مقارنة بمجلاتنا، فإنّ مجلات عربية كمجلة (الدوحة) القطَرية قد قطعت مراحل طويلة نحو التحديث والترجمة ومناقشة مشكلات العالم المتكاثرة، بسرعة معرفية ولغوية وكوكبية. فهذه المجلة_ المتطورة إخراجاً وتنويعاً_ تخصّص في كل عدد جديد منها ملفاً حيوياً، وحقلا ثقافياً مستجداً، ترتادهما بأقلام مفكرين وأدباء من أهل الاختصاص والخبرة. وعلى سبيل المثال فعددها الاخير (سبتمبر ٢٠٢٢) يرتاد "مجالَنا الحيوي" ويتنبأ باحتمالات "الأسوأ الذي ينبغي تجنّبه". ومع هذا الجانب من الحيويّات الداهِمة، يُتحفنا العدد باستطلاع آراء أهمّ كتّاب العالم (بن أوكري ورأيه في: كيف يوقظنا الأدب).
في ظلّ تلاحق سيل المعرفة (سيولة متاخمة لسيولة زغمونت باومان) و(شكوكية العلم المتصلة بفلسفة بروبر) و(تحولات الرواية الأفريقية والآسيوية المتجاوزة أسوار رواية الاستعمار والاستشراق_ مثالها الذي قدّمته المجلة مو يان الصيني وقرنح الزنجباري وبن أوكري النيجيري) تطلّ من المجلة مصطلحات أدبية جديدة، وأفكار نظرية حول كتابة الرواية (مثل رأي بن أوكري حول ما يجب على الأدب في إيقاظ معجزة الحياة والوجود، وإمكانات العقل والوعي. بمعنى أن يجعلنا الأدب: وكلاء للتغيير، يوقظ فينا الإحساس بحريتنا الأساسية، حرية صنع هذا العالم). وليس هناك ما يُضاف على هذا الرأي، غير الشعور بوحدة العالم، واهتمام الوعي الروائيّ الجديد بمشكلات غير تقليدية.
يلتقي رأي "بن أوكري" مع آراء المفكّرين الحيويّين في ملفّ (الدوحة)، الذين يساهمون بفكرهم في تجنب الأسوأ بين مشكلات العالم المناخية وأهمها مشكلتا التغير المناخي والتصحر. إنّ مشكلة جفاف الأنهار_ مثلاً_ أوربية بقدر تأثر الكون بأكمله بظاهرة الاحترار التي تساهم في انقراض الحيويات الطبيعية في الأنهار (انقراض انواع من الأسماك والطيور) ما يجعلنا على مقربة لصيقة بمشكلة جفاف الأهوار في بلدنا العراق. ولا يتحسّس علماءُ البيئة الحيويّون هذه المشكلة من طرف بعيد، إذ أنّها تقع في صلب اختصاصهم ومراكزهم الوظيفية، ويقدّمون من خلالها حلولاً مشخَّصة وواقعية. إنّ اكتشاف المشكلة_ أو تحديدها_ يحتاج بحدّ ذاته إلى عِلم جديد يربط بين الجغرافيا والسوسيولوجيا، كالعلم الذي يهتم به ماركوس شروير، عالم الاجتماع بجامعة فيليبس في ماربورغ، ويصطلح له تركيب Geosoziologi الذي يعني علم الاجتماع الجيولوجي أو الجغرافي. إنّ رأي شروير الرئيس هو "أن تتبدل وجهة نظر الأفراد حيال أفعالهم تجاه الكون".
خلاصة الرأي الذي يُجمِع عليه علماءُ ملف (الدوحة) هو تغيير نظرتنا للكون. يتحتم على النوع الأخير من إنسان الكوكب المتغيّر "نحو الأسوأ" أن يضع في أولويات تفكيره: مفهوم الشراكة في تغيير العالم، في ظلّ ما نشهده من كوارث طبيعية وإنسانية. وبحسب رأي شروير: "ماذا لو فكرنا لثوان معدودة فيما قد يحدث حال تعرّضت محطات الطاقة النووية في حرب روسيا ضد أوكرانيا للقصف؟ يا له من أمر جحيميّ"
إنّ تفكير العالمَين الكبيرين بمشكلاتهما، لا يعفي إنسان العالم الثالث من كتابة سردياته حول "دودة الأرض". فهذه الدودة التي عاشت دهوراً في تربتنا وأنهارنا، تمثّل الأملَ الأخير: لأنها تساهم في إعداد الموطن البشري بطريقة تجعل الحياة ممكنة على سطح الكوكب، كما يقول شروير أيضا.
وماذا لو أضفنا إلى "دودة الأرض" ديدانَ حياتنا التي تتنفس بصعوبة في أحشائنا؟ لنقل بصراحة: ليس غير الدُّود، دُود الأرض الأحمر، من ينبّهنا إلى مستقبلنا في هذه الجهة المتصحِّرة من العالم. فالصغائر والكبائر كلتاهما تصنع مستقبلَ الكوكب اليتيم الذي نقتل دُودَه وحيواناته بقسوة، لم يشهد مثلها الإنسانُ القديم، قبل تقسيم عوالمِه.
في ظلّ تلاحق سيل المعرفة (سيولة متاخمة لسيولة زغمونت باومان) و(شكوكية العلم المتصلة بفلسفة بروبر) و(تحولات الرواية الأفريقية والآسيوية المتجاوزة أسوار رواية الاستعمار والاستشراق_ مثالها الذي قدّمته المجلة مو يان الصيني وقرنح الزنجباري وبن أوكري النيجيري) تطلّ من المجلة مصطلحات أدبية جديدة، وأفكار نظرية حول كتابة الرواية (مثل رأي بن أوكري حول ما يجب على الأدب في إيقاظ معجزة الحياة والوجود، وإمكانات العقل والوعي. بمعنى أن يجعلنا الأدب: وكلاء للتغيير، يوقظ فينا الإحساس بحريتنا الأساسية، حرية صنع هذا العالم). وليس هناك ما يُضاف على هذا الرأي، غير الشعور بوحدة العالم، واهتمام الوعي الروائيّ الجديد بمشكلات غير تقليدية.
يلتقي رأي "بن أوكري" مع آراء المفكّرين الحيويّين في ملفّ (الدوحة)، الذين يساهمون بفكرهم في تجنب الأسوأ بين مشكلات العالم المناخية وأهمها مشكلتا التغير المناخي والتصحر. إنّ مشكلة جفاف الأنهار_ مثلاً_ أوربية بقدر تأثر الكون بأكمله بظاهرة الاحترار التي تساهم في انقراض الحيويات الطبيعية في الأنهار (انقراض انواع من الأسماك والطيور) ما يجعلنا على مقربة لصيقة بمشكلة جفاف الأهوار في بلدنا العراق. ولا يتحسّس علماءُ البيئة الحيويّون هذه المشكلة من طرف بعيد، إذ أنّها تقع في صلب اختصاصهم ومراكزهم الوظيفية، ويقدّمون من خلالها حلولاً مشخَّصة وواقعية. إنّ اكتشاف المشكلة_ أو تحديدها_ يحتاج بحدّ ذاته إلى عِلم جديد يربط بين الجغرافيا والسوسيولوجيا، كالعلم الذي يهتم به ماركوس شروير، عالم الاجتماع بجامعة فيليبس في ماربورغ، ويصطلح له تركيب Geosoziologi الذي يعني علم الاجتماع الجيولوجي أو الجغرافي. إنّ رأي شروير الرئيس هو "أن تتبدل وجهة نظر الأفراد حيال أفعالهم تجاه الكون".
خلاصة الرأي الذي يُجمِع عليه علماءُ ملف (الدوحة) هو تغيير نظرتنا للكون. يتحتم على النوع الأخير من إنسان الكوكب المتغيّر "نحو الأسوأ" أن يضع في أولويات تفكيره: مفهوم الشراكة في تغيير العالم، في ظلّ ما نشهده من كوارث طبيعية وإنسانية. وبحسب رأي شروير: "ماذا لو فكرنا لثوان معدودة فيما قد يحدث حال تعرّضت محطات الطاقة النووية في حرب روسيا ضد أوكرانيا للقصف؟ يا له من أمر جحيميّ"
إنّ تفكير العالمَين الكبيرين بمشكلاتهما، لا يعفي إنسان العالم الثالث من كتابة سردياته حول "دودة الأرض". فهذه الدودة التي عاشت دهوراً في تربتنا وأنهارنا، تمثّل الأملَ الأخير: لأنها تساهم في إعداد الموطن البشري بطريقة تجعل الحياة ممكنة على سطح الكوكب، كما يقول شروير أيضا.
وماذا لو أضفنا إلى "دودة الأرض" ديدانَ حياتنا التي تتنفس بصعوبة في أحشائنا؟ لنقل بصراحة: ليس غير الدُّود، دُود الأرض الأحمر، من ينبّهنا إلى مستقبلنا في هذه الجهة المتصحِّرة من العالم. فالصغائر والكبائر كلتاهما تصنع مستقبلَ الكوكب اليتيم الذي نقتل دُودَه وحيواناته بقسوة، لم يشهد مثلها الإنسانُ القديم، قبل تقسيم عوالمِه.