عن منشورات «القصبة»، وبدعم من وزارة الثقافة، تصدر للشاعر والقاص مصطفى ملح قريبا، رواية» «صياد الليل ».وقع ملح طيلة مسيرته الابداعية على إنتاج أدبي مفارق في الشعر كما في القصة، دون أن ننسى إنتاجه الموجه للأطفال ومنه في الشعر « عصافير الطفولة» ،عيد ميلاد القمر- وفي القصة» أوراق من سيرة شهرزاد «، «التابوت».. وقد صدر له من الدواوين الشعرية أول ديوان بعنوان « دم الشاعر»، ثم «رماد الشمس»، « من سرق تاج الأميرة « ،»بين الكاف والنون « ،»فخاخ صغيرة لترويض الزمن»، « أجنحة بيضاء تطارد الليل «، أمواج اليابسة»، «أجراس بعيدة»، « لا أوبخ أحدا» عن منشورات «مقاربات» سنة 2018، وآخر إصداراته "أقدام على الحافة" عن دائرة الثقافة الشارقة 2023 يذكر أن الشاعر والروائي مصطفى ملح حاز السنة الماضية على الجائزة الأولى لجائزة «رونق المغرب» للقصة دورة 2018 عن عمله »اللعب مع الزمن»، كما سبق له الفوز بجائزة «.ماري لويز الهوي لأدب الاطفال في 2008، وجائزة الوديع الأسفي في الشعر في 2009 عن ديوانه «رماد الشمس». كما أصدر أعمالا شعرية وسردية، منها: «أعشاب تنمو في القلب» سنة 2018، ورواية للفتيان بعنوان"شموع لا تنطفئ" سنة 2018، فضلا عن ديوانه الشعري "لا اوبخ أحدا" سنة 2018. و"التابوت" سنة 2018 وهي مجموعة قصصية، مما يبين أن سنة 2018 كانت مليئة بالعطاء، وكذلك الشأن بالنسبة لسنة 2019 وما تلاها من سنوات. فمصطفى ملح أديب مغربي ذو قلم سيال. يمكن الحديث عن سارد مجنون لرواية "صياد الليل" انطلاقا من مؤشرات عدة هي مجرد احتمالات. منها: أن الرواية تسرد بميرين، المتكلم والغائب، وهما معا يعودان لواحد، وكأن هناك شرخا في الشخصية نتيجة عوامل شتى أهمها قبح الواقع، وترديه. ومنها أن الرواية تنتهي بإيداع السارد مستشفى المجانين، وهو سقوط لا ينفرد به وحده، إذ يشاركه فيه جميع
الشخصيات التي كان له ارتباط بها، لدرجة يمكن القول: إن ما يمسه يمسها بطريقة ما، هي عدوى تنتقل منه لباقي الشخصيات التي شهدت سقوطا مدويا، أخلاقيا ونفسيا واجتماعيا وثقافيا. فهناك الجنون، وهناك البغاء، وهناك القتل، وهناك الانحلال، والاستغلال. ولعل ما يؤكد كون السارد مجنونا، تلك النهاية التي آل إليها، فلا يعقل أن تكون بداية وما بعدها شفاء، بل لأنها نهاية تتحدث عما سبقها كأسباب مفضية إليها، أو هي نتيجة لما سبقها، وما سبقها يسرد بضمر المجنون الذي يتعقل للحظات فتأتي الفصول بمقاطعها كلمع تعبر عن عدم انسجام السارد مع واقعه المنحط إنه بمثابة بطل إشكالي يحمل قيما إيجابية في عالم يسوده القبح، ويستغرقه الفساد إنه سارد ليس مجنونا بمعنى فاقدا للعقل والتعقل، بل بمعنى انفصال الذات عن واقعها المنحط، وعد قدرتها على تواصلها معه، ومن ثم ذلك اللا انسجام الذي حلق لدى الرقيب شكا في نواياه، ولتخفيض منسوبها اتهمه بالجنون، ووضعه في المستشفى ليرتاح من تهديداته المحتملة، لا سيما وأن السارد قد تعرض لاعتقالات سابقة عبرت عنها لوحات الفصل الأول ولمزيد تقوية طرح جنون السارد عرضه الحكاية بشكل مشتت، حتى ليعتقد بعدم انسجامها، ثم تأتي لحظات التأمل والاسترجاع لتؤكد زاوية النظر تلك، فضلا عن الشاعرية الطافحة التي فرملت سيولة الأحداث، وجعلتها تسير بشكل بطيء للغاية وكأن الكاتب الحقيقي وضع شخصيته بتلك المواصفات في واقع مترد ليختبر قدرتها على التفاعل معه، ولم تن نتيجة البحث في مختبر الرواية إلا سلبية بسبب غياب خيط التواصل بين الطرفين، مما يؤكد ضرورة قيام المثقف بدوره التنويري عبر الانخراط الفعلي والفعال في مجتمعه بدل الركون إلى السلبية كما فعل أحمد الشاوي رغم أنه اشتغل في مجالات مختلفة كان من الممكن جعلها منصات للتواصل مع الطبقات الشعبية بغية رفع منسوب وعيها، لكنه فضل السلبية على الفعل، وخضع لتيار الواقع يجرفه حيث يشاء ثم إن شخصية أحمد الشاوي كانت نافذة لقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي من خلال طرح قضايا كثيرة أهمها علاقة الرجل بالمرأة، ومسألة الاتجار في الممنوعات، وقضية الانتخابات، فضلا عن طرح قضية الكتابة في ما يسمى بالميتا سرد. ولعل القارئ سيجد في الفصل الأول جملة معان تخص شخصية أحمد الشاوي وما يعانيه وما يصبو إليه فضلا عن معاناة الكتابة. فهو فارغ من المعنى مثل صندوق خشبي في قبو مهمل. وهو حبة غبار مغضوب عليها. وهو الرجل الذي قضى عشرين سنة دون أن يحدد موقفه بشأن المكان. جل ما يطلبه أن يكون طائرا صغيرا يقيم في عش سماوي صغير بعيدا عن الديناصورات المفترسة. أما مسألة الكتابة فهي ميدان معاناة، تحتاج إلى ورق أبيض نظيف، وقلم حبر، ونهر من الدموع، وعشرات الكؤوس من القهوة السوداء، وعلب لا تعد ولا تحصى من السجائر. كل هذا لصنع عالم هو عالمه، ولبناء عمارات من المعنى وأبراج من الأسئلة. ص9. يقول عبد القادر لحميني عن أحمد الشاوي في قراءته للرواية: بين الشيء ونقيضه (اللاشيء) يقف أحمد الشاوي كعلامة في الصحارى النائية، تجاوزها الزمن ولم يعد لرسوخ قدمها في الأرض من معنى، اللهم إلا تأثيث المكان والسخرية من وجودها أصلا. تعود إلى نقطة مفصلية من حياته وهي، فراق الأبوين اللذين أوجداه في هذا العالم «لكنهما ماتا منذ عهد بعيد»، بالإضافة إلى التجربة الحياتية العميقة التي عرف فيها ثلاث نساء «كن مختلفات إلى درجة التناقض» وتجربته مع الكتابة «في الكوخ الحديدي» وعمله «في ورشة البناء» إلى غير ذلك، فهو خريج كلية الآداب، بشهادة الإجازة، أو التي عبرت عنها الراوية بِـ»الورقة البسيطة والمتقشفة» أو «التي لا عطر فيها ولا طعم ولا رائحة»، التي ورمزيتها لم تمنحه حق اللجوء كهارب ومضطهد من ضيق الأفق وانسداده على الأقل إلى مرافئ الكرامة وتضمن له من يسير العيش، إن لم يكن رغده، حقا من حقوقه كأي كائن، لكنها في المقابل هذه «الورقة المتقشفة» ربما ساعدته على مواصلة السير في «انتظار الصباح أفضل من رثائه أو الحداد عليه. »جريدة القدس. توظيف الشخصيات العالمية من التراث العربي ومن عالم الغرب المعاصر: يلجأ بعض الكتاب والروائيين إلى توظيف الأسماء العالمية الأدبية، وأحيانا بعض الشخصيات الأدبية المشهورة في نصوصهم، فضلا عن أحداث تاريخية مفصلية في حياة الشعوب وبخاصة الشعب العربي والمغربي منه بشكل أخص. إضافة إلى أسماء الأمكنة والمدن بغاية توسيع دلالات النص الروائي، وجعلها عامة ولا تقتصر على مكان واحد أو اسم واحد. فحين تشير الرواية إلى صنعاء، وحضر موت، والدار البيضاء، ومازاكان، فإنها، بالإضافة إلى معنى التشتت والحيرة، تشير إلى وحدة المعنى، فكلها مدن عربية تعيش على الوقع نفسه، وتحمل معاني التشظي والنفور والوجع ذاتها؛ إنه نوع من التشارك العربي، والوحدة العربية، فكلنا في الهم شرق. وما كان هذا التوظيف مجانيا بل أملته شروط الكتابة الفنية والواقعية. فالتوظيف،إذا، كان ضرورة فنية لا عرضا معرفيا مثقلا لكاهل النص الروائي. فكل عمل روائي يحمل بين طياته بصمة واقعه سواء كان ذلك حدثا أم موقفا أم شخصية معينة، فلو كان التوظيف من باب الحشو، أو التكلف لأخل بإيقاع الرواية. وفي العمل الروائي قيد القراءة نجده يعج بأسماء عربية من التراث والواقع المعاصر، وأخرى قادمة من الغرب سواء أكانت حقيقية أم أسطورية، بالإضافة إلى استدعائه لأحداث تاريخية مهمة، ولو يقف العمل عندها طويلا، بل أتى بها بشكل سريع أملاه سياق الأحداث لينتقل بعدها إلى أحداث جديدةمتابعا فصولها، وكلما وجد الاستدعاء ضروريا قام به بما يلائمه وينسجم معه. ليس غريبا والرواية تتناول حياة أحمد الشاوي مبرزة شرخه النفسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي أن تقرأ هذا الواقع لتبرز أعطابه وتشير إلى أسباب هزيمة شخصياتها. وتضع يدها على بعض العلل التي تنخر جسد هذا المجتمع ومنها دونية المرأة واليتم وضعف التعليم وسيادة الخرافة من خلال مشهد دم الأطفال السائل في طقوس احتفالية همجية فضلا عن الجانب السياسي عبر الانتخابات المشبوهة وصعود برلمانيين فاشلين. لكأن أحمد الشاوي استعارة جيل بكامله.. جيل العبث والضياع. على سبيل الختم: رواية "صياد الليل" أول عمل للمبدع المتعدد مصطفى ملح، قدم إلى السرد دون أن يفارق الشعر شغله الأول، ثم أتبعه بأعمال سردية أخرى. وهو عمل روائي جدير بالمتابعة. قرأ من خلاله شخصية أحمد الشاوي الذي يمكن اعتباره استعارة رمزية لجيل كامل تميز بالعبث والفشل والضياع في بحثه عن معنى لوجوده وليس غريبا أن نجد حضور السؤال ماثلا بقوة في النص الروائي. وظف الكاتب تقنيات عدة منها المقابلة، والاسترجاع عبر الذاكرة المجروحة والمثقلة بأوجاعها، فضلا عن الحلم بلغة شاعرية كادت تثقل النص وتعطل سيرورته ونموه السرديين.
الشخصيات التي كان له ارتباط بها، لدرجة يمكن القول: إن ما يمسه يمسها بطريقة ما، هي عدوى تنتقل منه لباقي الشخصيات التي شهدت سقوطا مدويا، أخلاقيا ونفسيا واجتماعيا وثقافيا. فهناك الجنون، وهناك البغاء، وهناك القتل، وهناك الانحلال، والاستغلال. ولعل ما يؤكد كون السارد مجنونا، تلك النهاية التي آل إليها، فلا يعقل أن تكون بداية وما بعدها شفاء، بل لأنها نهاية تتحدث عما سبقها كأسباب مفضية إليها، أو هي نتيجة لما سبقها، وما سبقها يسرد بضمر المجنون الذي يتعقل للحظات فتأتي الفصول بمقاطعها كلمع تعبر عن عدم انسجام السارد مع واقعه المنحط إنه بمثابة بطل إشكالي يحمل قيما إيجابية في عالم يسوده القبح، ويستغرقه الفساد إنه سارد ليس مجنونا بمعنى فاقدا للعقل والتعقل، بل بمعنى انفصال الذات عن واقعها المنحط، وعد قدرتها على تواصلها معه، ومن ثم ذلك اللا انسجام الذي حلق لدى الرقيب شكا في نواياه، ولتخفيض منسوبها اتهمه بالجنون، ووضعه في المستشفى ليرتاح من تهديداته المحتملة، لا سيما وأن السارد قد تعرض لاعتقالات سابقة عبرت عنها لوحات الفصل الأول ولمزيد تقوية طرح جنون السارد عرضه الحكاية بشكل مشتت، حتى ليعتقد بعدم انسجامها، ثم تأتي لحظات التأمل والاسترجاع لتؤكد زاوية النظر تلك، فضلا عن الشاعرية الطافحة التي فرملت سيولة الأحداث، وجعلتها تسير بشكل بطيء للغاية وكأن الكاتب الحقيقي وضع شخصيته بتلك المواصفات في واقع مترد ليختبر قدرتها على التفاعل معه، ولم تن نتيجة البحث في مختبر الرواية إلا سلبية بسبب غياب خيط التواصل بين الطرفين، مما يؤكد ضرورة قيام المثقف بدوره التنويري عبر الانخراط الفعلي والفعال في مجتمعه بدل الركون إلى السلبية كما فعل أحمد الشاوي رغم أنه اشتغل في مجالات مختلفة كان من الممكن جعلها منصات للتواصل مع الطبقات الشعبية بغية رفع منسوب وعيها، لكنه فضل السلبية على الفعل، وخضع لتيار الواقع يجرفه حيث يشاء ثم إن شخصية أحمد الشاوي كانت نافذة لقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي من خلال طرح قضايا كثيرة أهمها علاقة الرجل بالمرأة، ومسألة الاتجار في الممنوعات، وقضية الانتخابات، فضلا عن طرح قضية الكتابة في ما يسمى بالميتا سرد. ولعل القارئ سيجد في الفصل الأول جملة معان تخص شخصية أحمد الشاوي وما يعانيه وما يصبو إليه فضلا عن معاناة الكتابة. فهو فارغ من المعنى مثل صندوق خشبي في قبو مهمل. وهو حبة غبار مغضوب عليها. وهو الرجل الذي قضى عشرين سنة دون أن يحدد موقفه بشأن المكان. جل ما يطلبه أن يكون طائرا صغيرا يقيم في عش سماوي صغير بعيدا عن الديناصورات المفترسة. أما مسألة الكتابة فهي ميدان معاناة، تحتاج إلى ورق أبيض نظيف، وقلم حبر، ونهر من الدموع، وعشرات الكؤوس من القهوة السوداء، وعلب لا تعد ولا تحصى من السجائر. كل هذا لصنع عالم هو عالمه، ولبناء عمارات من المعنى وأبراج من الأسئلة. ص9. يقول عبد القادر لحميني عن أحمد الشاوي في قراءته للرواية: بين الشيء ونقيضه (اللاشيء) يقف أحمد الشاوي كعلامة في الصحارى النائية، تجاوزها الزمن ولم يعد لرسوخ قدمها في الأرض من معنى، اللهم إلا تأثيث المكان والسخرية من وجودها أصلا. تعود إلى نقطة مفصلية من حياته وهي، فراق الأبوين اللذين أوجداه في هذا العالم «لكنهما ماتا منذ عهد بعيد»، بالإضافة إلى التجربة الحياتية العميقة التي عرف فيها ثلاث نساء «كن مختلفات إلى درجة التناقض» وتجربته مع الكتابة «في الكوخ الحديدي» وعمله «في ورشة البناء» إلى غير ذلك، فهو خريج كلية الآداب، بشهادة الإجازة، أو التي عبرت عنها الراوية بِـ»الورقة البسيطة والمتقشفة» أو «التي لا عطر فيها ولا طعم ولا رائحة»، التي ورمزيتها لم تمنحه حق اللجوء كهارب ومضطهد من ضيق الأفق وانسداده على الأقل إلى مرافئ الكرامة وتضمن له من يسير العيش، إن لم يكن رغده، حقا من حقوقه كأي كائن، لكنها في المقابل هذه «الورقة المتقشفة» ربما ساعدته على مواصلة السير في «انتظار الصباح أفضل من رثائه أو الحداد عليه. »جريدة القدس. توظيف الشخصيات العالمية من التراث العربي ومن عالم الغرب المعاصر: يلجأ بعض الكتاب والروائيين إلى توظيف الأسماء العالمية الأدبية، وأحيانا بعض الشخصيات الأدبية المشهورة في نصوصهم، فضلا عن أحداث تاريخية مفصلية في حياة الشعوب وبخاصة الشعب العربي والمغربي منه بشكل أخص. إضافة إلى أسماء الأمكنة والمدن بغاية توسيع دلالات النص الروائي، وجعلها عامة ولا تقتصر على مكان واحد أو اسم واحد. فحين تشير الرواية إلى صنعاء، وحضر موت، والدار البيضاء، ومازاكان، فإنها، بالإضافة إلى معنى التشتت والحيرة، تشير إلى وحدة المعنى، فكلها مدن عربية تعيش على الوقع نفسه، وتحمل معاني التشظي والنفور والوجع ذاتها؛ إنه نوع من التشارك العربي، والوحدة العربية، فكلنا في الهم شرق. وما كان هذا التوظيف مجانيا بل أملته شروط الكتابة الفنية والواقعية. فالتوظيف،إذا، كان ضرورة فنية لا عرضا معرفيا مثقلا لكاهل النص الروائي. فكل عمل روائي يحمل بين طياته بصمة واقعه سواء كان ذلك حدثا أم موقفا أم شخصية معينة، فلو كان التوظيف من باب الحشو، أو التكلف لأخل بإيقاع الرواية. وفي العمل الروائي قيد القراءة نجده يعج بأسماء عربية من التراث والواقع المعاصر، وأخرى قادمة من الغرب سواء أكانت حقيقية أم أسطورية، بالإضافة إلى استدعائه لأحداث تاريخية مهمة، ولو يقف العمل عندها طويلا، بل أتى بها بشكل سريع أملاه سياق الأحداث لينتقل بعدها إلى أحداث جديدةمتابعا فصولها، وكلما وجد الاستدعاء ضروريا قام به بما يلائمه وينسجم معه. ليس غريبا والرواية تتناول حياة أحمد الشاوي مبرزة شرخه النفسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي أن تقرأ هذا الواقع لتبرز أعطابه وتشير إلى أسباب هزيمة شخصياتها. وتضع يدها على بعض العلل التي تنخر جسد هذا المجتمع ومنها دونية المرأة واليتم وضعف التعليم وسيادة الخرافة من خلال مشهد دم الأطفال السائل في طقوس احتفالية همجية فضلا عن الجانب السياسي عبر الانتخابات المشبوهة وصعود برلمانيين فاشلين. لكأن أحمد الشاوي استعارة جيل بكامله.. جيل العبث والضياع. على سبيل الختم: رواية "صياد الليل" أول عمل للمبدع المتعدد مصطفى ملح، قدم إلى السرد دون أن يفارق الشعر شغله الأول، ثم أتبعه بأعمال سردية أخرى. وهو عمل روائي جدير بالمتابعة. قرأ من خلاله شخصية أحمد الشاوي الذي يمكن اعتباره استعارة رمزية لجيل كامل تميز بالعبث والفشل والضياع في بحثه عن معنى لوجوده وليس غريبا أن نجد حضور السؤال ماثلا بقوة في النص الروائي. وظف الكاتب تقنيات عدة منها المقابلة، والاسترجاع عبر الذاكرة المجروحة والمثقلة بأوجاعها، فضلا عن الحلم بلغة شاعرية كادت تثقل النص وتعطل سيرورته ونموه السرديين.