من سلسلة حلقات نساء خلدهن التاريخ
عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية
الشاعرة التي عاشت حياتها بسلسلة من الفواجع الأليمة ، فقضى أزواجها الأربعة قتلًا واحدًا تلو الآخر
ربما كانت الصدف ، وربما إرادة القدر المجهول ، أو طبيعة الحياة ، أو الحظ العاثر ، وربما كان كل ذلك معًا ، هو الذي رسم خيطًا أسود على جباه كل من تقدموا إلى عاتكة بنت زيد ، وارتبطوا بها كزوجة.
إنها طريق الموت المحتم ، وإنه لإحساس مرير عندما يشعر الإنسان ، بأنه قد يصيب كل من يقترب منه بالعذاب والموت، ويزداد هذا الإحساس قوة إذا كان صاحبه رقيقًا رقة عاتكة ، وعذبًا عذوبة أنوثتها ، وشاعرًا مرهف الشعور كالشاعرة عاتكة بن زيد.
لم تكن عاتكة في شبابها تدري ماذا تُخبِّئ لها الأقدار ، ومصير كل من تجرَّأ واقترب منها طالبًا الزواج ، فقد كانت تجربتها الأولى مع عبد الله بن أبي بكر الصديق ، الذي هام بها هيامًا شديدًا ، حتى بلغ من شدة تعلقه بها أنها غدت تنسيه صلاته ، فطلب منه أبوه أبو بكر أن يطلقها ، ففعل مرغمًا عنه وكارهًا له ، وليته نسي محبوبته عاتكة بل ظلت تلازمه كظله ، وظل متعلقًا بها كالسحر الغامض ، يتغلغل في العروق ، ويسيطر على النفس.
رقَّ قلب أبي بكر لابنه حينما شاهده يتعذب بفراق زوجته عاتكة ، فأشفق عليه وطلب منه أن يرجعها ، فقام يجري وراءها ، لكنه جري وراء قدره المحتوم ، وما هي إلا أيام حتى قتل بسهم أصاب قلبه وسقط شهيدًا في إحدى المعارك ، فرثته عاتكة :
فلله عينًا من رأى مثله فتى
أكر وأحمــــــــــــى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنة خاضها
إلى الموت حتى يترك الرمح احمرا
تميزت عاتكة بجمالها الأخَّاذ ، وكمال الخلق ، وبعد في النظر ، وهي بالإضافة إلى ذلك شاعرة معدودة بين شعراء العرب.
بعد وفاة زوجها الأول عبد الله تقدم لها زيد بن الخطاب ، فتزوجها إلا أنَّ حظه العاثر قد أصابه من قدر عاتكة ، فقضى شهيدًا في معركة اليمامة ، ليطل وجه المأساة الأسود ، وينال من عاتكة مرة أخرى ، لتفجع بالقدر وهو يصوِّب سهامه لكل من يقترب منها.
قالت في رثاء زوجها الثاني زيد بن الخطاب :
من لنفس عاداها أحزانها ولعين شفهـــــا طول السهد
جسد لفف في أكفانــــــــــه رحمة الله على ذاك الجسد
كانت عاتكة ما ان تخلع عنها ثياب الحزن ، وترتدي ثياب الفرح ، حتى تجد نفسها من جديد مرتدية لثياب الحزن ، لتكون حياتها سلسلة من الفواجع الأليمة.
من الصعب أن يحكم الإنسان على أقداره ، وأقدار الآخرين ، لكنها سنة الحياة.
بعد وفاة زوجها الثاني ، شرعت عاتكة من جديد في رحلتها الجديدة مع الزبير بن العوام ، وعاشت معه غير طامعة بجاه ولا سلطان ، ومطلبها الوحيد أن تعيش مثل الناس ، تفتح بيتًا وتُنجب اطفالًا ، لكن الأقدار أبت عليها ألا تحظى بما تتمناه ، وما هو إلا زمن قصير حتى قُتل زوجها الزبير في معركة وادي السباع بين مكة والبصرة ، فعادت ملابس السواد تكسوها من جديد.
بعد وفاة زوجها الثالث ، تقدم لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لكنها رفضت خوفًا وإشفاقًا عليه ، فهل أدركت عاتكة هذا القدر المحتوم الذي تجره خلفها وتنقله لكل من تزوجها؟ ربما كان ذلك ، وربما كان الحزن الذي أنهكها ، وجعلها بحاجة إلى فسحة من التأمل ، وهي التي قال عنها عبد الله بن عمر : " من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة " وكم عانت عاتكة من هذا القول حين تزوجت الحسين بن علي ، وسارت معه إلى كربلاء وشهدت مقتله بأم عينها. وقد رثت زوجها الرابع الحسين تودعه كما ودعت أزواجها السابقين :
وحسينًا فلا نسيت حسينًا أقصدته أسنــــــــــــــــــة الأعداء
غادروه بكربلاء صريعًــــــا جادت المزن في ذرى كربلاء
وقد خطبت عاتكة بعد الحسين ، لكنها رفضت الزواج نهائيًا ، حتى توفيت.
عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية
الشاعرة التي عاشت حياتها بسلسلة من الفواجع الأليمة ، فقضى أزواجها الأربعة قتلًا واحدًا تلو الآخر
ربما كانت الصدف ، وربما إرادة القدر المجهول ، أو طبيعة الحياة ، أو الحظ العاثر ، وربما كان كل ذلك معًا ، هو الذي رسم خيطًا أسود على جباه كل من تقدموا إلى عاتكة بنت زيد ، وارتبطوا بها كزوجة.
إنها طريق الموت المحتم ، وإنه لإحساس مرير عندما يشعر الإنسان ، بأنه قد يصيب كل من يقترب منه بالعذاب والموت، ويزداد هذا الإحساس قوة إذا كان صاحبه رقيقًا رقة عاتكة ، وعذبًا عذوبة أنوثتها ، وشاعرًا مرهف الشعور كالشاعرة عاتكة بن زيد.
لم تكن عاتكة في شبابها تدري ماذا تُخبِّئ لها الأقدار ، ومصير كل من تجرَّأ واقترب منها طالبًا الزواج ، فقد كانت تجربتها الأولى مع عبد الله بن أبي بكر الصديق ، الذي هام بها هيامًا شديدًا ، حتى بلغ من شدة تعلقه بها أنها غدت تنسيه صلاته ، فطلب منه أبوه أبو بكر أن يطلقها ، ففعل مرغمًا عنه وكارهًا له ، وليته نسي محبوبته عاتكة بل ظلت تلازمه كظله ، وظل متعلقًا بها كالسحر الغامض ، يتغلغل في العروق ، ويسيطر على النفس.
رقَّ قلب أبي بكر لابنه حينما شاهده يتعذب بفراق زوجته عاتكة ، فأشفق عليه وطلب منه أن يرجعها ، فقام يجري وراءها ، لكنه جري وراء قدره المحتوم ، وما هي إلا أيام حتى قتل بسهم أصاب قلبه وسقط شهيدًا في إحدى المعارك ، فرثته عاتكة :
فلله عينًا من رأى مثله فتى
أكر وأحمــــــــــــى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنة خاضها
إلى الموت حتى يترك الرمح احمرا
تميزت عاتكة بجمالها الأخَّاذ ، وكمال الخلق ، وبعد في النظر ، وهي بالإضافة إلى ذلك شاعرة معدودة بين شعراء العرب.
بعد وفاة زوجها الأول عبد الله تقدم لها زيد بن الخطاب ، فتزوجها إلا أنَّ حظه العاثر قد أصابه من قدر عاتكة ، فقضى شهيدًا في معركة اليمامة ، ليطل وجه المأساة الأسود ، وينال من عاتكة مرة أخرى ، لتفجع بالقدر وهو يصوِّب سهامه لكل من يقترب منها.
قالت في رثاء زوجها الثاني زيد بن الخطاب :
من لنفس عاداها أحزانها ولعين شفهـــــا طول السهد
جسد لفف في أكفانــــــــــه رحمة الله على ذاك الجسد
كانت عاتكة ما ان تخلع عنها ثياب الحزن ، وترتدي ثياب الفرح ، حتى تجد نفسها من جديد مرتدية لثياب الحزن ، لتكون حياتها سلسلة من الفواجع الأليمة.
من الصعب أن يحكم الإنسان على أقداره ، وأقدار الآخرين ، لكنها سنة الحياة.
بعد وفاة زوجها الثاني ، شرعت عاتكة من جديد في رحلتها الجديدة مع الزبير بن العوام ، وعاشت معه غير طامعة بجاه ولا سلطان ، ومطلبها الوحيد أن تعيش مثل الناس ، تفتح بيتًا وتُنجب اطفالًا ، لكن الأقدار أبت عليها ألا تحظى بما تتمناه ، وما هو إلا زمن قصير حتى قُتل زوجها الزبير في معركة وادي السباع بين مكة والبصرة ، فعادت ملابس السواد تكسوها من جديد.
بعد وفاة زوجها الثالث ، تقدم لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لكنها رفضت خوفًا وإشفاقًا عليه ، فهل أدركت عاتكة هذا القدر المحتوم الذي تجره خلفها وتنقله لكل من تزوجها؟ ربما كان ذلك ، وربما كان الحزن الذي أنهكها ، وجعلها بحاجة إلى فسحة من التأمل ، وهي التي قال عنها عبد الله بن عمر : " من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة " وكم عانت عاتكة من هذا القول حين تزوجت الحسين بن علي ، وسارت معه إلى كربلاء وشهدت مقتله بأم عينها. وقد رثت زوجها الرابع الحسين تودعه كما ودعت أزواجها السابقين :
وحسينًا فلا نسيت حسينًا أقصدته أسنــــــــــــــــــة الأعداء
غادروه بكربلاء صريعًــــــا جادت المزن في ذرى كربلاء
وقد خطبت عاتكة بعد الحسين ، لكنها رفضت الزواج نهائيًا ، حتى توفيت.