2
تَزَوَّجَ عَبْدُ اَللَّهْ بْنْ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبْ مِنْ آمِنَة بِنْتْ وَهْبْ وَحَمَّلَتْ بِرَسُولْ اَللَّهِ ، وَمَاتَ عَبْدُ اَللَّهْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مَرَضِهِ وَلَمْ يَرَ اِبْنُهُ ، وَهُنَا أَكْثَر اَلرُّوَاةَ مِنْ حَدِيثِهِمْ حَوْلَ وُجُهَاتِهِ وَحُسْنُهُ وَفِتْنَةُ اَلنِّسَاءِ بِهِ وَرَغْبَتَهُنَّ فِيهِ وَعَرْضِهِنَّ أَنْفُسَهُنَّ عَلَيْهِ بُغْيَةِ اَلْحَمْلِ مِنْهُ وَإِنْجَابٍ وُلِدَ مِنْهُ يَكُونُ لَهُ شَأْنٌ كَبِيرٌ فِي قَادِمٍ اَلْأَيَّامِ ، وَتَحْكِي اَلْوَقَائِعُ اَلْكَثِيرَ وَالْكَثِيرَ وَتُظْهِر كَأَنَّ تِلْكَ اَلنِّسْوَةِ رَأَيْنَ فِي عَبْدِ اَللَّهْ مَا لَمْ يَرَهُ كُلُّ اَلرِّجَالِ وَلَنَا مَوْقِفُ مِنْ بَعْضِ اَلتَّفَاصِيلِ اَلزَّائِدَةِ اَلَّتِي أَدْخَلَهَا اَلْمُؤَرِّخُونَ كَذِكْرِ اَلنُّصُوصِ اَلشِّعْرِيَّةِ وَالْحِوَارَاتِ اَلَّتِي دَارَتْ بَيْنَ عَبْدِ اَللَّهْ وَبَعْضِ تِلْكَ اَلنِّسْوَةِ كَأَنَّهُمْ كَانُوا شُهُودًا عَلَيْهَا وَتَقُولُ اَلْوَقَائِعُ :
"وَأَمَّا تَزْوِيجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِآمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْإِبِلِ انْصَرَفَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَمَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى وَجْهِهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَعَ أَبِي. قَالَتْ: لَكَ عِنْدِي مِثْلَ الَّذِي نَحَرَ عَنْكَ أَبُوكَ مِنَ الْإِبِلِ وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ. قَالَ: إِنَّ مَعِي أَبِي لَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ وَلَا فِرَاقَهُ.
فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَهِيَ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَبَرَّةُ لِأُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَأُمُّ حَبِيبٍ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ
فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ بِالْأَمْسِ؟ فَقَالَتْ: فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ.
وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ، مُتَهَوِّدَةٍ مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا وَقَالَتْ لَهُ: يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ لَهَا: أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ وَالْحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهْ
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهْ
ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنَا مَعَ أَبِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ. فَمَضَى فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا فَتَى مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا يَكُونُ لِي، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ. قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ:
إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ ... فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلَمَأَتْهَا نُورًا يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ
فَرَجَوْتُهُ فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ
مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي ... لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٍ سَلَبَتْ ثَوْبَيْكَ
مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي
وَقَالَتْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ:
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ ... أَخِيكُمُ أَمِينَةٌ إِذْ لِلْبَاهِ تَعْتَرِكَانِ
كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحُ عِنْدَ خُمُودِهِ ... فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ
فَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ ... تِلَادِهِ لِعَزْمٍ وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ
فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ
سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعَلَّةٌ ... وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ
وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ ... حَوَتْ مِنْهُ فَخْرًا مَا لِذَلِكَ ثَانِ
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي اجْتَازَ بِهَا غَيْرُ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُمْ تَمْرًا فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ.
وَقِيلَ: بَلْ كَانَ فِي الشَّامِ، فَأَقْبَلَ فِي عِيرِ قُرَيْشٍ، فَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَتُوُفِّيَ بِهَا، وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ، وَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَزَوَّجَ عَبْدُ اَللَّهْ بْنْ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبْ مِنْ آمِنَة بِنْتْ وَهْبْ وَحَمَّلَتْ بِرَسُولْ اَللَّهِ ، وَمَاتَ عَبْدُ اَللَّهْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مَرَضِهِ وَلَمْ يَرَ اِبْنُهُ ، وَهُنَا أَكْثَر اَلرُّوَاةَ مِنْ حَدِيثِهِمْ حَوْلَ وُجُهَاتِهِ وَحُسْنُهُ وَفِتْنَةُ اَلنِّسَاءِ بِهِ وَرَغْبَتَهُنَّ فِيهِ وَعَرْضِهِنَّ أَنْفُسَهُنَّ عَلَيْهِ بُغْيَةِ اَلْحَمْلِ مِنْهُ وَإِنْجَابٍ وُلِدَ مِنْهُ يَكُونُ لَهُ شَأْنٌ كَبِيرٌ فِي قَادِمٍ اَلْأَيَّامِ ، وَتَحْكِي اَلْوَقَائِعُ اَلْكَثِيرَ وَالْكَثِيرَ وَتُظْهِر كَأَنَّ تِلْكَ اَلنِّسْوَةِ رَأَيْنَ فِي عَبْدِ اَللَّهْ مَا لَمْ يَرَهُ كُلُّ اَلرِّجَالِ وَلَنَا مَوْقِفُ مِنْ بَعْضِ اَلتَّفَاصِيلِ اَلزَّائِدَةِ اَلَّتِي أَدْخَلَهَا اَلْمُؤَرِّخُونَ كَذِكْرِ اَلنُّصُوصِ اَلشِّعْرِيَّةِ وَالْحِوَارَاتِ اَلَّتِي دَارَتْ بَيْنَ عَبْدِ اَللَّهْ وَبَعْضِ تِلْكَ اَلنِّسْوَةِ كَأَنَّهُمْ كَانُوا شُهُودًا عَلَيْهَا وَتَقُولُ اَلْوَقَائِعُ :
"وَأَمَّا تَزْوِيجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِآمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْإِبِلِ انْصَرَفَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَمَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى وَجْهِهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَعَ أَبِي. قَالَتْ: لَكَ عِنْدِي مِثْلَ الَّذِي نَحَرَ عَنْكَ أَبُوكَ مِنَ الْإِبِلِ وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ. قَالَ: إِنَّ مَعِي أَبِي لَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ وَلَا فِرَاقَهُ.
فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَهِيَ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَبَرَّةُ لِأُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَأُمُّ حَبِيبٍ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ
فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ بِالْأَمْسِ؟ فَقَالَتْ: فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ.
وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ، مُتَهَوِّدَةٍ مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا وَقَالَتْ لَهُ: يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ لَهَا: أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ وَالْحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهْ
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهْ
ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنَا مَعَ أَبِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ. فَمَضَى فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا فَتَى مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا يَكُونُ لِي، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ. قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ:
إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ ... فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلَمَأَتْهَا نُورًا يُضِيءُ لَهُ ... مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ
فَرَجَوْتُهُ فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ
مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي ... لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٍ سَلَبَتْ ثَوْبَيْكَ
مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي
وَقَالَتْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ:
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ ... أَخِيكُمُ أَمِينَةٌ إِذْ لِلْبَاهِ تَعْتَرِكَانِ
كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحُ عِنْدَ خُمُودِهِ ... فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ
فَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ ... تِلَادِهِ لِعَزْمٍ وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ
فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ
سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعَلَّةٌ ... وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ
وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ ... حَوَتْ مِنْهُ فَخْرًا مَا لِذَلِكَ ثَانِ
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي اجْتَازَ بِهَا غَيْرُ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُمْ تَمْرًا فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ.
وَقِيلَ: بَلْ كَانَ فِي الشَّامِ، فَأَقْبَلَ فِي عِيرِ قُرَيْشٍ، فَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَتُوُفِّيَ بِهَا، وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ، وَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ