حسن غريب - براءة الذات الجميل وروعة التصوير الفنى فى ديوان {الولد البري} للشاعر : المنجى سرحان

لعل من أهم صفات الفنان الأصيل هى نزوعه للكمال المطلق و محاولته الدائبة للوصول لهذا الكمال عن طريق فنه أو ما تعارف عليه القول بالنزعة اليوتوبية أو نزعة الكمال و الفضلية التى ذهب إليها أفلاطون فى جمهوريته و بالضبط فى " المدينة السعيدة " و فيها تتحقق السعادة للإنسان و تظلل العدالة الإنسانية و تمنحها الشعور بالأمان و التنظيم و الإبداع .
و هذا الشكل " الديمقراطى " الفنى هو الذى يبن أصالة الفنان التى تتجلى فى إحساسه بالتوحيد النمطي و المعنوى بينه و بين أخيه الإنسان و فى إدراكه التام بضرورة عمومية الخير على كل أنحاء البسيطة ومن هذا الإحساس برزت إلى السطح مفاهيم جديدة للأدب ومنها المفهوم الإلتزامى و هو ما نلمس عن طريقه اتجاه المبدع نحو قضايا المجتمع الخاص أو العام و تبنيه لهذه القضايا التى تمس حاجة الإنسان أو كما ذهب الدكتور شوقى أبو ضيف فى كتابه " فى النقد الأدبى ص 192 " ( إلى أن الأديب جزء من مجتمعه فعليه أن يشترك فى نشاطه يعمل على تقديمه إلى الأمام و إلا كان معولا من معاول هدمه و عاملا من عوامل انتقاه ) ( و على هذا لا يعد الاثر الادبى جيداً إلا إذا هدف إلى مجتمعه فإن انحرف عنه كان لغواً من الأدب و هذراً ")
و على مدى العطاء الضخم الذى منحنا إياه الشاعر العربى المعاصر نجد أن من الاتجاهات الهامة التى اتجه إليها هو الإنسان أو الإنسانية بكل صورها و أنماطها .
و على مدار هذا الاتجاه أيضا نجد أن شاعراً قد أفلح فى إيقاف معظم أشعاره على النمط الإنسانى .
** إضاءة غير عادية
هذا الشاعر هو ( المنجى سرحان ) الذى يصافحنا بديوانه ( الولد البري ) الصادر عن سلسلة " إبداع الشباب " مكتبة الأسرة لعام 2001 م بالهيئة المصرية العامة للكتاب .
لقد حمل هذا الديوان سمات المعاصرة أكثرها من جدة فى المعالجة الفنية بما فيها الألفاظ و المعنى و اقتحامه القضايا الجديدة التى يحملها الشعر لأول مرة على كاهله بصورة أقرب إلى التناول اليومى لتسقطات الحياة .
فالمنجى عنى بقضايا الإنسان المعاصر بشكل عام بحيث لم تقتصر تجاربه الذاتيه على الإقليمية و لكنها خرجت إلى العالم الرحب حيث رأت فى كل ما يوجع الإنسان – بصفة عامة – مادة خصبة لفنه – و رأينا بالتالى انفراد صوته بتلك الموضوعية عن غيره من معاصريه بل و لاحقيه
** الاتجاه الذاتي بين الحدث و التداعى و التخييل : -
و إذا كان الشعر الحديث قد اتجه به بعض شعراءه إلى الذاتية فإن شاعرنا ( المنجى سرحان ) لم يقتصر على تصويره الخاص لخصوصياته و إنما تعدى هذا حتى عبر عن مشاكل العصر و تجاربه عن طريق صوته الخاص و اختلفت بالتالى القصائد المتناولة فى هذا الديوان " الولد البري " من قضية الحب إلى الغربة إلى القسوة الحياتية بكل أصدائها إلى التصور العام للمجتمع الذى يعايشه الشاعر
و إذا كان الشاعر ( المنجى سرحان ) يعطينا هذه الانطباعات فإنه نجح بمهارة فى التعبير عن ذاته و غيره .
ما حوله ومن حوله :
لم يكن الموت آخر ما تشتهيه
و انت تمارسه
أيها الملك الصعلوك الذى
حفظته المقاهى
الشوارع
و الناس
وارتشفته القوارير
فهذه الأوصاف الحسية لمدينته لا تنفى علو كعب الذاتية و لا توهجها البين من خلال الكلمات و معاناة الشاعر فى تجربته الخاصة مع المجتمع المحيط به
و النيل ،
عينا محبوبته الرائقتان ،
و بينهما المحروق ،
قليلاً ما ترتاح ،
لعلك تشرب – منفرداً – قهوتك الآن ،
إن الشكل التعبيرى الذى يتخذه الشاعر هنا مسلكاً لنفسه هو الشكل العام و التقاطيع ، يبدأ بالوصف : و صف النيل فى المدينة و أشكال هذا الوصف إلى أن يصل النبرة الذاتية للقصيدة :
أنت تحب الوحدة
حين يشاغبك الشعر ، الخ
** أحادية البعد و شفافية الرمز : -
ويكمل الشاعر فى تجولاته الشعرية وصفه الكامل للحالة التى تعتريه :
يباغتنى النخل ،
بين حواري المدينة منكراً ،
كان قاسمنى و حشتي ،
و اندهاشي ،
يعنفنى ثم يهرب ،
منفلتاً للربا ،
من قصيدة " قراءة فى كتاب النخل " ص 25
أن ذاتية الشاعر فى معالجة ما يرى ويتسقط من أحداث هى العامل الأول الذى يتكون منة أسلوب وانفراده الخطى وهو أمين بالتالي على نقل الاحساسات الإنسانية المبهمة الى ارض أكثر كشفا وارتيادا ونعنى بها إبداعه وتلقى هذا الإبداع وتدخل فى تلك الذاتية عوامل جمة من المحاولات الجادة التى يرتأيها الشاعر لتطوير نفسه وأسلوبه ، ذاتى فى روحه ، ذاتى فى فكره ومضامينه وهو ايضا العين التى ترى والأذن التى تسمع.
**ظاهرة التوارى وشاعرية التجرد..
أن الشاعر (المنجى سرحان )هنا لا يتحدث عن نفسه قدر ما يتحدث عن الإنسان الغريب أو الوافد إلى المدن الكبرى
( أمس فاجاته)
كان يشرب قهوته الاجنبية،
مئتز را حلة لا تبين ملامحه ،
ويراود هذى المدينة عن نفسه
انه الان،
ينكر جلبابه ويوارى السعف )
فهذا المقطعان شكل من إحساس الشاعر بالاغتراب ومرارة هذا الاغتراب ،والشاعر – بغير ريب ـ نجح فى توظيف إحساسه ولغته ورؤيته توظيفا راقيا بحيث مزج بين المنظور حوله وبين اللامنظور فى داخله أي انه بإحساسه الأليم وبقتامه الضياع خلع على الأشياء المحيطة به صفة القتامة أو الملاله :(ويصاحب كل المقاهى الحقيرة)
(اشاح ولملم قبعةوانصرف )
وفى قصيدة (مداخلات الفتى القروى ) ص35 براءة الذات الجميل
و روعة التصوير الفنى
فى ديوان {{ الولد البري }}
للشاعر : المنجى سرحان

لعل من أهم صفات الفنان الأصيل هى نزوعه للكمال المطلق و محاولته الدائبة للوصول لهذا الكمال عن طريق فنه أو ما تعارف عليه القول بالنزعة اليوتوبية أو نزعة الكمال و الفضلية التى ذهب إليها أفلاطون فى جمهوريته و بالضبط فى " المدينة السعيدة " و فيها تتحقق السعادة للإنسان و تظلل العدالة الإنسانية و تمنحها الشعور بالأمان و التنظيم و الإبداع .
و هذا الشكل " الديمقراطى " الفنى هو الذى يبن أصالة الفنان التى تتجلى فى إحساسه بالتوحيد النمطي و المعنوى بينه و بين أخيه الإنسان و فى إدراكه التام بضرورة عمومية الخير على كل أنحاء البسيطة ومن هذا الإحساس برزت إلى السطح مفاهيم جديدة للأدب ومنها المفهوم الإلتزامى و هو ما نلمس عن طريقه اتجاه المبدع نحو قضايا المجتمع الخاص أو العام و تبنيه لهذه القضايا التى تمس حاجة الإنسان أو كما ذهب الدكتور شوقى أبو ضيف فى كتابه " فى النقد الأدبى ص 192 " ( إلى أن الأديب جزء من مجتمعه فعليه أن يشترك فى نشاطه يعمل على تقديمه إلى الأمام و إلا كان معولا من معاول هدمه و عاملا من عوامل انتقاه ) ( و على هذا لا يعد الاثر الادبى جيداً إلا إذا هدف إلى مجتمعه فإن انحرف عنه كان لغواً من الأدب و هذراً ")
و على مدى العطاء الضخم الذى منحنا إياه الشاعر العربى المعاصر نجد أن من الاتجاهات الهامة التى اتجه إليها هو الإنسان أو الإنسانية بكل صورها و أنماطها .
و على مدار هذا الاتجاه أيضا نجد أن شاعراً قد أفلح فى إيقاف معظم أشعاره على النمط الإنسانى .
** إضاءة غير عادية
هذا الشاعر هو ( المنجى سرحان ) الذى يصافحنا بديوانه ( الولد البري ) الصادر عن سلسلة " إبداع الشباب " مكتبة الأسرة لعام 2001 م بالهيئة المصرية العامة للكتاب .
لقد حمل هذا الديوان سمات المعاصرة أكثرها من جدة فى المعالجة الفنية بما فيها الألفاظ و المعنى و اقتحامه القضايا الجديدة التى يحملها الشعر لأول مرة على كاهله بصورة أقرب إلى التناول اليومى لتسقطات الحياة .
فالمنجى عنى بقضايا الإنسان المعاصر بشكل عام بحيث لم تقتصر تجاربه الذاتيه على الإقليمية و لكنها خرجت إلى العالم الرحب حيث رأت فى كل ما يوجع الإنسان – بصفة عامة – مادة خصبة لفنه – و رأينا بالتالى انفراد صوته بتلك الموضوعية عن غيره من معاصريه بل و لاحقيه .
** الاتجاه الذاتي بين الحدث و التداعى و التخييل : -
و إذا كان الشعر الحديث قد اتجه به بعض شعراءه إلى الذاتية فإن شاعرنا ( المنجى سرحان ) لم يقتصر على تصويره الخاص لخصوصياته و إنما تعدى هذا حتى عبر عن مشاكل العصر و تجاربه عن طريق صوته الخاص و اختلفت بالتالى القصائد المتناولة فى هذا الديوان " الولد البري " من قضية الحب إلى الغربة إلى القسوة الحياتية بكل أصدائها إلى التصور العام للمجتمع الذى يعايشه الشاعر
و إذا كان الشاعر ( المنجى سرحان ) يعطينا هذه الانطباعات فإنه نجح بمهارة فى التعبير عن ذاته و غيره
ما حوله ومن حوله :
لم يكن الموت آخر ما تشتهيه
و انت تمارسه
أيها الملك الصعلوك الذى
حفظته المقاهى
الشوارع
و الناس
وارتشفته القوارير
فهذه الأوصاف الحسية لمدينته لا تنفى علو كعب الذاتية و لا توهجها البين من خلال الكلمات و معاناة الشاعر فى تجربته الخاصة مع المجتمع المحيط به
و النيل ،
عينا محبوبته الرائقتان ،
و بينهما المحروق ،
قليلاً ما ترتاح ،
لعلك تشرب – منفرداً – قهوتك الآن ،
إن الشكل التعبيرى الذى يتخذه الشاعر هنا مسلكاً لنفسه هو الشكل العام و التقاطيع ، يبدأ بالوصف : و صف النيل فى المدينة و أشكال هذا الوصف إلى أن يصل النبرة الذاتية للقصيدة :
أنت تحب الوحدة
حين يشاغبك الشعر ، الخ
** أحادية البعد و شفافية الرمز : -
ويكمل الشاعر فى تجولاته الشعرية وصفه الكامل للحالة التى تعتريه :
يباغتنى النخل ،
بين حواري المدينة منكراً ،
كان قاسمنى و حشتي ،
و اندهاشي ،
يعنفنى ثم يهرب ،
منفلتاً للربا ،
من قصيدة " قراءة فى كتاب النخل " ص 25
أن ذاتية الشاعر فى معالجة ما يرى ويتسقط من أحداث هى العامل الأول الذى يتكون منة أسلوب وانفراده الخطى وهو أمين بالتالي على نقل الاحساسات الإنسانية المبهمة الى ارض أكثر كشفا وارتيادا ونعنى بها إبداعه وتلقى هذا الإبداع 00وتدخل فى تلك الذاتية عوامل جمة من المحاولات الجادة التى يرتأيها الشاعر لتطوير نفسه وأسلوبه ، ذاتى فى روحه ، ذاتى فى فكره ومضامينه وهو ايضا العين التى ترى والأذن التى تسمع.
**ظاهرة التوارى وشاعرية التجرد..
أن الشاعر (المنجى سرحان )هنا لا يتحدث عن نفسه قدر ما يتحدث عن الإنسان الغريب أو الوافد إلى المدن الكبرى
( أمس فاجاته)
كان يشرب قهوته الاجنبية،
مئتز را حلة لا تبين ملامحه ،
ويراود هذى المدينة عن نفسه
انه الان،
ينكر جلبابه ويوارى السعف )
فهذا المقطعان شكل من إحساس الشاعر بالاغتراب ومرارة هذا الاغتراب ،والشاعر – بغير ريب ـ نجح فى توظيف إحساسه ولغته ورؤيته توظيفا راقيا بحيث مزج بين المنظور حوله وبين اللامنظور فى داخله أي انه بإحساسه الأليم وبقتامه الضياع خلع على الأشياء المحيطة به صفة القتامة أو الملاله :(ويصاحب كل المقاهى الحقيرة)
(اشاح ولملم قبعةوانصرف )
وفى قصيدة (مداخلات الفتى القروى ) ص35
كان الفتى ساذجا
ساذجا،
شكل الطمي نظرته للوجود،،
وارخ مشيته ،
فانتصب
فأثار انتباه الميادين
و الحافلات
و رواد مقهى الحسين ،
على هذا الصوت الذاتى المنفرد يخبو و يذوب بعد ذلك حين يبحث الشاعر عن نفسه فى خضم اغترابه و فقده لهذا الحنين فيقول ـ وحديثه فى وصف لحالة النساء ـ :
والهب فى النسوة الخاطرات صبباتهن فكن يراقصنه فى المنام،
يزبن على صدرره القروي الملتهب
ويحاورنه فى الصباح الترام،
فيغرق فى شبر ماء ويمضى،
فيتبعنه بالعيون اللواهث
والجسد الفائر المنتحب
فمع التباين الشعورى فى المعالجة الفنية للحدث ورغم فكاك الشاعر من اسر الذاتية فى تعبيراته عما حوله ومن حوله إلا انه يعود فى كل دفقة شعورية الى وداعه للنساء على النحو الذى بينه لنا فى القصيدة.
**سيمفونية الزمان والمكان:ـ
وهكذا نرى أن الذاتية رغم اقتصارها على التجارب الحياتية النفسية التى يخوضها الشاعر إلا إنها عين حادة ترى الحياة عن طريق تجاربها بمنظورها الخاص والذى تتحكم فيه الحالة الشعورية للشاعر فى تناول المشاهد أو بالضبط التأثير الخاص الذى تثيره تجاربة ، وتنوع هذا التأثير من حزن أو صفاء أو غربة أو حنين أو ولاء ، هو الذى يخلع على الحياة أو المجتمع المحيط بالشاعر الأردية القاتمة أو الوردية تبعاً لهذا .

و هكذا نرى أن الشاعر ( المنجى سرحان ) قد وصل إلى السر اللفظى و النفسى للعمل النصي فى القصيدة بكل تقنية و ذلك حين امتزج و مازج بين تجاربه و بين الحياة و خلعه سمات هذه التجارب عليها و خلعها نفسها – أي الحياة – فتجربة الشاعر و ثراؤها هي التى دفعت إلى قوة التعبير و ابتكار المعاني و الجدة فى تناول الحدث ، حيث خرج الشاعر عن ذاتيته – رغم دوران فلك الكلمات فيها – بشكل أكثر موضوعية و انصهاراً بتجاربه الحياتية داخل كل قصائد هذا الديوان ، تدل و تنم على تجدد الشاعر من نفسه و يبتكر صوره – لأنه يخلط بين تجربته و بين المشاهد الموجودة و غير الموجودة حوله .
و هذا الابتكار و التجدد من روح الشاعر ( المنجى سرحان ) فى قصائده ليس إلا دليلاً حقاً على صدقه الفنى الشعوري إذ أنه أولد هذه الصور بخاصية الفن الكامنة فى غيبيات ( الولد البري ) نفسه و مختزن شعوره .
*****************************************************
تذكرة
=====================
" فى النقد الأدبى ص 192 " – دكتور شوقى أبو ضيف – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1965 م .
المواقف و المخاطبات – النفري – تحقيق آرثر أربري – الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1985 م
نقد الشعر – قدامة بن جعفر – تحقيق مصطفى كمال – الخانجى – سنة 1978 م
ملامح نقدية " قراءات فى الشعر المعاصر " – أحمد مرتضى عبده – الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1985 م
فلسفة الالتزام فى النقد الأدبي – دكتور / رجاء عيد ص 133.

كان الفتى ساذجا
ساذجا
شكل الطمي نظرته للوجود،،
وارخ مشيته ،
فانتصب
فأثار انتباه الميادين
و الحافلات
و رواد مقهى الحسين ،
على هذا الصوت الذاتى المنفرد يخبو و يذوب بعد ذلك حين يبحث الشاعر عن نفسه فى خضم اغترابه و فقده لهذا الحنين فيقول ـ وحديثه فى وصف لحالة النساء ـ :
والهب فى النسوة الخاطرات صبباتهن فكن يراقصنه فى المنام،
يزبن على صدرره القروي الملتهب
ويحاورنه فى الصباح الترام،
فيغرق فى شبر ماء ويمضى
فيتبعنه بالعيون اللواهث
والجسد الفائر المنتحب
فمع التباين الشعورى فى المعالجة الفنية للحدث ورغم فكاك الشاعر من اسر الذاتية فى تعبيراته عما حوله ومن حوله إلا انه يعود فى كل دفقة شعورية الى وداعه للنساء على النحو الذى بينه لنا فى القصيدة.
**سيمفونية الزمان والمكان:ـ
وهكذا نرى أن الذاتية رغم اقتصارها على التجارب الحياتية النفسية التى يخوضها الشاعر إلا إنها عين حادة ترى الحياة عن طريق تجاربها بمنظورها الخاص والذى تتحكم فيه الحالة الشعورية للشاعر فى تناول المشاهد أو بالضبط التأثير الخاص الذى تثيره تجاربة ، وتنوع هذا التأثير من حزن أو صفاء أو غربة أو حنين أو ولاء ، هو الذى يخلع على الحياة أو المجتمع المحيط بالشاعر الأردية القاتمة أو الوردية تبعاً لهذا .
و هكذا نرى أن الشاعر ( المنجى سرحان ) قد وصل إلى السر اللفظى و النفسى للعمل النصي فى القصيدة بكل تقنية و ذلك حين امتزج و مازج بين تجاربه و بين الحياة و خلعه سمات هذه التجارب عليها و خلعها نفسها – أي الحياة – فتجربة الشاعر و ثراؤها هي التى دفعت إلى قوة التعبير و ابتكار المعاني و الجدة فى تناول الحدث ، حيث خرج الشاعر عن ذاتيته – رغم دوران فلك الكلمات فيها – بشكل أكثر موضوعية و انصهاراً بتجاربه الحياتية داخل كل قصائد هذا الديوان ، تدل و تنم على تجدد الشاعر من نفسه و يبتكر صوره – لأنه يخلط بين تجربته و بين المشاهد الموجودة و غير الموجودة حوله .
و هذا الابتكار و التجدد من روح الشاعر ( المنجى سرحان ) فى قصائده ليس إلا دليلاً حقاً على صدقه الفنى الشعوري إذ أنه أولد هذه الصور بخاصية الفن الكامنة فى غيبيات ( الولد البري ) نفسه و مختزن شعوره.
*****************************************************
تذكرة
=====================
" فى النقد الأدبى ص 192 " – دكتور شوقى أبو ضيف – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1965 م .
المواقف و المخاطبات – النفري – تحقيق آرثر أربري – الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1985 م
نقد الشعر – قدامة بن جعفر – تحقيق مصطفى كمال – الخانجى – سنة 1978 م
ملامح نقدية " قراءات فى الشعر المعاصر " – أحمد مرتضى عبده – الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1985 م
فلسفة الالتزام فى النقد الأدبي – دكتور / رجاء عيد ص 133 .
611971932.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى