أمّي تربي دجاجتين في حوشٍ خرِبٍ على سطح الدار، ومع الدجاجتين أرنب صغير مرقّط. الأرنب في الغالب لا يفهم سبب وجوده إلى جانب دجاجتين لا تبيضان. ويقفز هنا وهناك مبتعدا عنهما بحذر، فيما تلتقط الدجاجتان حبات الخبز المجفف الصغيرة، وبقايا أوراق الشاي المطبوخ، وتترك للأرنب قِطَع اللفت والجزر ، وسيقان القزبر وعظام التمر التي لا يأكلها أبدا.الدجاجة الحمراء المخلوطة ببعض السواد تقول لصديقتها:“قااااق.. قاق.. قق”وهذا يعني تقريبا بلغة العوام: “مالْ دينمّو هاد االزمر تاينقّز علينا بحال القرد؟”الدجاجة الأخرى الهادئة، دون أن تلتفت تقول:“قعععق.. قااق.. قععق. قق”وهذه العبارة، أُقسِم لكم أيها الكرام، أنها بلغة العوام لا أفهمها شخصيا.الأرنب. يدخل في تجويف “الخابية” التي أسندتها أمي في الركن القصي للحوش الخرِب ويتأخر.ثمّة احتمالان:قد يدبّر الأرنب مكيدة للدجاجتين بسبب نجواهما المحرّمة شرعا، وعلى أمي أن تتدخل وتفحص تجويف الخابية قبل أن يفاجئنا المسخوط بقَدَر لا يتوقّعه أحد.الاحتمال الثاني أنه قد يكون الأرنب غير مبالٍ أبدا. وأنه قد يستريح فقط، أو يدخّن شيئا ممّا يدخنه الأرانب في عالمهم إذا كانوا يدخنون أصلا.شخصيا أعرف أنه مراوغ، وقد سمعته مرتين يقول للدجاجة الهادئة ” كغغم.. خْ خْ ضغغم”
فأحنت المسكينة رأسها في خجل، وتظاهرت بأكل عظمة تمر، فيما كانت الأخرى تنقل عينيها بينهما بعصبية.الدجاجتان لا تبيضان. وأمي لا ترغب الآن في ذبحهما، ولا في ذبح الأرنب. وهذه مجازفة. أُقسم بالله أنها مجازفة.ماذا لو ناديتُ أمي:– مّي.. وااامّي.. وااااا مِّيْ…حتما لن تجيب.فأصرخ:– وااا مّي خدّوج..– واا نعاااام.– خاصنا نذبحو الأرنب.– ما فيه والو آوليدي– ما فيه والو؟ الأرنب فيه الرّوح آ الواليدة.ستضحك ثم لا تجيب.هل ستفهم أمي أني أقصد كون الأرنب قد بلغ سن الحلم؟ وهو الآن مراهق متهور يقفز هنا وهناك، ويحرك أنفه الصغير بمكر ويفتل شاربيه، والدجاجتان صغيرتان غضّتان طريّتان. وهذا لُغم كبير.. ثم إنه في الغالب يدخل تجويف الخابية، و يدخّن ما يدخّنه الأرانب في عالمهم.. وهذا قد يلعب برأسه ويدوّخه، وهو أصلا طائش حتى قبل أن يدخن..الدجاجة الحمراء المخلوطة بسواد تنحني لتلتقط شيئا، وغير مبالية بشيء. والأرنب ولْد لحرام، يلتفت ويتأمل عجيزتها وهي ترتفع بفعل حركة الالتقاط. فيما الدجاجة الهادئة تغض الطرف وتقول:“قييعق.. قووق قق.”هي لا تحوقل طبعا. لكنها تقول:“الله يعطيك لْعما”يقترب الأرنب منها، ويحرك رأسه. يهمس فقط. لا أسمعه. الدجاجة تُلصق جنبها بجنبه وتقول:“قيق قيق.. قعااق”.وهذه الجملة أيها الكرام، لا أستطيع أن أقولها لكم.. الناس مْخلطة، وأنا -أُقسِم لكم- أني أستحي كثيرا لأن أمي قد ربّتني جيّدا .. ولم تربّي الدجاج.
فأحنت المسكينة رأسها في خجل، وتظاهرت بأكل عظمة تمر، فيما كانت الأخرى تنقل عينيها بينهما بعصبية.الدجاجتان لا تبيضان. وأمي لا ترغب الآن في ذبحهما، ولا في ذبح الأرنب. وهذه مجازفة. أُقسم بالله أنها مجازفة.ماذا لو ناديتُ أمي:– مّي.. وااامّي.. وااااا مِّيْ…حتما لن تجيب.فأصرخ:– وااا مّي خدّوج..– واا نعاااام.– خاصنا نذبحو الأرنب.– ما فيه والو آوليدي– ما فيه والو؟ الأرنب فيه الرّوح آ الواليدة.ستضحك ثم لا تجيب.هل ستفهم أمي أني أقصد كون الأرنب قد بلغ سن الحلم؟ وهو الآن مراهق متهور يقفز هنا وهناك، ويحرك أنفه الصغير بمكر ويفتل شاربيه، والدجاجتان صغيرتان غضّتان طريّتان. وهذا لُغم كبير.. ثم إنه في الغالب يدخل تجويف الخابية، و يدخّن ما يدخّنه الأرانب في عالمهم.. وهذا قد يلعب برأسه ويدوّخه، وهو أصلا طائش حتى قبل أن يدخن..الدجاجة الحمراء المخلوطة بسواد تنحني لتلتقط شيئا، وغير مبالية بشيء. والأرنب ولْد لحرام، يلتفت ويتأمل عجيزتها وهي ترتفع بفعل حركة الالتقاط. فيما الدجاجة الهادئة تغض الطرف وتقول:“قييعق.. قووق قق.”هي لا تحوقل طبعا. لكنها تقول:“الله يعطيك لْعما”يقترب الأرنب منها، ويحرك رأسه. يهمس فقط. لا أسمعه. الدجاجة تُلصق جنبها بجنبه وتقول:“قيق قيق.. قعااق”.وهذه الجملة أيها الكرام، لا أستطيع أن أقولها لكم.. الناس مْخلطة، وأنا -أُقسِم لكم- أني أستحي كثيرا لأن أمي قد ربّتني جيّدا .. ولم تربّي الدجاج.