بما أن الشعر هو كائن حي فقد يتعرض إلى ما يتعرض له الكائن الحي من طوارئ ومن حالات تكيفه أوتحدث تغييرا في هيأته مضمونا وشكلا،وهذا التغيير الحادث في هيأة الشعر لا يعني أن التغيير الجديد إياه يحدث القطيعة مع الماضي ليستتب له الأمر وحده في نهاية المطاف،بل يعني أنه ـ التغيير الجديد ـ يحدث ويبقى الماضي معه مستمرا يتعايش معه تارة في وئام وتناغم ،وتارة أخرى في نزاع ومشاحة ويتنافسان في أيهما الأجدر بالبقاء وأيهما أقدر على تمثيل ما يتنازعان بشأنه في المجال الأدبي.
في الشعر نرى ذلك واضحا في الأشكال التالية التي ظهرت من هذا الأخير بعد فترة من الزمن،فالموشحات لدى نشأتها لم تلق الترحيب كل الترحيب من الشعر التقليدي كما لم تلق منه ذلك في العصر الحديث قصيدة التفعيلة في بداياتها،وما زال الرافضون من شعراء القصيدة العمودية والتفعيلية لما يسمى بقصيدة النثر ساريا رفضهم لحد الساعة.ويبدو أن الصراع على تحقيق مكاسب معينة إن في الشكل أو في المضمون في الشعر الحديث من طرف الشعراء سيبقى قائما ما دام الشعر يعتبر كائنا حيا خاضعا للنمو والتطور.
سأتناول بالحديث التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب المضمون أولا ثم من جانب الشكل ثانيا.
التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب المضمون:
لم يعد الشعر الحديث يحفل بالأغراض القديمة كما عهدنا ذلك في القصيدة العمودية،فمثلا لم نعد نقرأ مدحا أو فخرا على الأقل بالمعنى الذي كنا نقرؤهما به في السابق.ثم إننا أصبحنا نرى الشعر يتجه رأسا لمخاطبة الشعب بإثارة الحمية فيه عبر الإشادة به وبأبطاله،معليا من شأن انتصاراته ،ولقد صار الشاعر يتحدث عن الفلاح والعامل والمواطن البسيط،ويدعو إلى تبني المبادئ السامية في المجتمع والسياسة،وترسيخ قيم الحرية والعدالة والمساواة،وتسلح بالتفاؤل ويستبشر بالمستقبل وهو يثور في وجه القهر والطغيان في مجتمعه،فتجلى شعره مشبعا بحب الوطنية و مطبوعا بطابع الفدائية والإيمان بالشعب كقوة فاعلة وحاسمة في معركة المصير والإيمان بالقومية كمجال يضمن له انتماءه وتتأكد هويته فيه.
ثم إذا مضينا في استقراء التغيير إياه صرنا نرى القصيدة تشكل كتلة عضوية واحدة،ولم يعد البيت فيها يشكل كالسابق وحدة مستقلة قائمة بذاتها.وفي هذا السياق صار بإمكانها أو يوضع لها عنوان،لأنها أصبحت تعبيرا عن تجربة شعورية تامة للشاعر الذي مال إلى التحليل النفسي وتعمق في تأمل الحياة والطبيعة وأخذ في ذلك بالأسباب الفلسفية،واستطاع الربط بين الطبيعة من جهة وبين النفس من جهة أخرى،واستغنى عن تصوير الطبيعة تصويرا وصفيا،بل أصبح لديه هذا تذوقا جماليا وشعورا داخليا بتأثيره والتأثر به،ولا ننسى أنه وهو في غمرة قرض القصيدة لا يحيد قيد أنملة عن الصدق في العاطفة.
التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب الشكل:
في الشعر الحديث رأينا الشاعر يميل إلى توظيف الألفاظ السهلة والتعبيرات الغنية بالإيحاء النفسي ويبرع في التصوير الخيالي، و يميل كذلك إلى التحرر من القافية الموحدة،وأصبح السطر الشعري في القصيدة يطول أو يقصر حسب ما يراه الشاعر ويحتاج إليه،وبعضهم تخلص من الوزن نهائيا فصار يكتب نصا ما ويقول عنه أنه شعر ،وينشره في الملإ على أنه كذلك.
وهنا لا بد أن أذكّر بأن الشاعر لا يكون شاعرا إلا بتوفره على الأدوات اللازمة لإنجاز القصيدة ، ومن هذه الأدوات اللغة،فالذي يكتب بلغة معطوبة نحوا أوإملاء أو هما معا سيجد صعوبة كبيرة في إقناع من يكتب لهم أنه شاعر،وسيقول له بعضهم:
"قبل أن تكتب حسّن أولا لغتك".
كما على الشاعر أن يقوم بتثقيف نفسه وصقل فكره،والأهم من هذا كله أن يحدث لنفسه أسلوبه الخاص الذي يعرف به شخصيا ومن خلاله يحقق فرادته الذاتية.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى فضيلة ربط القول بالعمل.
في الشعر نرى ذلك واضحا في الأشكال التالية التي ظهرت من هذا الأخير بعد فترة من الزمن،فالموشحات لدى نشأتها لم تلق الترحيب كل الترحيب من الشعر التقليدي كما لم تلق منه ذلك في العصر الحديث قصيدة التفعيلة في بداياتها،وما زال الرافضون من شعراء القصيدة العمودية والتفعيلية لما يسمى بقصيدة النثر ساريا رفضهم لحد الساعة.ويبدو أن الصراع على تحقيق مكاسب معينة إن في الشكل أو في المضمون في الشعر الحديث من طرف الشعراء سيبقى قائما ما دام الشعر يعتبر كائنا حيا خاضعا للنمو والتطور.
سأتناول بالحديث التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب المضمون أولا ثم من جانب الشكل ثانيا.
التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب المضمون:
لم يعد الشعر الحديث يحفل بالأغراض القديمة كما عهدنا ذلك في القصيدة العمودية،فمثلا لم نعد نقرأ مدحا أو فخرا على الأقل بالمعنى الذي كنا نقرؤهما به في السابق.ثم إننا أصبحنا نرى الشعر يتجه رأسا لمخاطبة الشعب بإثارة الحمية فيه عبر الإشادة به وبأبطاله،معليا من شأن انتصاراته ،ولقد صار الشاعر يتحدث عن الفلاح والعامل والمواطن البسيط،ويدعو إلى تبني المبادئ السامية في المجتمع والسياسة،وترسيخ قيم الحرية والعدالة والمساواة،وتسلح بالتفاؤل ويستبشر بالمستقبل وهو يثور في وجه القهر والطغيان في مجتمعه،فتجلى شعره مشبعا بحب الوطنية و مطبوعا بطابع الفدائية والإيمان بالشعب كقوة فاعلة وحاسمة في معركة المصير والإيمان بالقومية كمجال يضمن له انتماءه وتتأكد هويته فيه.
ثم إذا مضينا في استقراء التغيير إياه صرنا نرى القصيدة تشكل كتلة عضوية واحدة،ولم يعد البيت فيها يشكل كالسابق وحدة مستقلة قائمة بذاتها.وفي هذا السياق صار بإمكانها أو يوضع لها عنوان،لأنها أصبحت تعبيرا عن تجربة شعورية تامة للشاعر الذي مال إلى التحليل النفسي وتعمق في تأمل الحياة والطبيعة وأخذ في ذلك بالأسباب الفلسفية،واستطاع الربط بين الطبيعة من جهة وبين النفس من جهة أخرى،واستغنى عن تصوير الطبيعة تصويرا وصفيا،بل أصبح لديه هذا تذوقا جماليا وشعورا داخليا بتأثيره والتأثر به،ولا ننسى أنه وهو في غمرة قرض القصيدة لا يحيد قيد أنملة عن الصدق في العاطفة.
التغيير الذي طرأ على الشعر الحديث من جانب الشكل:
في الشعر الحديث رأينا الشاعر يميل إلى توظيف الألفاظ السهلة والتعبيرات الغنية بالإيحاء النفسي ويبرع في التصوير الخيالي، و يميل كذلك إلى التحرر من القافية الموحدة،وأصبح السطر الشعري في القصيدة يطول أو يقصر حسب ما يراه الشاعر ويحتاج إليه،وبعضهم تخلص من الوزن نهائيا فصار يكتب نصا ما ويقول عنه أنه شعر ،وينشره في الملإ على أنه كذلك.
وهنا لا بد أن أذكّر بأن الشاعر لا يكون شاعرا إلا بتوفره على الأدوات اللازمة لإنجاز القصيدة ، ومن هذه الأدوات اللغة،فالذي يكتب بلغة معطوبة نحوا أوإملاء أو هما معا سيجد صعوبة كبيرة في إقناع من يكتب لهم أنه شاعر،وسيقول له بعضهم:
"قبل أن تكتب حسّن أولا لغتك".
كما على الشاعر أن يقوم بتثقيف نفسه وصقل فكره،والأهم من هذا كله أن يحدث لنفسه أسلوبه الخاص الذي يعرف به شخصيا ومن خلاله يحقق فرادته الذاتية.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى فضيلة ربط القول بالعمل.