د. معاذ الروبي - كيف ينشئ الدماغ الاحساس بالذات؟

نحن مدركون بشكل كبير، حيث نتعلم المشي والتحدث والقراءة واستخدام الهواتف الذكية.. الخ. يبدو أن التعلم القائم على الملاحظة ليس له حدود في حياتنا. لكن التأثير المجتمعي يمتد إلى أبعد من ذلك. نحن لا نقلد محيطنا فقط. بل نحاكي ونعتقد مثلهم ونتعلم ما يعتقده الآخرون ويشعرون به ويريدونه. إن أدمغتنا ممتازة في هذا، حيث تقوم بتوقع ما يفكر به الآخرون داخل عقولهم. لكن كيف يتنقل الدماغ بين الأفكار المتعلقة بعقل الفرد الواحد وأفكار الآخرين؟
قدرتنا على التفكير مثل الآخرين أمر حيوي ومهم لنا حيث يمكن أن تؤدي المشاكل في هذه العملية إلى اضطرابات في الصحة العقلية، مثل قد تفقد القدرة على التعاطف مع الآخرين، أو قد تصبح عرضة لتصورات الآخرين عنك لدرجة أن إحساسك بـ "الذات" يصبح غير مستقر.

أحد أكثر عمليات الدماغ تقدمًا وتعقيدا هي القدرة على تخيل أفكار الآخرين. يقوم الباحثون بفحص هذه القدرة من خلال مقياس يقوم بتقدير درجة الاعتقاد أو الفهم الخاطئ لدى الفرد عن الآخرين.
يدرس علماء الأعصاب العديد من الفرضيات التي تفسر ذلك وكيف يمكن للشخص الذي يضع نفسه في محل شخص آخر أن يقوم بنفس نمط تفكيره أو قريب له. وجد الباحثون في الآونة الأخيرة أن هناك أدلة علمية على قدرة الدماغ أن يكرر ويحاكي أفكار المقربين منه اجتماعيا.

لكن كيف يميز عقلي بين تفكيري والنسخة المقلدة لعقل الآخر؟
يحدث ذلك من خلال حساب أخطاء تنبؤاتنا عن الآخرين لذلك يمكننا مقارنة أنماط نشاط الدماغ وما يميزه عن غيره وبالتالي نشعر بذواتنا واستقلاليتنا في التفكير. يستخدم الدماغ أنماط نشاط منفصلة لأخطاء التنبؤ التي ترافق محاولة محاكاة طريقة تفكير الآخرين. هذا يعني أن نشاط الدماغ يحمل معلومات حول ما يجري حولنا ويقارنها، ولهذا تكون النتيجة هي شعور ذاتي بالذات.

لكن هل من حدود لهذا الشعور بالذات؟
يمكن للتوصيلات والدوائر العصبية للدماغ أن تعيد نفسها، وهذا ما يمكن أن يفسر كيف يبدأ شخصان يقضيان الكثير من الوقت معًا في الشعور وكأنهما شخص واحد، ويفكران بنفس الطريقة غالبا. على المستوى الاجتماعي، تفسير هذا قد يكون بسبب تعاطفنا الكبير مع بعض الأفراد خصوصا أولئك الذين لديهم تجارب مماثلة لتجاربنا.

أهمية ما سبق يكمن بأن هذه الأبحاث في هذا الجانب المعقد من وظائف الدماغ قد تكون مفيدة جدا في فهم العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية ذات العلاقة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...