من مميزات الكتابة الشعرية في ديوان "وردة المستحيل" ارتكازها على الصور الشعرية لكونها تحتل مكانة بارزة فيه فهي تمتح من منابع غزيرة المادة ، عميقة الأغوار والمجاري مما يصعب الإحاطة بتشكلاتها وتجلياتها ، وتبين مدخلات انسيابها وسريانها ، وما يخلقه من رؤى ، وما ينحته من طرائق ومسلكيات موسومة بنوعية الانزياح ، و متغير الاختلاف. **
فوردة المستحيل شبكة من الصور المدهشة عميقة الغور تستجيب للكتابة المكثفة التي اعتمدها الشاعر، فعملية تفكيك مكوناتها وتبيان غناها الدلالي من العناصر التي تظهر براعة الشاعر في نسج صوره في ارتباطها بالمجال الذي تدور فيه وتمنحه التجلي، لقد ابتعد الشاعر عن الحشو والزوائد، ولجأ إلى التكثيف والإشارة والتلميح، حيث تختفي في بطون نصوصه أهداف ومعان عالية الدلالة مثلما يختفي العطر في وردة المستحيل، ومن الصور الغنية قوله:
للمساء الذي يتدلى بين الأصابع
يشرب قهوته..
فوق أرصفة المستحيل..
فالمساء بما هو دال تعبيري عن الزمن والذي لا يمكن سوى الإحساس به يصير ذات وجود فيزيقي كما الإنسان، يتمتع بشرب القهوة المعبرة عن سواده، ويأتي بما هو مستحيل؛ هذا المستحيل الذي يمتلك أرصفة يعبرها باتجاه الضوء، وخارج مألوف الأقدام.
تعابير شعرية تعكس قدرة الشاعر البارزة على خلق كم هائل من صور تقارب بين أطراف متباعدة ، وتؤالف بين أبعاد متنافرة في وحدة شعرية بنهج مغاير ومختلف. ويتوالى زخم تعابيره ، وتتنوع أبعاد معانيه حيث يقول:
إن الطفولة
تقفز أحيانا
من أدغال الذاكرة ! ص 68.
فالذاكرة متخمة بالأحداث مكتنزة بالتاريخ، ومن أدغال كثافتها تحضر الطفولة بما أنها لحظة زمنية دالة على البراءة والصفاء والطهر، تستعيدها الذاكرة لمواجهة قبح اللحظة الراهنة، وتسعة باستعادتها إلى إحداث ثقب بهذا القبح لكي يمر نهر النور فيشع العالم بالجمال.
زخم الصور يعكس قدرة المبدع على تنويع مخزونه الثقافي، إضافة إلى توسيع معارفه التي تمده بالمادة الأساسية لنحت قصائده ، و يساعد ه على ولادة نص شعري متميز ، فلا شعر يأتي من خواء ولا إبداع يأتي من فراغ ، من دون ذلك فإنه سيعتمد على صور مبتذلة عشوائية التوظيف .
والشاعر يعزف عن توظيف انزياحات خجولة من خلال تراكيب لغوية لا ترقى بمستوى الصورة الشعرية إلى مراتب التميز والجمال لخلق متعة القراءة والإدهاش والغرابة في نفس الباحث عنها في النص الشعري ، و الذي يدفعه للإبحار في عالم العلم والمعرفة من أجل قراءة متذوقة سليمة !*
لكن ما يميز تجربة الشاعر محمد الشيخي، هو هذا الاحتفاء بالشعر و الحياة كشكل من أشكال المقاومة و النضال ضد قبح العالم و شروره، وأيضا شعر مسكون بعشق الشعر و تقديسه، بلغة شعرية رصينة جزلة جامعة بين التراث والحداثة.
**
عبد النبي بزاز، زخم الصور وقيمتها الدلالية في شعر« خريف المآذن » للشاعر باسم فرات، مجلة قريش.
فوردة المستحيل شبكة من الصور المدهشة عميقة الغور تستجيب للكتابة المكثفة التي اعتمدها الشاعر، فعملية تفكيك مكوناتها وتبيان غناها الدلالي من العناصر التي تظهر براعة الشاعر في نسج صوره في ارتباطها بالمجال الذي تدور فيه وتمنحه التجلي، لقد ابتعد الشاعر عن الحشو والزوائد، ولجأ إلى التكثيف والإشارة والتلميح، حيث تختفي في بطون نصوصه أهداف ومعان عالية الدلالة مثلما يختفي العطر في وردة المستحيل، ومن الصور الغنية قوله:
للمساء الذي يتدلى بين الأصابع
يشرب قهوته..
فوق أرصفة المستحيل..
فالمساء بما هو دال تعبيري عن الزمن والذي لا يمكن سوى الإحساس به يصير ذات وجود فيزيقي كما الإنسان، يتمتع بشرب القهوة المعبرة عن سواده، ويأتي بما هو مستحيل؛ هذا المستحيل الذي يمتلك أرصفة يعبرها باتجاه الضوء، وخارج مألوف الأقدام.
تعابير شعرية تعكس قدرة الشاعر البارزة على خلق كم هائل من صور تقارب بين أطراف متباعدة ، وتؤالف بين أبعاد متنافرة في وحدة شعرية بنهج مغاير ومختلف. ويتوالى زخم تعابيره ، وتتنوع أبعاد معانيه حيث يقول:
إن الطفولة
تقفز أحيانا
من أدغال الذاكرة ! ص 68.
فالذاكرة متخمة بالأحداث مكتنزة بالتاريخ، ومن أدغال كثافتها تحضر الطفولة بما أنها لحظة زمنية دالة على البراءة والصفاء والطهر، تستعيدها الذاكرة لمواجهة قبح اللحظة الراهنة، وتسعة باستعادتها إلى إحداث ثقب بهذا القبح لكي يمر نهر النور فيشع العالم بالجمال.
زخم الصور يعكس قدرة المبدع على تنويع مخزونه الثقافي، إضافة إلى توسيع معارفه التي تمده بالمادة الأساسية لنحت قصائده ، و يساعد ه على ولادة نص شعري متميز ، فلا شعر يأتي من خواء ولا إبداع يأتي من فراغ ، من دون ذلك فإنه سيعتمد على صور مبتذلة عشوائية التوظيف .
والشاعر يعزف عن توظيف انزياحات خجولة من خلال تراكيب لغوية لا ترقى بمستوى الصورة الشعرية إلى مراتب التميز والجمال لخلق متعة القراءة والإدهاش والغرابة في نفس الباحث عنها في النص الشعري ، و الذي يدفعه للإبحار في عالم العلم والمعرفة من أجل قراءة متذوقة سليمة !*
لكن ما يميز تجربة الشاعر محمد الشيخي، هو هذا الاحتفاء بالشعر و الحياة كشكل من أشكال المقاومة و النضال ضد قبح العالم و شروره، وأيضا شعر مسكون بعشق الشعر و تقديسه، بلغة شعرية رصينة جزلة جامعة بين التراث والحداثة.
**
عبد النبي بزاز، زخم الصور وقيمتها الدلالية في شعر« خريف المآذن » للشاعر باسم فرات، مجلة قريش.