تعود جذورها إلى عصر النهضة بإيطاليا، إلا أنها اكتسبت مكانة مرموقة على يد البولندي جوزيف كونراد سنة 1902 حين نشر قلب الظلام، وأصبح هذا النمط من الرواية القصيرة له جمهوره الواسع بعد العجوز والبحر لهمنغواي.
التكثيف والحبكة المنفردة والاعتماد على الشخصية الواحدة وتنميتها وفق النظرية الدرامية من أكثر مغريات النوفيلا، وإذا حُسب لكونراد وقتها أنه كتب رواية حداثية بالمعنى الصحيح، إلا أن عشاق النوفيلا، بعدها بعقود، وجدوا في هذا الشكل الأدبي المصغر استعراضا للمهارات، وفرصة للتركيز على شيء محبب.
على مر تقلبات الأدب تحظى القواعد بمكانة مرموقة، وكل عظماء الرواية يتمسكون بالعرف الأصيل والروح الخلاقة الكامنة في نظريات الأدب التاريخية، فالنوفيلا بالاساس كلمة تعني الحكاية الريفية، ومنحى التمسك بالجذور نجده عند غابريل غارسيا ماركيز حين كتب قصة موت معلن، والامر نفسه ينطبق على أنطونيو سكارميتا في روايته المعنونة لم يحدث أي شيء.
في العادة يلعب الشكل دورا باهرا ليس من ناحية الوقت الذي تتطلبه الكتابة، وانما بتقارب الشكل مع وظيفة الأدب. المتعة هي الجذر الأساس للرواية، ولكن يمكن للشكل الأدبي أن يتحول إلى منظومة متوافقة مع الظرف التاريخي، وهذا ما حدث في فرنسا مع منشورات منتصف الليل، والمدهش أن النوفيلا لمعت كدافع للمقاومة الثقافية في رواية صمت البحر للفرنسي جان بروليه، الذي نشرها باسم مستعار، والشيء نفسه حدث مع نوفيلات فرنسية عدة في ظل الاحتلال الألماني.
بالطبع لا أحد يحب أن تستغل الرواية سياسيا أو في المنازعات الحدودية، ولا يوجد شيء اسمه أدب المعركة، ولكن توجد مناهضة أدبية كما علمنا ايريك ماريا ريمارك. إن الأثر المدهش للادب يمكن أن يظهر أولا في الشكل، وقد تطور هذا المفهوم في أدب نهاية القرن العشرين، واستبدل بالتكنيك، فصرنا لا نعثر على روايات ضخمة من 120 الف كلمة وإنما على أعمال مكثفة منزوعة الشعرية وثرثارة.
السيدة نوفيلا قلبت التصور وفتحت المجال أمام سيادة التكنيك، وهذا الأمر لم يترك بلا مضادات، فقد صار بالإمكان أن تقرأ بالطريقة نفسها، التي تستمع فيها إلى الراديو وأنت في سيارتك. أي بلا معرقلات فكرية وفذلكات بالمفهوم الشعبي، وهذا ما فعله مؤخرا السيد هاروكي موراكامي.
* جريدة الصباح
التكثيف والحبكة المنفردة والاعتماد على الشخصية الواحدة وتنميتها وفق النظرية الدرامية من أكثر مغريات النوفيلا، وإذا حُسب لكونراد وقتها أنه كتب رواية حداثية بالمعنى الصحيح، إلا أن عشاق النوفيلا، بعدها بعقود، وجدوا في هذا الشكل الأدبي المصغر استعراضا للمهارات، وفرصة للتركيز على شيء محبب.
على مر تقلبات الأدب تحظى القواعد بمكانة مرموقة، وكل عظماء الرواية يتمسكون بالعرف الأصيل والروح الخلاقة الكامنة في نظريات الأدب التاريخية، فالنوفيلا بالاساس كلمة تعني الحكاية الريفية، ومنحى التمسك بالجذور نجده عند غابريل غارسيا ماركيز حين كتب قصة موت معلن، والامر نفسه ينطبق على أنطونيو سكارميتا في روايته المعنونة لم يحدث أي شيء.
في العادة يلعب الشكل دورا باهرا ليس من ناحية الوقت الذي تتطلبه الكتابة، وانما بتقارب الشكل مع وظيفة الأدب. المتعة هي الجذر الأساس للرواية، ولكن يمكن للشكل الأدبي أن يتحول إلى منظومة متوافقة مع الظرف التاريخي، وهذا ما حدث في فرنسا مع منشورات منتصف الليل، والمدهش أن النوفيلا لمعت كدافع للمقاومة الثقافية في رواية صمت البحر للفرنسي جان بروليه، الذي نشرها باسم مستعار، والشيء نفسه حدث مع نوفيلات فرنسية عدة في ظل الاحتلال الألماني.
بالطبع لا أحد يحب أن تستغل الرواية سياسيا أو في المنازعات الحدودية، ولا يوجد شيء اسمه أدب المعركة، ولكن توجد مناهضة أدبية كما علمنا ايريك ماريا ريمارك. إن الأثر المدهش للادب يمكن أن يظهر أولا في الشكل، وقد تطور هذا المفهوم في أدب نهاية القرن العشرين، واستبدل بالتكنيك، فصرنا لا نعثر على روايات ضخمة من 120 الف كلمة وإنما على أعمال مكثفة منزوعة الشعرية وثرثارة.
السيدة نوفيلا قلبت التصور وفتحت المجال أمام سيادة التكنيك، وهذا الأمر لم يترك بلا مضادات، فقد صار بالإمكان أن تقرأ بالطريقة نفسها، التي تستمع فيها إلى الراديو وأنت في سيارتك. أي بلا معرقلات فكرية وفذلكات بالمفهوم الشعبي، وهذا ما فعله مؤخرا السيد هاروكي موراكامي.
* جريدة الصباح