من لا تاريخ له لا مستقبل له
إن استمرار الإستعمار سواء كان سياسيا ، عسكريا، اقتصاديا أو فكريا يعيق البناء الحضاري و تطور الأمم و الشعوب، لاسيما شعوب العالم الثالث التي عاشت قساوة الإحتلال الفرنسي و كان يحدوها رغبة قوية في إنهاء الاستعمار بجميع مظاهره، و ها هي بعض الدول تنعم اليوم بالاستقلال وشرع نظامها يخوض ثورة زراعية، صناعية ولم يستثن المنظومة التربوية لاستعادة هويته و كرامته و سيادته إن صح التعبير، و اليوم نقف على المشاريع التي انجزت هنا و هناك رغم النقائص الكبيرة التي جعلتها مجمّدة و بصعوبة أعيد تحريكها، حيث أقيمت مدارس و جامعات و مستشفيات و طرق و تمديد شبكات الكهرباء و الماء، و الاتصالات، اصبح لدينا محاكم و سجون و أجهزة أمن و جيش، فكل الأنظمة استطاعت أن تنهض بهذه المشاريع، إلا أنها اخفقت في أن تضع المجتمع على سكّة التطور السياسي والاجتماعي و الثقافي والعلمي والتكنولوجي، لأن هذه الأنظمة تغولت في سلطتها، همّشت بعض مؤسساتها و وظائفها و همّشت شبابها، الذي لا يزال يجهل تاريخه.
و الجزائر كنموذج و هي تحتفل بالذكرى الواحدة و الستون لعيدي الإستقلال و الشباب ، سلطت الضوء على الجانب الإقتصادي من خلال تدشين مشاريع قديمة كانت مجمّدة، أعيد لها الاعتبار بعدما استنزفت أموالا ضخمة من الخزينة العمومية، و إن كانت هذه الحركية خطوة إيجابية لرفع عنها غبار السنين المتراكم و تحقيق الإنماء في كل المجلات، إلا أن الاحتفال بالاستقلال ظل ناقصا، إذ لم تنظم و لا جهة رسمية ملتقيات أو ندوات عن تاريخ الثورة الجزائرية تنير بها الشباب الذي لا زال لا يعرف سوى القليل عن ماضيه و تضحيات الرّجال، و يوجد من الشباب من كفر بالثورة، لأن بلاده لم تمنحه حقوقه في الشغل و السكن و التطبيب، و لأن "الخوصصة " استطاعت أن تخلق لها مكانة واسعة في الساحة و في كل المجالات، و سيطرت على القطاع العمومي فلا تزال فئة من الشباب و من مختلف الأعمار يعيشون التهميش و الظلم و حرمانهم من الحقوق المشروعة كالشغل و السكن و الحق في العلاج و هذه أبسط الحقوق التي نص عليها الدستور الجزائري.
إن هذه الأنظمة و كما يقال أشاحت بعيونها عن معاناة الناس و تعامت عن رغبتها في التغيير و سدّت آذانها عن مطالب الجماهير ، حدث هذا في عيد الإستقلال عندما تقدم مواطن للمطالبة بحقوقه المشروعة و هو ربّ عائلة و وجد نفسه محاصرا، لا ندري لماذا لا تزال بلدان الشرق الأوسط و شمال افريقيا الأكثر قمعا في العالم ليس على مستوى خارجي فحسب بل حتى على المستوى الداخلي، فرغم ما حدث من ثورات شعبية و حراك شعبي لا تزال هذه الشعوب تواجه أنظمة مستبدة، كانت سببا (أي الأنظمة) في إعاقة الإندماج المجتمعي، لأن أصحاب الأمر و النهي هم أصحاب السلطة ، و ظل الشباب يتخبط في مشاكله، بعضه فضل الانتقال الى الضفة الأخرى، و الآخر انغمس في عالم المخدرات و شباب شكلوا عصابات و منظمات إجرامية، ظنا منهم أن الحق يستعاد بالقوة ، كانت هذه المنظمات الإجرامية هي السلطة الثانية، دون أن تحدث الأنظمة تغييرات سياسية ز الدليل أن مشاريع عدة أجهضت، من بينها مشروع لمّ الشمل الجزائري و إن كان الحاكم الأول في البلاد في كل مناسبة وطنية يصدر قرارات العفو عن المساجين، لا يزال سجناء التسعينيات وراء القضبان الحديدية و في زنزانات لما يزيد عن 30 سنة و لم يمسهم قرار العفو، فالعدالة مغيبة و لا يوجد من له الجرأة على فتح مثل هذه الملفات ، لأن مصيره الاعتقال و السجن، المسألة طبعا لا تتعلق بعرق ما لأن الجزائر لا تعاني من مشكل عرقيات، و لكنها تعاني من مشكلة عدالة و حقوق الإنسان.
الواقع أن الاحتفال بعيدي الإستقلال لا يحتفل به بتدشين مشاريع فقط بل هو يوم للذكرى تسترجع فيه الشعوب تاريخها المجيد و تضحيات رجالها و أبنائها الذي صنعوا مجدهم ، إننا بحاجة إلى قراءة التاريخ، و إعادة كتابته بموضوعية، والسؤال الذي بات يُطرح اليوم، من يقرأ التاريخ؟ من يكتبه؟ بل من يصنع التاريخ؟ و ماهي النظرية التي يمكن غرزها في عقول الشعوب، هذه الشعوب التي لم تعد تعرف إن هي تعيش في نظام ديمقراطي أو برجوازي أو جمهوري، أو نظام دكتاتوري قمعي لا يملك مبادئ يتكئ عليها أو يمارسها في الحياة اليومية، فالشعوب اليوم تغرق في مستنقع الجهل بالقوانين و لا تعرف ماهي حقوقها وماهي واجباتها، إن الشرّ كل الشرّ كما يقال هو في العمومية تحت ستار الديمقراطية، و لتحقيق المعادلة نحن بحاجة إلى فلسفات جديدة و سياسات جديدة نابعة من رؤى جديدة تبعثها الشعوب لتنهض و تنفض عنها الغبار المتراكم من سنسن ، و السؤال: هل باستطاعتها أن نحوّل المبدأ من شعور إلى عقيدة أم أننا نكتفي بترديد مقولة "البقاء للأقوى"؟، فمن لا تاريخ له لا مستقبل له. ( جمعة مباركة)
علجية عيش
إن استمرار الإستعمار سواء كان سياسيا ، عسكريا، اقتصاديا أو فكريا يعيق البناء الحضاري و تطور الأمم و الشعوب، لاسيما شعوب العالم الثالث التي عاشت قساوة الإحتلال الفرنسي و كان يحدوها رغبة قوية في إنهاء الاستعمار بجميع مظاهره، و ها هي بعض الدول تنعم اليوم بالاستقلال وشرع نظامها يخوض ثورة زراعية، صناعية ولم يستثن المنظومة التربوية لاستعادة هويته و كرامته و سيادته إن صح التعبير، و اليوم نقف على المشاريع التي انجزت هنا و هناك رغم النقائص الكبيرة التي جعلتها مجمّدة و بصعوبة أعيد تحريكها، حيث أقيمت مدارس و جامعات و مستشفيات و طرق و تمديد شبكات الكهرباء و الماء، و الاتصالات، اصبح لدينا محاكم و سجون و أجهزة أمن و جيش، فكل الأنظمة استطاعت أن تنهض بهذه المشاريع، إلا أنها اخفقت في أن تضع المجتمع على سكّة التطور السياسي والاجتماعي و الثقافي والعلمي والتكنولوجي، لأن هذه الأنظمة تغولت في سلطتها، همّشت بعض مؤسساتها و وظائفها و همّشت شبابها، الذي لا يزال يجهل تاريخه.
و الجزائر كنموذج و هي تحتفل بالذكرى الواحدة و الستون لعيدي الإستقلال و الشباب ، سلطت الضوء على الجانب الإقتصادي من خلال تدشين مشاريع قديمة كانت مجمّدة، أعيد لها الاعتبار بعدما استنزفت أموالا ضخمة من الخزينة العمومية، و إن كانت هذه الحركية خطوة إيجابية لرفع عنها غبار السنين المتراكم و تحقيق الإنماء في كل المجلات، إلا أن الاحتفال بالاستقلال ظل ناقصا، إذ لم تنظم و لا جهة رسمية ملتقيات أو ندوات عن تاريخ الثورة الجزائرية تنير بها الشباب الذي لا زال لا يعرف سوى القليل عن ماضيه و تضحيات الرّجال، و يوجد من الشباب من كفر بالثورة، لأن بلاده لم تمنحه حقوقه في الشغل و السكن و التطبيب، و لأن "الخوصصة " استطاعت أن تخلق لها مكانة واسعة في الساحة و في كل المجالات، و سيطرت على القطاع العمومي فلا تزال فئة من الشباب و من مختلف الأعمار يعيشون التهميش و الظلم و حرمانهم من الحقوق المشروعة كالشغل و السكن و الحق في العلاج و هذه أبسط الحقوق التي نص عليها الدستور الجزائري.
إن هذه الأنظمة و كما يقال أشاحت بعيونها عن معاناة الناس و تعامت عن رغبتها في التغيير و سدّت آذانها عن مطالب الجماهير ، حدث هذا في عيد الإستقلال عندما تقدم مواطن للمطالبة بحقوقه المشروعة و هو ربّ عائلة و وجد نفسه محاصرا، لا ندري لماذا لا تزال بلدان الشرق الأوسط و شمال افريقيا الأكثر قمعا في العالم ليس على مستوى خارجي فحسب بل حتى على المستوى الداخلي، فرغم ما حدث من ثورات شعبية و حراك شعبي لا تزال هذه الشعوب تواجه أنظمة مستبدة، كانت سببا (أي الأنظمة) في إعاقة الإندماج المجتمعي، لأن أصحاب الأمر و النهي هم أصحاب السلطة ، و ظل الشباب يتخبط في مشاكله، بعضه فضل الانتقال الى الضفة الأخرى، و الآخر انغمس في عالم المخدرات و شباب شكلوا عصابات و منظمات إجرامية، ظنا منهم أن الحق يستعاد بالقوة ، كانت هذه المنظمات الإجرامية هي السلطة الثانية، دون أن تحدث الأنظمة تغييرات سياسية ز الدليل أن مشاريع عدة أجهضت، من بينها مشروع لمّ الشمل الجزائري و إن كان الحاكم الأول في البلاد في كل مناسبة وطنية يصدر قرارات العفو عن المساجين، لا يزال سجناء التسعينيات وراء القضبان الحديدية و في زنزانات لما يزيد عن 30 سنة و لم يمسهم قرار العفو، فالعدالة مغيبة و لا يوجد من له الجرأة على فتح مثل هذه الملفات ، لأن مصيره الاعتقال و السجن، المسألة طبعا لا تتعلق بعرق ما لأن الجزائر لا تعاني من مشكل عرقيات، و لكنها تعاني من مشكلة عدالة و حقوق الإنسان.
الواقع أن الاحتفال بعيدي الإستقلال لا يحتفل به بتدشين مشاريع فقط بل هو يوم للذكرى تسترجع فيه الشعوب تاريخها المجيد و تضحيات رجالها و أبنائها الذي صنعوا مجدهم ، إننا بحاجة إلى قراءة التاريخ، و إعادة كتابته بموضوعية، والسؤال الذي بات يُطرح اليوم، من يقرأ التاريخ؟ من يكتبه؟ بل من يصنع التاريخ؟ و ماهي النظرية التي يمكن غرزها في عقول الشعوب، هذه الشعوب التي لم تعد تعرف إن هي تعيش في نظام ديمقراطي أو برجوازي أو جمهوري، أو نظام دكتاتوري قمعي لا يملك مبادئ يتكئ عليها أو يمارسها في الحياة اليومية، فالشعوب اليوم تغرق في مستنقع الجهل بالقوانين و لا تعرف ماهي حقوقها وماهي واجباتها، إن الشرّ كل الشرّ كما يقال هو في العمومية تحت ستار الديمقراطية، و لتحقيق المعادلة نحن بحاجة إلى فلسفات جديدة و سياسات جديدة نابعة من رؤى جديدة تبعثها الشعوب لتنهض و تنفض عنها الغبار المتراكم من سنسن ، و السؤال: هل باستطاعتها أن نحوّل المبدأ من شعور إلى عقيدة أم أننا نكتفي بترديد مقولة "البقاء للأقوى"؟، فمن لا تاريخ له لا مستقبل له. ( جمعة مباركة)
علجية عيش