همسة في أذن مواطن عربي
نعم حياتنا أحداث و كل حدث نعيشه أو يمرُّ علينا ينجده أصعب من الحدث الذي سبقه، حسب خصوصية الوضع، أحيانا نكون في مركز القوة، و أحيانا اخرى يتسلط علينا الوضع، المسالة لا تتعلق بحجم الحدث أو طبيعته، إنما بالشخاص الذين نتعامل معهم في حياتنا اليومية سواء في الجانب المهني أو في علاقاتنا مع المجتمع، التعامل مع الآخر هو عبارة عن فلسفة، بمعنى قد نصدر أحكاما مسبقة عن الآخر و نعطي له أوصافا غير موجودة (حسب نظرية لومبروزو)، في حين قد نجد بعض الناس في مستوى راقٍ جدا و في احسن خلقة يرتدون ملابس ثمينة و يقودون سيارات فاخرة و قد يحملون في ايديهم حقيبة دبلوماسية و هم في الحقيقة قادة عصابات إجرامية.
هل حاولنا يوما تقييم أنفسنا ماذا قدمنا طيلة السنوات التي عشناها، منذ ولوجنا الى الحياة العملية؟ كم عمرك؟ 30 سنة؟، أربعون؟، 50؟ ، 60؟ أم فوق؟ أنا أعرف عمري طبعا و لا أحد يمكنه أن يغلطني، حتى و لو كان من باب المجاملة، يقول لي البعض أنت تبدين في الـ: 35 ، 40 ، و الرقم غير صحيح، هو تجاوز الرقم المذكور و في تصاعد مستمر، لا ندري أين ينتهي و يتوقف ، لأن الأعمار بيد الله و هو المتحكم فيها، "و يسالونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربي" ( فيما معناه) ، نحن إذن نعيش الأحداث و على مدار السنة، فحياتنا تتسم بالفرح ، بالألم، و أحيانا تكون بلون الغضب إلى درجة التمرد، فنحدث ثورة في أفكارنا، في سلوكاتنا ، من أجل فكرة آمنّا بها، أو قضية نناضل من أجلها، نثور و نتمرد و قد نخرج إلى الشوارع لنعبر عن غضبنا، و قد يمتد هذا الغضب إلى ما لا نهاية، فالعالم كله على فوهة بركان.
لا أحد يشعر بوجعك إلا نفسك التي تواسيك عن طريق الدموع و الآهات، و الذين يشعرون بوجعك قليلون جدا، و قد يكونوا نادرين، فنحن نبكي أحيانا من أجل حالة بائسة، مرت بنا و عشناها ، رحيل أمّك و أبيك، أو أخيك أو أختك، موت صديق ، أو فراق حبيب ، لكل شيئ له شكله و صورته : الغضب، الفرح، الحزن، الوجع، البكاء، الضحك، هكذا نحن البشر، مختلفون في كل شيئ ، لم نخلق أنفسنا بأيدينا، و لم نختر اسرتنا كما نريد نحن و نرغب، قد نشبه البعض في كثير من الأمور، قد يسأل قائل و كيف يشبه بعضنا الآخر ، فنحن في مكان و هو في مكان آخر و قد يبعد عنّا بمسافات؟ مثل هذا السؤال نتركه لأهل العلم و الاختصاص، المهم ما نشعر به وما نراه حقيقة، فقد نكون متفقين على نفس الفكرة في المكان و الزمان ، نقرأ عن مفكر أو فيلسوف من الزمن الغابر تنبا بوقوع حدث ما ، لكنه لم يحدث إلا في زمننا ( الحاضر) .
ما هو الحل؟ و كيف يكون الخلاص؟ سؤال صعبٌ جدا، لأن كل السياسات و الاستراتيجيات التي وضعها البشر فشلت، المشكلة إذن هي مشكلة إنسان، كيف نفهمه، و كيف نتعامل معه لنحقق الانسجام، وهل نحن مطالبون بالتقرب منه ، حتى لو كان حاملا بذرة من بذور الشر، كل هذا من أجل أن نفهمه، و نشعر بوجعه، و من ثمّ نبحث عن الحلول لتغييره من السيئ إلى الحسن، المسالة ليست بالسهولة التي نتصورها ، أعتصر من الألم و أنا أرسم هذه الحروف أشعر بالأسى بل الحزن على الواقع الذي نعيشه اليوم، الرجل يتنكر لأمه و لأبيه و لأخيه و لصديقه ، و لإبن بلده، كفر الإنسان بكل ما هو جميل و مقدس ، انقلب على الطبيعة، فقام بحرقها ، هو مشهد سوداويٌّ يعبر عن "العبثية" ، السبب هو أننا نعيش في حضارة البؤس و إلى همسة أخرى.
علجية عيش