هى الرواية الأولى للكاتب وسبقها عدة مجموعات قصصية مثل حجرة الفئران ، صاحبى الذى هوى، سوء تفاهم وكتاب مذكرات الغرفة رقم 8 حول علاقته بالشاعر أمل دنقل، كتاب نقدى بعنوان الرواية فى زمن مضطرب ، وقد صدرت الرواية عن دار الأدهم فى مائتين وأثنين وسبعين صفحة عام 2023 .
يتبين دلالة عنوان الرواية أثناء قراءتها إلى الفصل السابع ص65 ، حيث يتبين أنه دولاب خشبى قديم صغير تخزن فيه سامية عبد الفتاح ثياب وحيدتها مريم حيث خبأت فيه عشيقها حسام البنان ضابط المباحث عندما عاد زوجها إلى البيت بناء على وشاية جارهم سالم ، وقد أفلحت حيلتها فى إنقاذهما من تلك الورطة ، وبعنوان الرواية نوع من المفارقة بين اسم مريم وما توحى به من دلالة العفة والطهر وبين إخفاء عشيق الزوجة به .
تدور الرواية فى عدة خطوط سردية ، الخط الأول هى شخصية سامية عبد الفتاح الكيلانى حاصلة على دبلوم تجارة من أسرة فقيرة ومتوسطة الجمال ولكنها شديدة الذكاء والحيلة وذات جاذبية أنثوية شديدة استطاعت بسحرها الأنثوى أن توقع بالشاب بفاروق المازنى ليكون لها زوجا، وهو ابن الأرستقراطية تخرج من الجامعة الأمريكية والميقيم بالزمالك، وصفته بأنه خام وبرئ كطفل ، عِوضا عن جارها وحبيبها ضابط المباحث حسام البنان الذى رفضت أسرته زواجه منها ، ولكنهما أصبحا عشيقين بعد زواجها، يلتقى بها فى شقتها بعد انصراف زوجها صباحا إلى عمله وبصحبته وحيدتهما مريم إلى مدرستها ، وينصرف عنها عشيقها ضابط المباحث بعد نجاته من فضيحة كادت أن تودى به وبمستقبله وذلك عندما عاد زوجها من عمله فجأة بناء على وشاية من جارهما الكاتب الكهل العازب سالم الحوفى الواقع فى حبها، ولكنها سرعان ما تتخذ من صديقه شريف شعبان عاشقا جديدًا لها بعد أن هجرها ضابط المباحث ، " ياله من محظوظ أن تقيم علاقة جنونية مع تلك المرأة الهوجاء المخلصة لشهواتها، إنها راهبة فى معبد اللذة " .
هناك خط سردي ثانٍ بالرواية وهوشخصية عصام برهان وكيل النيابة وقد فُصل من وظيفته وأُعتقل لمدة ست سنوات بسبب شيوعيته أثناء حكم عبد الناصر طبقا لمقولة ناصر"لقد انتهت معركتنا مع الإستعمار وبدأت مع الشيوعية" ، تعرض عصام برهان فى معتقل الأوردى بأبى زعبل لكافة أنواع التعذيب والتجويع والضرب وظلت تأتيه الكوابيس عن تلك الفترة حتى بعد الإفراج عنه "لقد حبستنا فى معتقلاتك الرهيبة خوفا على الكرسى والعرش ورميتنا فى الصحراء القاحلة فلماذا الضرب والتعذيب؟ وقال ساخرا " يتبنى النظام الإشتراكي وينكل بالإشتراكيين " ص102 وقد حكمت المحكمة بعودته لعمله فى الدعوى التى رفعها بعد سنوات من التيه والبطالة والخمر، وقد بدت حياته موحشة بلا زواج وقد تخطى الخامسة والخمسين وكان من قبل محبا لنهلة عاكف أخت صديقه الشيوعى وزميله فى المعتقل وقد تباطأ فى خطبتها حتى خطبت لآخر وحاول عصام برهان استعادتها فى مشهد هزلى حين لجأ لخطيبها لفك خطبته منها ولكنه فشل، وأخيرا لجأ إلى مراسلة محرر باب رأسين فى الحلال للزواج وقد فشل أيضا فى ذلك .
أما الخط الثالث والأخير فى بناء الرواية فهو سالم الحوفى فهو كاتب قصص ، يردد مقولة تقليدية يرددها كثير من الكتاب"أنا لا أعلم هل أنا من أكتب القصة القصيرة أم أن القصة القصيرة هى التى تكتبنى "ص74 ، هو كهل مسن أعزب واقع فى حب جارته اللعوب سامية ، قام بالوشاية بها مع عشيقها إلى زوجها ، يجلس فى قهوة ريش التى من روادها مجموعة من المثقفين والفنانين مثل المخرج العاطل عزت فتحى والطيار المخبول سعيد طاهر والسينمائى المعتزل على عباس والناقد اليسارى يونس عوف والدكتور صبحى إبراهيم ناقد ، عبد الخالق فاروق ناقد أدبى يطلقون عليه تأبط شرًا ، وكانت تصرفاتهم ومجادلاتهم تتسم بالتعالم والسخرية .
اتسم السرد فى الرواية بالسرعة والجاذبية والتدفق والإثارة واستخدم الكاتب عدة تقنيات سردية حديثة ، بدأت الرواية بالدخول مباشرة فى الحدث دون مقدمات وبطريقة مشهدية بارعة "استيقظت السيدة سامية عبد الفتاح على رنات المنبه القابع على الشوفينيرة المجاورة للسرير"ص4 ثم بدأت تسترجع حدث زواجها وقصة حبها مع جارها حيث كسر السرد الترتيب الزمنى بمفهومه التقليدى ، كما حفلت الرواية بتناسل الحكايات وهى التقنية الرئيسية فى ألف ليلة وليلة، كما حفلت باستخدام تقنية تيار الوعى كما فى ص 18 ، 19 ، "سوف أهدم المعبد على رؤوس الجميع وإذا مت ظمآن فلا نزل القطر يا أبناء الأفاعى" ص89 ونراه يستخدم عبارة أفاق من شروده أو أفاقت من شرودها عدة مرات فى مواضع تيار الوعى أو الإسترجاع ، غير أن الكاتب كثيرا ما يقطع السرد فى عدة مواضع موجها كلامه للقارئ مثل " وسأترك للقارئ الكريم أن يحكم بنفسه ، وناقل الكفر ليس بكافر، وإلى حضراتكم ما حدث .. "ص10 ، كذلك قام السارد – وهوليس شخصية بالرواية- بالإسهاب فى التعليق والتحليل المنطقى على الأحداث فى كثير من المواضع مثل "والآن هناك سؤال لابد أن يطرح نفسه ....لماذا وشى سالم الحوفى بجارته الشابة ...كيف يرتكب رجل يقترف القصة القصيرة تلك الدناءة ..."من صفحة 70 إلى صفحة 74 والسارد يتساءل ويناقش وشاية سالم لجارته سامية، ولاشك أن هذا التدخل والإسهاب والتوجه إلى القارئ يقطع الحدث ويثقل السرد ويوقف حركته حتى ينتهى من التعليق والتحليل .
هناك وفرة فى ذكر شخصيات أدبية وثقافية كبرى مثل نجيب محفوظ وأرسطو وفرويد ونتشه وتضمين مقولات لهم بالرواية مثل "المرأة هى الحياة " شكسبير ، "الجنس محرك التاريخ " فرويد ، " أحبينى فكل من أحببت / من قبلك ما أحبونى " بدر شاكر السياب ، لقاء السحاب (تناص مع أغنية انت عمرى لأم كلثوم ولكنه قصد بها هنا لقاء سامية والعشيق الجديد شريف شعبان صديق العشيق الأول ضابط المباحث)، النفوس الميتة لجوجول ، مقارنة هواجس هاملت بهواجس عصام برهان ، "ليس مهما لون القط طالما يأكل الفئران" ماوتسى تونج ، "إذا مت ظمآن فلا نزل القطرُ" أبو فراس الحمدانى ، هكذا تكلم زرادشت لنيتشه ، كتاب تدهور الإمبراطورية الرومانية وغيرها الكثير جدا .
كانت لغة السرد فى الرواية –فى الغالب- بالفصحى البسيطة غير أنه فى بعض المواضع استخدم العامية أو العامية المفصحى مثل سيشرب ويصبح (طينة) ، النطاعة ، ستنهال عليه السكاكين فهو العجل الذى وقع ، يالهما من زوج أحذية ،وصف جارهم سالم " بوز الأخص"، كذلك جاء الحوار أكثره بالفصحى البسيطة ومُزج بالعامية فى مواضع قليلة ، كانت اللغة فى بعض المواضع أقرب إلى اللغة الشعرية مثل"كانت السماء قد توشحت بغلالة بنفسجية بديعة استعارتها من النهار الوليد وأضفت بهاء على ميدان التوفيقية الغارق فى الصمت"ص226 ، " بدت له حياته بلا أنثى، وكأنها وحشة صبارة ضائعة تنتصب فى صحراء قاحلة وتلهبها الشمس بسياط من نيران "ص266،"يشعر وكأنه يعيش داخل لوحة لرمبرانت"، كذلك استخدم الكاتب إشتقات لغوية طريفة مثل يتطاوس وعبارة (يقترف) بدلا من يكتب القصة القصيرة.
كذلك جاء وصف الشخصيات وكأنه يرسم بورتريه لهم مثل " خمرية البشرة صبوحة الوجه لها عينان سوداوان فيهما بريق رائع "ص263 وفى وصف سامية "إنها امرأة أميل إلى القصر والإمتلاء، لها بشرة داكنة بعض الشئ وفم واسع وشفاة(شفاه) غليظة وأنف أفطس قليلا، ويفتقر جسدها إلى العنق إذ تندك رأسها على كتفها مباشرة ،ولها شعر قصيرأجعد وأميل إلى الخشونة، أما عيناها وإن كانتا ضيقتين غائرتين قليلا، إلا أنهما تتميزان ببريق نافذ يعكس ذكاءها الحاد وذهنها اليقظ المتقد على الدوام "ص20 .
اتسم أسلوب بعض الشخصيات بالسخرية المريرة من النظام الناصرى مثل قول عصام برهان " الموظفون والطلاب والعمال يأخذون راحة أسبوعية من العمل ، لماذا لم تكن تمنحنا عطلة أسبوعية من الضرب ؟"ص61 ، كما سخرمن إزدواجية النظام وتناقضه" يتبنى النظام الإشتراكى وينكل بالإشتراكيين " كذلك ترديد سالم الحوفى عبارة "دقت ساعة العمل الثورى" وكانت شعارا سياسيا أيام نظام عبد الناصر فاستخدمها بطريقة ساخرة فى الوشاية بجارته سامية مع عشيقها، ، كما شاع الأسلوب الساخر فى كافة أنحاء الرواية " لم تعد كافيه ريش سنغير اسمها ونسميها الكرملين كافيه " ،"تعال ياعم نيتشه على حجر(أخوك) الشقيان" ؟، هل سنتنابز بالأيدلوجيات ؟(سخرية وتناص) .
انتهت الرواية بفشل زواج عصام برهان رئيس النيابة فى الزواج وقد تجاوز الخامسة والخمسين عاما وقد لجأ إلى محرر باب راسين فى الحلال بالصحافة للحاق بركب الزواج لكنه فشل أيضا ، وربما تشير النهاية بالإيحاء وبطريقة غير مباشرة بأن النظم الشمولية تدمر الإنسان .
_______________________________________________________________________
حول الرواية : 1- قرأت هذه القراءة (بإختصار) يوم الثلاثاء 30 أبريل 2024 بندوة فى منتدى المستقبل للفكر والإبداع لمناقشة الرواية .
2-عقب مناقشة الرواية بالندوة عقب الكاتب على ملاحظتى بقطع السرد بتدخل السارد بالنقاش والتحليل ومخاطبة القارئ مباشرة بأن الكاتب الروسى ديستوفسكى - وهوعاشق له - كان يفعل ذلك فى رواياته ، وقد علق الكاتب أسامة ريان على كلامه تعليقا ذكيا بأن تلك الطريقة القديمة كانت تستخدم فى الماضى فى الروايات الطويلة بسبب نشرها على حلقات كثيرة وعلى مدى زمنى طويل فى الصحف والمجلات جذبا للقارئ وتأليفا له ولم تعد تستخدم فى العصر الحاضر .
يتبين دلالة عنوان الرواية أثناء قراءتها إلى الفصل السابع ص65 ، حيث يتبين أنه دولاب خشبى قديم صغير تخزن فيه سامية عبد الفتاح ثياب وحيدتها مريم حيث خبأت فيه عشيقها حسام البنان ضابط المباحث عندما عاد زوجها إلى البيت بناء على وشاية جارهم سالم ، وقد أفلحت حيلتها فى إنقاذهما من تلك الورطة ، وبعنوان الرواية نوع من المفارقة بين اسم مريم وما توحى به من دلالة العفة والطهر وبين إخفاء عشيق الزوجة به .
تدور الرواية فى عدة خطوط سردية ، الخط الأول هى شخصية سامية عبد الفتاح الكيلانى حاصلة على دبلوم تجارة من أسرة فقيرة ومتوسطة الجمال ولكنها شديدة الذكاء والحيلة وذات جاذبية أنثوية شديدة استطاعت بسحرها الأنثوى أن توقع بالشاب بفاروق المازنى ليكون لها زوجا، وهو ابن الأرستقراطية تخرج من الجامعة الأمريكية والميقيم بالزمالك، وصفته بأنه خام وبرئ كطفل ، عِوضا عن جارها وحبيبها ضابط المباحث حسام البنان الذى رفضت أسرته زواجه منها ، ولكنهما أصبحا عشيقين بعد زواجها، يلتقى بها فى شقتها بعد انصراف زوجها صباحا إلى عمله وبصحبته وحيدتهما مريم إلى مدرستها ، وينصرف عنها عشيقها ضابط المباحث بعد نجاته من فضيحة كادت أن تودى به وبمستقبله وذلك عندما عاد زوجها من عمله فجأة بناء على وشاية من جارهما الكاتب الكهل العازب سالم الحوفى الواقع فى حبها، ولكنها سرعان ما تتخذ من صديقه شريف شعبان عاشقا جديدًا لها بعد أن هجرها ضابط المباحث ، " ياله من محظوظ أن تقيم علاقة جنونية مع تلك المرأة الهوجاء المخلصة لشهواتها، إنها راهبة فى معبد اللذة " .
هناك خط سردي ثانٍ بالرواية وهوشخصية عصام برهان وكيل النيابة وقد فُصل من وظيفته وأُعتقل لمدة ست سنوات بسبب شيوعيته أثناء حكم عبد الناصر طبقا لمقولة ناصر"لقد انتهت معركتنا مع الإستعمار وبدأت مع الشيوعية" ، تعرض عصام برهان فى معتقل الأوردى بأبى زعبل لكافة أنواع التعذيب والتجويع والضرب وظلت تأتيه الكوابيس عن تلك الفترة حتى بعد الإفراج عنه "لقد حبستنا فى معتقلاتك الرهيبة خوفا على الكرسى والعرش ورميتنا فى الصحراء القاحلة فلماذا الضرب والتعذيب؟ وقال ساخرا " يتبنى النظام الإشتراكي وينكل بالإشتراكيين " ص102 وقد حكمت المحكمة بعودته لعمله فى الدعوى التى رفعها بعد سنوات من التيه والبطالة والخمر، وقد بدت حياته موحشة بلا زواج وقد تخطى الخامسة والخمسين وكان من قبل محبا لنهلة عاكف أخت صديقه الشيوعى وزميله فى المعتقل وقد تباطأ فى خطبتها حتى خطبت لآخر وحاول عصام برهان استعادتها فى مشهد هزلى حين لجأ لخطيبها لفك خطبته منها ولكنه فشل، وأخيرا لجأ إلى مراسلة محرر باب رأسين فى الحلال للزواج وقد فشل أيضا فى ذلك .
أما الخط الثالث والأخير فى بناء الرواية فهو سالم الحوفى فهو كاتب قصص ، يردد مقولة تقليدية يرددها كثير من الكتاب"أنا لا أعلم هل أنا من أكتب القصة القصيرة أم أن القصة القصيرة هى التى تكتبنى "ص74 ، هو كهل مسن أعزب واقع فى حب جارته اللعوب سامية ، قام بالوشاية بها مع عشيقها إلى زوجها ، يجلس فى قهوة ريش التى من روادها مجموعة من المثقفين والفنانين مثل المخرج العاطل عزت فتحى والطيار المخبول سعيد طاهر والسينمائى المعتزل على عباس والناقد اليسارى يونس عوف والدكتور صبحى إبراهيم ناقد ، عبد الخالق فاروق ناقد أدبى يطلقون عليه تأبط شرًا ، وكانت تصرفاتهم ومجادلاتهم تتسم بالتعالم والسخرية .
اتسم السرد فى الرواية بالسرعة والجاذبية والتدفق والإثارة واستخدم الكاتب عدة تقنيات سردية حديثة ، بدأت الرواية بالدخول مباشرة فى الحدث دون مقدمات وبطريقة مشهدية بارعة "استيقظت السيدة سامية عبد الفتاح على رنات المنبه القابع على الشوفينيرة المجاورة للسرير"ص4 ثم بدأت تسترجع حدث زواجها وقصة حبها مع جارها حيث كسر السرد الترتيب الزمنى بمفهومه التقليدى ، كما حفلت الرواية بتناسل الحكايات وهى التقنية الرئيسية فى ألف ليلة وليلة، كما حفلت باستخدام تقنية تيار الوعى كما فى ص 18 ، 19 ، "سوف أهدم المعبد على رؤوس الجميع وإذا مت ظمآن فلا نزل القطر يا أبناء الأفاعى" ص89 ونراه يستخدم عبارة أفاق من شروده أو أفاقت من شرودها عدة مرات فى مواضع تيار الوعى أو الإسترجاع ، غير أن الكاتب كثيرا ما يقطع السرد فى عدة مواضع موجها كلامه للقارئ مثل " وسأترك للقارئ الكريم أن يحكم بنفسه ، وناقل الكفر ليس بكافر، وإلى حضراتكم ما حدث .. "ص10 ، كذلك قام السارد – وهوليس شخصية بالرواية- بالإسهاب فى التعليق والتحليل المنطقى على الأحداث فى كثير من المواضع مثل "والآن هناك سؤال لابد أن يطرح نفسه ....لماذا وشى سالم الحوفى بجارته الشابة ...كيف يرتكب رجل يقترف القصة القصيرة تلك الدناءة ..."من صفحة 70 إلى صفحة 74 والسارد يتساءل ويناقش وشاية سالم لجارته سامية، ولاشك أن هذا التدخل والإسهاب والتوجه إلى القارئ يقطع الحدث ويثقل السرد ويوقف حركته حتى ينتهى من التعليق والتحليل .
هناك وفرة فى ذكر شخصيات أدبية وثقافية كبرى مثل نجيب محفوظ وأرسطو وفرويد ونتشه وتضمين مقولات لهم بالرواية مثل "المرأة هى الحياة " شكسبير ، "الجنس محرك التاريخ " فرويد ، " أحبينى فكل من أحببت / من قبلك ما أحبونى " بدر شاكر السياب ، لقاء السحاب (تناص مع أغنية انت عمرى لأم كلثوم ولكنه قصد بها هنا لقاء سامية والعشيق الجديد شريف شعبان صديق العشيق الأول ضابط المباحث)، النفوس الميتة لجوجول ، مقارنة هواجس هاملت بهواجس عصام برهان ، "ليس مهما لون القط طالما يأكل الفئران" ماوتسى تونج ، "إذا مت ظمآن فلا نزل القطرُ" أبو فراس الحمدانى ، هكذا تكلم زرادشت لنيتشه ، كتاب تدهور الإمبراطورية الرومانية وغيرها الكثير جدا .
كانت لغة السرد فى الرواية –فى الغالب- بالفصحى البسيطة غير أنه فى بعض المواضع استخدم العامية أو العامية المفصحى مثل سيشرب ويصبح (طينة) ، النطاعة ، ستنهال عليه السكاكين فهو العجل الذى وقع ، يالهما من زوج أحذية ،وصف جارهم سالم " بوز الأخص"، كذلك جاء الحوار أكثره بالفصحى البسيطة ومُزج بالعامية فى مواضع قليلة ، كانت اللغة فى بعض المواضع أقرب إلى اللغة الشعرية مثل"كانت السماء قد توشحت بغلالة بنفسجية بديعة استعارتها من النهار الوليد وأضفت بهاء على ميدان التوفيقية الغارق فى الصمت"ص226 ، " بدت له حياته بلا أنثى، وكأنها وحشة صبارة ضائعة تنتصب فى صحراء قاحلة وتلهبها الشمس بسياط من نيران "ص266،"يشعر وكأنه يعيش داخل لوحة لرمبرانت"، كذلك استخدم الكاتب إشتقات لغوية طريفة مثل يتطاوس وعبارة (يقترف) بدلا من يكتب القصة القصيرة.
كذلك جاء وصف الشخصيات وكأنه يرسم بورتريه لهم مثل " خمرية البشرة صبوحة الوجه لها عينان سوداوان فيهما بريق رائع "ص263 وفى وصف سامية "إنها امرأة أميل إلى القصر والإمتلاء، لها بشرة داكنة بعض الشئ وفم واسع وشفاة(شفاه) غليظة وأنف أفطس قليلا، ويفتقر جسدها إلى العنق إذ تندك رأسها على كتفها مباشرة ،ولها شعر قصيرأجعد وأميل إلى الخشونة، أما عيناها وإن كانتا ضيقتين غائرتين قليلا، إلا أنهما تتميزان ببريق نافذ يعكس ذكاءها الحاد وذهنها اليقظ المتقد على الدوام "ص20 .
اتسم أسلوب بعض الشخصيات بالسخرية المريرة من النظام الناصرى مثل قول عصام برهان " الموظفون والطلاب والعمال يأخذون راحة أسبوعية من العمل ، لماذا لم تكن تمنحنا عطلة أسبوعية من الضرب ؟"ص61 ، كما سخرمن إزدواجية النظام وتناقضه" يتبنى النظام الإشتراكى وينكل بالإشتراكيين " كذلك ترديد سالم الحوفى عبارة "دقت ساعة العمل الثورى" وكانت شعارا سياسيا أيام نظام عبد الناصر فاستخدمها بطريقة ساخرة فى الوشاية بجارته سامية مع عشيقها، ، كما شاع الأسلوب الساخر فى كافة أنحاء الرواية " لم تعد كافيه ريش سنغير اسمها ونسميها الكرملين كافيه " ،"تعال ياعم نيتشه على حجر(أخوك) الشقيان" ؟، هل سنتنابز بالأيدلوجيات ؟(سخرية وتناص) .
انتهت الرواية بفشل زواج عصام برهان رئيس النيابة فى الزواج وقد تجاوز الخامسة والخمسين عاما وقد لجأ إلى محرر باب راسين فى الحلال بالصحافة للحاق بركب الزواج لكنه فشل أيضا ، وربما تشير النهاية بالإيحاء وبطريقة غير مباشرة بأن النظم الشمولية تدمر الإنسان .
_______________________________________________________________________
حول الرواية : 1- قرأت هذه القراءة (بإختصار) يوم الثلاثاء 30 أبريل 2024 بندوة فى منتدى المستقبل للفكر والإبداع لمناقشة الرواية .
2-عقب مناقشة الرواية بالندوة عقب الكاتب على ملاحظتى بقطع السرد بتدخل السارد بالنقاش والتحليل ومخاطبة القارئ مباشرة بأن الكاتب الروسى ديستوفسكى - وهوعاشق له - كان يفعل ذلك فى رواياته ، وقد علق الكاتب أسامة ريان على كلامه تعليقا ذكيا بأن تلك الطريقة القديمة كانت تستخدم فى الماضى فى الروايات الطويلة بسبب نشرها على حلقات كثيرة وعلى مدى زمنى طويل فى الصحف والمجلات جذبا للقارئ وتأليفا له ولم تعد تستخدم فى العصر الحاضر .