خلقت “شوكولاتة نيتشه” للقاص والكاتب المصري صابر رشدي جدلاً وسجالاً عكستهما العشرات من الأقلام التي أسالت مدادها فاحصة تارة أوراقها وناقدة لها في تارة أخرى بعين متبصرة لمجموعة من المثقفين العرب، ما جعلنا نطرح أسئلة كثيرة عن فحوى هذا الإبداع الأدبي وعن سر انكباب هؤلاء المثقفين والنقاد عليه، إلى درجة تصنيفهم إيّاه عملاً إبداعيًّا جميلاً؟
أثارتنا ونحن نقلب الصفحات على النت، مجموعة من المقالات والدراسات المُنصبّة حول هذه المجموعة القصصية لمبدعين من جنسيات مختلفة، لكننا حابينا المنطق الجغرافي وآثرنا إعادة قراءة ما جادت به أقلام الناقد والكاتب المغربي عادل آيت أزكاغ عن هذا الإبداع المثير للجدل والفضول والبحث.
تحت عنوان: ”نوستالجيا الطفولة المُستعادة في “شوكولاتة نيتشه” لصابر رشدي (المادة المنشورة في مجلّة “أبجديّات الثقافيّة- اليمنية- عدد نونبر 2020، ثم في موقع “أنطولوجيا” الثقافي)، جاء إسهام الناقد المغربي عادل أيت أزكاغ بدوره في دراستها، حيث اعتبرها نصا سرديا حكائيا يتضمن في جوهره قصصًا قصيرة – وصفها- بالعذبة والمرحة والعميقة، تعتمد الواقعية كآلية للاسترجاع المغلفة بكثير من السحر والخيال، وبالاستعانة أيضًا بالموروث الثقافي العجيب والغريب.
من أجل ذلك أحاط الناقد بعنايته هذا النص السردي المازج في عالمه بين تداخل الواقعي بالمتخيل والحلم بالحقيقة، حيث رأى أنّ أجزاءً من القصص تبدو فيه مُحمّلة بحس السخرية ذي الطابع النقدي (التقويمي في إحدى غاياته ووظائف اشتغاله) الذي يحيل الكتابة إلى آلية دفاع واخزة وكاشفة بالضرورة عن اتجاهات خطابها؛ المأخوذ في قسط منه – يضيف الناقد- بأبعاد الخير والجمال والصلاح وبالرغبة الخفية في التسوية والتعديل والإصلاح للسلوكيات المعيبة.
يرى الناقد أنّ الممعن في رؤية أسلوب إبداعية القصص للكاتب صابر رشدي، سيستشف فيها رشاقةً، وإيحاءً، وغنىً، وإيجازاً عميقاً، وكثافة لا تخطئها العين، بالإضافة إلى تقنيات أخرى تبرهن على تمكن القاص من آليات وأساسيات فن القص لكن ببذخ وأناقة، وهو في ذلك يتقاطع مع عدد من النقاد الذين عدّوا مسار القاصّ في إبداعاته الأدبية، نبيلاً وراقياً حد السلاسة مع التضمين والإيحاء والبساطة في الأسلوب والحكي، فهو بذلك يأسر القارئ بين دفتي إبداع لا ينفك يتلفظه حتى يستميل آخر نقطة من إبداعاته الفكرية.
“نوستالجيا الطفولة والاحتفال بالذاكرة”؛ عنوانٌ ثانٍ فرعي ضمن الدراسة، يؤكّد فيه الناقد عادل آيت أزكاغ على مدى ارتباط سير أحداث الحكي بالطفولة، بالرغم – كما يقول: «من أنّ القصص تشتمل على مفردات ترتبط بمناخها وبسياقها الشعبيين وثقافتها المحلية، بيد أنّ أغلب قصص شكولاتة نيتشه، ديدن ساردها الاِتكاء على الذاكرة التي هي نبعها الذي تتدفق وتندلق منه كنهر سلس جارٍ بلا تعقيدات لفظية، نلمح فيها بساطة في التعبير الذي يكتسب قيمته والمجهود الذي بذله صاحبه حتى صاغه كما ارتأى، في سياقات توظيفه السليم لتلك الألفاظ»؛ على حد تعبير الناقد، مستعينا بالبطل (الطفل أحياناً) الذي يسرد بعين إنسان راشد لا بعين الطفل، فيتملك الخيط الناظم ليكون حلقة الوصل بين الكاتب والقارئ.
وبغية تشويق القارئ في الثنائيتين؛ إبداع المجموعة القصصية وإبداع الناقد؛ نرفع إليه خاتمة الناقد والباحث المغربي عادل أيت أزكاع لنترك هامشاً يحكم القارئ من خلاله بين الإبداعين، وفيما يلي جزء مِمّا خلُص إليه في دراسته لها:
»وفق هذا النمط -إذاً- يحتفي القاص الأديب صابر رشدي بماضٍ يحنُّ إليه بالعودة التي تحققت في الزمن الراهن، باعتباره طريقاً نقله إليه وأصبح يمتلكه فيه، لا يسير في اتجاه المستقبل فحسب، بل واستشرافه أيضًا زمناً يضمن خلود الماضي المحمول والمرتحل فيه على نحو أبدي. بفضل الكتابة، هكذا يحتفل طوراً آخر مؤلف “شوكولاتة نيتشه” بعالم الطفولة الملازمة له وبحياة وجاذبية صورة ذاك الطفل الذي كانه وظل يستمتع بجماله ويحمله إلى الآن في وجدانه».
هي إذن، باكورة آثرنا من خلالها النبش في الثقافة والأدب في زمن الجائحة التي عطلت وما زالت الإبداع والفن والجمال والحياة، وأملنا في ذلك الإسهام في التعريف بالنقد المغربي من خلال تجربة الناقد المبدع عادل أيت أزكاغ عبر قراءته في “شوكولاتة نيتشه” التي أسالت الكثير من المداد، مثلما هو دعوة صريحة من أخبار7 إلى الرقيّ بالثقافة والوعي والإبداع في زمن التفاهة والابتذال.
________
مصدر المقال: منشور ب(موقع أخبار 7- المغربي/ بتاريخ: 22 ديسمبر 2020م).
أثارتنا ونحن نقلب الصفحات على النت، مجموعة من المقالات والدراسات المُنصبّة حول هذه المجموعة القصصية لمبدعين من جنسيات مختلفة، لكننا حابينا المنطق الجغرافي وآثرنا إعادة قراءة ما جادت به أقلام الناقد والكاتب المغربي عادل آيت أزكاغ عن هذا الإبداع المثير للجدل والفضول والبحث.
تحت عنوان: ”نوستالجيا الطفولة المُستعادة في “شوكولاتة نيتشه” لصابر رشدي (المادة المنشورة في مجلّة “أبجديّات الثقافيّة- اليمنية- عدد نونبر 2020، ثم في موقع “أنطولوجيا” الثقافي)، جاء إسهام الناقد المغربي عادل أيت أزكاغ بدوره في دراستها، حيث اعتبرها نصا سرديا حكائيا يتضمن في جوهره قصصًا قصيرة – وصفها- بالعذبة والمرحة والعميقة، تعتمد الواقعية كآلية للاسترجاع المغلفة بكثير من السحر والخيال، وبالاستعانة أيضًا بالموروث الثقافي العجيب والغريب.
من أجل ذلك أحاط الناقد بعنايته هذا النص السردي المازج في عالمه بين تداخل الواقعي بالمتخيل والحلم بالحقيقة، حيث رأى أنّ أجزاءً من القصص تبدو فيه مُحمّلة بحس السخرية ذي الطابع النقدي (التقويمي في إحدى غاياته ووظائف اشتغاله) الذي يحيل الكتابة إلى آلية دفاع واخزة وكاشفة بالضرورة عن اتجاهات خطابها؛ المأخوذ في قسط منه – يضيف الناقد- بأبعاد الخير والجمال والصلاح وبالرغبة الخفية في التسوية والتعديل والإصلاح للسلوكيات المعيبة.
يرى الناقد أنّ الممعن في رؤية أسلوب إبداعية القصص للكاتب صابر رشدي، سيستشف فيها رشاقةً، وإيحاءً، وغنىً، وإيجازاً عميقاً، وكثافة لا تخطئها العين، بالإضافة إلى تقنيات أخرى تبرهن على تمكن القاص من آليات وأساسيات فن القص لكن ببذخ وأناقة، وهو في ذلك يتقاطع مع عدد من النقاد الذين عدّوا مسار القاصّ في إبداعاته الأدبية، نبيلاً وراقياً حد السلاسة مع التضمين والإيحاء والبساطة في الأسلوب والحكي، فهو بذلك يأسر القارئ بين دفتي إبداع لا ينفك يتلفظه حتى يستميل آخر نقطة من إبداعاته الفكرية.
“نوستالجيا الطفولة والاحتفال بالذاكرة”؛ عنوانٌ ثانٍ فرعي ضمن الدراسة، يؤكّد فيه الناقد عادل آيت أزكاغ على مدى ارتباط سير أحداث الحكي بالطفولة، بالرغم – كما يقول: «من أنّ القصص تشتمل على مفردات ترتبط بمناخها وبسياقها الشعبيين وثقافتها المحلية، بيد أنّ أغلب قصص شكولاتة نيتشه، ديدن ساردها الاِتكاء على الذاكرة التي هي نبعها الذي تتدفق وتندلق منه كنهر سلس جارٍ بلا تعقيدات لفظية، نلمح فيها بساطة في التعبير الذي يكتسب قيمته والمجهود الذي بذله صاحبه حتى صاغه كما ارتأى، في سياقات توظيفه السليم لتلك الألفاظ»؛ على حد تعبير الناقد، مستعينا بالبطل (الطفل أحياناً) الذي يسرد بعين إنسان راشد لا بعين الطفل، فيتملك الخيط الناظم ليكون حلقة الوصل بين الكاتب والقارئ.
وبغية تشويق القارئ في الثنائيتين؛ إبداع المجموعة القصصية وإبداع الناقد؛ نرفع إليه خاتمة الناقد والباحث المغربي عادل أيت أزكاع لنترك هامشاً يحكم القارئ من خلاله بين الإبداعين، وفيما يلي جزء مِمّا خلُص إليه في دراسته لها:
»وفق هذا النمط -إذاً- يحتفي القاص الأديب صابر رشدي بماضٍ يحنُّ إليه بالعودة التي تحققت في الزمن الراهن، باعتباره طريقاً نقله إليه وأصبح يمتلكه فيه، لا يسير في اتجاه المستقبل فحسب، بل واستشرافه أيضًا زمناً يضمن خلود الماضي المحمول والمرتحل فيه على نحو أبدي. بفضل الكتابة، هكذا يحتفل طوراً آخر مؤلف “شوكولاتة نيتشه” بعالم الطفولة الملازمة له وبحياة وجاذبية صورة ذاك الطفل الذي كانه وظل يستمتع بجماله ويحمله إلى الآن في وجدانه».
هي إذن، باكورة آثرنا من خلالها النبش في الثقافة والأدب في زمن الجائحة التي عطلت وما زالت الإبداع والفن والجمال والحياة، وأملنا في ذلك الإسهام في التعريف بالنقد المغربي من خلال تجربة الناقد المبدع عادل أيت أزكاغ عبر قراءته في “شوكولاتة نيتشه” التي أسالت الكثير من المداد، مثلما هو دعوة صريحة من أخبار7 إلى الرقيّ بالثقافة والوعي والإبداع في زمن التفاهة والابتذال.
________
مصدر المقال: منشور ب(موقع أخبار 7- المغربي/ بتاريخ: 22 ديسمبر 2020م).