-1-
لأنه كان قد مر بتجارب عديدة مريرة لم يكن يتصور أنه بالإمكان أن يعيش هذه اللحظات التي ظن أنها انتهت من العالم، لم يكن يصدق أن ما يهزه الآن هو محض ما يسمونه الحب، هكذا، بهذه البساطة، وهو عائد من لقائها يحس أن روحه ترفرف بعيدا، وأنه سعيد، سعيد حقا، وأن هذا هو الحب بالفعل، وأنه، حين قال لها وهما يجلسان في الكازينو المطل على النيل، بأن ما قالته عن أن هذا الشيء قد انتهى من العالم هو أمر سخيف، وأن هذه الحالة موجودة، وعلى الرغم من أنها ضحكت، وبان أنها ربما تكون تسخر منه، وأنها ربما تكون قد قالت في نفسها أنه شاب ساذج، إلا أنه بالفعل، ها هو يمشي آلآن خفيفا، وأنه سعيد بالفعل، وأن ما كان يسخر هو نفسه منه، ومن الأغاني، وعبدالحليم حافظ، ومحمد فوزي، وحتى ليلى مراد، وكل ذلك، إنما هو شيء حقيقي أحسه اليوم، لا بل والأمس أيضا، حين أمسك بيديها، ونظر في عينيها، وأنه في الإمكان أن يقول ذلك حتى لو ظنت أن ذلك محض هراء. دخل البيت ولم يحس بشيء إلا وهو في هذه الحالة التي لا يريد أن يقول عنها.. أو من هذا القبيل، بل إنه استقلى على الفراش، ورأى القمر، وسمع صوتا يقول: تعال في الليل إلى نافذتي.
-2-
هي أيضا لأنها كانت قد أصيبت بجرح وجرح وجرح واستمعت لكلام الناس من أن ذلك العصر قد انتهى، آمنت بذلك، وجادلت فيه، وأكدت له ذلك اليوم، على الرغم من أنها كانت تحس بغير ذلك، وبأن هذا الحب هناك، يرفرف في قلبها من الداخل، وان ما قالته له ونفت ونفت ونفت ما هو إلا كلام من وراء قلبها الذي كان بالفعل قد تحرك بعد طول تعب. إنها الآن وهي عائدة من اللقاء كانت تحس بذلك، وبأنها حين جادلته لم تكن في حالتها الطبيعية، وأنها كانت تقول كلاما لا تحسه، وأنه، هو، كان على طبيعته أكثر، وأنها حين تلتقيه في الغد، فإنها ستحاول أن تكون على طبيعتها، حتى ولو كان الخوف لا يزال في نفسها، من صدمة أو جرح، لكنها ستقول وتخالف ما رددته مرارا وتكرارا هي وصديقاتها، بل وبنات جيلها كلهن، ستقول ذلك وستقول له أنه قيس، لا، بل، لأنها هي ليلى، وأنها ربما استطاعت أن تقوم بدور في الفيلم الشهير «أغلى من حياتي» الذي نادت فيه البطلة: حمااااادااآ، ونادى البطل: لا ـ ي ـ لا، وأنها لن تنام اليوم طويلا لأنها تشعر بالذنب من أنها نفت من أن يكون ذلك الشعور لا يزال هناك في هذا العالم.
-3-
ها هو الموعد قد جاء وعليه أن يضبط أحاسيسه بالشكل الذي لا يجعل منه، أو بالأحرى، يجعلها تفهم أنه، ربما، من أولئك الشبان الذين يمرون بالتجربة لأول مرة، وأنه، من الممكن أن يكون مثلها، ويردد ما تقوله الصحف، ومذيعات التليفزيون نصف العرايا، وهن يسألن الممثلين والممثلات عن نهاية عصر تلك المشاعر، وأنه بإمكانه أن يكون جافا، وأن ذلك الذي يحسه يمكن أن يكون شيئا خاصا به وحده، وأنه ليس من الضروري أن يصرح لها، الآن على الأقل، وهما في بداية شعلة الغرام، بكل تلك المشاعر، وأنه بإمكانه أن ينتظر عدة شهور أخرى، ويتجاهل أنه أصبح في سنواته الأخيرة أكثر إحساسا بمرور الزمن والأيام، وأنه لابد أن يضبط مشاعره، ويظهر في هيئة شاب من أولئك الشبان الذين ينكرون هذه المشاعر ويقولون بأن هذا العصر قد انتهى، وأنه لابد من أن يكون الشاب المعاصر من هذا النوع البارد، ولكنه حين رأى وجهها الجميل، لم يستطع أن يكتم مشاعره وقال لها: أنت كالقمر. نزلت للقائه دون أن تحس بالوقت الطويل الذي قضته وهي تزين نفسها، ولكنها لاحظت ذلك في فاترينة محل الملابس، وانتظرت حتى وصلت إلى الكازينو وتأكدت من أنها كانت لهفى، وأنه، قالت في نفسها، ما كان يجب أن أحضر للكازينو قبل الموعد بعشر دقائق، ولكنها أخرجت المرآة الصغيرة من حقيبتها، ورأت أنها لابد أن تصر على إنكارها أمامه، حتى ولو كان صدرها يهتز، ويدها تعرق، وعيناها تتوهان، ويكاد الإغماء يصيبها بالسقوط. لكنها ما أن رأته حتى تأكدت من أن الحياة تمضي ببطء شديد، وأنه لابد أن تتمسك بموقف الإنكار الذي مارسته طويلا حتى لا يفلت منها، وأنها هي هكذا تكون قد أحسنت السلوك، لأنها تعلمت، لا فقط من أمها وخالتها، بل من كل النساء اللواتي عرفتهن، أن على الفتاة أن تخفي مشاعرها، لا، بل تلعب لعبة الضحية، لأن الرجل بطبيعته صياد يحب الإيقاع بالضحية، وأنه لابد من الاستمرار في هذه اللعبة، وأنه إذا ما أحس بأن الصيد سهل فإنه سيهرب، ولكنها لم تستطع التغلب على انفعالاتها حين قال لها أنت كالقمر، فسقطت المرآة من يدها.
لأنه كان قد مر بتجارب عديدة مريرة لم يكن يتصور أنه بالإمكان أن يعيش هذه اللحظات التي ظن أنها انتهت من العالم، لم يكن يصدق أن ما يهزه الآن هو محض ما يسمونه الحب، هكذا، بهذه البساطة، وهو عائد من لقائها يحس أن روحه ترفرف بعيدا، وأنه سعيد، سعيد حقا، وأن هذا هو الحب بالفعل، وأنه، حين قال لها وهما يجلسان في الكازينو المطل على النيل، بأن ما قالته عن أن هذا الشيء قد انتهى من العالم هو أمر سخيف، وأن هذه الحالة موجودة، وعلى الرغم من أنها ضحكت، وبان أنها ربما تكون تسخر منه، وأنها ربما تكون قد قالت في نفسها أنه شاب ساذج، إلا أنه بالفعل، ها هو يمشي آلآن خفيفا، وأنه سعيد بالفعل، وأن ما كان يسخر هو نفسه منه، ومن الأغاني، وعبدالحليم حافظ، ومحمد فوزي، وحتى ليلى مراد، وكل ذلك، إنما هو شيء حقيقي أحسه اليوم، لا بل والأمس أيضا، حين أمسك بيديها، ونظر في عينيها، وأنه في الإمكان أن يقول ذلك حتى لو ظنت أن ذلك محض هراء. دخل البيت ولم يحس بشيء إلا وهو في هذه الحالة التي لا يريد أن يقول عنها.. أو من هذا القبيل، بل إنه استقلى على الفراش، ورأى القمر، وسمع صوتا يقول: تعال في الليل إلى نافذتي.
-2-
هي أيضا لأنها كانت قد أصيبت بجرح وجرح وجرح واستمعت لكلام الناس من أن ذلك العصر قد انتهى، آمنت بذلك، وجادلت فيه، وأكدت له ذلك اليوم، على الرغم من أنها كانت تحس بغير ذلك، وبأن هذا الحب هناك، يرفرف في قلبها من الداخل، وان ما قالته له ونفت ونفت ونفت ما هو إلا كلام من وراء قلبها الذي كان بالفعل قد تحرك بعد طول تعب. إنها الآن وهي عائدة من اللقاء كانت تحس بذلك، وبأنها حين جادلته لم تكن في حالتها الطبيعية، وأنها كانت تقول كلاما لا تحسه، وأنه، هو، كان على طبيعته أكثر، وأنها حين تلتقيه في الغد، فإنها ستحاول أن تكون على طبيعتها، حتى ولو كان الخوف لا يزال في نفسها، من صدمة أو جرح، لكنها ستقول وتخالف ما رددته مرارا وتكرارا هي وصديقاتها، بل وبنات جيلها كلهن، ستقول ذلك وستقول له أنه قيس، لا، بل، لأنها هي ليلى، وأنها ربما استطاعت أن تقوم بدور في الفيلم الشهير «أغلى من حياتي» الذي نادت فيه البطلة: حمااااادااآ، ونادى البطل: لا ـ ي ـ لا، وأنها لن تنام اليوم طويلا لأنها تشعر بالذنب من أنها نفت من أن يكون ذلك الشعور لا يزال هناك في هذا العالم.
-3-
ها هو الموعد قد جاء وعليه أن يضبط أحاسيسه بالشكل الذي لا يجعل منه، أو بالأحرى، يجعلها تفهم أنه، ربما، من أولئك الشبان الذين يمرون بالتجربة لأول مرة، وأنه، من الممكن أن يكون مثلها، ويردد ما تقوله الصحف، ومذيعات التليفزيون نصف العرايا، وهن يسألن الممثلين والممثلات عن نهاية عصر تلك المشاعر، وأنه بإمكانه أن يكون جافا، وأن ذلك الذي يحسه يمكن أن يكون شيئا خاصا به وحده، وأنه ليس من الضروري أن يصرح لها، الآن على الأقل، وهما في بداية شعلة الغرام، بكل تلك المشاعر، وأنه بإمكانه أن ينتظر عدة شهور أخرى، ويتجاهل أنه أصبح في سنواته الأخيرة أكثر إحساسا بمرور الزمن والأيام، وأنه لابد أن يضبط مشاعره، ويظهر في هيئة شاب من أولئك الشبان الذين ينكرون هذه المشاعر ويقولون بأن هذا العصر قد انتهى، وأنه لابد من أن يكون الشاب المعاصر من هذا النوع البارد، ولكنه حين رأى وجهها الجميل، لم يستطع أن يكتم مشاعره وقال لها: أنت كالقمر. نزلت للقائه دون أن تحس بالوقت الطويل الذي قضته وهي تزين نفسها، ولكنها لاحظت ذلك في فاترينة محل الملابس، وانتظرت حتى وصلت إلى الكازينو وتأكدت من أنها كانت لهفى، وأنه، قالت في نفسها، ما كان يجب أن أحضر للكازينو قبل الموعد بعشر دقائق، ولكنها أخرجت المرآة الصغيرة من حقيبتها، ورأت أنها لابد أن تصر على إنكارها أمامه، حتى ولو كان صدرها يهتز، ويدها تعرق، وعيناها تتوهان، ويكاد الإغماء يصيبها بالسقوط. لكنها ما أن رأته حتى تأكدت من أن الحياة تمضي ببطء شديد، وأنه لابد أن تتمسك بموقف الإنكار الذي مارسته طويلا حتى لا يفلت منها، وأنها هي هكذا تكون قد أحسنت السلوك، لأنها تعلمت، لا فقط من أمها وخالتها، بل من كل النساء اللواتي عرفتهن، أن على الفتاة أن تخفي مشاعرها، لا، بل تلعب لعبة الضحية، لأن الرجل بطبيعته صياد يحب الإيقاع بالضحية، وأنه لابد من الاستمرار في هذه اللعبة، وأنه إذا ما أحس بأن الصيد سهل فإنه سيهرب، ولكنها لم تستطع التغلب على انفعالاتها حين قال لها أنت كالقمر، فسقطت المرآة من يدها.