أمل الكردفاني- البرواز

البرواز هو الشيء الغريب والذي لا زال يدهشني. نعم البرواز. أو إطار الصورة، إذ لا أعرف لماذا يجعل البرواز من اللوحة أجمل. لماذا يضيف إليها أناقة. هل هذا حقيقي أم أننا اعتدنا فقط على نمط معين من النظر الجمالي كارتداء قطعة قماش نسميها ربطة عنق ونرى ذلك جميلاً.. هناك ثقافة جمالية أو نمط أو بردايم جمالي لكل حقبة من الزمن، في تصفيف الشعر، واللحية والشارب، وموضة الملابس، غير أن البرواز ظل متمتعا بكونه أشبه بملابس الصورة. يعمد الرسامون لوضع لوحاتهم داخل برواز ما.. بعضهم لا يضعونها داخل برواز لكن البرواز يخبرنا بأن ما بداخله شيء جميل. لماذا لا أعرف؟ ونسبة لغلاء البراويز أصبح الرسامون يضعون شريطاً لاصقاً حول واجهة ورقة الرسم ثم بعد الانتهاء ينزعونها فيتشكل فضاء بروازي يحبس الرسمة داخله.. من هنا يمكننا أن نبحث عن نقطة انطلاق لفهم البرواز، ربما سيكولوجياً، أي الرغبة المزمنة عند الإنسان في البحث عن النظام في عالم يضج بالفوضى. قد يكون البرواز حدوداً تعطي انطباعاً بالاستقرار وبالنهاية. المشهد غير متمدد في اللا نهاية، بل هو هنا ومحصور في هذه المساحة المختارة والمستقطعة من الخيال الذهني. يبدو البرواز شبيها بصفحة عنوان الكتاب وصفحة الغلاف. بحيث يطلب منا أن نكون رسميين جداً تجاه الفن، فالمسألة ليست اعتباطية، إنه فن داخل منهج وأن هذه المساحة هي التي تحدد القواعد التي أُستخدمت. ماذا لو قمنا بعكس ذلك؛ بحيث لم ننزع البرواز فقط، بل وضعنا الرسمة داخل مرايا عديدة تعطي لا نهائية لمن يشاهدها. ربما يكون ذلك مقلقاً للنظر. فبصر الإنسان يقوم بعملية فرز مستمرة عبر الخبرات، وما هو خارج الخبرة يثير القلق، لذلك فالرسمة تبحث عن الخبرة البصرية الأدنى وهي البرواز..بغض النظر عن قدرة ابصارنا وباقي حواسنا على فهم الرسمة أو تأويلها أو حتى استنكارها، فالإطار يضيق فرصنا وينقلنا إلى مستوى معقول من التأمل، أي أن البرواز هو ما يطلب منا أن نركز داخل الموضوع الذي بداخله وبالتالي لا يتشتت انتباهنا. ربما.
يمكنني أن أبحث عن مبررات اخرى لجمالية البرواز.. وغالباً ما لن أصل إلى نتيجة مرضية.
____