هناك من يعتقد بأن رغبة الكاتب المفكّر والأديب المتخيّّل تلوذ بالصمت، وتركن للهدوء، ثم الانقطاع التام عن العمل الفكري والأدبي، مع ضمور الجسد، واختفاء البريق في العينين، ورعشة الأصابع والكفّين، بل بالتغيّرات العميقة التي تيبٌّس الجِلد، وتُسقِط الشَّعر، وتقطِّر البول.. الخ من عبث الحياة بالجسد قبل ذهاب الروح إلى مثواها الأخير، تدريجياً.
هكذا فالبنية الكلية للفكر والجسد، تعمل بإيقاع حيوي متّسق، وارتسامٍ جمالي متكافئ، في صورة فوتوغرافية تُبرِز في لحظة من غفلة الزمن انقضاءَ مهلة الابداع في مسار الكتابة والإلهام. ويا لها من صور تلك التي أنجزها فنّانو عصر النهضة وقدّموا فيها مثالاً تجسيمياً لكومة العظام مقابل الوجه النضِر لربّة الإلهام، في لوحاتهم الكلاسيكية. إنّ المثال في هذه الحالات يتدهور إلى صورة الشيطان القبيحة، متقدماً لقبض الجسد الجميل، بكفّه العجفاء ذات المخالب الطويلة!
يتقدّم الشيطانُ ليستولي على جسد الضحيّة الغارقة في نرجسيّتها، المشرِفة على الانعكاس القبيح في مرآته، لحظة القبض المحتّم. وليست هذه الصورة وحدها ما يمسرح الذبولَ النهائي للمخيلة النرجسية. إذ سرعان ما يُخلي العقلُ المفكّر مسرحَ التجليّات المحتدم بالأحلام لتجسيدٍ من نوع آخر: طيور العقل النائم تحمل بين مخالبها أشلاء النصوص التي عبثَ الزمنُ الجبّار بمحتواها ونسقها القديم. ولا ريب حينذاك_ لحظة التجلّي الأخيرة_ في أنّ الجسد الذابل يرى بأمّ عينيه كُتبَه يدفع بعضُها بعضاً نحو الهاوية!
تستمر الصورُ في التمهيد للقطةِ الحقيقة المتمثّلة بالشيطان القبيح حيناً وبالملاك الجميل حيناً آخر. وأشهرُ هذه الصور تلك التي يلتقطها مصوِّرون يتدافعون لحوز قصب السبق في تسجيل نهاية الكاتب المفكّر/ الفنان. هؤلاء المصوِّرون هم أتباع الشيطان وعدساتُه الشرِهة إلى أدقّ التفاصيل، وإعلانها فوراً على منصّات العصر الإلكترونية في أوسع نطاق. فالأبدى أن يرى المفكر/ الفنان جنازتَه المحمولة أمام عينيه قبل الأوان، يحملها قطيعٌ من القرّاء المعجبين، أو النقّاد المتشفّين، أو الغرباء اللامبالين!
أنا شخصياً أحفظُ في هاتفي النقّال صوراً عديدة لكُتّاب من جنسيات مختلفة مع وصاياهم في نهاية العمر (ولا أعرف الفئة التي أنتسب إليها من الفئات السالف ذكرها). ولعلّي أستبقُ بهذه الاحتياطات الصوريّة لحظةَ انحطاط رغبتي في الكتابة والنشر والظهور بصورة تتشفّى بها الأعينُ المتحفّزة للانقضاض على الوصية الأخيرة!
أفي هذا استباقٌ لدورٍ شيطانيّ، أم هو رثاءٌ للنفس وقد امتزجت صورتُها بصُور من أشَرتُ إليهم هنا بكثير من الإجلال والتقدير (السياب ونجيب محفوظ والراحل أخيراً محمد عناني).
أأكونُ سالكاً سبيلَ فئةٍ رابعة من حاملي الجنائز؟
لا أعرف دوري بالضبط في هذا المجال المحتدم بالرغبات_ من أقصاها إلى أدناها. لكن لو أتيحت لي الفرصة، فسأمنع مصوّري الشيطان من دخول بيتي وتصوير هيأتي الذابلة، بما أوتِيت من قوة!
هكذا فالبنية الكلية للفكر والجسد، تعمل بإيقاع حيوي متّسق، وارتسامٍ جمالي متكافئ، في صورة فوتوغرافية تُبرِز في لحظة من غفلة الزمن انقضاءَ مهلة الابداع في مسار الكتابة والإلهام. ويا لها من صور تلك التي أنجزها فنّانو عصر النهضة وقدّموا فيها مثالاً تجسيمياً لكومة العظام مقابل الوجه النضِر لربّة الإلهام، في لوحاتهم الكلاسيكية. إنّ المثال في هذه الحالات يتدهور إلى صورة الشيطان القبيحة، متقدماً لقبض الجسد الجميل، بكفّه العجفاء ذات المخالب الطويلة!
يتقدّم الشيطانُ ليستولي على جسد الضحيّة الغارقة في نرجسيّتها، المشرِفة على الانعكاس القبيح في مرآته، لحظة القبض المحتّم. وليست هذه الصورة وحدها ما يمسرح الذبولَ النهائي للمخيلة النرجسية. إذ سرعان ما يُخلي العقلُ المفكّر مسرحَ التجليّات المحتدم بالأحلام لتجسيدٍ من نوع آخر: طيور العقل النائم تحمل بين مخالبها أشلاء النصوص التي عبثَ الزمنُ الجبّار بمحتواها ونسقها القديم. ولا ريب حينذاك_ لحظة التجلّي الأخيرة_ في أنّ الجسد الذابل يرى بأمّ عينيه كُتبَه يدفع بعضُها بعضاً نحو الهاوية!
تستمر الصورُ في التمهيد للقطةِ الحقيقة المتمثّلة بالشيطان القبيح حيناً وبالملاك الجميل حيناً آخر. وأشهرُ هذه الصور تلك التي يلتقطها مصوِّرون يتدافعون لحوز قصب السبق في تسجيل نهاية الكاتب المفكّر/ الفنان. هؤلاء المصوِّرون هم أتباع الشيطان وعدساتُه الشرِهة إلى أدقّ التفاصيل، وإعلانها فوراً على منصّات العصر الإلكترونية في أوسع نطاق. فالأبدى أن يرى المفكر/ الفنان جنازتَه المحمولة أمام عينيه قبل الأوان، يحملها قطيعٌ من القرّاء المعجبين، أو النقّاد المتشفّين، أو الغرباء اللامبالين!
أنا شخصياً أحفظُ في هاتفي النقّال صوراً عديدة لكُتّاب من جنسيات مختلفة مع وصاياهم في نهاية العمر (ولا أعرف الفئة التي أنتسب إليها من الفئات السالف ذكرها). ولعلّي أستبقُ بهذه الاحتياطات الصوريّة لحظةَ انحطاط رغبتي في الكتابة والنشر والظهور بصورة تتشفّى بها الأعينُ المتحفّزة للانقضاض على الوصية الأخيرة!
أفي هذا استباقٌ لدورٍ شيطانيّ، أم هو رثاءٌ للنفس وقد امتزجت صورتُها بصُور من أشَرتُ إليهم هنا بكثير من الإجلال والتقدير (السياب ونجيب محفوظ والراحل أخيراً محمد عناني).
أأكونُ سالكاً سبيلَ فئةٍ رابعة من حاملي الجنائز؟
لا أعرف دوري بالضبط في هذا المجال المحتدم بالرغبات_ من أقصاها إلى أدناها. لكن لو أتيحت لي الفرصة، فسأمنع مصوّري الشيطان من دخول بيتي وتصوير هيأتي الذابلة، بما أوتِيت من قوة!