عالم المصارعة الحرة ليس شبيها بالحياة، بل هو حياة بأكملها، تجد فيه كل ما يخطر ببالك من حوادث ومن قصص وهواجس ومشاعر : محبة وبغض، حقد واستحسان، أدب وتجريح، صداقات حد العمق وعداوات بلا حدود.
كان من عادتي ان اختار صويحباتي بتأن كبير وتمحيص اكبر، فلا أهب محبة قلبي الا لمن كانت اهلا له.
رغم انهن طيبتا قلب، وصاحبتا خلق متين، الا أني كنت اجد بين المصارعتين خلود وثريا نفورا وكراهية لا يمكن ان تخفى علينا نحن المصارعات اللواتي نجتمع تحت سقف قاعة تدريب واحدة.
لست اعلم ماذا جرى في ذلك الصباح الربيع، حين دعت احداهن الاخرى للصراع، كانت نظراتهن لبعضهن تشتعل حقدا وكأن بينهن ثأرا، ودخلتا في صراع عنيف شهدته وصديقتي مناهل بشي من الاستغراب، فنحن نتصارع، نتلاوى، تسقط احدانا الاخرى، لكننا ننهض في النهاية صديقات وزميلات دون اي اثر لعداوة.
الا في صراع خلود وثريا، كانتا مثل لبوتين في غابة، ابدتا لعبا عالميا بحق لكن الحقد فيه واضح لايخفى على اي متفرج، فكيف بخبيرات مصارعة مثلنا.
كانت كل منهن تحاول تثبيت الاخرى فتفلت غريمتها بكل براعة..
فشلت كل منهن في التثبيت بالرمي وحركة الميزان والبندول وتقييد بحركة المشنقة، لكن اللعب تحول الى نوع اخر من الصراع، صراع حر غير مقيد بقانون ، صراع عنيف ادى الى ترنح خلود بعض الشيء، وقد بدا عليها التعب وامارات عدم السيطره، وقد تحول الى مسكة أرضية عنيفة لم تستطع خلود منها افلاتا فانهارت ولم تستطع مجاراة ثريا في قدرتها الجسدية ومطاولتها وهيمنتها على اللعب، فارتمت على البساط، وطارت ثريا وهبطت ببطنها بكل وزنها ، لتتركها مجرد فريسة بلا حراك، ممددة على البساط وهي فاقدة للوعي، وغادرت المنتصره البساط وهي مرجل غضب مستعر وقد انتقمت من خصمتها شر انتقام.
هرعت صوب الصريعة محاولة مساعدتها على النهوض ، اما مناهل فاتجهت صوب ثريا تعاتبها لقسوة اللعب، فهاجت الأخيرة بوجهها لولا ان سحبت مناهل من يدها كي لا يقوم نزال عنيف اخر، واتشغلنا بشأن خلود التي استيقظت بصعوبة تامة وقد حملناها بعيدا عن البساط حتى استعادت وعيها شيئا فشيئا وغادرت القاعة بمساعدة مناهل وهي مكسورة محزونة.
منذ اليوم التالي، بدت على ثريا إمارات الغرور والتعالي وانقلبت الى كائن اخر يغاير تلك الفتاة الوديعة ، صارت تجالسني وهي تتفوه بكلام مبطن جارح عن المواجهة والشجاعه، وكيف انها وخلود كانتا طالبتين معا في الدراسة، وانها تفوقت عليها دون وجه حق، وقد دبت العداوة بينهن واستعرت نارها حين مارستا اللعبة نفسها، ولم يك نزال مصارعة بل معركة انتقام نفست فيه ثريا عن حقدها، وانتقامها من عدوتها ..
لم افقه معنى العداوة التي تعني، وواجهتها بالقول :
المصارعة رياضة مثل سواها، خصمات على البساط حبيبات خارج الحلبة.
اطلقت ضحكة عالية وغادرت البساط، لكنها بقيت تردد : لم تولد بعد من تواجهني وتخرج واعية غير محمولة.
مع الايام، اجتاح الغرور نفس صاحبتي وبدت كالمريضة نفسيا ، ووصل بها الحال حد قولها انها لم تعد تكتفي بمصارعة واحدة وهي القادرة على صرع اثنتين معا..
صرعت ثريا بعضا من بطلات اللعبه، وكانت تعمد الى طريقة مواربة الخصمة والالتفاف السريع والطرح السريع ارضا وهو مازادها غرورا وعجرفة.
بلغ بها التعالي حد اتهامي بالتهرب من مواجهتها، فكظمت غيظي وسألتها عن علة حكمها علي بذلك، فلم تجبني بغير خوفي منها، اذ لم اتمالك اعصابي وقد بلغ الامر مداه، ووجهت لها لكمة قوية اصابتها بالدوار، وكاد الامر ان يتحول الى معركة كبيرة لولا تدخل الاخريات لفك الصراع.
استحلفتني اللاعبات بعدم التعرض لها وتجنبها، فثريا قد قطعت طريق الغرور وتشرب بالتكبر قلبها، ولم يعد يجدي معها شي سوى الفصل من الفريق.
ظلت ثريا على ضلالها، وبقيت تصرخ انها لا تكفيها مصارعة واحدة، بل لن تصارع سوى اثنتين معا، وسط وجوم الجميع واستغرابهن.
على حين غرة، اعلن التوأم سرى ونهى عن تحديهن لها وان يصارعنها معا كما رغبت، فأبدت سعادة مهولة وهي متيقنة من النصر الذي سيدخل إسمها التاريخ حين تصرع بطلة مثلها مصارعتين معا!!
ظنت صاحبتنا ان مواجهة شقيقتين معا أمر هين، والتغلب عليهن مسألة وقت لا أكثر، غير مدركة انهما توأم ومصارعتان قويتان، تلعبان بطريقة لا يمكن الانتصار عليهن وهن مجتمعات وبصورة مطلقة.
اظهرت ثريا في البداية مقاومة وشيئا من المطاولة، غير ان قواها بدأت تضمحل شيئا فشيئا حين تعاقبتا عليها، وبدا الامر واضحا جليا حين اصبحن يتبادلن تطبيق المسكات الموجعة عليها، فتطبق احداهن مسكة السكة، وتتم الاخرى الامر بمسكة التقييد التام، وتتم الاخرى اللعب بمسكة طي القدمين، حتى خارت قواها تماما واصبحت مجرد العوبة بلا اية قوة، يتبادلن تلقينها اقسى درس في حياتها كمصارعة .
لم تترك الشقيقتان مسكة الا وتم تطبيقها على صاحبتنا، حتى انهن حملنها على الاكتاف وبقين يطفن بها حول البساط فتدخلت المشرفة لتنقذها مما هي فيه، فرمينها ارضا بلا حراك، وكانت في حال لايمكن وصفه قطعا، محطمة، منفوشة الشعر، تهذي بلا وعي وتتمتم بكلمات غير مفهومة ، وكانها تعيش حلما طويلا بعيدا عن عالم اليقظة تماما .
اشفقت عليها حقا، فما نالته على يدي البطلتين لم يخطر لها على بال، شمتت بها بعض اللاعبات، وسخرت منها أخرى، اما نحن فحملناها وهي منتهية كما حملنا صريعتها خلود من قبل في منظر لم يتغير به سوى الشخوص.
حين قصصت الامر لأمي التي لم تنطق بغير الحكمة، تبسمت بحنو تام وهي تقول لي :
لم تصرعها الشقيقتان، ولن تصرعينها انت يا بنيتي،
بل صرعها غرورها وسوء ادبها وعجرفتها مع الجميع، ستطول غيبوبتها، ولن تعود الى بساط تذوقت فيه اقسى هزيمة نالتها مصارعة عندكم، وذلك كاف لتتعلم باقي صويحباتك هذا الدرس، وقد أصبحت ثريا نفسها درسا.
كان من عادتي ان اختار صويحباتي بتأن كبير وتمحيص اكبر، فلا أهب محبة قلبي الا لمن كانت اهلا له.
رغم انهن طيبتا قلب، وصاحبتا خلق متين، الا أني كنت اجد بين المصارعتين خلود وثريا نفورا وكراهية لا يمكن ان تخفى علينا نحن المصارعات اللواتي نجتمع تحت سقف قاعة تدريب واحدة.
لست اعلم ماذا جرى في ذلك الصباح الربيع، حين دعت احداهن الاخرى للصراع، كانت نظراتهن لبعضهن تشتعل حقدا وكأن بينهن ثأرا، ودخلتا في صراع عنيف شهدته وصديقتي مناهل بشي من الاستغراب، فنحن نتصارع، نتلاوى، تسقط احدانا الاخرى، لكننا ننهض في النهاية صديقات وزميلات دون اي اثر لعداوة.
الا في صراع خلود وثريا، كانتا مثل لبوتين في غابة، ابدتا لعبا عالميا بحق لكن الحقد فيه واضح لايخفى على اي متفرج، فكيف بخبيرات مصارعة مثلنا.
كانت كل منهن تحاول تثبيت الاخرى فتفلت غريمتها بكل براعة..
فشلت كل منهن في التثبيت بالرمي وحركة الميزان والبندول وتقييد بحركة المشنقة، لكن اللعب تحول الى نوع اخر من الصراع، صراع حر غير مقيد بقانون ، صراع عنيف ادى الى ترنح خلود بعض الشيء، وقد بدا عليها التعب وامارات عدم السيطره، وقد تحول الى مسكة أرضية عنيفة لم تستطع خلود منها افلاتا فانهارت ولم تستطع مجاراة ثريا في قدرتها الجسدية ومطاولتها وهيمنتها على اللعب، فارتمت على البساط، وطارت ثريا وهبطت ببطنها بكل وزنها ، لتتركها مجرد فريسة بلا حراك، ممددة على البساط وهي فاقدة للوعي، وغادرت المنتصره البساط وهي مرجل غضب مستعر وقد انتقمت من خصمتها شر انتقام.
هرعت صوب الصريعة محاولة مساعدتها على النهوض ، اما مناهل فاتجهت صوب ثريا تعاتبها لقسوة اللعب، فهاجت الأخيرة بوجهها لولا ان سحبت مناهل من يدها كي لا يقوم نزال عنيف اخر، واتشغلنا بشأن خلود التي استيقظت بصعوبة تامة وقد حملناها بعيدا عن البساط حتى استعادت وعيها شيئا فشيئا وغادرت القاعة بمساعدة مناهل وهي مكسورة محزونة.
منذ اليوم التالي، بدت على ثريا إمارات الغرور والتعالي وانقلبت الى كائن اخر يغاير تلك الفتاة الوديعة ، صارت تجالسني وهي تتفوه بكلام مبطن جارح عن المواجهة والشجاعه، وكيف انها وخلود كانتا طالبتين معا في الدراسة، وانها تفوقت عليها دون وجه حق، وقد دبت العداوة بينهن واستعرت نارها حين مارستا اللعبة نفسها، ولم يك نزال مصارعة بل معركة انتقام نفست فيه ثريا عن حقدها، وانتقامها من عدوتها ..
لم افقه معنى العداوة التي تعني، وواجهتها بالقول :
المصارعة رياضة مثل سواها، خصمات على البساط حبيبات خارج الحلبة.
اطلقت ضحكة عالية وغادرت البساط، لكنها بقيت تردد : لم تولد بعد من تواجهني وتخرج واعية غير محمولة.
مع الايام، اجتاح الغرور نفس صاحبتي وبدت كالمريضة نفسيا ، ووصل بها الحال حد قولها انها لم تعد تكتفي بمصارعة واحدة وهي القادرة على صرع اثنتين معا..
صرعت ثريا بعضا من بطلات اللعبه، وكانت تعمد الى طريقة مواربة الخصمة والالتفاف السريع والطرح السريع ارضا وهو مازادها غرورا وعجرفة.
بلغ بها التعالي حد اتهامي بالتهرب من مواجهتها، فكظمت غيظي وسألتها عن علة حكمها علي بذلك، فلم تجبني بغير خوفي منها، اذ لم اتمالك اعصابي وقد بلغ الامر مداه، ووجهت لها لكمة قوية اصابتها بالدوار، وكاد الامر ان يتحول الى معركة كبيرة لولا تدخل الاخريات لفك الصراع.
استحلفتني اللاعبات بعدم التعرض لها وتجنبها، فثريا قد قطعت طريق الغرور وتشرب بالتكبر قلبها، ولم يعد يجدي معها شي سوى الفصل من الفريق.
ظلت ثريا على ضلالها، وبقيت تصرخ انها لا تكفيها مصارعة واحدة، بل لن تصارع سوى اثنتين معا، وسط وجوم الجميع واستغرابهن.
على حين غرة، اعلن التوأم سرى ونهى عن تحديهن لها وان يصارعنها معا كما رغبت، فأبدت سعادة مهولة وهي متيقنة من النصر الذي سيدخل إسمها التاريخ حين تصرع بطلة مثلها مصارعتين معا!!
ظنت صاحبتنا ان مواجهة شقيقتين معا أمر هين، والتغلب عليهن مسألة وقت لا أكثر، غير مدركة انهما توأم ومصارعتان قويتان، تلعبان بطريقة لا يمكن الانتصار عليهن وهن مجتمعات وبصورة مطلقة.
اظهرت ثريا في البداية مقاومة وشيئا من المطاولة، غير ان قواها بدأت تضمحل شيئا فشيئا حين تعاقبتا عليها، وبدا الامر واضحا جليا حين اصبحن يتبادلن تطبيق المسكات الموجعة عليها، فتطبق احداهن مسكة السكة، وتتم الاخرى الامر بمسكة التقييد التام، وتتم الاخرى اللعب بمسكة طي القدمين، حتى خارت قواها تماما واصبحت مجرد العوبة بلا اية قوة، يتبادلن تلقينها اقسى درس في حياتها كمصارعة .
لم تترك الشقيقتان مسكة الا وتم تطبيقها على صاحبتنا، حتى انهن حملنها على الاكتاف وبقين يطفن بها حول البساط فتدخلت المشرفة لتنقذها مما هي فيه، فرمينها ارضا بلا حراك، وكانت في حال لايمكن وصفه قطعا، محطمة، منفوشة الشعر، تهذي بلا وعي وتتمتم بكلمات غير مفهومة ، وكانها تعيش حلما طويلا بعيدا عن عالم اليقظة تماما .
اشفقت عليها حقا، فما نالته على يدي البطلتين لم يخطر لها على بال، شمتت بها بعض اللاعبات، وسخرت منها أخرى، اما نحن فحملناها وهي منتهية كما حملنا صريعتها خلود من قبل في منظر لم يتغير به سوى الشخوص.
حين قصصت الامر لأمي التي لم تنطق بغير الحكمة، تبسمت بحنو تام وهي تقول لي :
لم تصرعها الشقيقتان، ولن تصرعينها انت يا بنيتي،
بل صرعها غرورها وسوء ادبها وعجرفتها مع الجميع، ستطول غيبوبتها، ولن تعود الى بساط تذوقت فيه اقسى هزيمة نالتها مصارعة عندكم، وذلك كاف لتتعلم باقي صويحباتك هذا الدرس، وقد أصبحت ثريا نفسها درسا.
