د. محمد عباس محمد عرابي - من رواد الدراسات اللغوية المعاصرين الدكتور إبراهيم أنيس (1906م-1977م)

يعد الدكتور إبراهيم أنيس (1906م-1977م) رحمه الله، من أبرز رواد الدراسات اللغوية المعاصرين في مصر والعالم العربي وقد نبغ في علم الأصوات العربية، وفيما يلي نبذة تعريفية عنه من خلال ما كُتب عنه، يتم عرضها من خلال المحاور التالية:

المحور الأول: مولده وتعليمه وعمله:

أولا: مولده ووفاته:

ولد الدكتور إبراهيم أنيس في مدينة القاهرة (1324 هـ = 1906م)، - توفي في (20 جمادى الآخرة 1397 هـ/8 يونيو 1977م) خاله هو لأستاذ “زكي المهندس” عضو مجمع اللغة العربية الشهير.

ثانيًا دراسته في مصر:

وقد التحق بإحدى المدارس الابتدائية، ثم المدرسة التجهيزية التي كانت ملحقة بدار العلوم، وعندما حصل منها على شهادة الدراسة الثانوية انتقل إلى دار العلوم العليا وتخرج فيها (1349 هـ = 1930).

وكان أثناء دراسته نشاط أدبي؛ فقد برع في الشعر، وكتابة المسرحيات التاريخية والاجتماعية، وكانت هوايته التمثيل وكان رئيسًا لجمعية التمثيل بدار العلوم، وكتب تمثيلية “الشيخ المتصابي”، قام بدور البطولة فيها.

البعثة إلى إنجلترا:

عمل “إبراهيم أنيس” بعد تخرجه بالتدريس في المدارس الثانوية. وسافر في بعثة إلى إنجلترا للحصول على الدكتوراه، وفي جامعة لندن حصل على درجة البكالوريوس في الآداب سنة (1358 هـ = 1939م)، ثم دكتوراه الفلسفة في الدراسات اللغوية السامية سنة (1360 هـ = 1941م)، وكان رئيسًا للنادي المصري بلندن، يدير أعماله ويدير شؤونه.

عمله بالجامعة:

بعد عودته من البعثة عُين مدرسًا بكلية دار العلوم، ثم انتقل إلى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وظل بها عامين أنشأ خلالهما معمل الصوتيات لتحديث الدراسات اللغوية ودراسة الأصوات ومقاييس تصنيفها، ثم عاد إلى دار العلوم، وترقّى في وظائفها إلى أن أصبح أستاذًا ورئيسًا لقسم اللغويات، ثم تولَّى العمادة سنة (1375 هـ = 1955م) للمرة الأولى، ثم عين عميدًا لها مرة أخرى في سنة (1378هـ = 1958م)، لم يرتبط عمله بالجامعات الجديدة في العالم العربي إلا زمنًا محد ا بالجامعة الأردنية وزيارة واحدة قصيرة لجامعة الكويت.

*عضوية المجمع:

لفت إبراهيم أنيس الأنظار إليه بدارساته وبحوثه الجديدة في علم اللغة، فاختير خبيرًا بمجمع اللغة العربية سنة (1378 هـ = 1958م)، ثم نال عضوية المجمع سنة (1381هـ = 1961م)، ساهم مساهمة فعالة في أعمال لجنة الأصول ولجنة اللهجات، ولجنة المعجم الكبير وغيرها، نشر العديد من الدراسات والأبحاث في مجلة المجمع، وقد تولى الإشراف على المجلة منذ العدد الثاني والعشرين، الصادر في سنة (1387 هـ = 1967م)، خلفًا للأستاذ “زكي المهندس” عضو المجمع البارز.

المحور الثاني: نتاجه العلمي:

تمحورت دراساته وبحوثه حول الأصوات اللغوية، واللهجات العربية، ودلالات الألفاظ، وموسيقى الشعر، وقضايا النحو والصرف رآها مجالا للنظر والتأمل، وركز على مواقف الاحتجاج وإصدار الأحكام إلى الاستشهاد بالقرآن الكريم والكلام المأثور من منظوم ومنثور وكلام العلماء.

وكان يحرص على الاستفادة منذ وقت مبكر من إمكانات الحاسب الآلي (الكمبيوتر) في بحوثه اللغوية، ويكلف طلابه بعمل إحصاءات من القرآن الكريم ومن معجمات اللغة.

ومن مؤلفاته: “الأصوات اللغوية”، و”من أسرار اللغة العربية”، و”موسيقى الشعر”، و”في اللهجات العربية”، و”دلالة الألفاظ”، الذي نال عنه جائرة الدولة التشجيعية سنة (1378هـ = 1958م)، وكتاب “اللغة بين القومية والعالمية”.

ومن أبرز كتبه “اللهجات العربية”، فبحث حال العربية قبل الإسلام، وواقع اللهجات فيها، ودرس ما بينها وبين القراءات القرآنية من صلات، وعرض أهم قضاياها في بنيتها ودلالتها وما بينها من اتفاق واختلاف، ثم انتهى إلى أن العناصر المشتركة في اللهجات العربية الحديثة تنتمي إلى لهجات عربية قديمة.

المحور الثالث: أبرز الدراسات عن جهوده اللغوية:

دراسة جهود إبراهيم أنيس اللغّوية في كتابيه أسرار اللغة، ودلالة الألفاظ،والتي تتمثل في( القياس والسماع والعامل والإجماع والقضايا النحوية والصرفية والصوتية والدلالية) ودَوْرُهَا في اللغة العربية وما تحدثه من قضايا لغوية وقراءات ولهجات وتغيرات في الأصوات اللغوية لتحقيق الانسجام الصوتي بين أصوات اللغةـ وتم اتباع المنهج الوصفي ومن أدواته التحليل في معالجته لهذا الموضوع ، مراعياً الاختصار والإيجاز في العديد من موضوعات كتابي أسرار اللغة، ودلالة الألفاظ " متناولاً إياها على ترتيب المؤلف لها ومتطلعاً إلى كتب السابقين واللاحقين لاستنتاج ملامح الشبه أو الاختلاف في الموضوعات المتماثلة. هدفت الدراسة إلى محاولة الكشف عن القضايا الدلالية التي أوردها إبراهيم أنيس في كتابي أسرار اللغة، ودلالة الألفاظ، لمعرفة الذين تأثر بهم وتأثروا به من العلماء المحدثين، ومن ثم توضيح الصلة بين القياس والاشتقاق عند إبراهيم أنيس ، فالاشتقاق في رأيه الطريقة التنفيذية للقياس ، وبيّنت أوجه الشبه بين القضايا اللغوية والصوتية في قضايا المستوى الدلالي. توصل البحث لعدة نتائج أبرزها:

*أشار إبراهيم أنيس إلى ظاهرة الصوت على درجات متفاوتة قد يكون عميقاً، حاداً، موسيقياً وغيره، ويقدّم إبراهيم أنيس تصوره عن نشأة اللغة ويرى من خلال ما كتبه المحدثون إن الكلمات في نشأتها كثيرة المبنى وقليلة المعنى

*استخدم في كتبه مناهج متعددة كالمنهج الوصفي ومن أدواته التحليل، ويصل إلى الهدف المنشود بأقصر الطرق، ويتحاشى التكرار.

* استوعب إبراهيم أنيس المسائل الفكرية واللغوية والعلمية، وسردها بالمعنى والإشارة إلى صاحب الفكرة في بعض الأحيان، لإبراهيم أنيس آراء صوتية خاصة، وأنه وظف العديد من معطيات التجارب الحديثة للدراسات الصوتية العربية في نحو: مخارج بعض الأصوات وصفاتها، ومقاييس أصوات اللين، وطول الصوت اللغوي، والنبر والتنغيم وغيرها.

*دراسة: الدراسة الصوتية عند الدكتور إبراهيم أنيس للباحث على عبد السلام رجب،رسالة ماجستير 2003 جامعة المنيا - كلية دار العلوم - اللغة والدراسات السامية والشرقية

وقد هدفت إلى بيان ما يلي:

• الدكتور إبراهيم أنيس أول من طبق اصول ومبادئ الفكر اللغوي الجديد على اللغة العربية.

• وضع مؤلفات تتناول دراسة مستويات اللغة العربية، الصوتية-الصرفية-النحوية-الدلالية، وفق المنهج الحديث في دراسة اللغة.

• أول من وضع كتابا عربيا عن الاصوات اللغوية.

• إن جهود الدكتور ابراهيم انيس في ميدان علم اللغة كثيرة، وعلى كثرة ما دار حولة من دراسات لم يدرس دراسة صوتية مستقلة .

المنهج:

استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي.

النتائج: ومن أهمها:

• كان يميل إلى العصور المختلفة، يتضح في اختياره لجملة من النصوص من خلال اربعة كتب مشهورة في عصور مختلفة القرن الثاني الهجري سيبويه.

القرن الرابع الهجري ابن جني.

القرن السابع الهجري ابن النفيس.

القرن الثامن الهجري ابن الجزري.

• الظاهرة العامة إن الدكتور أنيس لم يوثق المصادر أحياناـ ويذكر المصدر دون تحديد في بعض الأحيان.

• يميل إلى التعميم أحيانا.

• المعاجم عنده تمثل مصادر أساسية، ولم يذكرها في قائمة مراجعة.

"كتاب "إبراهيم أنيس ... والدرس اللغوي" :

وهو من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وموضوعه كان ندوة بقاعة الاجتماعات الكبرى بالمجمع في الرابع من شهر ديسمبر سنة 1999م

أقوال العلماء فيه:

وفيها قال الدكتور كمال محمد بشر عن الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس، أنه فريد في تخصصه وهو رائد الدرس اللغوي الحديث في العالم العربي، وهو يشبه دي سوسير في أوربا، وبلومفيلد في أمريكا كل منهما أتى بالجديد العميق وإن لم يتم المسيرة ، وكذلك إبراهيم أنيس في العالم العربي كل أعماله كانت عبارة عن بذور خصبة نمت وتفرعت، ونشرت هذا العلم الحديث في العالم العربي، فهو رائد بلا شك في كل فروع اللغة، وأهم ما فيه الجرأة والثقة بالنفس، و كان يكتب من نفسه وبنفسه بكل ثقة واطمئنان وإنك نا نختلف معه أحيانًا، ويقول الدكتور كمال محمد بشر درست عليه كل كلمة كتبها في كتبه ومنه أفدت، ومن أهم ما أفدت من الدكتور إبراهيم أنيس هو العود إلى التراث ومحاولة فهم هذا التراث، والإفادة من هذا التراث.

*الدكتور محمود فهمي حجازي:

ويعد الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس من أهم رواد هذه الدراسات، كان أثره كبيرًا في تأسيس علم اللغة من أجل بحث العربية من حيث البنية الصوتية والدلالية، ومن حيث لهجاتها ومراحلها التاريخية. ومن هنا كانت مكانته الرفيعة في علوم اللغة في الجامعات العربية، ودوره الكبير في مجمع اللغة العربية بالقاهرة

لقد حدث تحول كبير مع إبراهيم أنيس نحو الاهتمام بالدراسة العلمية العربية. كانت الجامعة الأهلية المصرية قد عرفت منذ 1908م اهتماً ما بالنحو المقارن للغات السامية، يمثل هذا الاتجاه في البداية العالم الألماني ليتمان، ثم اللغوي الألماني برجشتراسر، وتكون في هذا الإطار عدد من الأساتذة الدارسين للعربية
في ضوء اللغات السامية، وكانت الكليات والمعاهد القليلة التي تُعنى بالعربية تهتم بالتعليم أكثر من اهتمامها بالبحث العلمي في اللغة العربية. ساده تدريس النحو من خلال شروح الألفية، وكان تدريس المفردات في مجالات محددة يمثل محور التعليم في "فقه اللغة" وكان التعريف باللغات السامية مقدمة لدراسة العبرية أو السريانية للمتخصصين في اللغة العربية. لقد بدأت مرحلة مهمة مع إبراهيم أنيس، وأتاحت له نشأته وظروف تكوينه ودراسته وبعثته إطارًا جديدًا لريادة اتجاه جديد وقوي، امتد أثره الإيجابي في الدراسات اللغوية العربية المعاصرة كان عطاؤه الجامعي كبيرًا، لقد بدأت به اتجاهات جديدة لدراسة بنية اللغة العربية في ضوء التراث اللغوي
وعلم اللغة العام، مع النظرـ أيضًا ـ في المقارنات. الفضل الكبير لإبراهيم أنيس أنه كان يبحث النظام اللغوي للعربية من حيث الأصوات والبنية الصرفية والدلالة. عرف جهود علماء العربية، وأفاد منها وجعلها رافدًا
أساسيّا لبحوثه، وكان عالما باحثًا عن حقائق البنية اللغوية العربية. وفي الوقت نفسه كان وعيه التاريخي واضحا في بحوثه كلها، رؤيته للتنوع اللغوي في العربية في القديم والحديث كانت تمهد لفكره حول واقع العربية ومستقبلها. ومن هنا مكانته ودوره الكبير.

المراجع:

إبراهيم أنيس .. رائد الدراسات اللغوية


وهذا المقال تلخيص له

-عبد الله, محمد يونس فضل السيد ،رسالة ماجستير، جهود إبراهيم أنيس اللغّوية في كتابيه أسرار اللغة، ودلالة الألفاظ http://repository.sustech.edu/handle

على عبد السلام رجب، الدراسة الصوتية عند الدكتور إبراهيم أنيس، رسالة ماجستير جامعة المنيا - كلية دار العلوم - اللغة والدراسات السامية والشرقية،2003

"كتاب "إبراهيم أنيس ... والدرس اللغوي":

، مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،1999م

وأقوال الدكتور كمال محمد بشر والدكتور محمود فهمي حجازي عنه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى