الملاحظ أن بعض النقاد العرب الذين يشجعون على قراءة النصوص العربية بالاعتماد على المقاربات النقدية الغربية لا يتعدون مرحلة شرح ما فهموه من هذه المقاربات. فيتوقفون عند هذا المستوى من غير المرور إلى التطبيق الفعلي، ليبرهنوا على استيعابهم الجيد من خلال تطبيق جيد، وفي نفس الوقت يبرزون حنكتهم في دورهم البيداغوجي لإيصال هذه التقنية لمن يتابع أشغالهم ودروسهم من طلبة ومهتمين، عوض أن يصبح هدفهم هو الحديث النظري عن تلك المقاربات من غير فائدة تذكر أو ممارسة تقنع.
بالمقابل، هناك فئة منهم، إذا حدث وأن حاولت تطبيق مقاربة ما فإنها لا تستطيع التحرر من عملية الإسقاط، إسقاط المعاني، من خارج المقاربة التي ادعت امتطاءها، محاولة هكذا لَيّ تقنياتها كي تتماشى وإسقاطاتها تلك. وخير دليل على هذا هي تلك المقاربات الكثيرة التي سبق وأن تابعتها، كمداخلات حول عمل ما أو قرأتها على صفحات كتب أو مجلات، والتي ادعى متبنوها الانطلاق من دراسة العتبات. فنجد الناقد، في قراءته يتأرجح بين بعض فقرات النص، بعد أن أتمم قراءة العمل كاملا، وبين صورة الغلاف مثلا أو العنوان، أو أي عنصر لما اصطلح عليه بالنص الموازي، ليستنبط بشكل تعسفي ومفاجئ من الفقرة، معنى يراه معبَّرا عنه في الصورة أو في العنوان... وهكذا تجده في ذهاب وإياب بين السعي إلى توليد معنى ما في فقرة ما ليجد له تفسيرا في عتبة ما. ناسيا أو متناسيا بأن دور المقاربة التي تعتمد على العتبات لا يتعدى استنباط بعض الفرضيات، وهي عملية تتم كما يدل المصطلح، انطلاقا من العتبات قبل عبور الباب الذي يؤدي إلى عمق "الدار" أي النص. مقاربة تصلح مثلا لتقديم عمل ما، لم يكن بالإمكان قراءته نظرا لظروف ما. وهكذا تكتفي المقاربة بهذه الفرضيات في انتظار قراءة النص، وحينها تتم عملية التحقق من تلك الفرضيات، من غير إسقاطات تعسفية، إما لتأكيد ما توصلت إليه تلك القراءة الاستباقية أو لنفيها وتصحيح الفرضية.
العتبات، كما يعرفها المختصون، تتكون من عدة عناصر منها العنوان واللوحة الفنية أو صورة الغلاف وإسم الكاتب وإسم دار النشر والإهداء الخ.. وهي عناصر يشار إليها أيضا بمصطلح paratextes، أي النصوص الموازية، كلها عبارة عن معلومات قد تفيد القارئ من الوهلة الأولى لتتكون لديه فكرة عن محتوى الكتاب، أو فرضيات قد يؤكدها النص أو ينفيها بعد قراءته النهائية.
محمد العرجوني
بالمقابل، هناك فئة منهم، إذا حدث وأن حاولت تطبيق مقاربة ما فإنها لا تستطيع التحرر من عملية الإسقاط، إسقاط المعاني، من خارج المقاربة التي ادعت امتطاءها، محاولة هكذا لَيّ تقنياتها كي تتماشى وإسقاطاتها تلك. وخير دليل على هذا هي تلك المقاربات الكثيرة التي سبق وأن تابعتها، كمداخلات حول عمل ما أو قرأتها على صفحات كتب أو مجلات، والتي ادعى متبنوها الانطلاق من دراسة العتبات. فنجد الناقد، في قراءته يتأرجح بين بعض فقرات النص، بعد أن أتمم قراءة العمل كاملا، وبين صورة الغلاف مثلا أو العنوان، أو أي عنصر لما اصطلح عليه بالنص الموازي، ليستنبط بشكل تعسفي ومفاجئ من الفقرة، معنى يراه معبَّرا عنه في الصورة أو في العنوان... وهكذا تجده في ذهاب وإياب بين السعي إلى توليد معنى ما في فقرة ما ليجد له تفسيرا في عتبة ما. ناسيا أو متناسيا بأن دور المقاربة التي تعتمد على العتبات لا يتعدى استنباط بعض الفرضيات، وهي عملية تتم كما يدل المصطلح، انطلاقا من العتبات قبل عبور الباب الذي يؤدي إلى عمق "الدار" أي النص. مقاربة تصلح مثلا لتقديم عمل ما، لم يكن بالإمكان قراءته نظرا لظروف ما. وهكذا تكتفي المقاربة بهذه الفرضيات في انتظار قراءة النص، وحينها تتم عملية التحقق من تلك الفرضيات، من غير إسقاطات تعسفية، إما لتأكيد ما توصلت إليه تلك القراءة الاستباقية أو لنفيها وتصحيح الفرضية.
العتبات، كما يعرفها المختصون، تتكون من عدة عناصر منها العنوان واللوحة الفنية أو صورة الغلاف وإسم الكاتب وإسم دار النشر والإهداء الخ.. وهي عناصر يشار إليها أيضا بمصطلح paratextes، أي النصوص الموازية، كلها عبارة عن معلومات قد تفيد القارئ من الوهلة الأولى لتتكون لديه فكرة عن محتوى الكتاب، أو فرضيات قد يؤكدها النص أو ينفيها بعد قراءته النهائية.
محمد العرجوني