ليلى جمل الليل - عدن.. مدينة الحب..

هي مدينة من الصباح حتى المساء تزهو بوقع أقدام ناسها وزوارها تحتفي بالجميع، مشرقة وإن خبت الأضواء فيها، رغم الظروف العاتية للحرب ومخلفاتها ، والأزمات وآثارها، تظل تحتفظ بسرها الذي ما أن تزور شوارعها إلا وتشاركه معك، السر هو الحب ، كيف لمدينة أن تحب ، سأخبرك عزيزي القارئ ، فأن كنت تظن المدن شوارع وأسواقا، أبنية وحدائق فأنت حتما مخطئ، وإن كنت تظن أيضا أن الحب مشاعر بين البشر، فأنت لاشك واهم ، الحب فلسفة تترجمها سياسة القبول، أجل تلك هي عدني، تتقبلك أيا كانت بشرتك أو هويتك أو دينك، هي تطلق عليك لقب عدني، هكذا ستجد نسيمها قد تغلغل على لسانك فينطق باللهجة العدنية، وستحب الشاي_بالحليب العدني ، وستعشق خبز المقلاة العدني، وناهيك عن البخور العدني الغني عن التعريف فهو الذي يحمل عبق التاريخ القديم الذي سيعانق أنفك إلى الأبد، ألم يكن قد أغوى الغزاة عبر العصور لاحتلال هذه المدينة الأبية، وستضحي عزيزي القارئ مغرما بها، كما فعل قبلك الهنود والأكراد والباكستانيون، وكل يمني من أي محافظة، يمتزجون معها مع ينسجموا لبعضهم ويشكلون نسيجا أجتماعيا جدبدا يدعي المجتمع العدني بالغ التمدن، فلا يشعر أحد أنه مختلف أو غريب، في هذه المدينة عانقوا روحها وصاروا عدنيين ، وهنا يكمن سحرها!! بربك أي مدينة تعطيك منحة الأنتماء! ، فدعني ياصديقي أتجول بك في أرجائها لعلك ستخطط لزيارتها وزيارتي ايضا!!، لها ثلاثة منافذ، بحرية وتقبع هي بين الحور عروسا للبحر، ثم سيلفت نظرك فيها قلعة شامخة على جبل نسميه جبل حديد، تقبع فوقة قلعة صغيرة كرمز الأصالة وهي تنظر مستقبلة البحر ، من خلفها تتوارى مدينة الحب، أسطورة الجمال الرباني، لابد أنك تسأل.. لماذا أصفها كل هذا الوصف وهل أُبالغ؟، دعني أفسر لك ياصديقي!؛ لأن كل مدن الدنيا تتباهى بالعمران، وجمال الطبيعة فيها ، والآثار العملاقة ولكن عدن تتباهى بحلاوة ناسها الطيبين، بنسيم البحر البكر في سواحلها ، بهواء نقي من تلوث المصانع، هي تحتفي بك تعانق روحك بشكل لا يوصف، كلما دخلت تلك المدينة يتسلل إحساسً بالطمأنينة، تضحي طرقها رفيقة لك فلا تضيع فيها ، ولا تشعر بالوحشة أو الوحدة فناسها أهلك!، هنا يقبع سرها، ستتجول في شوارعها وترى الناس سواسية، راكب السيارة الفارهة أو القديمة، ابتسامة رضى تعلو شفاه الجميع ، لأن التواضع سمة سائدة بل معلمة من معالمها ، لك مالك ونسبك أفتخر به كما شئت خارج ربوع هذه المدينة، لكن في الداخل كلنا أولاد آدم، ستتعلم التواضع لانه ثقافة الجميع هنا، ثم ستذهب إلى حارات، لتجدها تزهر بالصبية الذين لايزالون يلعبون بالكرة، ونط الحبل، وما شابه، رغم أن الهواتف المحمولة، عزلتهم عن الكثير من اللعب معا، لكن اللعب بالكرة يصنع رابطة فريدة فتضحي الكرة ملتقى المفترقين !، ستحب المقاهي القديمة ورائحة الفل، فموسم الصيف يعبق بأكاليل يرصها البائع ليغري السيدات والسادة للشراء، ستجد أيضا ساعة بج بانج عدن رغم صغرها لكن لطيفة ، يقبع من الأثار قصر البراق في مدينة كريتر رغم أنه متهالك إلا انه يحتفظ بطرازه المعماري الرائع من الخارج وهو لعائلة العبادل آخر عائلة حكمت المحافظة وما حولها. وتذكرت ايضا ، صهاريج عدن الطويلة أكبر خزانات مياه على مستوى العالم قديمًا ، والتي بنيت لتجميع مياه الأمطار لشحتها وقلة موارد الماء العذب في المدينة، هناك أيضًا متاهة الشوارع والمدن متداخلة جدا في المحافظة، لكن مع سائق بارع ستحب الجولة السياحية، إذا مررت أطلب منه أن تحتسي القهوة بالبن اليمني لدينا نوعان منه.. أبنيتها ليس لها طراز قديم فطرازها الحداثة ، وأنا في الحافلة أحب منظر الناس .. سعي الرزق خطوط الزمن على الكبار الذين لم يتوقفوا عن العمل.. وعرق الولدان وهم يحذون حذو ذويهم في العمل، سمفونية ضجيج الشارع بسياراته، وأصوات المارة، والدرجات، أفاجئ ببقرة على رصيف أحيانا!!، وأتعجب ! لذا مسموح لك أيها الزائر تعجب كما شئت، أو ليست مدينة الحب هي أيضا مدينة العجائب. سأتركك الأن على مدخل النفق عندما ادخله أشعر أني في نفق زمني، لا عجب فلدي هوس بنظرية الأكوان المتوازية ، دعك.مني .. الأن وقت الغداء .. لاتفوّت وجبة رائعة أشتهرت بها المدينة.. "الزربيان" أرز باللحم، ويا سلام، ستشكرني حتما على اقتراحية هذا لك تناولها !، وماذا بعد تنتظرك ايضًا وجبات لذيذة أخرى ، نحن قوم نحب البهارات والحار منها ألذ عندنا. حسنا شارفت الرحلة على الإنتهاء، فبعد وجبة دسمة تحتاج لقيلولة. إلى اللقاء.

ليلى جمل الليل/اليمن.

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
أماكن نسكنها.. وأمكنة تسكننا (شعرية المكان)
المشاهدات
450
آخر تحديث
أعلى