علجية عيش - خبير استراتيجي: السلطة السياسية أدارت ملف الانضمام إلى "بريكس" بأدنى درجة من المصداقية

الغذاء العالمي تحكمه لوبيات غربية و لغة الأرقام تسبق التحليلات الجيوسياسية

يرى خبير استراتيجي في رسالة له أن رفض بريكس للجزائر لا يتعلق أساسًا بالوضع الإقتصادي الذي لا يؤهلها لدخول هاته المنظمة (التي لا تُضيف لاقتصاد الدولة شيئا)، بل الأمر أكبر من ذلك، الرفض جاء في سياق كبح طموح روسيا في جعْل بريكس منظمة مناهضة لمجموعة السبع وحلف النيتو، و قال أنّ بوتين يُرِيدُ أن تكون بريكس هيئة دولية تساند حربه في أوكرانيا، و هذا الأمر ترفضه الدول الأعضاء بما فيها الصين والهند، فعدم دعوة الجزائر و من في شاكلتها يُراد به الحفاظ على المنظمة وحيادها عن الصراعات الإديولوجية وعدم تحويلها إلى حركة عدم انحياز ظرفيًا، ثم هيئة مناهضة للإمبريالية الغربية مستقبلًا، إذ أنّ فتح الباب لانضمام دون التقيد بشروط المنظمة سيجعل روسيا في موقع قوة للتأثير على سير المنظمة إذ سيدينُ لها الأعضاء الجدد بدعمها، وهذا ما لا تريده الصين والهند.

ويضيف هذا الخبير الذي أصرَّ على عدم ذكر اسمه أن السلطة السياسية أدارت ملف الانضمام إلى "بريكس" بأدنى درجة من المصداقية، وساهمت في تأجيج شعبوية المحللين والخبراء من الطرفيْن، أي من هم في دائرة السلطة وإعلامها الرسمي العمومي والخاص أو من المحللين الذين يُعارضون ، مشيرا بالقول أن هؤلاء المطبلين لزمرة السلطة وقرارتها، لم يسلم منهم إلا القليل، حسبما أشار إليه هذا الخبير فإن هناك من بالغوا في قبول انضمام الجزائر لبريكس، استنادًا على الرواية الرسمية للسلطة السياسية، فهذا يفتقد أساسًا لمنهجية تحليل عمل هاته المنظمة وما أهدافها، بل المنظمة نفسها لا تملك معاييرًا محددة لقبول الأعضاء الجدد، ولا تملك الأهداف الواقعية، بل أهدافها لا تستند إلى الواقع أساسًا فهي أقرب إلى الروايات الخيالية، في حين أن الذين يرفضون تلك التحليلات (وهذا محسوب لهم)، هم في الحقيقة وقعوا في الشعبوية، وأرادوا أن يجعلوا منظمة بريكس منظمة ذات تأثير كبير في الاقتصاد العالمي وخلق الاستثمارات المُدرّة للثروة، وهذا ما جعلهم يُهترفون بما لا يعلمون، فتركوا الاقتصاد ولغة الأرقام ، و ذهبوا إلى التحليلات الجيوالسياسية في تفسير قبول بعض الأعضاء مثل مصر وإثيوبيا وإيران.

أراد هذا الخبير القول أن هاته الدول الثلاثة ليس لها الثقل الجيوالسياسي في محيطها الإقليمي، و الأسوأ من هذا كله أنّ بعض المحللين بالغوا في تقدير وزن بريكس وهم لا يشعرون، فجعلوا لها أهداف استراتيجية في العقود القادمة، ولهذا تم قبول إيران والسعودية لأجل النفط والأرجنتين وإثيوبيا لأجل الغذاء، وكأنّ هؤلاء المحللين يجهلون أنّ الصناعة النفطية صناعة أمريكية بامتياز، وأنّ الغذاء العالمي تحكمه لوبيات غربية بحتة، ولم تكن روسيا لتبلغ ذروة الإنتاج في الحبوب لولا الدعم الأمريكي لها بعد مجيء بوتين، و الغريب في هذا كلّه أنّ المحللين من الطرفيْن تجاهلوا تمامًا أهم نقطة في قمّة جوهانسبورغ وهي حديث الأعضاء وخاصة روسيا عن العقوبات الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا، ولكن لم يذكروا آليات حلّ هاته المعضلة وفق زمنٍ محدد، بل تجاهلوا ذلك عمْدًا واكتفوا بالوعود الزائفة في إقامة نظام مالي عادل.

قراءة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى