(الإسكندرية - صيف - 1984)
على شط البحر الهادئ.. وسط النهار العائد..خلف الهواء الساكن، جلس الأديب العظيم يوسف إدريس ينظر للبحر...
ويداعب بروحه الماء..
ويتأمل بعقله السماء...
إلى أن باغته من جاء
إليه من بعيد بالسؤال التالى:
- يا يوسف بيه؟
- نعم...
- ماذا نفعل - نحن كعرب - أمام هذا العالم المخيف؟!
اعتدل يوسف إدريس فى مقعده ثم وقف فى مكانه وبصره يتأرجح ما بين الشرق والغرب ثم قال:
" لن ينجدنا - أحد - فى هذا العالم المخيف - إلا أنفسنا كعرب.
- لماذا يا أستاذ يوسف؟
- أسمع!
- اتفضل !!
- " لأننا - كعرب - غريق يستغيث بغريق"..
(أنظر حولك اليوم - وغداَ - فى خريطة الوطن العربي )!
عاد السائل يسأل:
"وهل يستطيع غريق أن ينجد غريقاَ؟!
يرد يوسف إدريس قائلاَ:
- "نعم يستطيع"!
- كيف؟
- "استطاعته تبدأ بأن يدرك - حتى لو كان واقفاً على ما يتصوّر أنه الشاطىء - أنه هو الآخر غريق يغرق"!
ثم بعد دقائق من الصمت قال يوسف إدريس:
"لا قوانين أيها السادة الغرقى
إلا قانون واحد فقط..
وهو قانون البحر العاصف الذى لا يرحم.
وهكذا لو أدركنا أننا كلنا - مرة أخرى كلنا كعرب - غرقى ونغرق وحتماً سنغرق - إذا بقينا على هذا الحال..
•••
( شط البحر - بعد دقائق)
يوسف إدريس وهو ينظر للسائل عاد يقول:
- ربماً ...
مرة أخري أقول ربماَ
لو أدركنا هذا
وأمكننا لو تشابكت أيدينا؟
(مجرد تتشابك أيدينا)
أن نصنع بأجسادنا المتحدة، كتلة تطفو - وحتما تطفو - إذا تشابكت. هنا سيعمل قانون العلم وليس قانون العاصفة
والبحر الأعوج.
- وماذا يعمل - أو يقول - قانون العلم؟!
يقول:" كلما كبر الحجم زادت القدرة على الطفو.
فلنكبر حجماَ لنعيش
فلنتشابك لنكبر حجماً
فلنكفّ أن نستغيث ، فالمغيث هو نحن أيضاَ
يا مغيث ، أغثنا"!
•••
(الإسكندرية - 2023)
...ورحل يوسف إدريس فى ( 1 أغسطس - 1991) ومازال الشخص الذى تقابل معه صدفه على شط البحر يعود كل عام -
إلى نفس المكان - ينظر للبحر.. ولمقعد يوسف إدريس الفارغ؛ إلا من صوته الصادق.. الذى مازال يهتف للعرب قائلاَ:
"فلنكف أن نستغيث ، فالمغيث - يا عرب - هو نحن"
...فهل وصلت الرسالة؟
خيري حسن
-------------------
• الأحداث حقيقية..السيناريو من خيال الكاتب.
• المصادر:
كتاب : البحث عن السادات - الطبعة الثانية - للمغرب العربي - 1984.
الصورة:
الكاتب الكبير يوسف إدريس.
على شط البحر الهادئ.. وسط النهار العائد..خلف الهواء الساكن، جلس الأديب العظيم يوسف إدريس ينظر للبحر...
ويداعب بروحه الماء..
ويتأمل بعقله السماء...
إلى أن باغته من جاء
إليه من بعيد بالسؤال التالى:
- يا يوسف بيه؟
- نعم...
- ماذا نفعل - نحن كعرب - أمام هذا العالم المخيف؟!
اعتدل يوسف إدريس فى مقعده ثم وقف فى مكانه وبصره يتأرجح ما بين الشرق والغرب ثم قال:
" لن ينجدنا - أحد - فى هذا العالم المخيف - إلا أنفسنا كعرب.
- لماذا يا أستاذ يوسف؟
- أسمع!
- اتفضل !!
- " لأننا - كعرب - غريق يستغيث بغريق"..
(أنظر حولك اليوم - وغداَ - فى خريطة الوطن العربي )!
عاد السائل يسأل:
"وهل يستطيع غريق أن ينجد غريقاَ؟!
يرد يوسف إدريس قائلاَ:
- "نعم يستطيع"!
- كيف؟
- "استطاعته تبدأ بأن يدرك - حتى لو كان واقفاً على ما يتصوّر أنه الشاطىء - أنه هو الآخر غريق يغرق"!
ثم بعد دقائق من الصمت قال يوسف إدريس:
"لا قوانين أيها السادة الغرقى
إلا قانون واحد فقط..
وهو قانون البحر العاصف الذى لا يرحم.
وهكذا لو أدركنا أننا كلنا - مرة أخرى كلنا كعرب - غرقى ونغرق وحتماً سنغرق - إذا بقينا على هذا الحال..
•••
( شط البحر - بعد دقائق)
يوسف إدريس وهو ينظر للسائل عاد يقول:
- ربماً ...
مرة أخري أقول ربماَ
لو أدركنا هذا
وأمكننا لو تشابكت أيدينا؟
(مجرد تتشابك أيدينا)
أن نصنع بأجسادنا المتحدة، كتلة تطفو - وحتما تطفو - إذا تشابكت. هنا سيعمل قانون العلم وليس قانون العاصفة
والبحر الأعوج.
- وماذا يعمل - أو يقول - قانون العلم؟!
يقول:" كلما كبر الحجم زادت القدرة على الطفو.
فلنكبر حجماَ لنعيش
فلنتشابك لنكبر حجماً
فلنكفّ أن نستغيث ، فالمغيث هو نحن أيضاَ
يا مغيث ، أغثنا"!
•••
(الإسكندرية - 2023)
...ورحل يوسف إدريس فى ( 1 أغسطس - 1991) ومازال الشخص الذى تقابل معه صدفه على شط البحر يعود كل عام -
إلى نفس المكان - ينظر للبحر.. ولمقعد يوسف إدريس الفارغ؛ إلا من صوته الصادق.. الذى مازال يهتف للعرب قائلاَ:
"فلنكف أن نستغيث ، فالمغيث - يا عرب - هو نحن"
...فهل وصلت الرسالة؟
خيري حسن
-------------------
• الأحداث حقيقية..السيناريو من خيال الكاتب.
• المصادر:
كتاب : البحث عن السادات - الطبعة الثانية - للمغرب العربي - 1984.
الصورة:
الكاتب الكبير يوسف إدريس.