كنت أسمع يتكلم.. لكنني لم أعد افهم.. ما يقول..؟!
تنبهت من سرحة طويلة.. وقد حلّ الصمت بيننا.. فقلت:
- غبت عنك..
- أعرف.. قال مبتسما وهو يمدّ مسلما.. وقد وقف يلملم أغراضه التي تناثرت أمامه على طول الحديث الذي كان..
- بكّير. قلت..
- لا أعتقد..
- متى أراك؟
- لا أعرف.
- هل نعود فنلتقي؟
ضحك ثم ابتعد عنّي قليلا.. ملوحا بيده.. لكنه استدار وعاد مقتربا وقال:
- هل رأيتني مرّة أخرى.. هل تعرف لماذا عدت؟
- لم تذهب بعد..
- ستغير رأيك بعد قليل.. يهمني أن اعرف أين انتهت كلماتي؟
- أقعد.. فأقول لك..
- لم يعد قادرا على الجلوس.. أكاد أطير.. راح ثقلي مع الحكاية التي رويتها لك.. أين أنتهت؟ قل لي؟
- لم أحضر نهايتها..
- أعد عليّ آخر الكلمات التي فهمت؟
- كنت عائدا إلى البيت.. فركضت إليك لتحتضنك في الشارع.. أخذتها بين ذراعيك.. ودخلتما غلى البيت معا..
- أكمل؟
- هذا كل ما أذكر.
وضحكت لمنظره.. فقد كان غارقا في الإهتمام إلى حدّ غريب ومثير.
- مستحيل!
- صدقني؟ قلت وقد بدأت الحيرة تغزو أفكاري..
- شكرا. قال وهو يلّوح بيده مودعا.. وأكمل:
- هذه النهاية التي اخترتها لي.. هي البداية التي كنت أنتظرها.. سأعود إلى هناك..؟؟!
- تعال هنا؟؟ قلت ولحقت به:
- ماذا تقصد بكلامك هذا؟
- أو اليوم.. أو غدا.. ستفهم القصد.. سيصلك أحلى خبر..
- إنتظر قليلا؟؟ قلت. لكنه أسرع مبتعدا.. وغاب.
عدت إلى مكاني نادما سماعي حكايته.. ومتأسفا لغيبتي عن باقي الأيام.. وشعرت بثقي يزداد.
ضحكت وأنا أفكر به طائرًا في الهواء بغير وزن!!؟ تاركا إياه عندي مع الحكاية التي رواها.
-.. ودخلت معها إلى البيت!!؟
وتذكرت!..
ليس هو الذي دخل معها إلى البيت!!؟.. أنا الذي دخلت إلى البيت معها!!
وصعقني المفاجأة!.. وشالتني الفكرة، على الرغم من ثقلي، فلحقت به؟؟!!
خطوات في كل الإتجاهات الممكنة!!؟
كان قد اختفى!
واستعدت نظري عن بعد الجهات.. وعدت إلى مكاني!!؟؟
سرقني ابن العرص!
صار لوقع الكلمات في حنجرتي رنين غريب!؟
لا يمكن!.. قلت. وتملكتني ضحكة عنيفة الصدى!! وكأني فقد الإحساس بالزمن.
حاولت.. وأنا أرفع سمّاعة الهاتف أطلب رقم بيته.. أن أُقدّر الوقت الذي مرّ على غيابه؟؟
واحترت في التفسير!!؟
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا.. وأنا أذكر أنني اليوم تركت البيت في الثانية عشرة ظهرا!.. الساعة تعمل.. لم أفهم؟؟!
- الرقم خطأ.. قلت في نفسي وأنا ‘يد سمّاعة الهاتف إلى موضعها.. وتملّكني الرعب وأنا أصحو على حقيقة تذكّرني بمعرفة تهت عنها!
مكان البيت حديقة وأكوام حجارة.. وحديد.. وأخشاب.. وحفريات لأساسات بيت جديد! وقبل أيام مررت.. مع أحد الأصدقاء بجانبه..- ونحن بالسيارة- وسألت عنه؟
- موجود. كان الجواب.
- ورطة!.. لقت لنفسي!!؟؟.. واستغربت رنين الأجراس في حلقي!!.. وشعرت بقليل من الغربة عن حالي!؟.. وفكرت في أقرب مكان فيه مرآة يمكن لي أن أرى نفسي بها على مدى طولي كلّه؟
وغمرني شوق جارف لرؤية وجودي الذي أعرف؟.. وروّحت.. ومعي.. كلمة!!؟
وسؤال؟
- هل هو الخوف الذي أعرف؟.. وهل.. سأكون.. أنا.. في المرآة التي أملك؟
وفتحت باب بيتي.. ودخلت؟؟؟!!!
كنت أعرف كلّ شيء عن الرعب!!
وفي صغري.. رضعت مع الحكايا.. أخبار الجن.. والشياطين.. والعفاريت المغريات بالخطايا!!؟؟
وسمعت عن خروج الإنسان إلى عوالم أخرى وكبرى لا موت فيها!؟
وعشت مع الغولة.. والسحّر.. والساحرات.. والغيب.. والخفايا!!؟؟
هذا الخوف!!.. لا ينتمي لعالم قاله خالق الرعب!؟.. ولا لروات الحكايا!!؟؟
ونظرت في المرآة؟! وفهمت.
كنت..
أنا.
سهيل أبو نوّارة
(الناصرة/ 25 أيلول 2000)
تنبهت من سرحة طويلة.. وقد حلّ الصمت بيننا.. فقلت:
- غبت عنك..
- أعرف.. قال مبتسما وهو يمدّ مسلما.. وقد وقف يلملم أغراضه التي تناثرت أمامه على طول الحديث الذي كان..
- بكّير. قلت..
- لا أعتقد..
- متى أراك؟
- لا أعرف.
- هل نعود فنلتقي؟
ضحك ثم ابتعد عنّي قليلا.. ملوحا بيده.. لكنه استدار وعاد مقتربا وقال:
- هل رأيتني مرّة أخرى.. هل تعرف لماذا عدت؟
- لم تذهب بعد..
- ستغير رأيك بعد قليل.. يهمني أن اعرف أين انتهت كلماتي؟
- أقعد.. فأقول لك..
- لم يعد قادرا على الجلوس.. أكاد أطير.. راح ثقلي مع الحكاية التي رويتها لك.. أين أنتهت؟ قل لي؟
- لم أحضر نهايتها..
- أعد عليّ آخر الكلمات التي فهمت؟
- كنت عائدا إلى البيت.. فركضت إليك لتحتضنك في الشارع.. أخذتها بين ذراعيك.. ودخلتما غلى البيت معا..
- أكمل؟
- هذا كل ما أذكر.
وضحكت لمنظره.. فقد كان غارقا في الإهتمام إلى حدّ غريب ومثير.
- مستحيل!
- صدقني؟ قلت وقد بدأت الحيرة تغزو أفكاري..
- شكرا. قال وهو يلّوح بيده مودعا.. وأكمل:
- هذه النهاية التي اخترتها لي.. هي البداية التي كنت أنتظرها.. سأعود إلى هناك..؟؟!
- تعال هنا؟؟ قلت ولحقت به:
- ماذا تقصد بكلامك هذا؟
- أو اليوم.. أو غدا.. ستفهم القصد.. سيصلك أحلى خبر..
- إنتظر قليلا؟؟ قلت. لكنه أسرع مبتعدا.. وغاب.
عدت إلى مكاني نادما سماعي حكايته.. ومتأسفا لغيبتي عن باقي الأيام.. وشعرت بثقي يزداد.
ضحكت وأنا أفكر به طائرًا في الهواء بغير وزن!!؟ تاركا إياه عندي مع الحكاية التي رواها.
-.. ودخلت معها إلى البيت!!؟
وتذكرت!..
ليس هو الذي دخل معها إلى البيت!!؟.. أنا الذي دخلت إلى البيت معها!!
وصعقني المفاجأة!.. وشالتني الفكرة، على الرغم من ثقلي، فلحقت به؟؟!!
خطوات في كل الإتجاهات الممكنة!!؟
كان قد اختفى!
واستعدت نظري عن بعد الجهات.. وعدت إلى مكاني!!؟؟
سرقني ابن العرص!
صار لوقع الكلمات في حنجرتي رنين غريب!؟
لا يمكن!.. قلت. وتملكتني ضحكة عنيفة الصدى!! وكأني فقد الإحساس بالزمن.
حاولت.. وأنا أرفع سمّاعة الهاتف أطلب رقم بيته.. أن أُقدّر الوقت الذي مرّ على غيابه؟؟
واحترت في التفسير!!؟
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا.. وأنا أذكر أنني اليوم تركت البيت في الثانية عشرة ظهرا!.. الساعة تعمل.. لم أفهم؟؟!
- الرقم خطأ.. قلت في نفسي وأنا ‘يد سمّاعة الهاتف إلى موضعها.. وتملّكني الرعب وأنا أصحو على حقيقة تذكّرني بمعرفة تهت عنها!
مكان البيت حديقة وأكوام حجارة.. وحديد.. وأخشاب.. وحفريات لأساسات بيت جديد! وقبل أيام مررت.. مع أحد الأصدقاء بجانبه..- ونحن بالسيارة- وسألت عنه؟
- موجود. كان الجواب.
- ورطة!.. لقت لنفسي!!؟؟.. واستغربت رنين الأجراس في حلقي!!.. وشعرت بقليل من الغربة عن حالي!؟.. وفكرت في أقرب مكان فيه مرآة يمكن لي أن أرى نفسي بها على مدى طولي كلّه؟
وغمرني شوق جارف لرؤية وجودي الذي أعرف؟.. وروّحت.. ومعي.. كلمة!!؟
وسؤال؟
- هل هو الخوف الذي أعرف؟.. وهل.. سأكون.. أنا.. في المرآة التي أملك؟
وفتحت باب بيتي.. ودخلت؟؟؟!!!
كنت أعرف كلّ شيء عن الرعب!!
وفي صغري.. رضعت مع الحكايا.. أخبار الجن.. والشياطين.. والعفاريت المغريات بالخطايا!!؟؟
وسمعت عن خروج الإنسان إلى عوالم أخرى وكبرى لا موت فيها!؟
وعشت مع الغولة.. والسحّر.. والساحرات.. والغيب.. والخفايا!!؟؟
هذا الخوف!!.. لا ينتمي لعالم قاله خالق الرعب!؟.. ولا لروات الحكايا!!؟؟
ونظرت في المرآة؟! وفهمت.
كنت..
أنا.
سهيل أبو نوّارة
(الناصرة/ 25 أيلول 2000)