبعد أن وُضع الطعام قال له :" صحيح لا تقسم، ومقسوم لا تاكل، وكُلْ حتى تشبع"!!
قال: " لكأنّك مرتاح في أن تخلق الصعوبات لكي تتملّص من الكتابة، وأظنّ أني أصبتُ في التقدير"
نظر في عينيه بعمق وقال له:" يا رجل هل رأيتَ أحداً يرتاح في التخلّي عن جريان دمه، وأنا هنا لا أبالغ، فأنا ابن هذه الميادين منذ ستين عاماً وأكثر، فهل ترى أنّ مغادرة الساحة أمر مريح لواحد هذه صفاته، وهو يشكو"؟!!
ضحك ببراءة وقال :" يقولون في الأمثال حيّرتْنا يا أقرع من أين تريد أن نبوسك"
قال له:" في الكتابة الأدبيّة المجال رحب، والآفاق مفتوحة، ويمكن الاستعانة بالرمز/ وبالحدث، والأمر مختلف في الكتابة للصحيفة، ، فللصحيفة توجّه محدّد، ورئيس التحرير مهما كان صديقك عليه أن يتقيّد بالمسارات المحدّدة، وإلاّ عرّض نفسه للمساءلة، الكتابة على صفحات الفيسبوك أكثر رحابة، وما أدري ما إذا كانت القوانين التي ستسنّ في هذا المجال ما يضيّق هذا الفضاء الأزرق، وأرجو ألاّ يحدث ذلك، فنحن بحاجة لمزيد من الرحابات، حتى وإن حدثت بعض التجاوزات التي لا ضرر منها، وهذا يذكّرنا بأنّ قرّاء صفحات التواصل الاجتماعي هم غير قرّاء الصحف، وقد نحتاج لوقت إضافي ليصبح قارئ هذه الصفحة هو المهتم بوسائل التواصل،
قال له :" خلاصة الكلام، ما ذا تريد أن تقول؟!!
ضحك ضحكة لا تخلو من مرارة وقال:" ذكّرتني بيت شعر يقول/
ولا بّدّ من شكوى إلى ذي مروءة
يُواسيكَ أو يُسليك أو يتوجَّعُ/،
أمّا أنت فمع تقديري لمروءتك المعروفة، فلم تواس، ولم تُسلِ، ولم تتوجّع، دعنا نطوي هذه الصفحة...
........................................................................
نشر في صحيفة العروبة الالكترونيّة" تحيّة الصباح" في 8/1/2022
قال قائل أكتب عن الفساد، ألا ترى هذا البحر العرمرم الذي طغى وعمّ؟
أجابه مجيب:" لقد بُحّت الأصوات، وكلّت الألسن، ويَبست الحروف لكثرة ما قيل فيه، والكتابة غير مُجدية إلاّ من باب مَن يتوجّع، فالأنين لا يزيل ألماً ولكنّه ربّما ارتاح المريض إليه، والمرجّح عندي أنّ الفاسدين، بتشكيلتهم، وباستنفاعاتهم القائمة على "انتفِعْ ونفّعْ"،.. والنّفع هنا مسلوب منه صفة العموم، بل استنفاع لزُمَر محدّدة،.. بهذه التشكيلة هم مرتاحون للحديث عنهم ما دام ذلك لا يتعدّى عتبة الكلام الذي لا يضرّهم، وفي تقديري أنّ ما يقال عنهم ما يكادون يسمعون به، فهم بين لحظتين: إمّا الا نتفاع أو التنفيع، وكلاهما يسند صاحبه،
قال القائل:" يا أخي المفرزات التي تركتها الحرب، وما تلى تلك الحرب من سنوات ليست أقلّ صعوبة من الحرائق تركتْ من المواضيع ما يحتاج لأجيال من الكتابة لكي يوفّيه حقّه، فلماذا تراها أنت ضيّقة"؟!!
أجابه: " أنا لا أكتب قصيدة، أو قصة، أو رواية، بل هي كتابة مباشرة تريد أن تقول ما في ألمها من حرقة، وهي مقيّدة بألف قيد، ألا يذكّرك هذا بالقصّة الشعبيّة المتداوَلة، والضيف الذي دعاه أحدهم إلى زاده ، وبعد أن وُضع الطعام قال له :" صحيح لا تقسم، ومقسوم لا تاكل، وكُلْ حتى تشبع"!!
قال: " لكأنّك مرتاح في أن تخلق الصعوبات لكي تتملّص من الكتابة، وأظنّ أني أصبتُ في التقدير"
نظر في عينيه بعمق وقال له:" يا رجل هل رأيتَ أحداً يرتاح في التخلّي عن جريان دمه، وأنا هنا لا أبالغ، فأنا ابن هذه الميادين منذ ستين عاماً وأكثر، فهل ترى أنّ مغادرة الساحة أمر مريح لواحد هذه صفاته، وهو يشكو"؟!!
ضحك ببراءة وقال :" يقولون في الأمثال حيّرتْنا يا أقرع من أين تريد أن نبوسك"
قال له:" في الكتابة الأدبيّة المجال رحب، والآفاق مفتوحة، ويمكن الاستعانة بالرمز/ وبالحدث، والأمر مختلف في الكتابة للصحيفة، ، فللصحيفة توجّه محدّد، ورئيس التحرير مهما كان صديقك عليه أن يتقيّد بالمسارات المحدّدة، وإلاّ عرّض نفسه للمساءلة، الكتابة على صفحات الفيسبوك أكثر رحابة، وما أدري ما إذا كانت القوانين التي ستسنّ في هذا المجال ما يضيّق هذا الفضاء الأزرق، وأرجو ألاّ يحدث ذلك، فنحن بحاجة لمزيد من الرحابات، حتى وإن حدثت بعض التجاوزات التي لا ضرر منها، وهذا يذكّرنا بأنّ قرّاء صفحات التواصل الاجتماعي هم غير قرّاء الصحف، وقد نحتاج لوقت إضافي ليصبح قارئ هذه الصفحة هو المهتم بوسائل التواصل،
قال له :" خلاصة الكلام، ما ذا تريد أن تقول؟!!
ضحك ضحكة لا تخلو من مرارة وقال:" ذكّرتني بيت شعر يقول/
ولا بّدّ من شكوى إلى ذي مروءة
يُواسيكَ أو يُسليك أو يتوجَّعُ/،
أمّا أنت فمع تقديري لمروءتك المعروفة، فلم تواس، ولم تُسلِ، ولم تتوجّع، دعنا نطوي هذه الصفحة...
........................................................................
نشر في صحيفة العروبة الالكترونيّة" تحيّة الصباح" في 8/1/2022
عبد الكريم الناعم
عبد الكريم الناعم is on Facebook. Join Facebook to connect with عبد الكريم الناعم and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.
www.facebook.com