[HEADING=1]ما الصورة التي تبدو لمحمود درويش في مخيّلة حركة "حماس"؟ سؤال خطر على بالي وأنا أتأمّل في صورة محمود درويش في الوعي الشعبي الفلسطيني، وقد فكرت فيه مليّاً، ولعلّني رأيت أنها ليست صورة واحدة ثابتة منذ بدأت الحركة وأفرادها يقرؤون شعر الشاعر. في بداية 90 ق20 قدم الشاعر استقالته من عضوية اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، لأنه رأى أنه لا يمتلك من الرؤية ما تمتلكه القيادة الفلسطينية في حينه، وبطريقة غير مباشرة عَبّر عن رفضه لما تُوصِلَ إليه في (أوسلو). ولما كانت حركة "حماس" رفضت (أوسلو)، فقد أخذت تثمن مواقف الشاعر وتستشهد بها وتنشرها في أدبياتها، ويستطيع المرء تتبع أعداد مجلة "فلسطين المسلمة" لملاحظة هذا. ولم تشذّ حركة "حماس" كثيراً، في مواقفها من الاعتزاز بمواقف درويش، عن حركات فلسطينية رافضة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بل إن الحركة والجبهة تحالفتا معاً في انتخابات مجلس طلبة جامعة النجاح الوطنية، على الرغم من الفارق الكبير في الطروحات الاجتماعية والأيديولوجية بينهما.
وقد يتذكر قرّاء درويش في حينه بعض القصائد اللافتة التي نشرها في ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" (1995) وفي توظيفه رمز امرئ القيس الذي رأى فيه بعض قارئي قصيدة "خلاف، غير لغوي، مع امرئ القيس" معادلاً لعرفات. وبلغ من تبني الجهات الرافضة لأوسلو أن أخطأ بعضها في قراءة قصيدة "خطاب السلام" ـ وهي من خطب الدكتاتور الموزونة التي كتبها الشاعر في 80 ق20 ـ وذهب حسن عبد الله القريب من اليسار في حينه إلى القول: محمود درويش يكتب قصيدة جديدة يهاجم فيها أوسلو والسلام.
كان بعض معارفي من حركة "حماس" في حينه يتغنّون بمواقف درويش ويسألونني عنها، وربما أحضروا لي بعض أدبيات الحركة التي تستشهد بمواقف الشاعر. ويبدو أنهم في حينه غضّوا النظر عن مواقفه الحادّة من بعض الرموز الدينية، وتحديداً موقفه من الذات الإلهية في قصيدة "مديح الظل العالي"، وهو موقف أعاد الشاعر النظر فيه، فقد كتب القصيدة بعد الخروج من بيروت 1982، وكان واقعاً تحت تأثير اللحظة، فلما زالت اللحظة أعاد الشاعر النظر فيما كتب، واستبدل سطره "باسم الفدائي الذي خلقا من جزمة أفقا" بسطر آخر هو "باسم الفدائي الذي خلقا من جرحه شفقا"، ولا أعرف دارسين ذوي توجه إسلامي هاجموا الشاعر، بخاصة في فلسطين، أما في العالم العربي، بخاصة في السعودية، فقد منعت أشعاره من دخول أراضيها، وهوجم مع مجموعة من الحداثيين.
وكثيرة هي الدراسات التي تناولت توظيف الرموز التراثية الدينية؛ اليهودية والمسيحية والإسلامية، في أشعاره، وقبل ميل المنطقة إلى التأسلم، تغنّى كثيرون بما أورده الشاعر، في ديوانه "عاشق من فلسطين" (1966)، عن الرسول العربي الكريم: "تحد السجن والسجّان،/ فإن حرارة الإيمان/ تذيب مرارة الحنظل". ولم يكن الشاعر وظف رموزاً إسلامية كثيرة في أشعاره حتى 1995 تقريباً، وإن أكثر من توظيف الرموز التوراتية والمسيحية وأبرزها رمز الصليب.
في انقلاب "حماس" على السلطة 2007 كتب الشاعر قصيدته المعروفة "أنت، منذ الآن، غيرك" وفيها هجا ما قامت به "حماس" هجاءً عنيفاً. ومن المؤكد أن الحركة ستقف من الشاعر موقفاً عدائياً، فقد كانت تلك القصيدة القشّة التي قصمت ظهر الشاعر لدى أفراد "حماس"، ومن يومها بدأ كثيرون من أفرادها يتحدثون عن فاتورة مشروبات الشاعر التي تدفعها السلطة، وكانوا يعطون أرقاماً فلكية. ولم يكن الشاعر لينكر في كتاباته أنه يشرب الويسكي والنبيذ الفرنسي، وهو ما عزّزه مسلسل "في حضرة الغياب" الذي عرض في العامين الأخيرين. ولا شك أن لدرويش آراء كثيرة، فكرية واجتماعية، لا تروق لـ"حماس" وللمحافظين، فمن يقرأ قصيدة "إن أردنا" من "أثر الفراشة" يلحظ أنه حداثي بامتياز وأن فهمه للأخلاق مختلف عن فهم التقليديين المحافظين أخلاقياً:
"سنصير شعباً حين يكتب شاعر وصفاً إباحياً لبطن الراقصة/
ـ سنصير شعباً حين تحمي شرطة الآداب غانية وزانية من/
الضرب المبرح في الشوارع/
ـ سنصير شعباً حين تحترم الصواب، وحين تحترم الغلط
ـ سنصير شعباً، إن أردنا حين يُؤذَن للمغني أن يُرتّل آية/
من سورة الرحمن في حفل الزواج المختلط" (ص93/94).
كيف يمكن لحركة "حماس" وللمحافظين من أبناء شعبنا أن يتقبلوا مثل هذه الطروحات الجريئة جداً؟ وأظنّ أن محمود درويش نفسه، المربّى ببيئة قروية، والمقيم لاحقاً في القاهرة وبيروت وباريس، ما وصل إلى مرحلة احترام الصواب واحترام الغلط، ومثله حداثيون كثيرون من أبناء شعبنا، فكيف يقبل التقليديون هذا الكلام؟
في الفترة الأخيرة أخبرني أحد طلابي عن بحث عنوانه "جوانب الانحراف العقدي والأخلاقي في شعر محمود درويش" وكاتبه هو د. يوسف شحدة الكحلوت من غزة، وقد نشره في مجلة الجامعة الإسلامية في العام 2011 (مجلد 19، عدد 1، ص883ـ927، كانون ثان). وقد طلبت منه إحضار البحث لأقرأه، وما إن انتهيت من قراءته حتى وجدتني أتساءل: ماذا ستفعل حركة "حماس" بأشعار الشاعر وقبره إن سيطرت على الضفة؟ وهل ستسمح لنا بتدريس أشعار الشاعر؟
الشاعر، كما يخلص قارئ البحث، ملحد ومنحرف أخلاقياً ولا يحترم الرموز الدينية ابتداءً من الذات الإلهية وانتهاءً بالأنبياء. وسأتذكر، وأنا أقرأ البحث، ما قامت به حركة "حماس" ذات نهار في إحدى جامعاتنا، حيث طالبت بمحاكمة أحد الأساتذة، لأنه قرر كتاباً ورد فيه بيتا راشد حسين:
الله أصبحَ غائباً يا سيدي صادر إذن حتى بساط المسجد
وبع الكنيسة فهي من أملاكه وبع المؤذن في المزاد الأسود
ولولا قوة حركة "فتح" في حينه لفصل الأستاذ من وظيفته أو لضرب وطرد من الجامعة. ولم يفهم الطلاب السخرية في أشعار راشد، وهي سخرية من الاحتلال، لا من الذات الإلهية.
أنا لا أدافع عن محمود درويش وإيمانه، فالله وحده يعرف حقيقة ذلك، ولكني أستطيع القول إن الشاعر في توظيفه للرموز الدينية، ما كان ذا موقف واحد ثابت منذ شبابه حتى وفاته. ويكفي أن تقرأ ما أورده عن الرسول الكريم في قصيدته "في القدس". هذا إذا غضضنا النظر عن ديوان "لماذا تركت الحصان وحيداً" وسطره فيه "سيضيئك القرآن"، وفي 70 ق20 كتب الشاعر "وستعتاد على القرآن في تفسير ما يجري" (قصيدة الرمل). فهل درس الكحلوت موقف الشاعر من الدين في فترات مختلفة، وحاول أن يعطينا صورة لتناقضات الشاعر وتغيراته، أيضاً؟
ثمة موقف عدائي مسبق من الشاعر أظن أن سببه قصيدة "أنت، منذ الآن، غيرك"، ففي هذه يبدو الشاعر ساخراً حاداً جارحاً لا يهادن، بل إنه قاسٍ قسوة لم نعتدها في أشعار الشاعر التي كتبت بعد (أوسلو) :
"لولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء لصار
لكل عصابة نبي، ولكل صحابي ميليشيا!"
"وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة،
لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا
للدولة.. ما دامت هي والأيام إلى مصير
واحد .. ؟"
"من يدخل الجنة أولاً؟ من مات برصاص
العدو، أم من مات برصاص الأخ؟ بعض
الفقهاء يقول: "رب عدو لك ولدته
أمك"!
محمود درويش في نظر الكحلوت يسخر من الله جلّ وعلا ودينه وعبادته في الوقت الذي ينظر فيها إلى الغرب وحياته وحضارته بتفاؤل وإشراق وأمل (ص 887) ـ يكتب الدارس هذا وهو يُعقّب على قصيدة درويش من ديوان "عاشق من فلسطين" (1966) ولم يكن الشاعر ينظر إلى ثقافة الغرب بتفاؤل وإشراق وأمل.
ومحمود درويش، لأنه يقول: "من يشتري تاريخ أجدادي بيوم حرية" يفتح مزاداً لبيع تاريخ أجداده، ودرويش في قصيدته عن عبد الناصر .. يحارب تاريخ الأمة وحضارتها، حيث يقبل أن يحنط وجهه في متحف إنجليزي، لينفي عنه وجهه القديم، ليسقط في "الجامع الأموي". (ص 908)
لا يدرس الدارس أشعار درويش دراسة تعاقبية ليلاحظ تغير موقفه من الماضي؛ من رفض إلى تمجيد. ألم يقل درويش بعد كتابة سطره السابق عن تاريخ أجداده: إنه خسر أجمل ما فيه يوم خسر ما فيه.
ولا يدرس الدارس اللحظة الزمنية التي دفعت الشاعر لقول ما قال، وماذا أراد من وراء قوله، وما الحالة التي كان عليها يوم قال ما قال. والدارس لا يجيد القراءة إطلاقاً، أعني لا يجيد قراءة النصوص وفهمها. ودراسته نموذج لدراسات كثيرة تجاز وتنشر في مجلات جامعاتنا وهي لا تساوي شيئاً على أية حال. هل أبالغ حين أقول: إن القاضي الجرجاني وعبد القاهر الجرجاني كانا أكثر ثقافة ووعياً وحداثة من يوسف شحدة الكحلوت، ورحم الله الشاعر الذي كتب: يغتالني النقاد أحياناً!![/HEADING]
[HEADING=1][/HEADING]
[HEADING=1]أ. د. عادل الأسطة[/HEADING]
2013-09-01
وقد يتذكر قرّاء درويش في حينه بعض القصائد اللافتة التي نشرها في ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" (1995) وفي توظيفه رمز امرئ القيس الذي رأى فيه بعض قارئي قصيدة "خلاف، غير لغوي، مع امرئ القيس" معادلاً لعرفات. وبلغ من تبني الجهات الرافضة لأوسلو أن أخطأ بعضها في قراءة قصيدة "خطاب السلام" ـ وهي من خطب الدكتاتور الموزونة التي كتبها الشاعر في 80 ق20 ـ وذهب حسن عبد الله القريب من اليسار في حينه إلى القول: محمود درويش يكتب قصيدة جديدة يهاجم فيها أوسلو والسلام.
كان بعض معارفي من حركة "حماس" في حينه يتغنّون بمواقف درويش ويسألونني عنها، وربما أحضروا لي بعض أدبيات الحركة التي تستشهد بمواقف الشاعر. ويبدو أنهم في حينه غضّوا النظر عن مواقفه الحادّة من بعض الرموز الدينية، وتحديداً موقفه من الذات الإلهية في قصيدة "مديح الظل العالي"، وهو موقف أعاد الشاعر النظر فيه، فقد كتب القصيدة بعد الخروج من بيروت 1982، وكان واقعاً تحت تأثير اللحظة، فلما زالت اللحظة أعاد الشاعر النظر فيما كتب، واستبدل سطره "باسم الفدائي الذي خلقا من جزمة أفقا" بسطر آخر هو "باسم الفدائي الذي خلقا من جرحه شفقا"، ولا أعرف دارسين ذوي توجه إسلامي هاجموا الشاعر، بخاصة في فلسطين، أما في العالم العربي، بخاصة في السعودية، فقد منعت أشعاره من دخول أراضيها، وهوجم مع مجموعة من الحداثيين.
وكثيرة هي الدراسات التي تناولت توظيف الرموز التراثية الدينية؛ اليهودية والمسيحية والإسلامية، في أشعاره، وقبل ميل المنطقة إلى التأسلم، تغنّى كثيرون بما أورده الشاعر، في ديوانه "عاشق من فلسطين" (1966)، عن الرسول العربي الكريم: "تحد السجن والسجّان،/ فإن حرارة الإيمان/ تذيب مرارة الحنظل". ولم يكن الشاعر وظف رموزاً إسلامية كثيرة في أشعاره حتى 1995 تقريباً، وإن أكثر من توظيف الرموز التوراتية والمسيحية وأبرزها رمز الصليب.
في انقلاب "حماس" على السلطة 2007 كتب الشاعر قصيدته المعروفة "أنت، منذ الآن، غيرك" وفيها هجا ما قامت به "حماس" هجاءً عنيفاً. ومن المؤكد أن الحركة ستقف من الشاعر موقفاً عدائياً، فقد كانت تلك القصيدة القشّة التي قصمت ظهر الشاعر لدى أفراد "حماس"، ومن يومها بدأ كثيرون من أفرادها يتحدثون عن فاتورة مشروبات الشاعر التي تدفعها السلطة، وكانوا يعطون أرقاماً فلكية. ولم يكن الشاعر لينكر في كتاباته أنه يشرب الويسكي والنبيذ الفرنسي، وهو ما عزّزه مسلسل "في حضرة الغياب" الذي عرض في العامين الأخيرين. ولا شك أن لدرويش آراء كثيرة، فكرية واجتماعية، لا تروق لـ"حماس" وللمحافظين، فمن يقرأ قصيدة "إن أردنا" من "أثر الفراشة" يلحظ أنه حداثي بامتياز وأن فهمه للأخلاق مختلف عن فهم التقليديين المحافظين أخلاقياً:
"سنصير شعباً حين يكتب شاعر وصفاً إباحياً لبطن الراقصة/
ـ سنصير شعباً حين تحمي شرطة الآداب غانية وزانية من/
الضرب المبرح في الشوارع/
ـ سنصير شعباً حين تحترم الصواب، وحين تحترم الغلط
ـ سنصير شعباً، إن أردنا حين يُؤذَن للمغني أن يُرتّل آية/
من سورة الرحمن في حفل الزواج المختلط" (ص93/94).
كيف يمكن لحركة "حماس" وللمحافظين من أبناء شعبنا أن يتقبلوا مثل هذه الطروحات الجريئة جداً؟ وأظنّ أن محمود درويش نفسه، المربّى ببيئة قروية، والمقيم لاحقاً في القاهرة وبيروت وباريس، ما وصل إلى مرحلة احترام الصواب واحترام الغلط، ومثله حداثيون كثيرون من أبناء شعبنا، فكيف يقبل التقليديون هذا الكلام؟
في الفترة الأخيرة أخبرني أحد طلابي عن بحث عنوانه "جوانب الانحراف العقدي والأخلاقي في شعر محمود درويش" وكاتبه هو د. يوسف شحدة الكحلوت من غزة، وقد نشره في مجلة الجامعة الإسلامية في العام 2011 (مجلد 19، عدد 1، ص883ـ927، كانون ثان). وقد طلبت منه إحضار البحث لأقرأه، وما إن انتهيت من قراءته حتى وجدتني أتساءل: ماذا ستفعل حركة "حماس" بأشعار الشاعر وقبره إن سيطرت على الضفة؟ وهل ستسمح لنا بتدريس أشعار الشاعر؟
الشاعر، كما يخلص قارئ البحث، ملحد ومنحرف أخلاقياً ولا يحترم الرموز الدينية ابتداءً من الذات الإلهية وانتهاءً بالأنبياء. وسأتذكر، وأنا أقرأ البحث، ما قامت به حركة "حماس" ذات نهار في إحدى جامعاتنا، حيث طالبت بمحاكمة أحد الأساتذة، لأنه قرر كتاباً ورد فيه بيتا راشد حسين:
الله أصبحَ غائباً يا سيدي صادر إذن حتى بساط المسجد
وبع الكنيسة فهي من أملاكه وبع المؤذن في المزاد الأسود
ولولا قوة حركة "فتح" في حينه لفصل الأستاذ من وظيفته أو لضرب وطرد من الجامعة. ولم يفهم الطلاب السخرية في أشعار راشد، وهي سخرية من الاحتلال، لا من الذات الإلهية.
أنا لا أدافع عن محمود درويش وإيمانه، فالله وحده يعرف حقيقة ذلك، ولكني أستطيع القول إن الشاعر في توظيفه للرموز الدينية، ما كان ذا موقف واحد ثابت منذ شبابه حتى وفاته. ويكفي أن تقرأ ما أورده عن الرسول الكريم في قصيدته "في القدس". هذا إذا غضضنا النظر عن ديوان "لماذا تركت الحصان وحيداً" وسطره فيه "سيضيئك القرآن"، وفي 70 ق20 كتب الشاعر "وستعتاد على القرآن في تفسير ما يجري" (قصيدة الرمل). فهل درس الكحلوت موقف الشاعر من الدين في فترات مختلفة، وحاول أن يعطينا صورة لتناقضات الشاعر وتغيراته، أيضاً؟
ثمة موقف عدائي مسبق من الشاعر أظن أن سببه قصيدة "أنت، منذ الآن، غيرك"، ففي هذه يبدو الشاعر ساخراً حاداً جارحاً لا يهادن، بل إنه قاسٍ قسوة لم نعتدها في أشعار الشاعر التي كتبت بعد (أوسلو) :
"لولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء لصار
لكل عصابة نبي، ولكل صحابي ميليشيا!"
"وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة،
لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا
للدولة.. ما دامت هي والأيام إلى مصير
واحد .. ؟"
"من يدخل الجنة أولاً؟ من مات برصاص
العدو، أم من مات برصاص الأخ؟ بعض
الفقهاء يقول: "رب عدو لك ولدته
أمك"!
محمود درويش في نظر الكحلوت يسخر من الله جلّ وعلا ودينه وعبادته في الوقت الذي ينظر فيها إلى الغرب وحياته وحضارته بتفاؤل وإشراق وأمل (ص 887) ـ يكتب الدارس هذا وهو يُعقّب على قصيدة درويش من ديوان "عاشق من فلسطين" (1966) ولم يكن الشاعر ينظر إلى ثقافة الغرب بتفاؤل وإشراق وأمل.
ومحمود درويش، لأنه يقول: "من يشتري تاريخ أجدادي بيوم حرية" يفتح مزاداً لبيع تاريخ أجداده، ودرويش في قصيدته عن عبد الناصر .. يحارب تاريخ الأمة وحضارتها، حيث يقبل أن يحنط وجهه في متحف إنجليزي، لينفي عنه وجهه القديم، ليسقط في "الجامع الأموي". (ص 908)
لا يدرس الدارس أشعار درويش دراسة تعاقبية ليلاحظ تغير موقفه من الماضي؛ من رفض إلى تمجيد. ألم يقل درويش بعد كتابة سطره السابق عن تاريخ أجداده: إنه خسر أجمل ما فيه يوم خسر ما فيه.
ولا يدرس الدارس اللحظة الزمنية التي دفعت الشاعر لقول ما قال، وماذا أراد من وراء قوله، وما الحالة التي كان عليها يوم قال ما قال. والدارس لا يجيد القراءة إطلاقاً، أعني لا يجيد قراءة النصوص وفهمها. ودراسته نموذج لدراسات كثيرة تجاز وتنشر في مجلات جامعاتنا وهي لا تساوي شيئاً على أية حال. هل أبالغ حين أقول: إن القاضي الجرجاني وعبد القاهر الجرجاني كانا أكثر ثقافة ووعياً وحداثة من يوسف شحدة الكحلوت، ورحم الله الشاعر الذي كتب: يغتالني النقاد أحياناً!![/HEADING]
[HEADING=1][/HEADING]
[HEADING=1]أ. د. عادل الأسطة[/HEADING]
2013-09-01