حشيش سمك برتقال هى الرواية الأولى للكاتبة والشاعرة هدى عمران وقد صدرت الرواية عن دار الساقى بلبنان بالتعاون مع آفاق ، وبالعنوان غرابة يلفت نظر القارئ ويثير تساؤلاته ودهشته ، فهو يشير إلى الحشيش وهونبات مخدر للحواس ومثير للوهم واللامبلاة ، وهى مرحلة من الرواية بالفصل الثانى حين تتعرف على مجموعة من الشباب بنات وذكور وهم يعيشون حياة أقرب ألى الحياة البوهيمية أو الهيبيز فى الغرب فى فترة الستينيات، يدخنون الحشيش ويتناولون الخمور ، وللسمك دلالة الخصب والرغبة الجنسية ، والبرتقال يشير إلى فصل الخريف وهو فصل الشعور بالإغتراب والوحشة وتم استخدام البرتقال فى السينما العالمية كإشارة للخراب أو الموت مثل فى فيلم الأب الروحى والبرتقالة الآلية ومسلسل أطفال الرجال .
تحمل الرواية أجواء الرفض والتمرد للشباب فى اوروبا فى ستينيات القرن الماضى فيما عرف بظاهرة الهيبيز وأجواء تلك الفترة فى الأفلام السينمائية الأوربية التى تناولت هذه الظاهرة بأوروبا ، بدأت الكاتبة الرواية بالدخول ببراعة فى الحدث مباشرة دون مقدمات طويلة أو زوائد كلامية بلقاء الفتاة بالسيدة صاحبة الشقة (بكلمات مقتضبة ، شرحت المرأة شكل المساحات وحدودها داخل البيت " هذه مساحتى ، وهذه مساحتك ، وانتهينا" لم يأخذ الأمر وقتا . لم تفرض شروطا خاصة واتفقنا على نقل حاجاتى أول الشهر ) بداية جذابة ومثيرة للقارئ . وشخصيات الرواية بلا أسماء ربما لإضفاء مزيد من الغرابة والتجرد عليها ، كما استخدمت الساردة ألقاب مثل مستر أكس وأبو شامة والسمراء والبيضاء على مجموعة الشباب التى تعرفت عليهم .
تناولت الرواية حياة شابة وحيدة تعيش فى القاهرة من خلال ثلاثة فصول ، بالفصل الأول استأجرت تلك الفتاة غرفة من شقة سيدة نحيلة تقيم بمفردها أيضا ، بعد أن طردتها صديقتها من سكنها التى كانت تعيش معها ، ترى الفتاة تلك السيدة فى وضع جنسى مشين مع رجل فى غرفة السيدة وترى الرجل من ظهره وتظن الفتاة أن ذلك الرجل هو صاحب محل الأنتيكات بالقرب من السكن والذى تعرفت عليه فيما بعد وتعتقد أن ذلك الرجل يريد أن يوقع بها بمساعدة تلك السيدة بما يدفعها إلى التلصص عليها وتفتيش حجرتها والاطلاع على يومياتها وينتاب الفتاة هوس العنف " قوة كبيرة تدفعنى إلى قتل المرأة " حيث قررت انتظارها خلف السلم وضربها على رأسها ثم عدلت عن تنفيذ فكرتها ، بالفصل الثانى تتعرف الفتاة على شاب وفتاتين أمام إحدى دور السينما وتعطيهم البرتقال الذى كان معها أثناء مشاهدتهم أحد الأفلام وتتوثق بينهم العلاقة فى جلسات فى شقة لهم يدخنون فيها السجائر بالحشيش ويشربون الخمور ثم ينطلقون بسيارة أحدهم فى شوارع القاهرة ، بالفصل الثالث تمارس الفتاة عنف عبثى مع سيدة جارة لها تسكن أسفل سكنها دعتها للإقامة معها ، وبتصرف عبثى دفعت الفتاه تلك المرأة من شباك شقتها فوقعت على أسفلت الشارع جثة هامدة .
أجادت الكاتبة الوصف بحواسها العين والأذن والأنف واللمس، فوصفت العقار والشقة والغرفة والشوارع والسوق كما وصفت محل التحف وصفا بصريا بديعا كما وصفت الروائح النتنة حول محل التحف ، كما سمعت أغنية اسمهان الشهيرة ليالى الانس فى فيينا ومحمد فوزى ومغنية فرنسية وقعت فى غرام أغنيتها والتى لم تفهم منها غير كلمة الحب وذلك من فونوغراف منبعث من المحل .
كما أجادت الكاتبة رسم الشخصيات بتقنيات الفن التشكيلى ، فرسمت اللوحات السردية والبورتريه واستخدمت الألوان والضوء والظلال وهى من سمات من الفن التشكيلى وسأكتفى بأمثلة قليلة حيث تصف وجه المرأة صاحبة الشقة وكأنها ترسم بورتريه لها " وأنا أنظر إلى وجهها الغريب ، هذه النظرة الباهتة فى العينين المسحوبتين، والفم المحدد الواسع ، وأنفها الدقيق ، وعظام وجنتيها الفائرتين كأنها عظام وجه ثعلب ، شئ فيها كان أنيقا ، قد يكون فستانها الأسود البسيط أو الملمس القطنى السادة المنسدل على جسد محايد " ، "رأيت المرأة صاحبة البيت ببلوزة سوداء وبنطلون اسود قطنى .. أنا كنت خلفها تماما بفستان أخضر وشعاع واهن من الشمس يسقط على شعرى فيظهر الشعيرات الصفراء المتناثرة على الفروة البنية " ، حيث وجهى له ظلاله الممتدة على الأرض وقد انقسم بسبب شعاع الشمس الواهن الى ثلاث قطع من المرايا المحدقة من بعيد" وكأنها ترسم لوحة تكعبيبة لوجهها المنقسم ألى ثلاث قطع عبر المرايا .
كانت بالرواية ثيمة رئيسية وهى ثيمة السمكة حيث تكررت المشاهد التى بها السمك مع الفتاة ومع السيدة صاحبة الشقة ومع صاحب دكان الانتيكات وتشبه المرأة بالسمكة " كانت تشبه الاسماك بالفعل فى ملبسها الاسود" ، وتقول الفتاة " السير بجوار السمك يذكرنى بالحب ، بصورة القبلة المتحركة على فايسبوك التى حولت أصحابها إلى ثعابين بحر . أقول لنفسى " مالذى سيحدث إذا أكلت هذه الثعابين هل سألمس هذا الحب ؟ أو أننى سأقع فى الغرام المستحيل طول حياتى هذه ؟" ، وتشبه السمكة بشكلها الانسيابى شكل الرحم الأنثوى عند المرأة ، وارتبطت الأسماك بالميثولجبا اليونانية والرومانية بعبادة افروديت وفينوس وبربة الخصب والحب والجمال عشتار بالرافدين ، وتكررت هذه الثيمة فى طعام الفتاة والسيدة والرجل صاحب محل الانتيكات ولها دلالة الحب والرغبة و الجنس وهذا ثابت فى مشهد الرجل والسيدة الجنسى ، وسعى الرجل فى الايقاع بالفتاة ، وسهر الفتاة مع شباب وفتيات السينما وما تخللها من مشاهد جنسية وتدخين الحشيش يدل على ثيمة السمك ودلالتها الرغبة الجنسية .
كانت لغة الرواية لغة فنية جمالية مصورة أجادت الكاتبة الوصف ورسم الشخصيات وكانت تكتب بعين فنانة تشكيلية فى وصف المشاهد وبعين كاميرا فى وصف مشاهد أخرى ، استخدمت الكاتبة الفصحى البسيطة وفى بعض المقاطع كانت اللغة شعرية خلابة مثل " ثم أغلقت النور وتمددت لاراقب القمر وضوءه المنبعث إلى سريرى . كانت جواره نجمتان قريبتان لامعتان ، وحوله نجوم صغيرة ممتازة بدأت العد تزداد النجوم كلما امعنت النظر " ، كما كان الحوار بجمل قصيرة وبالعامية مثل الحوار بين الفتاة وصاحب دكان الانتيكات
عاوزة صورى
دى صور فى الشارع وانت وانتى مرفضتيش
إنت مجنون
كان وجود محل التحف بجوار السوق والذى كان محاطا بروائح كريهة وبقائه صامدا بهذه البيئة كان ذا دلالة هامة كحافظ للفن الأصيل " لا تهمه الروائح النتنة المنتشرة فى الأرجاء ويصر على البقاء صامدا بتحفه المغبرة الراكنة أمام الدكان " كما كان وجود فونوغراف بمحل التحف وإدارة أسطوانات لاسمهان والتى تصف صوتها باللامع ومحمد فوزى ، ولمغنية فرنسية عشقتها الفتاة الساردة رغم أنها لا تفهم من الاغنية التى تغنيها سوى كلمة amour وتعنى الحب وكانت الفتاة تتخيل حكايات تركبها على هذه الأغنية ثم تعود وتتخيل حكايات أخرى على وقع الأغنية الفرنسية ، كان وجود ذلك المحل والفونوغراف والأغانى القديمة العربية والفرنسية ، اشارة بالغة الذكاء إلى التمسك والحفاظ على الفن الأصيل مهما كان قذارة المكان حوله ، ومهما حوت الرواية من تمرد وعبث لكن يبقى الفن الجميل والأصيل والحب بمثابة أنقاذ من حالة التمرد والعبث والإغتراب التى سادت الرواية .
تحمل الرواية أجواء الرفض والتمرد للشباب فى اوروبا فى ستينيات القرن الماضى فيما عرف بظاهرة الهيبيز وأجواء تلك الفترة فى الأفلام السينمائية الأوربية التى تناولت هذه الظاهرة بأوروبا ، بدأت الكاتبة الرواية بالدخول ببراعة فى الحدث مباشرة دون مقدمات طويلة أو زوائد كلامية بلقاء الفتاة بالسيدة صاحبة الشقة (بكلمات مقتضبة ، شرحت المرأة شكل المساحات وحدودها داخل البيت " هذه مساحتى ، وهذه مساحتك ، وانتهينا" لم يأخذ الأمر وقتا . لم تفرض شروطا خاصة واتفقنا على نقل حاجاتى أول الشهر ) بداية جذابة ومثيرة للقارئ . وشخصيات الرواية بلا أسماء ربما لإضفاء مزيد من الغرابة والتجرد عليها ، كما استخدمت الساردة ألقاب مثل مستر أكس وأبو شامة والسمراء والبيضاء على مجموعة الشباب التى تعرفت عليهم .
تناولت الرواية حياة شابة وحيدة تعيش فى القاهرة من خلال ثلاثة فصول ، بالفصل الأول استأجرت تلك الفتاة غرفة من شقة سيدة نحيلة تقيم بمفردها أيضا ، بعد أن طردتها صديقتها من سكنها التى كانت تعيش معها ، ترى الفتاة تلك السيدة فى وضع جنسى مشين مع رجل فى غرفة السيدة وترى الرجل من ظهره وتظن الفتاة أن ذلك الرجل هو صاحب محل الأنتيكات بالقرب من السكن والذى تعرفت عليه فيما بعد وتعتقد أن ذلك الرجل يريد أن يوقع بها بمساعدة تلك السيدة بما يدفعها إلى التلصص عليها وتفتيش حجرتها والاطلاع على يومياتها وينتاب الفتاة هوس العنف " قوة كبيرة تدفعنى إلى قتل المرأة " حيث قررت انتظارها خلف السلم وضربها على رأسها ثم عدلت عن تنفيذ فكرتها ، بالفصل الثانى تتعرف الفتاة على شاب وفتاتين أمام إحدى دور السينما وتعطيهم البرتقال الذى كان معها أثناء مشاهدتهم أحد الأفلام وتتوثق بينهم العلاقة فى جلسات فى شقة لهم يدخنون فيها السجائر بالحشيش ويشربون الخمور ثم ينطلقون بسيارة أحدهم فى شوارع القاهرة ، بالفصل الثالث تمارس الفتاة عنف عبثى مع سيدة جارة لها تسكن أسفل سكنها دعتها للإقامة معها ، وبتصرف عبثى دفعت الفتاه تلك المرأة من شباك شقتها فوقعت على أسفلت الشارع جثة هامدة .
أجادت الكاتبة الوصف بحواسها العين والأذن والأنف واللمس، فوصفت العقار والشقة والغرفة والشوارع والسوق كما وصفت محل التحف وصفا بصريا بديعا كما وصفت الروائح النتنة حول محل التحف ، كما سمعت أغنية اسمهان الشهيرة ليالى الانس فى فيينا ومحمد فوزى ومغنية فرنسية وقعت فى غرام أغنيتها والتى لم تفهم منها غير كلمة الحب وذلك من فونوغراف منبعث من المحل .
كما أجادت الكاتبة رسم الشخصيات بتقنيات الفن التشكيلى ، فرسمت اللوحات السردية والبورتريه واستخدمت الألوان والضوء والظلال وهى من سمات من الفن التشكيلى وسأكتفى بأمثلة قليلة حيث تصف وجه المرأة صاحبة الشقة وكأنها ترسم بورتريه لها " وأنا أنظر إلى وجهها الغريب ، هذه النظرة الباهتة فى العينين المسحوبتين، والفم المحدد الواسع ، وأنفها الدقيق ، وعظام وجنتيها الفائرتين كأنها عظام وجه ثعلب ، شئ فيها كان أنيقا ، قد يكون فستانها الأسود البسيط أو الملمس القطنى السادة المنسدل على جسد محايد " ، "رأيت المرأة صاحبة البيت ببلوزة سوداء وبنطلون اسود قطنى .. أنا كنت خلفها تماما بفستان أخضر وشعاع واهن من الشمس يسقط على شعرى فيظهر الشعيرات الصفراء المتناثرة على الفروة البنية " ، حيث وجهى له ظلاله الممتدة على الأرض وقد انقسم بسبب شعاع الشمس الواهن الى ثلاث قطع من المرايا المحدقة من بعيد" وكأنها ترسم لوحة تكعبيبة لوجهها المنقسم ألى ثلاث قطع عبر المرايا .
كانت بالرواية ثيمة رئيسية وهى ثيمة السمكة حيث تكررت المشاهد التى بها السمك مع الفتاة ومع السيدة صاحبة الشقة ومع صاحب دكان الانتيكات وتشبه المرأة بالسمكة " كانت تشبه الاسماك بالفعل فى ملبسها الاسود" ، وتقول الفتاة " السير بجوار السمك يذكرنى بالحب ، بصورة القبلة المتحركة على فايسبوك التى حولت أصحابها إلى ثعابين بحر . أقول لنفسى " مالذى سيحدث إذا أكلت هذه الثعابين هل سألمس هذا الحب ؟ أو أننى سأقع فى الغرام المستحيل طول حياتى هذه ؟" ، وتشبه السمكة بشكلها الانسيابى شكل الرحم الأنثوى عند المرأة ، وارتبطت الأسماك بالميثولجبا اليونانية والرومانية بعبادة افروديت وفينوس وبربة الخصب والحب والجمال عشتار بالرافدين ، وتكررت هذه الثيمة فى طعام الفتاة والسيدة والرجل صاحب محل الانتيكات ولها دلالة الحب والرغبة و الجنس وهذا ثابت فى مشهد الرجل والسيدة الجنسى ، وسعى الرجل فى الايقاع بالفتاة ، وسهر الفتاة مع شباب وفتيات السينما وما تخللها من مشاهد جنسية وتدخين الحشيش يدل على ثيمة السمك ودلالتها الرغبة الجنسية .
كانت لغة الرواية لغة فنية جمالية مصورة أجادت الكاتبة الوصف ورسم الشخصيات وكانت تكتب بعين فنانة تشكيلية فى وصف المشاهد وبعين كاميرا فى وصف مشاهد أخرى ، استخدمت الكاتبة الفصحى البسيطة وفى بعض المقاطع كانت اللغة شعرية خلابة مثل " ثم أغلقت النور وتمددت لاراقب القمر وضوءه المنبعث إلى سريرى . كانت جواره نجمتان قريبتان لامعتان ، وحوله نجوم صغيرة ممتازة بدأت العد تزداد النجوم كلما امعنت النظر " ، كما كان الحوار بجمل قصيرة وبالعامية مثل الحوار بين الفتاة وصاحب دكان الانتيكات
عاوزة صورى
دى صور فى الشارع وانت وانتى مرفضتيش
إنت مجنون
كان وجود محل التحف بجوار السوق والذى كان محاطا بروائح كريهة وبقائه صامدا بهذه البيئة كان ذا دلالة هامة كحافظ للفن الأصيل " لا تهمه الروائح النتنة المنتشرة فى الأرجاء ويصر على البقاء صامدا بتحفه المغبرة الراكنة أمام الدكان " كما كان وجود فونوغراف بمحل التحف وإدارة أسطوانات لاسمهان والتى تصف صوتها باللامع ومحمد فوزى ، ولمغنية فرنسية عشقتها الفتاة الساردة رغم أنها لا تفهم من الاغنية التى تغنيها سوى كلمة amour وتعنى الحب وكانت الفتاة تتخيل حكايات تركبها على هذه الأغنية ثم تعود وتتخيل حكايات أخرى على وقع الأغنية الفرنسية ، كان وجود ذلك المحل والفونوغراف والأغانى القديمة العربية والفرنسية ، اشارة بالغة الذكاء إلى التمسك والحفاظ على الفن الأصيل مهما كان قذارة المكان حوله ، ومهما حوت الرواية من تمرد وعبث لكن يبقى الفن الجميل والأصيل والحب بمثابة أنقاذ من حالة التمرد والعبث والإغتراب التى سادت الرواية .