إن القراءة هي تلك العملية التي تبرز معنى ما من معاني النص بواسطة عدد من المفاهيم و بناء على اختيار مستوى معين يتم اختراق النص على أساسه لا يعمل قارئ النص كلاقط سلبي للرسالة و إنما يشارك الكاتب في إنتاج النص من جهة ربط المعاني بعضها ببعض و تبيان أثرها العام و الخاص 1
فالقراءة بكل بساطة هي اندماج أو التقاء وعي القارئ بوعي آخر خاص هو وعي الكاتب المؤلف2 و السؤال المطروح دائما حول مفهوم القراءة يتعلق بمعرفة ما إذا كانت قراءة واحدة كافية للنص المعطى أم لا ؟ فأن تقرأ يعني أن تحمل دلالة الكتاب لا أن تنزعها عنه فالكاتب من خلال فعله الكتابة يتوجه إلى قارئ معين و القارئ من خلال فعله لآلية القراءة إلا و أن يستلم رسالة ما أو معنى معين .
و المعنى هو الجوهر الألسني 3 و هو الشيء الذي أراد الكاتب أن يبعث به إلى القارئ عن طريق هدا التلاقي و يكنى عنه بالقصد عادة .4
إن القارئ في أثناء قراءته للرواية يقوم بإعادة بنائها في ذهنه معتمدا على ذوقه الأدبي الذي اكتسبه من القراءات السابقة لهذا النوع بالذات و من خلال خبرته و ثقافته تنتج لنا بنية جديدة على غرار البنية القصدية التي أرادها الكاتب و نحن هنا نكون في دائرة نظرية القراءة و التلقي هذه النظرية التي تنطلق في تناولها النص الأدبي من فكرة مؤداها أن للمتلقي القارئ دورا فعالا و حيويا في العملية الإبداعية فهو عندها عنصر مشارك في إنتاج المعنى و ليس مستهلكا سلبيا بل تعده العنصر الأهم في عملية الإبداع بعد أن تعالت الصيحات بضرورة موت المؤلف ليكتب المتلقي النص أو يشارك في إنتاج معناه بعد انتهاء دور مؤلفه بتسليمه للمتلقين لينفتح النص على آفاق لا محدودة من المعاني و التأويلات المحتملة و المتعددة التي تختلف باختلاف القراء الذين يتناولونه بالفهم و التأويل و قد لا تتفق مع قصد المؤلف عند إنشائه ليكتسب النص بذلك الانفتاح و تلك اللامحدودية قيمته الفنية 5 .
و في هذه النظرية نجد كل التركيز على دور القارئ إلا أن دور المبدع هنا متلاشي فبعدما كانت العلاقة قائمة بين النص و المؤلف لفترة من الزمن سقط المبدع تماما من العملية الإبداعية و صار الدور الرئيسي يتمركز حول القارئ الضمني الذي يقدم إبداعات دلالية جديدة ، فهو ينتقل بين الروابط لتشكيل النص بالطريقة التي تفيده ، و هنا يحضرني مثال حي على هذه الظاهرة –قضية توليد المعنى – أثناء مناقشتي لمذكرة الماجستير واجهني أحد الأعضاء المناقشة عن الدلالة الخفية لتوظيف النكتة في رواية ذاكرة الماء ، أنا من خلال قراءتي للرواية تحددت إجابتي كالآتي "إن العنف بالمفهوم الإعلامي يحيل إلى بنية نصية تحاول الإفلات من القوالب الجاهزة و الأنساق التعبيرية المكرسة لتؤسس بنيتها الخاصة و جنسها الخاص فالعنف الذي مارسه الروائي على متلقيه في النص كان مما قدمه من جرائم الاغتيال و بكيفية تقديمها للمتلقي من صوت المذياع و التلفاز.
هذا العنف الإعلامي ولد لنا عنفا أدبيا من خلال قراءة كتابة عربية حديثة فذاكرة الماء تصور العنف السياسي و الثقافي الذي مورس في حق المثقف الجزائري فهي سواء على مستوى الشكل أو المضمون تعتبر شكلا من أشكال الثورة ، فالمضمون مأساوي للغاية و لكي يخفف الروائي من قتامة التراجيديا و الإحساس الحاد بالمأساة اعتمد أسلوب السخرية و إدراج بعض النكت للتخفيف من حدة الموقف.
و ما يلاحظ على العنف في هذه الرواية أنه ليس عنفا إعلاميا و أدبيا فقط إنما هو عنف نقدي أيضا و ذلك من خلال تطبيق جهاز غربي على نص منبثق من مكان آخر و مغاير له و مع ذلك استطاعت ذاكرة الماء أن تصبح ذاكرة من جزء القارئ و ثقافته بفضل التوتر الشديد الموجود في القصاصات الصحفية و الأنباء الموظفة في الرواية لأنها نصوص مأخوذة من إيديولوجيات و تيارات فكرية متباينة لكن الروائي جعلها تتعايش فيما بينها و تتحاور و تتصادم من أجل تأسيس خطاب روائي جديد .
في حين الدلالة الأخرى التي استنتجتها بعد مرور مدة من الزمن هي أن الروائي مقيد إلى الأسى و أسير له و لما يعود إلى النكتة تثير اللامتوقع في كل مكان و اكتشف أن النكتة تعليق متأخر على حدث سبق و سخرية مما كان و مما سيكون و النكتة هي اللاجواب و هرب من جواب مستحيل تبنيه الأيام و تهدمه فلا جواب إلا عما كان شفافا و سوي الوضوح .6
إذن فالنص يتحول إلى كائن يقول و كذا يعبر عن كينونته الخاصة و هي كينونة العالم الذي تحمله لغته ، فعبر الرمزية يتم الجدل المثمر بين الكتابة و القراءة ، الكتابة تثبت تمثلات العالم و تكثرها عبر الرمز و القراءة تقوم بفك الرموز للدخول إلى العالم الذي تحمله الكتابة .7
و بالتالي نلاحظ أن القارئ /المتلقي أعيد له الاعتبار بفضل نظرية القراءة و التلقي " فالمناهج النقدية السابقة في الأبعاد النفسية و الاقتصادية و الاجتماعية تتعلق بالمبدع غالبا و كأنها تعتقد أن للمبدع حقوقا على القارئ فهو يرغمه على معنى معين من معاني العمل و هذا المعنى هو الجيد و الحقيقي طبيعيا بهذا كان هدف تلك المناهج السعي لإثبات ما يريد المؤلف و لم تسع مطلقا لكي تثبت ما يفهمه القارئ "8
و عملية الإبداع من قبل القارئ تتحدد في ملأ الفراغات عن طريق الحذف أو إضافة ما يراه مناسبا أو تغيير فكرة ما و تعرف الفراغات على أنها "تفاوت في مقدار المعلومات بين المتكلم و المخاطب أو بين المبدع و المتلقي بحيث يعرف أحدهما بعض ما لا يعرفه الآخر و ينتج هذا التفاوت ثغرة معرفية بين الطرفين تعد إحدى العناصر الضرورية للتواصل و يمكن القول إنها المكان الذي يتطور فيه المعنى حين يقوم القارئ بملئها في سبيل إنتاجه "9 و هنا نقع في جدلية المتخيل /الواقع في الرواية .
نلاحظ أن النص في غير الرواية يمعني و في الرواية يخلق فالعلاقة بين المتخيل و الواقع تتمثل في أن الواقع شيء و الرواية هي الرسم التوضيحي لذلك الشيء فالواقع إذن كتاب خال من الرسوم التوضيحية و الرواية هي الواقع مضاف إليه تلك الرسوم الموضحة 10 و بعد القراءة لها نستنتج التأثير الذي يصاحب هذه العملية فالقراءة شرط ضروري لاستكمال هذا العمل و بالتالي يسهم القارئ بدوره في تكملة النص شأنه شأن المؤلف .
فنظرية التلقي تؤمن إيمانا قاطعا بالطابع الثنائي لعملية القراءة أي الاتجاه من النص إلى القارئ و من القارئ إلى النص .
لهذا نلاحظ أن استخلاص القصد الروائي إنما يكون بالقراءة الدقيقة لا القراءة السطحية التي تستمتع بتسلسل الأحداث و تنوع الأمكنة ، بل يجب أن تركز القراءة على ما هو مخفي و معرفة ما لم يقل عن طريق ما قيل من باب الإيحاء و بالتالي يصبح القارئ هنا قارئا منتجا و مؤسسا لمعنى جديد غير الذي رمى إ ليه المبدع المؤلف و هنا نرى أ ن استجابة القارئ للنص تكون إيجابية لا سلبية و القصد / المعنى المستخلص يتميز بالطابع الذاتي لأن القارئ استخلصه من وجهة نظره الخاصة لا من منظور الكاتب ، و هذا لا يعني أن ننفي لذة القراءة فالقارئ العادي صحيح يتحصل فقط على هذه اللذة و المتعة من خلال متابعة الأحداث أما القارئ الناقد فيجمع بين اللذة و المعرفة.
و في الأخير نستنتج أن نظرية القراءة و التلقي أكدت على فكرة تعدد التأويلات و اختلاف القراءات باختلاف القراء و في ذلك إشارة إلى نفيها أحادية معنى النص و قولها بمرونته التي لم تلتفت إليها المناهج النقدية السابقة فإذا كانت القراءة إجابة عن سؤال الكتابة فإن هذا الجواب في عرف نظريات القراءة و التلقي يقدمه كل واحد منا مع ما يحمله من تاريخ و لغة و حرية و لأن التاريخ و اللغة و الحرية في تحول لا نهائي فإن جواب العالم للكاتب لا نهائي أيضا ، لذلك فنحن لا نكف أبدا عن الإجابة عما كتب خارج كل جواب ، فلا حدود لدلالات النص مثلما لا حدود لقراءاته و تأويلاته 11.
قائمة المراجع
1-رشيد بن مالك ":قاموس مصطلحات التحليل السيميائي ، دار الحكمة ، الجزائر ،ص95
2-ابراهيم خليل : بنية النص الروائي ، منشورات الاختلاف الجزائر ، ط1 ، 2010 ، ص265.
3- رشيد بن مالك ":قاموس مصطلحات التحليل السيميائي ص188 .
4- ينظر : وليم راي : المعنى الأدبي من الظاهراتية إلى التفكيكية ، ت يوئيل عزيز ، دار المأمون ، بغداد ، ط1 ، 1987 ، ص 17.
5-فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ،المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان ، ط1 ، 2006 ، ص 146 .
6- فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ص 149.
7-عمارة ناصر : اللغة و التأويل، منشورات الاختلاف الجزائر ، ط1، 2007، ص25.
8- فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ص150/151.
9- ينظر :رمزي منير بعلبكي : معجم المصطلحات اللغوية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط1 ، 1990، ص 207 .
10- ابراهيم خليل : بنية النص الروائي
11-ينظر : رشيد بن حدو : العلاقة بين القارئ و النص في التفكير الأدبي المعاصر ، عالم الفكر ، الكويت ، مج23 ، ع1/2 ،1994، ص 487 .
آمال سعودي
جامعة برج بوعريريج(الجزائر)
* عن
Catégorie parente: Revue Al Athar
فالقراءة بكل بساطة هي اندماج أو التقاء وعي القارئ بوعي آخر خاص هو وعي الكاتب المؤلف2 و السؤال المطروح دائما حول مفهوم القراءة يتعلق بمعرفة ما إذا كانت قراءة واحدة كافية للنص المعطى أم لا ؟ فأن تقرأ يعني أن تحمل دلالة الكتاب لا أن تنزعها عنه فالكاتب من خلال فعله الكتابة يتوجه إلى قارئ معين و القارئ من خلال فعله لآلية القراءة إلا و أن يستلم رسالة ما أو معنى معين .
و المعنى هو الجوهر الألسني 3 و هو الشيء الذي أراد الكاتب أن يبعث به إلى القارئ عن طريق هدا التلاقي و يكنى عنه بالقصد عادة .4
إن القارئ في أثناء قراءته للرواية يقوم بإعادة بنائها في ذهنه معتمدا على ذوقه الأدبي الذي اكتسبه من القراءات السابقة لهذا النوع بالذات و من خلال خبرته و ثقافته تنتج لنا بنية جديدة على غرار البنية القصدية التي أرادها الكاتب و نحن هنا نكون في دائرة نظرية القراءة و التلقي هذه النظرية التي تنطلق في تناولها النص الأدبي من فكرة مؤداها أن للمتلقي القارئ دورا فعالا و حيويا في العملية الإبداعية فهو عندها عنصر مشارك في إنتاج المعنى و ليس مستهلكا سلبيا بل تعده العنصر الأهم في عملية الإبداع بعد أن تعالت الصيحات بضرورة موت المؤلف ليكتب المتلقي النص أو يشارك في إنتاج معناه بعد انتهاء دور مؤلفه بتسليمه للمتلقين لينفتح النص على آفاق لا محدودة من المعاني و التأويلات المحتملة و المتعددة التي تختلف باختلاف القراء الذين يتناولونه بالفهم و التأويل و قد لا تتفق مع قصد المؤلف عند إنشائه ليكتسب النص بذلك الانفتاح و تلك اللامحدودية قيمته الفنية 5 .
و في هذه النظرية نجد كل التركيز على دور القارئ إلا أن دور المبدع هنا متلاشي فبعدما كانت العلاقة قائمة بين النص و المؤلف لفترة من الزمن سقط المبدع تماما من العملية الإبداعية و صار الدور الرئيسي يتمركز حول القارئ الضمني الذي يقدم إبداعات دلالية جديدة ، فهو ينتقل بين الروابط لتشكيل النص بالطريقة التي تفيده ، و هنا يحضرني مثال حي على هذه الظاهرة –قضية توليد المعنى – أثناء مناقشتي لمذكرة الماجستير واجهني أحد الأعضاء المناقشة عن الدلالة الخفية لتوظيف النكتة في رواية ذاكرة الماء ، أنا من خلال قراءتي للرواية تحددت إجابتي كالآتي "إن العنف بالمفهوم الإعلامي يحيل إلى بنية نصية تحاول الإفلات من القوالب الجاهزة و الأنساق التعبيرية المكرسة لتؤسس بنيتها الخاصة و جنسها الخاص فالعنف الذي مارسه الروائي على متلقيه في النص كان مما قدمه من جرائم الاغتيال و بكيفية تقديمها للمتلقي من صوت المذياع و التلفاز.
هذا العنف الإعلامي ولد لنا عنفا أدبيا من خلال قراءة كتابة عربية حديثة فذاكرة الماء تصور العنف السياسي و الثقافي الذي مورس في حق المثقف الجزائري فهي سواء على مستوى الشكل أو المضمون تعتبر شكلا من أشكال الثورة ، فالمضمون مأساوي للغاية و لكي يخفف الروائي من قتامة التراجيديا و الإحساس الحاد بالمأساة اعتمد أسلوب السخرية و إدراج بعض النكت للتخفيف من حدة الموقف.
و ما يلاحظ على العنف في هذه الرواية أنه ليس عنفا إعلاميا و أدبيا فقط إنما هو عنف نقدي أيضا و ذلك من خلال تطبيق جهاز غربي على نص منبثق من مكان آخر و مغاير له و مع ذلك استطاعت ذاكرة الماء أن تصبح ذاكرة من جزء القارئ و ثقافته بفضل التوتر الشديد الموجود في القصاصات الصحفية و الأنباء الموظفة في الرواية لأنها نصوص مأخوذة من إيديولوجيات و تيارات فكرية متباينة لكن الروائي جعلها تتعايش فيما بينها و تتحاور و تتصادم من أجل تأسيس خطاب روائي جديد .
في حين الدلالة الأخرى التي استنتجتها بعد مرور مدة من الزمن هي أن الروائي مقيد إلى الأسى و أسير له و لما يعود إلى النكتة تثير اللامتوقع في كل مكان و اكتشف أن النكتة تعليق متأخر على حدث سبق و سخرية مما كان و مما سيكون و النكتة هي اللاجواب و هرب من جواب مستحيل تبنيه الأيام و تهدمه فلا جواب إلا عما كان شفافا و سوي الوضوح .6
إذن فالنص يتحول إلى كائن يقول و كذا يعبر عن كينونته الخاصة و هي كينونة العالم الذي تحمله لغته ، فعبر الرمزية يتم الجدل المثمر بين الكتابة و القراءة ، الكتابة تثبت تمثلات العالم و تكثرها عبر الرمز و القراءة تقوم بفك الرموز للدخول إلى العالم الذي تحمله الكتابة .7
و بالتالي نلاحظ أن القارئ /المتلقي أعيد له الاعتبار بفضل نظرية القراءة و التلقي " فالمناهج النقدية السابقة في الأبعاد النفسية و الاقتصادية و الاجتماعية تتعلق بالمبدع غالبا و كأنها تعتقد أن للمبدع حقوقا على القارئ فهو يرغمه على معنى معين من معاني العمل و هذا المعنى هو الجيد و الحقيقي طبيعيا بهذا كان هدف تلك المناهج السعي لإثبات ما يريد المؤلف و لم تسع مطلقا لكي تثبت ما يفهمه القارئ "8
و عملية الإبداع من قبل القارئ تتحدد في ملأ الفراغات عن طريق الحذف أو إضافة ما يراه مناسبا أو تغيير فكرة ما و تعرف الفراغات على أنها "تفاوت في مقدار المعلومات بين المتكلم و المخاطب أو بين المبدع و المتلقي بحيث يعرف أحدهما بعض ما لا يعرفه الآخر و ينتج هذا التفاوت ثغرة معرفية بين الطرفين تعد إحدى العناصر الضرورية للتواصل و يمكن القول إنها المكان الذي يتطور فيه المعنى حين يقوم القارئ بملئها في سبيل إنتاجه "9 و هنا نقع في جدلية المتخيل /الواقع في الرواية .
نلاحظ أن النص في غير الرواية يمعني و في الرواية يخلق فالعلاقة بين المتخيل و الواقع تتمثل في أن الواقع شيء و الرواية هي الرسم التوضيحي لذلك الشيء فالواقع إذن كتاب خال من الرسوم التوضيحية و الرواية هي الواقع مضاف إليه تلك الرسوم الموضحة 10 و بعد القراءة لها نستنتج التأثير الذي يصاحب هذه العملية فالقراءة شرط ضروري لاستكمال هذا العمل و بالتالي يسهم القارئ بدوره في تكملة النص شأنه شأن المؤلف .
فنظرية التلقي تؤمن إيمانا قاطعا بالطابع الثنائي لعملية القراءة أي الاتجاه من النص إلى القارئ و من القارئ إلى النص .
لهذا نلاحظ أن استخلاص القصد الروائي إنما يكون بالقراءة الدقيقة لا القراءة السطحية التي تستمتع بتسلسل الأحداث و تنوع الأمكنة ، بل يجب أن تركز القراءة على ما هو مخفي و معرفة ما لم يقل عن طريق ما قيل من باب الإيحاء و بالتالي يصبح القارئ هنا قارئا منتجا و مؤسسا لمعنى جديد غير الذي رمى إ ليه المبدع المؤلف و هنا نرى أ ن استجابة القارئ للنص تكون إيجابية لا سلبية و القصد / المعنى المستخلص يتميز بالطابع الذاتي لأن القارئ استخلصه من وجهة نظره الخاصة لا من منظور الكاتب ، و هذا لا يعني أن ننفي لذة القراءة فالقارئ العادي صحيح يتحصل فقط على هذه اللذة و المتعة من خلال متابعة الأحداث أما القارئ الناقد فيجمع بين اللذة و المعرفة.
و في الأخير نستنتج أن نظرية القراءة و التلقي أكدت على فكرة تعدد التأويلات و اختلاف القراءات باختلاف القراء و في ذلك إشارة إلى نفيها أحادية معنى النص و قولها بمرونته التي لم تلتفت إليها المناهج النقدية السابقة فإذا كانت القراءة إجابة عن سؤال الكتابة فإن هذا الجواب في عرف نظريات القراءة و التلقي يقدمه كل واحد منا مع ما يحمله من تاريخ و لغة و حرية و لأن التاريخ و اللغة و الحرية في تحول لا نهائي فإن جواب العالم للكاتب لا نهائي أيضا ، لذلك فنحن لا نكف أبدا عن الإجابة عما كتب خارج كل جواب ، فلا حدود لدلالات النص مثلما لا حدود لقراءاته و تأويلاته 11.
قائمة المراجع
1-رشيد بن مالك ":قاموس مصطلحات التحليل السيميائي ، دار الحكمة ، الجزائر ،ص95
2-ابراهيم خليل : بنية النص الروائي ، منشورات الاختلاف الجزائر ، ط1 ، 2010 ، ص265.
3- رشيد بن مالك ":قاموس مصطلحات التحليل السيميائي ص188 .
4- ينظر : وليم راي : المعنى الأدبي من الظاهراتية إلى التفكيكية ، ت يوئيل عزيز ، دار المأمون ، بغداد ، ط1 ، 1987 ، ص 17.
5-فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ،المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان ، ط1 ، 2006 ، ص 146 .
6- فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ص 149.
7-عمارة ناصر : اللغة و التأويل، منشورات الاختلاف الجزائر ، ط1، 2007، ص25.
8- فاطمة البريكي : مدخل إلى الأدب التفاعلي ص150/151.
9- ينظر :رمزي منير بعلبكي : معجم المصطلحات اللغوية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط1 ، 1990، ص 207 .
10- ابراهيم خليل : بنية النص الروائي
11-ينظر : رشيد بن حدو : العلاقة بين القارئ و النص في التفكير الأدبي المعاصر ، عالم الفكر ، الكويت ، مج23 ، ع1/2 ،1994، ص 487 .
آمال سعودي
جامعة برج بوعريريج(الجزائر)
* عن
Catégorie parente: Revue Al Athar