تابع
وأنت تقرأ ديوان "وردة المستحيل للشاعر محمد الشيخي ستشعر بمتعة أكيدة كون الشاعر نسج عمله بدقة عنكبوت؛ فقد قدم ضفيرة مسبوكة بعناية صائغ ماهر من ثلاثة عناصر وهي انفتاحه على القضايا الوطنية والقومية متسلحا بلغة التحدي والمقاومة رافضا الخذلان والانحناء. وإيلائه عناية خاصة بالشعر بمفهومه الإنساني. وثالثا انفتاحه على أهم الشعراء الذين يتقاطع معهم أو يشعر بقربه منهم.
محمد الشيخي شاعر مقل، فمن خلال ربرطواره، يتبين أنه ينتمي لفئة شعراء الحوليات، فهو لا يصدر عملا إلا بعد مراجعات وتنقيحات، بغرض تقديم منتوج قابل لمقارعة الزمن وقادر على مواصلة الحياة. إنه من الشعراء الذين كان شغلهم الأساس القصدية والصلاة في محرابها، وتقديس الحرف.
ليس غريبا والحالة هذه أن يكون أحمد المجاطي من بين الشعراء الذين تم استدعاؤهم في هذا المتن الشعري المميز ؛ فالشاعران معا يهتمان بالشعر ويوليانه ما يستحق من عناية وصبر على المعاناة وتحملها بجلد. أليس المجاطي هو القائل: تسعفني الكأس ولا تسعفني العبارة.؟ إن الشاعرين قد وقعا في هوى الشعر وأكبراه وسعيا إلى عدم تلويث قدسيته بالإسهال رغم أن زمننا الحالي قد صرف اهتمامه عن الشعر إلى أشكال تعبيرية أخرى كالرواية وهي بنفسها لم تتمكن من التنصل من الشعر. بل صرفه إلى أشكال شوهاء من التعابير أهم مميزاته التفاهة والسطحية والابتذال.
أما الكتابة الجادة والمدهشة، فرغم ما تعانيه من حصار، فإنها تتخطى الوجود الشخصي للكائن، فالحياة ثقافةٌ بحد ذاتها، ثقافة تعكس فن الأثر والتأثير، والقدرة على المقاومة والتغيير، مقاومة كل شيءٍ يتنافى معها ويحاول أن يقمعها، مقاومة ترسخ الرغبة الدائمة في الإبداع، حتى نصل إلى أنها ثقافةٌ تُقاوم الاستبداد، الوجه الآخر للموت. وجهٌ يقمع الإبداع ويسعى إلى فناء الجمال، وتحطيم كل ما يساعد على الحياة، هي فرصة الشخص للتعبير عن نفسه، ليقول إنه حي وربما سيبقى حياً. إننا عندما نغني ونكتب ونقول الشعر ونحب ونفرح ونبكي، نكون فقط نصنع لحياتنا معنىً دونه سيكون هناك العدم، فماذا سيبقى دون ذلك. ربما يمكن أن نسلب سقراط مقولته، لنعبر عن رغبتنا بالحياة ونقول «طالما مدنا الله بالحياة والقوة، فدعونا لا نتوقف أبداً عن ممارستها. لكن كيف نتخلصُ من فكرة أننا راحلون، فالمسرحيةُ التي نحن أبطالها ستنتهي، لكن سيأتي أبطالٌ آخرون، ربما يلبسون أقنعتنا، ربما يستعيرون بعضاً من أفكارنا، من حركاتنا من صدانا الذي كان. وهم أيضاً سينتهون، لكنَ المسرح مستمر، وخشبته حية، ونحن، كما كنا مشاهدين يوماً سنصبح أبطالها، إلى أن ينتهي وقتنا وتُسدَل الستارة وتحجبنا وراء ظل اللاعودة. هدى سليم المحيثاوي، جريدة القدس، الخميس 8 فبراير 2024.
«ألم يقل جان كوكتو مؤكدا أن الشعراء لا يموتون: "لا تبكوا، تظاهروا فقط بالبكاء فالشعراء لا يموتون إنهم يتظاهرون بالموت فقط"
الشعر لدى محمد الشيخي مثل نور بل نور يتسلل من ثقب الظلمة لينير العالم، وليعيد صياغته وفق ترتيب جديد دعامته المحبة والكثير من الشعر المنبثق من قلب الشاعر إلى قلب القارئ ومن ثم إلى قلب العالم.
تومض قصائد محمد الشيخي بوميض يكسر العتمة الشعرية التي اختل فيها ميزان الشعر والذوق، وتراجعت القصائد الجادة بسبب ما تعرفه من حصار من طرف مافيات الرداءة والإسهال.
وأنت تقرأ ديوان "وردة المستحيل للشاعر محمد الشيخي ستشعر بمتعة أكيدة كون الشاعر نسج عمله بدقة عنكبوت؛ فقد قدم ضفيرة مسبوكة بعناية صائغ ماهر من ثلاثة عناصر وهي انفتاحه على القضايا الوطنية والقومية متسلحا بلغة التحدي والمقاومة رافضا الخذلان والانحناء. وإيلائه عناية خاصة بالشعر بمفهومه الإنساني. وثالثا انفتاحه على أهم الشعراء الذين يتقاطع معهم أو يشعر بقربه منهم.
محمد الشيخي شاعر مقل، فمن خلال ربرطواره، يتبين أنه ينتمي لفئة شعراء الحوليات، فهو لا يصدر عملا إلا بعد مراجعات وتنقيحات، بغرض تقديم منتوج قابل لمقارعة الزمن وقادر على مواصلة الحياة. إنه من الشعراء الذين كان شغلهم الأساس القصدية والصلاة في محرابها، وتقديس الحرف.
ليس غريبا والحالة هذه أن يكون أحمد المجاطي من بين الشعراء الذين تم استدعاؤهم في هذا المتن الشعري المميز ؛ فالشاعران معا يهتمان بالشعر ويوليانه ما يستحق من عناية وصبر على المعاناة وتحملها بجلد. أليس المجاطي هو القائل: تسعفني الكأس ولا تسعفني العبارة.؟ إن الشاعرين قد وقعا في هوى الشعر وأكبراه وسعيا إلى عدم تلويث قدسيته بالإسهال رغم أن زمننا الحالي قد صرف اهتمامه عن الشعر إلى أشكال تعبيرية أخرى كالرواية وهي بنفسها لم تتمكن من التنصل من الشعر. بل صرفه إلى أشكال شوهاء من التعابير أهم مميزاته التفاهة والسطحية والابتذال.
أما الكتابة الجادة والمدهشة، فرغم ما تعانيه من حصار، فإنها تتخطى الوجود الشخصي للكائن، فالحياة ثقافةٌ بحد ذاتها، ثقافة تعكس فن الأثر والتأثير، والقدرة على المقاومة والتغيير، مقاومة كل شيءٍ يتنافى معها ويحاول أن يقمعها، مقاومة ترسخ الرغبة الدائمة في الإبداع، حتى نصل إلى أنها ثقافةٌ تُقاوم الاستبداد، الوجه الآخر للموت. وجهٌ يقمع الإبداع ويسعى إلى فناء الجمال، وتحطيم كل ما يساعد على الحياة، هي فرصة الشخص للتعبير عن نفسه، ليقول إنه حي وربما سيبقى حياً. إننا عندما نغني ونكتب ونقول الشعر ونحب ونفرح ونبكي، نكون فقط نصنع لحياتنا معنىً دونه سيكون هناك العدم، فماذا سيبقى دون ذلك. ربما يمكن أن نسلب سقراط مقولته، لنعبر عن رغبتنا بالحياة ونقول «طالما مدنا الله بالحياة والقوة، فدعونا لا نتوقف أبداً عن ممارستها. لكن كيف نتخلصُ من فكرة أننا راحلون، فالمسرحيةُ التي نحن أبطالها ستنتهي، لكن سيأتي أبطالٌ آخرون، ربما يلبسون أقنعتنا، ربما يستعيرون بعضاً من أفكارنا، من حركاتنا من صدانا الذي كان. وهم أيضاً سينتهون، لكنَ المسرح مستمر، وخشبته حية، ونحن، كما كنا مشاهدين يوماً سنصبح أبطالها، إلى أن ينتهي وقتنا وتُسدَل الستارة وتحجبنا وراء ظل اللاعودة. هدى سليم المحيثاوي، جريدة القدس، الخميس 8 فبراير 2024.
«ألم يقل جان كوكتو مؤكدا أن الشعراء لا يموتون: "لا تبكوا، تظاهروا فقط بالبكاء فالشعراء لا يموتون إنهم يتظاهرون بالموت فقط"
الشعر لدى محمد الشيخي مثل نور بل نور يتسلل من ثقب الظلمة لينير العالم، وليعيد صياغته وفق ترتيب جديد دعامته المحبة والكثير من الشعر المنبثق من قلب الشاعر إلى قلب القارئ ومن ثم إلى قلب العالم.
تومض قصائد محمد الشيخي بوميض يكسر العتمة الشعرية التي اختل فيها ميزان الشعر والذوق، وتراجعت القصائد الجادة بسبب ما تعرفه من حصار من طرف مافيات الرداءة والإسهال.