سَنُحاولُ مقاربةَ كتاب " شُعْلة الرَّماد " للدكتور إبراهيم السُّولامي ، مُستعرضين بإيجاز ما يتَضَمَّنه الكتاب من مواضيعَ متعددة متنوعة وآراء نقدية في بعض ظواهرِ الأدب المغربي المعاصر . والأستاذ السُّولامي غنيٌّ عن التعريف ، فهو من رواد الأدب المغربي المعاصر ، ومن خيرة أساتذة الجامعة المغربية ومؤسسيها رفقة ثلة من الأساتذة الأجلاء، نذكر منهم هنا ـ على سبيل المثال لا الحصرـ الأساتذة : أحمد اليبوري ومحمد برادة وأحمد المجاطي ومحمد السرغيني وحسن المنيعي وعباس الجراري وعبدالسلام الهراس ومحمد الكتاني الذين تخرج على أيديهم أجيال من الطلبة والأدباء والشعراء والباحثين الذين يملأ بعْضُهم المشهد الأدبي المغربي بإنتاجاتٍ مُتميزةٍ في مختلِفِ الأَجْناس الأدبية. ولا يتَّسِعُ المجالُ لذكر أسماء أخرى أَدَّى أصحابُها واجبَهم في خدمةِ أبناءِ هذا البلد بكل تفانٍ وإخلاصٍ ونكران ذات.
للكاتب مؤلفات عديدة منها " الشعر الوطني في عهد الحماية ( 1912 ـ 1956 ) ، وهو دراسته لنيل الدكتوراه بجامعة الجزائر تحت إشراف الدكتور شكري فيصل سنة 1973 م. ويعتبر من الدراسات الأكاديمية الرائدة في الشعر المغربي الذي قيل في عهد الاستعمار سواء في الشمال أو الجنوب ـ
" الاغتراب في الشعر العربي الحديث " وهو البحث الأكاديمي الذي نال به دكتوراه الدولة ـ جامعة محمد بن عبد الله بفاس ـ تأملات في الأدب المغربي ـ " في صحبة الأحباب " ـ "رأي غير مألوف " ـ ديوان شعري بعنوان " حب " الصادر عن المطبعة المهدية بتطوان سنة 1967 م. أما كتاب " شعلة الرماد" الذي نحن بصدد عرضه هنا ، فقد صدر عن المطبعة السريعة بالقنيطرة ، الطبعة الأولى 2013م ، وهو من الكتب التي تأخذ بتلابيب القارئ، فلا يتركها إلا بعد قراءتها من الغلاف إلى آخر صفحاتها. من نوع الكتب التي لا يُمَلُّ منْ قراءتها، فهو يضم مواضيعَ متنوعةً وأجناساً أدبيةً متعددة، ويضمُّ حواراً مطولاً أجراه مع المؤلف الكاتب المسرحي الصحفي المعروف محمد بَهْجاجي ، وقد تمَّ نشرُهُ على حلقاتٍ بجريدة " الاتحاد الاشتراكي " ، كما يشتملُ على مقالاتٍ متنوعةٍ وقِصَّتين غيرِ معْروفتينِ، لم تُدرسا ضِمْنَ بعضِ الدراساتِ الأكاديميةِ الرائدة في مجال القصة القصيرة المغربية ، مع أنهما نُشِرَتا في بعضِ المَنابر الثَّقافية المَغْربية المعروفة. الأولى: قصة " 3 أسابيع " لمحمد زفزاف ( ص : 98 ) ، نُشرت بمجلة "الأطلس " سنة 1964، وكان الكاتب آنذاك دون العشرين من عمره ، ويشير المؤلف إلى أَنَّها " لا توجدُ ضِمْنَ ما طبعَ من قصصه من مجموعات داخلَ المغرب وخارجَه ، ولا ضمن أعماله الكاملة التي طبعتها وزارة الثقافة لأن الوزارة اعتمدت على المجموعات القصصية المنشورة ، ولم تبحث خارجَها " ( ص : 104 )، ويلاحظُ الكاتبُ بهذا الخصوص أن ثَمَّةَ قصَّتينِ أُخْرَيَيْنِ أُغْفلتا في المجموعةِ الكاملةِ لزفزاف، لكن أحمد المديني أثبتهما في بحثه الرائد ( فنّ القصة القصيرة بالمغرب) " وهما : "عودة ابَّا هشوم " وأحزان النساء " ، وقد كتبتا ونشرتا على التوالي في مجلة آفاق ، ومجلة أقلام عامي 1965 و1966 " انظر ص : 104 ) ؛ الثانية : قصة بعنوان " لأنك إنسان " ( 106 ) لصاحب (الممكن من المستحيل ) ، ويقول المؤلف في تعليق له أعقب القصة : " هذه القصَّة القَصيرة لعبدالجبار السحيمي نُشِرت بمجلة المشاهد عام 1957م .كان سنُّهُ آنذاك أقلَّ من عشرين سنة. ولم يُشر إليها أحمد المديني في دراسته " فن القصة القصيرة بالمغرب / في النشأة والتطور والاتجاهات " التي يرى المؤلف أنها " تُعَدُّ بحثاً جامعياً رائداً في موضوعها ؛ وهي من أوائلِ الأبحاثِ الجادَّة التي تناولتْ قصص عبدالجبار بالتَّحليل." ( 112 )، كما أنَّ القاصَّ عبدالجبار السحيمي نَفْسَه لمْ يَنشرْها ضمنَ مجموعتَيه القَصَصِيتَين " الممكن من المستحيل " و
" سيدة المرايا ". ويلاحظ الأستاذ السُّولامي في تعليقه أن الباحثَ القاص أحمد المديني إذا لم يثبت هذه القصة في دراسته ، فإنه أدرج قصتين أخريين ودرسهما في بحثه لم ينشرا ضِمْن المَجْموعَتين وهما :
"رجل له قيمة " ، وعائلة شريفة " ( ص : 112 ) بالإضافة إلى القصتين المنوه إليهما أعلاه لزفزاف والسحيمي ، نجد قصتين أخريين معرَّبتين عن الفرنسية: إحداهما للقاص الفرنسي الذائع الصيت (غي دي موباسان ) بعنوان "سجين موناكو" ( ص : 113 ) ؛ والثانية بعنوان " حب " ( ص : 116 ) ، وهي غير منسوبة لأي مؤلف . يقدم لنا الكاتب في كتابه أيضاً في إطار هذا الاتجاه الذي يصب في التنوع في المواد، دراسة حول الرواية الثانية للروائي بهاء الطود التي كتبها بعد روايته " البعيدون " سنة 2003 ، وهي "أبو حيان في طنجة " حيث يتناولها بالدرس والتحليل من حيث البناء والدلالة ، ويرى أنها " عمل إبداعي لا يتشابه في أي شيء مع العمل الأول ، الأمر الذي يجزم بأن الكاتب ينقب في مناحٍ جديدة باحثاً عن إغناء تجربته موضوعاً وتقنية" ( ص : 122 ) ، ومما يلاحظه في هذا النص الروائي الذي يوظف شخصية تراثية هي أبوحيان التوحيدي الذي يقضي الليلة مع شخصيات واقعية معاصرة ، أنه قريب إلى فن المقامة منه إلى الفن الروائي ، فهو يذكره ب"حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي، فكلاهما يعتمد على الراوي والبطل ، وكلاهما يتخذ شخصية من عصر آخر بعثت في عصريهما ، ولا تخلو الدراسة من نقد لصاحب الرواية يتعلق بتحاشيه نقد مدينته طنجة وخوضه غمار قاعها بإبعاد بطله عن الهبوط إليها ومشاكلها الاجتماعية كصنيع بعض كتاب الرواية أمثال محمد برادة في "حيوات متجاورة " و"شيكاغو" للأسواني ووكالة عطية لخيري شلبي ( ص : 128 ) . ثم ينتقل إلى حديث طلِي حولَ الذوقِ الشعري والبحثِ عن كيفية تطويره في مقال بعنوان " منْ أجل تطوير الذاَّئقة الأدَبية " ، ولا يبخلُ في الردود عما طُرحَ عليه من أسئلة من لدن طلبتِه ، وقد ساق هذه الردود في مقال موسوم بــ"ردود أدبية ". ثم ينتقل بنا للحديث عن المقالة التي تُعتبر من أكثر الأجناس الأدبية انتشاراً وتأثيراً لأنها ارتبطت، في رأيه ، منذ البداية بالصحافة ، وقد كتب فيها جلُّ كتابِ عصرِنا الكبار مشرقاً ومغرباً ، ويُركز المؤلفُ في مقالته التي رصدها لهذا الجنس الأدبي على مقالاتِ الدكتورة الكويتية (منى الشافعي) التي أُعجِبَ بكتاباتها في هذا الفن. وفي مقالة بعنوان " صديقي عبدالجبار .. أيها المُغفَّل مثلي"، يتحدث عن زُهدِهما في مناصبَ سامية ، كانا كلاهما جديرا بها . وفي إطار عشقهِ بَلاط صاحبةِ الجلالة على حدِّ تعبير الكاتب الصّحفي عبد القادر الإدريسي ، فقد كان يَنشُرُ مقالاتٍ تحتَ عنوان "المائدة الصَّحفية " في جريدة المُحَرِّر ، كان يحاولُ من خلالها إشراكَ القراء في ما كان يقرؤه أو يثيرُه من أفكار تَمس القَضايا الرَّاهنة التي تكونُ مثارَ اهتمامهم. وبعد ذلك يعودُ بنا إلى الشعْر القديم والحديث من خلال موضوعةٍ طريفةٍ حقاً وهي "رثاء الزَّوجات " ، ثم يحدثنا حديثاً شجياً عن شاعرة من مصر أصلها مغربي هي (جليلة رضا ) التي وافاها الأجل سنة 2012 م, ويورد بعضَ نصوصها الشِّعرية الحزينة. وكان الختام مسكا ـ كما يقال ـ وذلك بمقال موسوم بــ" عبدالكريم الخطابي في قصيدتين " وهما : " عبدالكريم الخطابي للشاعر عبدالكريم الطبال ؛ وعبدالرفيع جواهري الذي نشر قصيدةً عن البطل عبدالكريم بعد سنوات ٍمن نشر قصيدة عبد الكريم الطبال. ويتصدى المؤلف بالدراسة والتحليل للنَّصين، وعقد بعض المقارناتِ بينهما. ولا أنسى أن أذكر أن أستاذنا إبراهيم السُّولامي ، أُتيحَ له لقاءُ الكاتبةِ اللبنانية لَيلى بَعْلَبَكِّي ( صاحبة رواية " أنا أحيا " ) زمَنَ شبابِها وحَماسِها الزائد ، وذلك أثناء إقامته بباريس لإتمام دراساته العليا بعد حصوله على الإجازة من مصر. وكان اللقاء لإنجاز لقاء صحفي لفائدة مجلة " المشاهد " التي كان مراسلاً لها من هنالك. وهكذا يتبين للقارئ أن الكتاب نزهة أدبية حقيقية، ينتقل بك المؤلف من حديقة غناء إلى جنةٍ عذراء، بأسلوب رشيقٍ من نوعِ السَّهلِ الممتنع، ولغةٍ مفعمةٍ بالماء والرونق، مُتَسربلةٍ بجمالِ التَّعْبير .
للكاتب مؤلفات عديدة منها " الشعر الوطني في عهد الحماية ( 1912 ـ 1956 ) ، وهو دراسته لنيل الدكتوراه بجامعة الجزائر تحت إشراف الدكتور شكري فيصل سنة 1973 م. ويعتبر من الدراسات الأكاديمية الرائدة في الشعر المغربي الذي قيل في عهد الاستعمار سواء في الشمال أو الجنوب ـ
" الاغتراب في الشعر العربي الحديث " وهو البحث الأكاديمي الذي نال به دكتوراه الدولة ـ جامعة محمد بن عبد الله بفاس ـ تأملات في الأدب المغربي ـ " في صحبة الأحباب " ـ "رأي غير مألوف " ـ ديوان شعري بعنوان " حب " الصادر عن المطبعة المهدية بتطوان سنة 1967 م. أما كتاب " شعلة الرماد" الذي نحن بصدد عرضه هنا ، فقد صدر عن المطبعة السريعة بالقنيطرة ، الطبعة الأولى 2013م ، وهو من الكتب التي تأخذ بتلابيب القارئ، فلا يتركها إلا بعد قراءتها من الغلاف إلى آخر صفحاتها. من نوع الكتب التي لا يُمَلُّ منْ قراءتها، فهو يضم مواضيعَ متنوعةً وأجناساً أدبيةً متعددة، ويضمُّ حواراً مطولاً أجراه مع المؤلف الكاتب المسرحي الصحفي المعروف محمد بَهْجاجي ، وقد تمَّ نشرُهُ على حلقاتٍ بجريدة " الاتحاد الاشتراكي " ، كما يشتملُ على مقالاتٍ متنوعةٍ وقِصَّتين غيرِ معْروفتينِ، لم تُدرسا ضِمْنَ بعضِ الدراساتِ الأكاديميةِ الرائدة في مجال القصة القصيرة المغربية ، مع أنهما نُشِرَتا في بعضِ المَنابر الثَّقافية المَغْربية المعروفة. الأولى: قصة " 3 أسابيع " لمحمد زفزاف ( ص : 98 ) ، نُشرت بمجلة "الأطلس " سنة 1964، وكان الكاتب آنذاك دون العشرين من عمره ، ويشير المؤلف إلى أَنَّها " لا توجدُ ضِمْنَ ما طبعَ من قصصه من مجموعات داخلَ المغرب وخارجَه ، ولا ضمن أعماله الكاملة التي طبعتها وزارة الثقافة لأن الوزارة اعتمدت على المجموعات القصصية المنشورة ، ولم تبحث خارجَها " ( ص : 104 )، ويلاحظُ الكاتبُ بهذا الخصوص أن ثَمَّةَ قصَّتينِ أُخْرَيَيْنِ أُغْفلتا في المجموعةِ الكاملةِ لزفزاف، لكن أحمد المديني أثبتهما في بحثه الرائد ( فنّ القصة القصيرة بالمغرب) " وهما : "عودة ابَّا هشوم " وأحزان النساء " ، وقد كتبتا ونشرتا على التوالي في مجلة آفاق ، ومجلة أقلام عامي 1965 و1966 " انظر ص : 104 ) ؛ الثانية : قصة بعنوان " لأنك إنسان " ( 106 ) لصاحب (الممكن من المستحيل ) ، ويقول المؤلف في تعليق له أعقب القصة : " هذه القصَّة القَصيرة لعبدالجبار السحيمي نُشِرت بمجلة المشاهد عام 1957م .كان سنُّهُ آنذاك أقلَّ من عشرين سنة. ولم يُشر إليها أحمد المديني في دراسته " فن القصة القصيرة بالمغرب / في النشأة والتطور والاتجاهات " التي يرى المؤلف أنها " تُعَدُّ بحثاً جامعياً رائداً في موضوعها ؛ وهي من أوائلِ الأبحاثِ الجادَّة التي تناولتْ قصص عبدالجبار بالتَّحليل." ( 112 )، كما أنَّ القاصَّ عبدالجبار السحيمي نَفْسَه لمْ يَنشرْها ضمنَ مجموعتَيه القَصَصِيتَين " الممكن من المستحيل " و
" سيدة المرايا ". ويلاحظ الأستاذ السُّولامي في تعليقه أن الباحثَ القاص أحمد المديني إذا لم يثبت هذه القصة في دراسته ، فإنه أدرج قصتين أخريين ودرسهما في بحثه لم ينشرا ضِمْن المَجْموعَتين وهما :
"رجل له قيمة " ، وعائلة شريفة " ( ص : 112 ) بالإضافة إلى القصتين المنوه إليهما أعلاه لزفزاف والسحيمي ، نجد قصتين أخريين معرَّبتين عن الفرنسية: إحداهما للقاص الفرنسي الذائع الصيت (غي دي موباسان ) بعنوان "سجين موناكو" ( ص : 113 ) ؛ والثانية بعنوان " حب " ( ص : 116 ) ، وهي غير منسوبة لأي مؤلف . يقدم لنا الكاتب في كتابه أيضاً في إطار هذا الاتجاه الذي يصب في التنوع في المواد، دراسة حول الرواية الثانية للروائي بهاء الطود التي كتبها بعد روايته " البعيدون " سنة 2003 ، وهي "أبو حيان في طنجة " حيث يتناولها بالدرس والتحليل من حيث البناء والدلالة ، ويرى أنها " عمل إبداعي لا يتشابه في أي شيء مع العمل الأول ، الأمر الذي يجزم بأن الكاتب ينقب في مناحٍ جديدة باحثاً عن إغناء تجربته موضوعاً وتقنية" ( ص : 122 ) ، ومما يلاحظه في هذا النص الروائي الذي يوظف شخصية تراثية هي أبوحيان التوحيدي الذي يقضي الليلة مع شخصيات واقعية معاصرة ، أنه قريب إلى فن المقامة منه إلى الفن الروائي ، فهو يذكره ب"حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي، فكلاهما يعتمد على الراوي والبطل ، وكلاهما يتخذ شخصية من عصر آخر بعثت في عصريهما ، ولا تخلو الدراسة من نقد لصاحب الرواية يتعلق بتحاشيه نقد مدينته طنجة وخوضه غمار قاعها بإبعاد بطله عن الهبوط إليها ومشاكلها الاجتماعية كصنيع بعض كتاب الرواية أمثال محمد برادة في "حيوات متجاورة " و"شيكاغو" للأسواني ووكالة عطية لخيري شلبي ( ص : 128 ) . ثم ينتقل إلى حديث طلِي حولَ الذوقِ الشعري والبحثِ عن كيفية تطويره في مقال بعنوان " منْ أجل تطوير الذاَّئقة الأدَبية " ، ولا يبخلُ في الردود عما طُرحَ عليه من أسئلة من لدن طلبتِه ، وقد ساق هذه الردود في مقال موسوم بــ"ردود أدبية ". ثم ينتقل بنا للحديث عن المقالة التي تُعتبر من أكثر الأجناس الأدبية انتشاراً وتأثيراً لأنها ارتبطت، في رأيه ، منذ البداية بالصحافة ، وقد كتب فيها جلُّ كتابِ عصرِنا الكبار مشرقاً ومغرباً ، ويُركز المؤلفُ في مقالته التي رصدها لهذا الجنس الأدبي على مقالاتِ الدكتورة الكويتية (منى الشافعي) التي أُعجِبَ بكتاباتها في هذا الفن. وفي مقالة بعنوان " صديقي عبدالجبار .. أيها المُغفَّل مثلي"، يتحدث عن زُهدِهما في مناصبَ سامية ، كانا كلاهما جديرا بها . وفي إطار عشقهِ بَلاط صاحبةِ الجلالة على حدِّ تعبير الكاتب الصّحفي عبد القادر الإدريسي ، فقد كان يَنشُرُ مقالاتٍ تحتَ عنوان "المائدة الصَّحفية " في جريدة المُحَرِّر ، كان يحاولُ من خلالها إشراكَ القراء في ما كان يقرؤه أو يثيرُه من أفكار تَمس القَضايا الرَّاهنة التي تكونُ مثارَ اهتمامهم. وبعد ذلك يعودُ بنا إلى الشعْر القديم والحديث من خلال موضوعةٍ طريفةٍ حقاً وهي "رثاء الزَّوجات " ، ثم يحدثنا حديثاً شجياً عن شاعرة من مصر أصلها مغربي هي (جليلة رضا ) التي وافاها الأجل سنة 2012 م, ويورد بعضَ نصوصها الشِّعرية الحزينة. وكان الختام مسكا ـ كما يقال ـ وذلك بمقال موسوم بــ" عبدالكريم الخطابي في قصيدتين " وهما : " عبدالكريم الخطابي للشاعر عبدالكريم الطبال ؛ وعبدالرفيع جواهري الذي نشر قصيدةً عن البطل عبدالكريم بعد سنوات ٍمن نشر قصيدة عبد الكريم الطبال. ويتصدى المؤلف بالدراسة والتحليل للنَّصين، وعقد بعض المقارناتِ بينهما. ولا أنسى أن أذكر أن أستاذنا إبراهيم السُّولامي ، أُتيحَ له لقاءُ الكاتبةِ اللبنانية لَيلى بَعْلَبَكِّي ( صاحبة رواية " أنا أحيا " ) زمَنَ شبابِها وحَماسِها الزائد ، وذلك أثناء إقامته بباريس لإتمام دراساته العليا بعد حصوله على الإجازة من مصر. وكان اللقاء لإنجاز لقاء صحفي لفائدة مجلة " المشاهد " التي كان مراسلاً لها من هنالك. وهكذا يتبين للقارئ أن الكتاب نزهة أدبية حقيقية، ينتقل بك المؤلف من حديقة غناء إلى جنةٍ عذراء، بأسلوب رشيقٍ من نوعِ السَّهلِ الممتنع، ولغةٍ مفعمةٍ بالماء والرونق، مُتَسربلةٍ بجمالِ التَّعْبير .