تيارات فكرية دعت إلى أنسنة الإنسان و أخرى اتهمت الأمير عبد القادر بأنه ماسوني
( 24 ألف منخرط في المحافل الماسونية بما فيهم الجزائر و العدد قد يكون مرتفع جدا)
قبل رحيله ترك الدكتور أحميدة عميراوي تراثا فكريا لغويا و تاريخيا يكون مرجعا للباحثين و هو الذي أرخ للشخصية العربية عامة و الشخصية الجزائريىة خاصة، فقد عرف عميراوي برجل التاريخ، عندما درّس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية و كانت له مواقف جريئة في كل القضايا العربية و الإسلامية، وكل من عايشه عرفه بالرجل الهادئ المتزن الحامل رسالة المثقف الملتزم فكان محبوبا لدى الجميع و في كل الأوساط التي كانت تتوق لحضور محاضراته أو مداخلاته في الملتقيات، من قال أن أسمر البشرة يرحل و هو الذي أعطى لأعداء هذه الأمة درسا في الاعتزاز بالهوية العربية الإسلامية، فمهما قيل في هذا الرجل فلا أحد يمكنه أن يوفيه حقه في التواضع و حسن التواصل مع الآخر، هذا هو الرجل الذي أصبح نسيا منسيا عند النخبة الجزائرية
لم يترك الدكتور أحميدة عميراوي كبيرة أو صغيرة إلا و أحصاها و ناقشها من مختلف الزوايا الفكرية ، الإنسانية و الإجتماعية و الفلسفية و حتى الدينية، و أبدى موقفه منها، و كان الفقيد يركز في بحوثه و دراساته على الظاهرة استعمارية في العالم العربي المعاصر و قضايا أخرى ذات صلة، و كان يقول أن الإستعمار هو حروب صليبية مسيحية ضد الإسلام و المسلمين، و هو يعني من الناحية التاريخية الطرف الذي لا يعترف بالدولة القائمة قبل احتلالها، بل يعتبر نفسه قوة ظاهرة حلت محل قوّة ضعيفة، و قد كشف حقيقة الإستعمار عندما قال أن هذا الإستعمار لا يعترف بالقوانين الدولية و لا يعترف بالمنطق و بالحقوق الإنسانية، و الإستعمار من وجهة نظره كان فكرة إيديولوجية قبل أن يكون حدثا سياسيا، لقد كان الدكتور أحميدة عميراوي إنسانا وهو يتحاور مع غير المسلم و المختلف في مذهبه، و لذا نجد في معظم الدراسات التي أجراها يتحدث فيها عن الإنسانية، موليا اهتماما كبيرا للمفاهيم و المصطلحات سواء الأصلية منها و الدخيلة على اللغة العربية، لاسيما وهو الذي له إرث كبيرة في معاني اللغة العربية و مفرداتها، و هذا لتحديد الفكرة و غرسها في ذهن القارئ.
فقد وقفنا على إحدى دراساته التي اجراها حول العالم العربي الإسلامي حيث قال أنه يتميز بمستويين ، الأول : إنساني humanitaire و الثاني: إنسانوي humanisme، أي النزعة الإنسانية وقال أن المفهوم الأول كون حول الطبيعة الإنسانية البشرية القائمة على التعامل الخير بين كل النّاس و هناك مفاهيم أخرى تحدث عنها الفلاسفة المحدثون وتتعلق بخصائص الجنس البشري و آخرون ربطوها بالإنسان الكامل و هي صفة يختص بها الأنبياء و الرسل، أما المفهوم الثاني فهو يعني الحركة الفكرية التي ظهرت في أوروبا منذ القرن السادس عشر، فقد وضعت هذه الحركة الفكرية قيمة الإنسان فوق كل القيم، مشيرا أن هذه الحركة تزامنت مع عصر النهضة عندما جاء نيتشه و أعلن مقاطعته الفكر الإنساني اليهودي المسيحي حين أعلن عن موت "الله" فيكون قد فتح بابا جديدا لنزعة إنسانوية إلحادية داعية إلى تطبيق مبدأ أنسنة الإنسانية humaniser l’humanite و قد تزعمت تيارات فكرية سان سيمونية، ماسونية و كاثوليكية هذا الخطاب الإنساني الذي توافق مع إنسانية الأمير عبد القادر الجزائرية، لأن السانسيمونية ( نسبة إلى سان سيمون المولود بباريس و المعتنق مبادئ الثورة الفرنسية) مثلا آمنت بوحدة المعرفة الإنسانية و بمستقبل العلم كوحدة قياس في هذا العالم و دعت إلى حرية المعتقد من دون إكراه بهدف إحداث تقارب و توحيد بين الإنسان الأبيض و الإنسان الأسود، و كذلك الماسونية التي كان هدفها الظاهري عالمية المعتقد لخدمة الإنسان بالخلق و الإبداع و بالإخاء و المساواة، و لعل هذا ما تقوم به الآن الأنظمة العربية بتشجيع المواهب الإبداعية و فتح لها الباب الواسع نحو التعبير عن أفكارها بحرية، يشير أحميدة عميراوي إلأى الأرقام التي سجلتها فل الماسونية ، حيث بلغت في فترة من الفترات ( ربما إلى عهد الأمير عبد القادر) 412 محفلا loges ضمت ما بين 32 إلى 24 ألف منخرط بما فيها الجزائر، و قال ان عبارة الأمير عبد القادر " الحقوق الإنسانية" استعملت لأول مرة في التراث الإنساني قبل مطالب الوثيقة المتعلقة باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد عرف الأمير عبد القادر باتصاله برجال الدين المسيحيين و كان بينه و بين القس سيشي suchet على تبادل إطلاق سراح مائة (100 ) أسيرا يوم 18 ماي 1841 و لقاء آخر مع القس ديبش dupuch في الجزائر و في فرنسا، كان هذا الأسقف يكاتب الأمير عبد القادر و يتودد إليه،÷ لأن الأمير ناصر المسيحيين في دمشق و حماهم عام 1860 و هناك محطات أخرى ذكرها الدكتور أحميد عميراوي في كتابه أوراق تاريخية، ليؤكد أن للأمير عبد القادر تراثا هاما يشرف الجزائريين و غير الجزائريين استقاه من مصادر الشريعة الإسلامية و الثقافة العربية و البعد الروحي الصوفي و من واقعه الجزائري و من محيطه الدولي و هو في هذا الباب يعدُّ صاحب خطاب تراثي إسلامي سلفي و صاحب خطاب نهضوي ساهم بشكل كبير في إثراء التراث العربي الإسلامي و التراث الإنساني العالمي، و لا شك أن الدكتور أحميدة عميراوي أراد و من باب التلميح أن يرفع التهمة الباطلة التي ألصقت بالأمير عبد القادر الجزائري بأنه ماسوني.
علجية عيش
( 24 ألف منخرط في المحافل الماسونية بما فيهم الجزائر و العدد قد يكون مرتفع جدا)
قبل رحيله ترك الدكتور أحميدة عميراوي تراثا فكريا لغويا و تاريخيا يكون مرجعا للباحثين و هو الذي أرخ للشخصية العربية عامة و الشخصية الجزائريىة خاصة، فقد عرف عميراوي برجل التاريخ، عندما درّس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية و كانت له مواقف جريئة في كل القضايا العربية و الإسلامية، وكل من عايشه عرفه بالرجل الهادئ المتزن الحامل رسالة المثقف الملتزم فكان محبوبا لدى الجميع و في كل الأوساط التي كانت تتوق لحضور محاضراته أو مداخلاته في الملتقيات، من قال أن أسمر البشرة يرحل و هو الذي أعطى لأعداء هذه الأمة درسا في الاعتزاز بالهوية العربية الإسلامية، فمهما قيل في هذا الرجل فلا أحد يمكنه أن يوفيه حقه في التواضع و حسن التواصل مع الآخر، هذا هو الرجل الذي أصبح نسيا منسيا عند النخبة الجزائرية
لم يترك الدكتور أحميدة عميراوي كبيرة أو صغيرة إلا و أحصاها و ناقشها من مختلف الزوايا الفكرية ، الإنسانية و الإجتماعية و الفلسفية و حتى الدينية، و أبدى موقفه منها، و كان الفقيد يركز في بحوثه و دراساته على الظاهرة استعمارية في العالم العربي المعاصر و قضايا أخرى ذات صلة، و كان يقول أن الإستعمار هو حروب صليبية مسيحية ضد الإسلام و المسلمين، و هو يعني من الناحية التاريخية الطرف الذي لا يعترف بالدولة القائمة قبل احتلالها، بل يعتبر نفسه قوة ظاهرة حلت محل قوّة ضعيفة، و قد كشف حقيقة الإستعمار عندما قال أن هذا الإستعمار لا يعترف بالقوانين الدولية و لا يعترف بالمنطق و بالحقوق الإنسانية، و الإستعمار من وجهة نظره كان فكرة إيديولوجية قبل أن يكون حدثا سياسيا، لقد كان الدكتور أحميدة عميراوي إنسانا وهو يتحاور مع غير المسلم و المختلف في مذهبه، و لذا نجد في معظم الدراسات التي أجراها يتحدث فيها عن الإنسانية، موليا اهتماما كبيرا للمفاهيم و المصطلحات سواء الأصلية منها و الدخيلة على اللغة العربية، لاسيما وهو الذي له إرث كبيرة في معاني اللغة العربية و مفرداتها، و هذا لتحديد الفكرة و غرسها في ذهن القارئ.
فقد وقفنا على إحدى دراساته التي اجراها حول العالم العربي الإسلامي حيث قال أنه يتميز بمستويين ، الأول : إنساني humanitaire و الثاني: إنسانوي humanisme، أي النزعة الإنسانية وقال أن المفهوم الأول كون حول الطبيعة الإنسانية البشرية القائمة على التعامل الخير بين كل النّاس و هناك مفاهيم أخرى تحدث عنها الفلاسفة المحدثون وتتعلق بخصائص الجنس البشري و آخرون ربطوها بالإنسان الكامل و هي صفة يختص بها الأنبياء و الرسل، أما المفهوم الثاني فهو يعني الحركة الفكرية التي ظهرت في أوروبا منذ القرن السادس عشر، فقد وضعت هذه الحركة الفكرية قيمة الإنسان فوق كل القيم، مشيرا أن هذه الحركة تزامنت مع عصر النهضة عندما جاء نيتشه و أعلن مقاطعته الفكر الإنساني اليهودي المسيحي حين أعلن عن موت "الله" فيكون قد فتح بابا جديدا لنزعة إنسانوية إلحادية داعية إلى تطبيق مبدأ أنسنة الإنسانية humaniser l’humanite و قد تزعمت تيارات فكرية سان سيمونية، ماسونية و كاثوليكية هذا الخطاب الإنساني الذي توافق مع إنسانية الأمير عبد القادر الجزائرية، لأن السانسيمونية ( نسبة إلى سان سيمون المولود بباريس و المعتنق مبادئ الثورة الفرنسية) مثلا آمنت بوحدة المعرفة الإنسانية و بمستقبل العلم كوحدة قياس في هذا العالم و دعت إلى حرية المعتقد من دون إكراه بهدف إحداث تقارب و توحيد بين الإنسان الأبيض و الإنسان الأسود، و كذلك الماسونية التي كان هدفها الظاهري عالمية المعتقد لخدمة الإنسان بالخلق و الإبداع و بالإخاء و المساواة، و لعل هذا ما تقوم به الآن الأنظمة العربية بتشجيع المواهب الإبداعية و فتح لها الباب الواسع نحو التعبير عن أفكارها بحرية، يشير أحميدة عميراوي إلأى الأرقام التي سجلتها فل الماسونية ، حيث بلغت في فترة من الفترات ( ربما إلى عهد الأمير عبد القادر) 412 محفلا loges ضمت ما بين 32 إلى 24 ألف منخرط بما فيها الجزائر، و قال ان عبارة الأمير عبد القادر " الحقوق الإنسانية" استعملت لأول مرة في التراث الإنساني قبل مطالب الوثيقة المتعلقة باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد عرف الأمير عبد القادر باتصاله برجال الدين المسيحيين و كان بينه و بين القس سيشي suchet على تبادل إطلاق سراح مائة (100 ) أسيرا يوم 18 ماي 1841 و لقاء آخر مع القس ديبش dupuch في الجزائر و في فرنسا، كان هذا الأسقف يكاتب الأمير عبد القادر و يتودد إليه،÷ لأن الأمير ناصر المسيحيين في دمشق و حماهم عام 1860 و هناك محطات أخرى ذكرها الدكتور أحميد عميراوي في كتابه أوراق تاريخية، ليؤكد أن للأمير عبد القادر تراثا هاما يشرف الجزائريين و غير الجزائريين استقاه من مصادر الشريعة الإسلامية و الثقافة العربية و البعد الروحي الصوفي و من واقعه الجزائري و من محيطه الدولي و هو في هذا الباب يعدُّ صاحب خطاب تراثي إسلامي سلفي و صاحب خطاب نهضوي ساهم بشكل كبير في إثراء التراث العربي الإسلامي و التراث الإنساني العالمي، و لا شك أن الدكتور أحميدة عميراوي أراد و من باب التلميح أن يرفع التهمة الباطلة التي ألصقت بالأمير عبد القادر الجزائري بأنه ماسوني.
علجية عيش