التبرير و الديماغوجية و الشعبوية كفيلة بتصحير القطاعات
ابراهيم غربي
إن المسلمين اليوم بحاجة إلى إعادة تصحيح و ضبط سلوكاتهم الاجتماعية و الحضارية وفق الهدف الأسمى المرتبط بالسعادة التي يشقى أكثر الناس في تحصيلها، لكن يموت أكثرهم و قد ضيعوا الجهد و العمر في طلب عرض زائل، لا يحقق الأمن و الهداية و السلام، كانت هذه رؤية الناشط السياسي المحسوب على الجبهة الإسلامية للإنقاذ إذ يؤكد في رسائله أن التبرير و الديماغوجية و الشعبوية كفيلة بتصحير القطاعات التي تملك من المناعة و المقاومة الذاتية ما تواجه به الفشل و الإفلاس، ما توفرت الشفافية و الثقة و المرونة، لكن المؤسف في الوضع القائم، هو عمل تلك البقعة السياسية المتمددة في وسائل الدعاية على اقتراح مثبطات سياسية بتوظيف فوبيا العناوين من أجل دعم الوضع الحالي على حساب مقاومة عوامل الانهيار
بعد حظر الجبهة الإسلامية للإنقاذ و إبعاد قادتها عن الساحة السياسية و التضييق عليهم لم تجد هذه الشريحة الواسعة التي التف حولها الشعب الجزائري في انتخابات 1990 وككل المحاصرين من قبل النظام من وسيلة للتعبير عن آرائها و مواقفها سوى الفضاءات الإلكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال فكرها و مشروعها الذي أجهضته السلطة، و اعتقلت قياديها ولا تزال تستفزهم بممارساتها التعسفية رغم مرور 33 سنة على وقوع الحرب الأهلية في الجزائر و التوقيع على قانون الوئام و المصالحة الوطنية ، هذه المصالحة التي لا تزال حبر على ورق، بدليل أن بعد مرور هذه السنوات لا يزال سجناء التسعينيات المحسوبين على الجبهة الإسلامية للإنقاذ داخل السجون الى اليوم ، و هو ما اعتبره الرأي العام المحلي و الدولي قمع سياسي و ضرب للديمقراطية، و ها هو الناشط السياسي ابراهيم غربي يستذكر الأحداث و ما عاناه قادة الفيس و المعتقلين السياسيين بدءًا من حركة 11 يناير 1992 التي أحدثت -كما قال هو - انزياحا سياقيا واضحا عن معالم التجربة الديمقراطية الفتية الذي ظل يبين عن أبجديات العمل السياسي في حدوده القصوى عن مقتضى السيادة الوطنية في القرارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، حيث اتخذت تلك البقعة الطافية على سطح الطبقة السياسية من تلك الحركة العنيفة جبهة حاولت مدها بالمبررات الإيديولوجية المختلفة، فلسفية و قيمية و تاريخية لتثبيت مشروعية جمعت على عجل في ورشة المجلس الأعلى للدولة لمواجهة شرعية سارت و هي تمشط طريقها الملغم بالمفاجآت، تسببت شيئا فشيئا من إنهاك الطاقات الإيجابية، و تشويه المعارضة و التهييب من التغيير.
هي رسائل وجهها صاحبها إلى الرأي العام العربي عامة و المحلي خاصة لمراجعة الأحداث و الوقوف على ما لحق جماعة الفيس من ظلم و قهر بعد أن اغتصبت السلطة حقهم الشرعي و منعتهم من إحداث التغيير، هذا الأخير (أي لتغيير) يضيف صاحب الرسالة لا يزال قائما في أداء السلطة و سلوك المسؤولين مسلك السلامة و تعثر الإدارة على عتبة الرقمنة، و تحول مخلفات المركزية إلى عبء مضاف إلى البنية البيروقراطية للإدارة، متخلفة عما تفرضه التطورات في العالم، إن التبرير و الديماغوجية و الشعبوية كفيلة بتصحير القطاعات التي تملك من المناعة و المقاومة الذاتية ما تواجه به الفشل و الإفلاس، ما توفرت الشفافية و الثقة و المرونة، لكن المؤسف في الوضع القائم، هو عمل تلك البقعة السياسية المتمددة في وسائل الدعاية على اقتراح مثبطات سياسية بتوظيف فوبيا العناوين من أجل دعم الوضع الحالي على حساب مقاومة عوامل الانهيار، إذ لا يمكن إفراغ الواقع الوطني من أهم تجلياته، سواء كانت في الأذهان، أو برزت في الأعيان، إن القيادة تحتاج إلى علم و دراية، لا إلى مغامرة و مجازفة، هذه الأخيرة قد تضع ما لا يزال صالحا من طاقات و وسائل في دائرة المقامرة التي تتحرك عكس كل التوقعات الإيجابية.
يرى هذا الدّاعية إلى الحق و العدالة الإجتماعية أن المسلم صاحب قضية يناضل من أجلها، و رسالة يسخر لنشرها كل نفيس، فهو خليفة خلق لعبادة الله في الأرض، و بهذا وجب عليه أن يبحث و يتعلم و يطور الوسائل التي تقوي منهج هذه المهمة الربانية، لن يكون ذلك إلا بضبط المعالم و الأسس الحضارية على التوحيد الذي بثه الله في الخلق، أي أن يدافع عن فطرة الله و صبغته بتصحيح ما فسد من العقائد و إحياء الأنفس التي تتخبطها خوانق الحيرة و فقدان الروح الإنسانية، فما ما يعانيه البشر اليوم ناجم عن ضعف دافعية المسلمين الذين لم يتمكنوا من تقديس شعائر دينهم بالطريقة التي تخرجهم من التبعية لإرادات لم تقم سوى على ضعف المسلمين، هذا الضعف كما يقول هو الذي يرى مظاهر القوة في التشبث بالأسباب التي تزيده وهما بأن شروط نهضته من مكمن العجز مادية، بينما هي في الحقيقة منهجية و نفسية عميقة مرتبطة بالإيمان و الانتماء، فالانتماء وحده الذي يشكل رصيدا من التراث و الحضارة، يجد من يجدد الانطلاق على هدى من مناراته الدعم المعنوي القوي و القبول الاجتماعي الواسع، هذا القبول الذي يصنع تضامنا داخل المجتمع يدفع الجميع إلى بذل الثقة التي تسير في سياقها المجهودات المادية والمعنوية للأمة.
وها هي السنة الهجرية الجديدة تلقي على الأمّة بدررها، و تفتح لهم من أيّامها أبواب النفحات التي تملأ القلوب إيمانا و البصائر يقينا بأنّ وعد الله آت، و لو ضاقت ظنون العباد بربّهم، لما يعاينون من ضيق أمورهم و وطأة البلاء، لقد خرج موسى عليه السلام يوم عاشوراء بأمر الله و تأييده ببني إسرائيل مجاوزا بهم البحر، و فرعون في إثرهم بجنوده، حتّى إذا بلغت الظّنون حدّ ما ليس منه بدّ، و استبدّ بكلّ فريق ما يجد في نفسه، انتفض اليقين بكلمة كلاّ مستصغرة تلك الظنون و ما وراءها من حشود، كانت هذه كلمات الناشط السياسي ابراهيم غربي الذي يمكن أن نلقبه بالثائر ، و هو يستحق هذا اللقب، فما يحدث في العالم من تهافت و تدابر و تنافر و تناحر، كما يقول هو مردّه الإعراض عن الله و ترك سننه الجارية في خلقه، فللقلوب سطوة الملوك في الأبدان، فمتى علمت من الحقّ شيئا و تركته بغيا انتكست، و اختل ميزان البشرية و مال من الاعتدال إلى الإفراط و التفريط، و هذا حال الناس من عرب و عجم، و قد حمّلوا أوزارا من أعمال لم يدركوها، فهم بها أدعياء و من تبعاتها أشقياء، إن مشروع الاستقلال في الجزائر لا يزال يقاوم كل أشكال الهيمنة، و تلك الأشداق التي ابتلعت بالأمس أقطارا و أزهقت أعمارا، إن مؤتمر الوفاء كان صفحة حضارية لامعة، كتب عليها بإتقان خط سير رشيد اختار السلمية و السلامة للأمة التي فجعت بحركة يبدو أن محركيها لا يزالون على قناعة أن مصالحهم تسير بخط مواز لمسار الأمة.
قراءة علجية عيش