ينقسم الخطاب في شكله ومحتواه إلى أقسام عدة لا تخرج عن كونها جزءًا لا يتجزأ من هذا الجنس الأدبي، فهناك الخطاب اللغوي الشكل والذي تختلف مضامينه من سياسي إلى شعري إلى ديني...، وهناك خطاب آخر يختلف عن الأول في شكله تماماً، فينقل من المرسل إلى المتلقي عن طريق السلوك الإنساني من إشارات وإيحاءات وصور. وهذا ما يعرف بالخطاب الغير لغوي، والذي قد يصبح لغوياً عندما ينقل عن طريق الأغاني والشعارات المنطوقة، ويرتبط هذا النوع من الخطابات بالجماهير، لأنه ينم عن سلوكهم الإجتماعي والغريزي في الفعل وردة الفعل.
تختلف الخطابات من شكل لآخر، وتختلف الآراء والانطباعات نحوها على اختلاف أفكارها وتوجهاتها، ولكنها تحلل وتدرس جميعاً. والخطابات الجماهيرية أيضاً لا تبعد عن مشرحة التحليل، فتحلل دلاليا وتداوليا، وفي غالب الأحيان تدرس دراسة سيميولوجية لأنها خطابات ترتكز على الإشارة والإيحاءات، وهذه مادة السيميولوجيا.
وإذا ما عدنا إلى حادثة البارحة، والتي كان ملعب نيلسون مانديلا مسرحاً لها عندما قامت الجماهير الجزائرية الحاضرة بالملعب تصفر وتغوت على اللاعب السابق للمنتخب الوطني رابح ماجر. حيث اعتبره الكثير من المثقفين إعلاميين وممثلين...، تخلفا في مواكبة تظاهرة كروية بهذا الحجم. وهم هنا مخطئين جملة وتفصيلاً، فهذا ليس تخلفا أو قلة أدب، وإنما هو خطاب جماهيري نقله الجمهور إلى ماجر في نطاق وحدود الغاية من الخطاب، فهذا الأخير بكل أنواعه ينقل لغايات عدة أهمها التعبير عن فكرة أو شعور أو موقف، والجمهور في تلك اللحظة عبر عن موقفه من رابح ماجر وهو موقف يخصهم ولا يلزمون به أحدا. فانقسمت الآراء بين قابل ورافض لهذا السلوك، وذلك باختلاف تداوليته، فكل واحد وفهمه لهذا التصرف، هناك من رفضه وهناك من قبله، وقبل الحديث عن القبول والرفض لا بد من الحديث عن أمر مهم في تداولية الخطابات وهو مقامها العام. ذلك أن الجمهور صفر وعبر عن غضبه وموقفه بتلك الطريقة ليس على مقام كان وهو ماجر الأسطورة ولاعب الجزائر الذهبي وإنما على ماجر وهو في مقامه الحاضر والمعاصر، ماجر الذي انتقد واستصغر واحتقر المنتخبات الوطنية ولاعبيها ومدربيها وجميعنا شاهد على ذلك، ماجر الذي ارتبط اسمه بالعصابة والله أعلم. ماجر الذي رفض خليلوزيتش وغوركيف وغيرهم فرفضه جمهوره اليوم وانقلب عليه، وتغيرت تداوليته من حب واحتفاء إلى نبد واستهزاء، وماجر هو المسؤول الوحيد عن ذلك، فكما تدين تدان.
وإذا ما حللنا الخطاب وفق المنهج السلوكي لبلومفيد فإن ماجر كان في هذه الحالة بمثابة المثير الذي أثار سيكولوجية الجمهور فاستجاب له بتلك الخطابات وقد تطول، لأن رابح ماجر غير موقعه في الخطاب وهو يجهل أن التقديم أو التأخير قد يفسد المعنى.
لا أحتقر ماجر ولا أدافع عن سلوك الجمهور الذي أعده غير حضاري في شكله، لكنه منطقي في مضمونه وعلينا أن نحترم الجمهور عندما يعبر عن موقفه. وبين القبول والرفض "عاش من عرف قدره".
رياض بوبسيط
تختلف الخطابات من شكل لآخر، وتختلف الآراء والانطباعات نحوها على اختلاف أفكارها وتوجهاتها، ولكنها تحلل وتدرس جميعاً. والخطابات الجماهيرية أيضاً لا تبعد عن مشرحة التحليل، فتحلل دلاليا وتداوليا، وفي غالب الأحيان تدرس دراسة سيميولوجية لأنها خطابات ترتكز على الإشارة والإيحاءات، وهذه مادة السيميولوجيا.
وإذا ما عدنا إلى حادثة البارحة، والتي كان ملعب نيلسون مانديلا مسرحاً لها عندما قامت الجماهير الجزائرية الحاضرة بالملعب تصفر وتغوت على اللاعب السابق للمنتخب الوطني رابح ماجر. حيث اعتبره الكثير من المثقفين إعلاميين وممثلين...، تخلفا في مواكبة تظاهرة كروية بهذا الحجم. وهم هنا مخطئين جملة وتفصيلاً، فهذا ليس تخلفا أو قلة أدب، وإنما هو خطاب جماهيري نقله الجمهور إلى ماجر في نطاق وحدود الغاية من الخطاب، فهذا الأخير بكل أنواعه ينقل لغايات عدة أهمها التعبير عن فكرة أو شعور أو موقف، والجمهور في تلك اللحظة عبر عن موقفه من رابح ماجر وهو موقف يخصهم ولا يلزمون به أحدا. فانقسمت الآراء بين قابل ورافض لهذا السلوك، وذلك باختلاف تداوليته، فكل واحد وفهمه لهذا التصرف، هناك من رفضه وهناك من قبله، وقبل الحديث عن القبول والرفض لا بد من الحديث عن أمر مهم في تداولية الخطابات وهو مقامها العام. ذلك أن الجمهور صفر وعبر عن غضبه وموقفه بتلك الطريقة ليس على مقام كان وهو ماجر الأسطورة ولاعب الجزائر الذهبي وإنما على ماجر وهو في مقامه الحاضر والمعاصر، ماجر الذي انتقد واستصغر واحتقر المنتخبات الوطنية ولاعبيها ومدربيها وجميعنا شاهد على ذلك، ماجر الذي ارتبط اسمه بالعصابة والله أعلم. ماجر الذي رفض خليلوزيتش وغوركيف وغيرهم فرفضه جمهوره اليوم وانقلب عليه، وتغيرت تداوليته من حب واحتفاء إلى نبد واستهزاء، وماجر هو المسؤول الوحيد عن ذلك، فكما تدين تدان.
وإذا ما حللنا الخطاب وفق المنهج السلوكي لبلومفيد فإن ماجر كان في هذه الحالة بمثابة المثير الذي أثار سيكولوجية الجمهور فاستجاب له بتلك الخطابات وقد تطول، لأن رابح ماجر غير موقعه في الخطاب وهو يجهل أن التقديم أو التأخير قد يفسد المعنى.
لا أحتقر ماجر ولا أدافع عن سلوك الجمهور الذي أعده غير حضاري في شكله، لكنه منطقي في مضمونه وعلينا أن نحترم الجمهور عندما يعبر عن موقفه. وبين القبول والرفض "عاش من عرف قدره".
رياض بوبسيط