من أين تأتي هذه الكمية الهائلة من الحزن ونحن نكتب؟ هل من فداحة وثقل خطايا العالم؟ أم من هذه الذاكرة الحرة المتحررة و العصية على النسيان؟ أم تأتي من اللحظة الرهيبة نفسها التي تستدعي المكتوب و المفكر فيه ،و اللامكتوب و اللامفكر فيه ،في نفس الوقت؟الوقت المستقطع للكتابة عن الأنا و الآخر، عن الذات و العالم، في تعارض تام يكشف ثقل الوقت و تشذر المكان و تسرب الأحداث و المواقف و الشخصيات من ثقوب الهواء و طرطقات النار ،و عاصفة التراب، و انجراف التربة مع السيول الهائلة من المياه السوداء؟!
"الكتابة مهنة حزينة " تختزل العنف الأبدي، ذلك الصراع العجيب بين قوتي الخير و الشر الإنسانيين منذ الأزل، إنها التعبير الأمثل عن التاريخ الدموي الذي تكشف عنه الكلمات، حين يتعطل الاتصال و التواصل و يتغول العطب الشفهي، و يفقد فيه الإنسان القدرة على تحريك شفتيه، حين يتيبس اللسان في الحلق ،آنذاك تكون الكتابة هي قطرة الماء التي تتصدى للجفاف، جفاف الروح و تصحرها، و قد كابدت و عانت في صحراء، ليلها قارس و نهارها حارق...رحلة طويلة في بحر قد لا يسمح بالعودة ،فيوقع في جنون غالب على صك الغرق و قد تمكن من العالم الطوفان الأزرق الأحمر الأسود!
و من هول الصدمة ،و من عمق المفاجأة، منهما معا و قد تمكنتا من التسلل خلسة إلى مسامات الجلد عبر الشرايين و الأوردة، تطفو الكتابة كلوح خشبي لا يلبث أن يتحول إلى قطعة إسفنج مشبع بالحصى التي أفقدت الكلي الوظيفة نهائيا فلا مناص من الحزن و لا مفر من المحتوم، لا مخرج من شراك الكتابة إلا بعقد إذعان مع توأمها الضاربة جذوره في أعماق الجرح و الألم في صراع مرير طاغ من أجل فرح يؤجل كل مرة ،حتى يصبح مشروعا مبهما غامضا عصيا على التحقق...لا يقبل بتكرار المحاولة ،لتكون الكتابة فقط لحظة تشفي، تكتفي فيها بابتسامة قصيرة لكنها مؤكدة ،شاهدة على شرف المحاولة لا غير.
و لأن الحزن دفين غريق في كبد الحقيقة ترى الكتابة الخارجة من بطن الحوت مكلفة جدا ،لا تقبل المساومة على الحزن الذي يسكنها و يدفعها دفعا إلى التجلي، لا تقبل الفرح الكاذب الزائف العارض، لا تقول إلا باستمرارها و دوامها، فتعيش دورانها الأرضي الشمسي الكوكبي كروح هائمة لا تطمع إلا في النقش على "اللوح المحفوظ"،ما تراه يليق أن يكون "كلمات العالم " إلى فوضى العالم و نظامه.
"الكتابة مهنة حزينة " تختزل العنف الأبدي، ذلك الصراع العجيب بين قوتي الخير و الشر الإنسانيين منذ الأزل، إنها التعبير الأمثل عن التاريخ الدموي الذي تكشف عنه الكلمات، حين يتعطل الاتصال و التواصل و يتغول العطب الشفهي، و يفقد فيه الإنسان القدرة على تحريك شفتيه، حين يتيبس اللسان في الحلق ،آنذاك تكون الكتابة هي قطرة الماء التي تتصدى للجفاف، جفاف الروح و تصحرها، و قد كابدت و عانت في صحراء، ليلها قارس و نهارها حارق...رحلة طويلة في بحر قد لا يسمح بالعودة ،فيوقع في جنون غالب على صك الغرق و قد تمكن من العالم الطوفان الأزرق الأحمر الأسود!
و من هول الصدمة ،و من عمق المفاجأة، منهما معا و قد تمكنتا من التسلل خلسة إلى مسامات الجلد عبر الشرايين و الأوردة، تطفو الكتابة كلوح خشبي لا يلبث أن يتحول إلى قطعة إسفنج مشبع بالحصى التي أفقدت الكلي الوظيفة نهائيا فلا مناص من الحزن و لا مفر من المحتوم، لا مخرج من شراك الكتابة إلا بعقد إذعان مع توأمها الضاربة جذوره في أعماق الجرح و الألم في صراع مرير طاغ من أجل فرح يؤجل كل مرة ،حتى يصبح مشروعا مبهما غامضا عصيا على التحقق...لا يقبل بتكرار المحاولة ،لتكون الكتابة فقط لحظة تشفي، تكتفي فيها بابتسامة قصيرة لكنها مؤكدة ،شاهدة على شرف المحاولة لا غير.
و لأن الحزن دفين غريق في كبد الحقيقة ترى الكتابة الخارجة من بطن الحوت مكلفة جدا ،لا تقبل المساومة على الحزن الذي يسكنها و يدفعها دفعا إلى التجلي، لا تقبل الفرح الكاذب الزائف العارض، لا تقول إلا باستمرارها و دوامها، فتعيش دورانها الأرضي الشمسي الكوكبي كروح هائمة لا تطمع إلا في النقش على "اللوح المحفوظ"،ما تراه يليق أن يكون "كلمات العالم " إلى فوضى العالم و نظامه.