-كُنتُ أحسَبُ أنّ الحربَ خُرافة..
شيٌ بعيد..
يحدثُ لأشخاصٍ غرباء في مدنٍ غريبة،
لا أعرف موقعها على الخريطة
تراجيديا أُشاهدُها في نشرات الأخبار ..
يجتاحُني الحزنُ للحظة
ينقبضُ قلبي،
أُشيحُ بوجهي ،
أغيِّرُ القناةَ من الأخبارِ للموسيقى
و ينتهي الأمر..
-كنت أحسبُ أن بيتنا في أمدرمان
سيظلُ منتصباً هناك في ناصِيتِهِ المجيدةِ للأبد..
لابُد أن يظل..
لأنه شُيِّدَ من حبٍ و حجر
و ليس للمنطقةِ تاريخ في الزلازلِ
ليس بقربِ المنزلِ بحرٌ كثيرُ الاحتجاجِ يُرسِل لعناته حين يغضب..
-كان أبي متحمساً ،وهو يضعُ حجرًا على حجرٍ على حجر
اتذكره بوضوح
يحتسي الشاي، يراقبَ الرجال يصنعون قلعته
و يبتسم ..
يُشيرَ عليهمُ أن يفعلوا كيتَ و كيت..
بأن هذا الجانب من الحائط يناسبه الأزرق..
بأنه يريدُ نوافذَ أوسع
و أبوابًا في كل إتجاه
-كنتُ أظنُ أن الشجرةَ أمام دارِنا
ستظلُ أعوامًا عديدة
مزهوةً بالخضرةِ و الذكريات..
خَططتُ للعودةِ عشرين مرة
أحداها في منتصفِ يونيو
أقسَمتُ أن كل يونيو سأعود
و أعود
و أعود
لنتسامر تحت ظلِ الشجرة
أنا و امي و أخواتي
و الجارات..
و القهوة
نتَذَكَّرْ ،
نرغي و نَزبِدْ بكلامٍ تافه
بكلامٍ ملآن
نحزن
نضحك..
-الى أن استيقظتُ ذات صباح
شَغّلت التلفاز
و ياللهول
كُنّا نحنُ ،الخبر الرئيس..
قلتُ كذبةٌ أبريلية سَمِجة
سيمضي أبريل و تُفتَضَح ..
و سيُعاقَبُ مخترعها المستهترُ أيما عِقاب..
-لكن الموت
الحُطام
النار
الهاربون
الصِغار الجزعون تحت الأسِرة
اللصوص
أكاذيب الجنرالات
الجثث فاغرة الافواه على الطرقات
أخبرتني بأنها الحرب من غيرِ شك
و ليس كما كنت أتَمَنى، كذبة.
بأن بيت أبي مهدَّد
بقذيفةٍ طائشة
أو غرباء يستبيحون حُرمة نوافذه الكبيرة
جدرانه الزرقاء
صورة جدي الوحيدة في الصالون .
و الشجرة .
شيٌ بعيد..
يحدثُ لأشخاصٍ غرباء في مدنٍ غريبة،
لا أعرف موقعها على الخريطة
تراجيديا أُشاهدُها في نشرات الأخبار ..
يجتاحُني الحزنُ للحظة
ينقبضُ قلبي،
أُشيحُ بوجهي ،
أغيِّرُ القناةَ من الأخبارِ للموسيقى
و ينتهي الأمر..
-كنت أحسبُ أن بيتنا في أمدرمان
سيظلُ منتصباً هناك في ناصِيتِهِ المجيدةِ للأبد..
لابُد أن يظل..
لأنه شُيِّدَ من حبٍ و حجر
و ليس للمنطقةِ تاريخ في الزلازلِ
ليس بقربِ المنزلِ بحرٌ كثيرُ الاحتجاجِ يُرسِل لعناته حين يغضب..
-كان أبي متحمساً ،وهو يضعُ حجرًا على حجرٍ على حجر
اتذكره بوضوح
يحتسي الشاي، يراقبَ الرجال يصنعون قلعته
و يبتسم ..
يُشيرَ عليهمُ أن يفعلوا كيتَ و كيت..
بأن هذا الجانب من الحائط يناسبه الأزرق..
بأنه يريدُ نوافذَ أوسع
و أبوابًا في كل إتجاه
-كنتُ أظنُ أن الشجرةَ أمام دارِنا
ستظلُ أعوامًا عديدة
مزهوةً بالخضرةِ و الذكريات..
خَططتُ للعودةِ عشرين مرة
أحداها في منتصفِ يونيو
أقسَمتُ أن كل يونيو سأعود
و أعود
و أعود
لنتسامر تحت ظلِ الشجرة
أنا و امي و أخواتي
و الجارات..
و القهوة
نتَذَكَّرْ ،
نرغي و نَزبِدْ بكلامٍ تافه
بكلامٍ ملآن
نحزن
نضحك..
-الى أن استيقظتُ ذات صباح
شَغّلت التلفاز
و ياللهول
كُنّا نحنُ ،الخبر الرئيس..
قلتُ كذبةٌ أبريلية سَمِجة
سيمضي أبريل و تُفتَضَح ..
و سيُعاقَبُ مخترعها المستهترُ أيما عِقاب..
-لكن الموت
الحُطام
النار
الهاربون
الصِغار الجزعون تحت الأسِرة
اللصوص
أكاذيب الجنرالات
الجثث فاغرة الافواه على الطرقات
أخبرتني بأنها الحرب من غيرِ شك
و ليس كما كنت أتَمَنى، كذبة.
بأن بيت أبي مهدَّد
بقذيفةٍ طائشة
أو غرباء يستبيحون حُرمة نوافذه الكبيرة
جدرانه الزرقاء
صورة جدي الوحيدة في الصالون .
و الشجرة .