وضع الأسئلة الأديب حسن يارتي من مجلة برشلونة الأدبية وقد كان الحوار كالتالي :
. 1ـــــ قبل كل شيء... كيف تقدم فاطمة البسريني نفسها للقارئ؟
> قبل كل شيء ، اتوجه لك بالشكر والامتنان، الأديب المتميز الأستاذ النبيل حسن يارتي لإتاحة هذه الفرصة وفتح هذه النافذة ليتمكن القارئ من أن يطل على شخصيتي وإبداعي ، وجوابا على هذا السؤال الذي تفضلت بوضعه ، لا يسعني إلا أن أقول لك وللقراء الكرام أن من يعرف فاطمة البسريني عن قرب ، كما عن بعد ، سيخبركم أنها المرأة التي أنكرت ذاتها بصفة نهائية منذ نعومة أظافرها ، وكرست نفسها لخدمة أهلها ومحيطها والمجتمع أيضا .
منذ طفولتها تعلمت تحمل المسؤولية ، وتربت على نكران الذات الذي تعتبره أساس كل الأخلاق الحميدة ، وأولها الصبر لتجاوز كل العقبات ، والابتلاءات والإيذاء كيفما كان نوعه .
ثم بعد الصبر يأتي الحب فهي تحب جميع الناس بكل أطيافهم وتلتمس لهم العذر في كل تصرفاتهم كيفما كانت وتحاول ما أمكن توجيههم إلى الأفضل والأحسن دائما ، لكن رغم القاعدة ألتي تقول أن الإنسان اجتماعي بطبعه ، إلا أنها غالبا ما تكون وحيدة مبتعدة عن كل ما يعتري التجمعات او على الأصح المجتمع من نفاق وكذب وبهتان ومجاملات وتملق، لذلك ، إن كانت قد حققت شيئا في حياتها فذلك باعتمادها على نفسها وبمجهودها الشخصي البحث . وخاصة فيما يتعلق بالميدان الأدبي الذي عانت من أجل فرض ذاتها بخصوصه أشد المعاناة .
2 ـــــ فاطمة البسريني كاتبة وإنسانة.. هل من مقارنة؟
> لا ــ أبدا ــ لا يمكنني المقارنة ، فأنا في الحياة كإنسان هي أنا ككاتبة ، هما صفتان ممتزجتان في شخصية واحدة، متكاملتان ، منسجمتان مع بعضهما ، كل واحدة لها عين على الأخرى تراقب معها الأحداث التي تمر بها أو إزاءها وتنقلها معها إلى جمهور القراء بكل أمانة وصدق ، لا فرق بينهما في ذلك ولا يمكن الفصل بينهما .
وفاطمة البسريني الإنسانة المدمنة لفعل الخير وتوخيه في كل تصرفاتها هي نفس الشخص المدمن للقراءة والكتابة أيضا ، فقد أكتب وسط حافلة مكتظة بالركاب ، أو وسط جمع من الناس فتحضر الإنسانة توا لمساعدة أحدهم للنزول من تلك الحافلة مثلا ، أو لخدمة أحد ما ، في ذلك الجمع دون طلب .
وقد يحصل معي هذا الأمر في مهنتي كمحامية وكذلك في بيتي ، فأنا خادمة الجميع ، رغم أنني لست سيدة القوم كما يقال ، فتجدني مترقبة في ركني القصي مع الورقة والقلم أو مع كتاب ما ، وأصبح إنسانة توا، عندما أشعر باحتياج بني البشر، فأهب للمساعدة تلقائيا وبكل تواضع .
3 ــــــ ماذا عن نصك الأول؟ عن الشعلة الأولى، كيف توقّدت حتى استمرت إلى الأن؟
> نعم ـــ هناك نص أول ، وهو بالفعل كان الشعلة الأولى وكان الفضل في إيقاد تلك الشعلة لمعلمي الفاضل ( المهدي بوسلهام ) ـــ الله يطول في عمره إذا كان مازال على قيد الحياة وإذا كان قد توفي فأطللب من الله عز وجل أن يرحمه ويسكنه فسيح جنانه ـــ فقد كان معلمي بالقسم الخامس أو ما كان يطلق عليه( قسم الشهادة الابتدائية ) في المدرسة الابتدائية ( ابن عباد ) التي لي بها ذكريات مجيدة .
وقد طلب منا كتابة قصة قصيرة على غرار ما كنا نقرؤه عند نهاية كل حصة من حصصه للكاتب عطية الأبراشي أو لكامل الكيلاني أنداك ، وقد قمت بذلك فعلا ونالت قصتي إعجابه ، لكن ما أسعدني حقا هو فرحه بذلك وتربيته على رأسي أمام جميع التلاميذ الآخرين خاصة وأنه كان صارما جدا ,
تلك الفرحة والدهشة انتقلتا منه ، إلي ، لترافقني طول عمري .
وكانت هي الشعلة التي أوقدها داخلي ، ومازالت متوهجة إلى الآن .
4 ـــــ هل تفكرين بالقارئ وأنت تكتبين؟ وما نوع القارئ الذي تحرصين على أن يتابع إبداعك؟
ـــ طبعا ـــ لابد لي من التفكير والبحث عند كتابة النصوص الأدبية عن ذلك ا لذي أحب أن أدعوه ( القارئ المستبصر ) و الذي يجب أن أثير قلقه من خلال قراءته للنص و أن أحفز تساؤلاته والذي أحثه على إيجاد أجوبة من خلال بحثه عنها بنفسه أو أجعله يتخيل نهاية النص أو يتعرف إلى نتيجته والغرض المتوخى منه .
والقارئ المستبصر والذي يسميه بعض النقاد بالقارئ العليم ، الذي أقصده هو الذي يتنحى جانبا ويبتعد عن محيطه ويختلي بالكتاب المراد قراءته في صمت وسكون ،مستفهما حول دواليب النص وبالتالي مستوعبا إياها .
أما من يقرؤون نصوصهم في المنتديات والمهرجانات واللقاءات ، فكلماتهم تذهب في الهواء ولا يصل منها إلى المستمع إلا النزر اليسير، وفي ذلك أذى للسرد الأدبي وللكاتب والقار ئ وللمتلقي وللأدب العربي ككل .
قديما ، لم تكن تتخلل برامج اللقاءات والمهرجانات الأدبية هذه العروض الموسيقية للجوقات الشعبية وما يرافقها من رقص وغناء ، مما يجعل الحيز الزمني التي يحظى به كل ذلك أكبر كثيرا من الحيز الزمني المخصص للقراء ، إضافة إلى أن ذلك يذهب هيبة الأدباء ويأخذ نصوصهم مهما كانت جيدة في منزلق الرداءة .
من أجل ذلك أغتنم الفرصة من هذا المنبر لأوصي بالتخلي عن تلك الاحتفالات من غناء ورقص وحذف تلك الفقرات وإعطاء الكتاب القراء حقهم في عرض وقراءة نصوصهم بكل أريحية .
القارئ بالنسبة لي ، هو أهم شخص في عملية الكتابة الأدبية ككل ، فدون القارئ المستبصر لا تظل هناك أهمية لما يقدمه الكاتب من نصوص والتي لن تكون نصوصا جيدة بما فيه الكفاية .
.
5 ــــ هل أنصف النقد إبداعاتك الأدبية؟
> الإنصاف من طرف النقد ؟ سؤال مهم جدا وله حرقة ، مع الأسف الشديد الجواب هوــ لا ــ
لم أحض بنقد بناء أبدا ، وكم تحايلت لإيجاد أذن صاغية على الأقل ممن تتلمذت على أيديهم ومن محيطي البعيد نوعا ما كون مهنتي التي أمارسها كمحامية تأخذ وقتي وتبعدني عن الساحة الأدبية التي كانت ومازالت تتحكم بها هي الأخرى نواميس خاصة وقوانين لم يضعها أحد بل هي نابعة من الظروف السيئة والمعاناة التي يعيشها كل الأدباء والنقاد على السواء ، لذلك فقد عانيت وحدي في صمت، بعيدا عن الأدباء الحقيقيين والمهتمين فعلا ، لكن ذلك لم يجعلني أيأس بل استمررت في الكتابة الأدبية وقد تم نشر بعض أعمالي القصصية وبعض القصائد النثرية في بعض الجرائد الوطنية مثل العلم والبيان الاشتراكي وكذلك في بعض المجلات منها مجلة السفير المكناسي مثلا .، وقد بقي الحال على ما هو عليه إلى أن أخذت أنشر بعض قصائدي النثرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي نالت استحسان بعض الأدباء المشارقة العرب فتلقيت عرضا بنقد مجموعتي القصصية ( أنا لست امرأة ) من طرف الناقد الكبير زكريا صبح والذي تعرض لتلك المجموعة بالنقد الهادف والبناء بعيدا عن السطحية والمحاباة والمجاملات وبعد ذلك تم عرض نفس المجموعة القصصية ( أنا لست امرأة ) على عدد من النقاد وهم الأفاضل :
الدكتورة المتمرسة جيهان الدمرداش والناقد المحترم زكريا صبح والناقدة المتميزة سحر النحاس والدكتورالنبيل خالد جودة والكاتب الشاعر الفذ جورج عازار الذين تعرضوا بالنقد الهادف ، على تطبيق ـــ زووم ــ في نادي ( الساردون يغردون برئاسة الأديب الفاضل رضا يونس .
وبعد ذلك تعرض بالدراسة بعض الأدباء من اتحاد الكتاب والأدباء في البصرة بالعراق لقصة قصيرة من مجموعتي القصصية ( الروح المجرمة )وهي بعنوان ( مطر في قلب الغالية ) إثر نشرها بمجلة الهيكل وهم الأديب المحترم كريم جخيور والأديب الباحث المقتدر خالد خضير والأديب اللامع كنعان عبد الزهرة الموسوي.
كانت شهاداتهم بمثابة رد اعتبار لي لما عانيته من تجاهل وعدم اهتمام سابقا كون كتاباتي القصصية حاليا تروم التجديد وتسير في اتجاه جديد وهو اتجاه الشاعرية في السرد الأدبي المتعلق بالقصة القصيرة .
ومازلت أنظر من أدبائنا المغاربة الكرام تلك الالتفاتة وذلك الانتباه والاهتمام الذي أستحقه منهم فيما يأتي من الزمن إن شاء الله تعالى ,
6 ــــ كيف تقيّم فاطمة البسريني المشهد الأدبي المغربي الراهن؟
> حاليا ، أظن أن الأدب المغربي يتجه نحو الإفادة من فيء علم الجمال وقد أخد يمتح من معين ما يوجد في الطبيعة حوله من تصرفات الناس وواقعهم فأصبحت القصة القصيرة تنال نصيبا أوفر من الاهتمام لأن الأدباء في هذا النوع أصبحوا يستقون إبداعهم وصورهم القصصية من الظروف الاجتماعية والسياسية والنفسية وقد أصبغوا عليها من الجمال الفني ومن الخطاب الداخلي ما يجعل مقاربتها للواقع شيئا هاما وضروريا للمبدع كمكون يعتمد عليه من مكونات صناعته للنص القصصي .
لكن رأيي أنه لا يجب الإغراق والمغالاة في الاعتماد على الواقع فتأتي الصور مباشرة في أغلب الأحيان بل من الضروري أن يضفي الكاتب على نصه نوعا من الشاعرية لكي لا تجد القصة القصيرة نفسها محاصرة بواقع يتكرر وبالسائد والعادي .
7 ــــ نمنمة بيضاء لمجلتنا حول مشروعك الأدبي القادم؟
> لدي عدة مشاريع أدبية تتعلق بالقصة القصيرة والقصيرة جدا والقصيدة النثرية والخاطرة والمقال الأدبي والنقدي وغيرها من ألوان السرد الأدبي كالهايكو وغيره، والتي سوف أحتفي بها على جدار مجلتكم الغراء ( مجلة برشلونة الأدبية) لما لمسته منكم من تفهم وتأييد واحتفالية بأسلوبي الذي تكسوه الشاعرية في السرد الأدبي الشيء الذي قال عنه الأديب العراقي الكبير ـــ كريم جخيورــــ عند دراسته للقصة القصيرة ( مطر في قلب الغالية ) :
( هذا شعر من الدرجة الأولى ),
بدا لي أن هذا الاتجاه قد أثار اهتمامك كأديب أولا ، وكرئيس لمجلة برشلونة الأدبية لذلك فأنا أتمنى أن أتمكن من مشاركة مجلتك كل أفكاري حول تأسيس هذا التيار او الاتجاه الجديد في السرد الأدبي وقد قال الأستاذ كنعان عبد الزهرة الموسوي حول ذلك :
( لي الشرف حقا بقراءة تجربتك الأدبية الثرة بالفعل ، لك كل الاحترام والتقدير إزاء التجديد بالسرد الأدبي ودفعه باتجاه الشاعرية الأمر الذي فتح نقاشا كبيرا بين مجموعة من الأدباء من ضمنهم الناقد والباحث الفني خالد خضير أيضا ) .
من جهتي ، أحييك و مجلتكم السباقة إلى إلقاء الضوء حول هذا الأمر وهو الشيء الذي يدفع بي إلى تطوير هذا الاتجاه الهام بالنسبة للقصة القصيرة وصيرورتها .
8 ــــ كلمة أخيرة؟
> بعد الشكر الكبير لك الأستاذ الراقي حسن يارتي والعرفان كلمتي الأخيرة لكم في مجلة برشلونة الأدبية تتلخص كالتالي :
يقولون عندما نصادف الطريق الصحيح في حياتنا ، الوقت يتوقف ، لكن ما لم يقولوه أن الوقت لما يأخذ مجراه الطبيعي في حياتنا بعد ذلك فإنه يكون متسارعا جدا وجنونيا لكي نتمكن من تعويض ما فات لكن مع ذلك لكل نهاية هناك بداية وعندما تتمكن منا الأحزان فإنه يمكننا أن نحب غروب الشمس ،
وهكذا علمتني حياتي الماضية الطويلة أن أستمر في المشي كي لا أسقط .
هذا الكلام موجه أيضا لمجلة برشلونة الأدبية ,
لم أعرف حقا كيف أقوله لكم ، ذلك أنكم تلك القصة الجميلة للمودة والإخاء التي لن أتوقف عن قراءتها أبدا .
. 1ـــــ قبل كل شيء... كيف تقدم فاطمة البسريني نفسها للقارئ؟
> قبل كل شيء ، اتوجه لك بالشكر والامتنان، الأديب المتميز الأستاذ النبيل حسن يارتي لإتاحة هذه الفرصة وفتح هذه النافذة ليتمكن القارئ من أن يطل على شخصيتي وإبداعي ، وجوابا على هذا السؤال الذي تفضلت بوضعه ، لا يسعني إلا أن أقول لك وللقراء الكرام أن من يعرف فاطمة البسريني عن قرب ، كما عن بعد ، سيخبركم أنها المرأة التي أنكرت ذاتها بصفة نهائية منذ نعومة أظافرها ، وكرست نفسها لخدمة أهلها ومحيطها والمجتمع أيضا .
منذ طفولتها تعلمت تحمل المسؤولية ، وتربت على نكران الذات الذي تعتبره أساس كل الأخلاق الحميدة ، وأولها الصبر لتجاوز كل العقبات ، والابتلاءات والإيذاء كيفما كان نوعه .
ثم بعد الصبر يأتي الحب فهي تحب جميع الناس بكل أطيافهم وتلتمس لهم العذر في كل تصرفاتهم كيفما كانت وتحاول ما أمكن توجيههم إلى الأفضل والأحسن دائما ، لكن رغم القاعدة ألتي تقول أن الإنسان اجتماعي بطبعه ، إلا أنها غالبا ما تكون وحيدة مبتعدة عن كل ما يعتري التجمعات او على الأصح المجتمع من نفاق وكذب وبهتان ومجاملات وتملق، لذلك ، إن كانت قد حققت شيئا في حياتها فذلك باعتمادها على نفسها وبمجهودها الشخصي البحث . وخاصة فيما يتعلق بالميدان الأدبي الذي عانت من أجل فرض ذاتها بخصوصه أشد المعاناة .
2 ـــــ فاطمة البسريني كاتبة وإنسانة.. هل من مقارنة؟
> لا ــ أبدا ــ لا يمكنني المقارنة ، فأنا في الحياة كإنسان هي أنا ككاتبة ، هما صفتان ممتزجتان في شخصية واحدة، متكاملتان ، منسجمتان مع بعضهما ، كل واحدة لها عين على الأخرى تراقب معها الأحداث التي تمر بها أو إزاءها وتنقلها معها إلى جمهور القراء بكل أمانة وصدق ، لا فرق بينهما في ذلك ولا يمكن الفصل بينهما .
وفاطمة البسريني الإنسانة المدمنة لفعل الخير وتوخيه في كل تصرفاتها هي نفس الشخص المدمن للقراءة والكتابة أيضا ، فقد أكتب وسط حافلة مكتظة بالركاب ، أو وسط جمع من الناس فتحضر الإنسانة توا لمساعدة أحدهم للنزول من تلك الحافلة مثلا ، أو لخدمة أحد ما ، في ذلك الجمع دون طلب .
وقد يحصل معي هذا الأمر في مهنتي كمحامية وكذلك في بيتي ، فأنا خادمة الجميع ، رغم أنني لست سيدة القوم كما يقال ، فتجدني مترقبة في ركني القصي مع الورقة والقلم أو مع كتاب ما ، وأصبح إنسانة توا، عندما أشعر باحتياج بني البشر، فأهب للمساعدة تلقائيا وبكل تواضع .
3 ــــــ ماذا عن نصك الأول؟ عن الشعلة الأولى، كيف توقّدت حتى استمرت إلى الأن؟
> نعم ـــ هناك نص أول ، وهو بالفعل كان الشعلة الأولى وكان الفضل في إيقاد تلك الشعلة لمعلمي الفاضل ( المهدي بوسلهام ) ـــ الله يطول في عمره إذا كان مازال على قيد الحياة وإذا كان قد توفي فأطللب من الله عز وجل أن يرحمه ويسكنه فسيح جنانه ـــ فقد كان معلمي بالقسم الخامس أو ما كان يطلق عليه( قسم الشهادة الابتدائية ) في المدرسة الابتدائية ( ابن عباد ) التي لي بها ذكريات مجيدة .
وقد طلب منا كتابة قصة قصيرة على غرار ما كنا نقرؤه عند نهاية كل حصة من حصصه للكاتب عطية الأبراشي أو لكامل الكيلاني أنداك ، وقد قمت بذلك فعلا ونالت قصتي إعجابه ، لكن ما أسعدني حقا هو فرحه بذلك وتربيته على رأسي أمام جميع التلاميذ الآخرين خاصة وأنه كان صارما جدا ,
تلك الفرحة والدهشة انتقلتا منه ، إلي ، لترافقني طول عمري .
وكانت هي الشعلة التي أوقدها داخلي ، ومازالت متوهجة إلى الآن .
4 ـــــ هل تفكرين بالقارئ وأنت تكتبين؟ وما نوع القارئ الذي تحرصين على أن يتابع إبداعك؟
ـــ طبعا ـــ لابد لي من التفكير والبحث عند كتابة النصوص الأدبية عن ذلك ا لذي أحب أن أدعوه ( القارئ المستبصر ) و الذي يجب أن أثير قلقه من خلال قراءته للنص و أن أحفز تساؤلاته والذي أحثه على إيجاد أجوبة من خلال بحثه عنها بنفسه أو أجعله يتخيل نهاية النص أو يتعرف إلى نتيجته والغرض المتوخى منه .
والقارئ المستبصر والذي يسميه بعض النقاد بالقارئ العليم ، الذي أقصده هو الذي يتنحى جانبا ويبتعد عن محيطه ويختلي بالكتاب المراد قراءته في صمت وسكون ،مستفهما حول دواليب النص وبالتالي مستوعبا إياها .
أما من يقرؤون نصوصهم في المنتديات والمهرجانات واللقاءات ، فكلماتهم تذهب في الهواء ولا يصل منها إلى المستمع إلا النزر اليسير، وفي ذلك أذى للسرد الأدبي وللكاتب والقار ئ وللمتلقي وللأدب العربي ككل .
قديما ، لم تكن تتخلل برامج اللقاءات والمهرجانات الأدبية هذه العروض الموسيقية للجوقات الشعبية وما يرافقها من رقص وغناء ، مما يجعل الحيز الزمني التي يحظى به كل ذلك أكبر كثيرا من الحيز الزمني المخصص للقراء ، إضافة إلى أن ذلك يذهب هيبة الأدباء ويأخذ نصوصهم مهما كانت جيدة في منزلق الرداءة .
من أجل ذلك أغتنم الفرصة من هذا المنبر لأوصي بالتخلي عن تلك الاحتفالات من غناء ورقص وحذف تلك الفقرات وإعطاء الكتاب القراء حقهم في عرض وقراءة نصوصهم بكل أريحية .
القارئ بالنسبة لي ، هو أهم شخص في عملية الكتابة الأدبية ككل ، فدون القارئ المستبصر لا تظل هناك أهمية لما يقدمه الكاتب من نصوص والتي لن تكون نصوصا جيدة بما فيه الكفاية .
.
5 ــــ هل أنصف النقد إبداعاتك الأدبية؟
> الإنصاف من طرف النقد ؟ سؤال مهم جدا وله حرقة ، مع الأسف الشديد الجواب هوــ لا ــ
لم أحض بنقد بناء أبدا ، وكم تحايلت لإيجاد أذن صاغية على الأقل ممن تتلمذت على أيديهم ومن محيطي البعيد نوعا ما كون مهنتي التي أمارسها كمحامية تأخذ وقتي وتبعدني عن الساحة الأدبية التي كانت ومازالت تتحكم بها هي الأخرى نواميس خاصة وقوانين لم يضعها أحد بل هي نابعة من الظروف السيئة والمعاناة التي يعيشها كل الأدباء والنقاد على السواء ، لذلك فقد عانيت وحدي في صمت، بعيدا عن الأدباء الحقيقيين والمهتمين فعلا ، لكن ذلك لم يجعلني أيأس بل استمررت في الكتابة الأدبية وقد تم نشر بعض أعمالي القصصية وبعض القصائد النثرية في بعض الجرائد الوطنية مثل العلم والبيان الاشتراكي وكذلك في بعض المجلات منها مجلة السفير المكناسي مثلا .، وقد بقي الحال على ما هو عليه إلى أن أخذت أنشر بعض قصائدي النثرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي نالت استحسان بعض الأدباء المشارقة العرب فتلقيت عرضا بنقد مجموعتي القصصية ( أنا لست امرأة ) من طرف الناقد الكبير زكريا صبح والذي تعرض لتلك المجموعة بالنقد الهادف والبناء بعيدا عن السطحية والمحاباة والمجاملات وبعد ذلك تم عرض نفس المجموعة القصصية ( أنا لست امرأة ) على عدد من النقاد وهم الأفاضل :
الدكتورة المتمرسة جيهان الدمرداش والناقد المحترم زكريا صبح والناقدة المتميزة سحر النحاس والدكتورالنبيل خالد جودة والكاتب الشاعر الفذ جورج عازار الذين تعرضوا بالنقد الهادف ، على تطبيق ـــ زووم ــ في نادي ( الساردون يغردون برئاسة الأديب الفاضل رضا يونس .
وبعد ذلك تعرض بالدراسة بعض الأدباء من اتحاد الكتاب والأدباء في البصرة بالعراق لقصة قصيرة من مجموعتي القصصية ( الروح المجرمة )وهي بعنوان ( مطر في قلب الغالية ) إثر نشرها بمجلة الهيكل وهم الأديب المحترم كريم جخيور والأديب الباحث المقتدر خالد خضير والأديب اللامع كنعان عبد الزهرة الموسوي.
كانت شهاداتهم بمثابة رد اعتبار لي لما عانيته من تجاهل وعدم اهتمام سابقا كون كتاباتي القصصية حاليا تروم التجديد وتسير في اتجاه جديد وهو اتجاه الشاعرية في السرد الأدبي المتعلق بالقصة القصيرة .
ومازلت أنظر من أدبائنا المغاربة الكرام تلك الالتفاتة وذلك الانتباه والاهتمام الذي أستحقه منهم فيما يأتي من الزمن إن شاء الله تعالى ,
6 ــــ كيف تقيّم فاطمة البسريني المشهد الأدبي المغربي الراهن؟
> حاليا ، أظن أن الأدب المغربي يتجه نحو الإفادة من فيء علم الجمال وقد أخد يمتح من معين ما يوجد في الطبيعة حوله من تصرفات الناس وواقعهم فأصبحت القصة القصيرة تنال نصيبا أوفر من الاهتمام لأن الأدباء في هذا النوع أصبحوا يستقون إبداعهم وصورهم القصصية من الظروف الاجتماعية والسياسية والنفسية وقد أصبغوا عليها من الجمال الفني ومن الخطاب الداخلي ما يجعل مقاربتها للواقع شيئا هاما وضروريا للمبدع كمكون يعتمد عليه من مكونات صناعته للنص القصصي .
لكن رأيي أنه لا يجب الإغراق والمغالاة في الاعتماد على الواقع فتأتي الصور مباشرة في أغلب الأحيان بل من الضروري أن يضفي الكاتب على نصه نوعا من الشاعرية لكي لا تجد القصة القصيرة نفسها محاصرة بواقع يتكرر وبالسائد والعادي .
7 ــــ نمنمة بيضاء لمجلتنا حول مشروعك الأدبي القادم؟
> لدي عدة مشاريع أدبية تتعلق بالقصة القصيرة والقصيرة جدا والقصيدة النثرية والخاطرة والمقال الأدبي والنقدي وغيرها من ألوان السرد الأدبي كالهايكو وغيره، والتي سوف أحتفي بها على جدار مجلتكم الغراء ( مجلة برشلونة الأدبية) لما لمسته منكم من تفهم وتأييد واحتفالية بأسلوبي الذي تكسوه الشاعرية في السرد الأدبي الشيء الذي قال عنه الأديب العراقي الكبير ـــ كريم جخيورــــ عند دراسته للقصة القصيرة ( مطر في قلب الغالية ) :
( هذا شعر من الدرجة الأولى ),
بدا لي أن هذا الاتجاه قد أثار اهتمامك كأديب أولا ، وكرئيس لمجلة برشلونة الأدبية لذلك فأنا أتمنى أن أتمكن من مشاركة مجلتك كل أفكاري حول تأسيس هذا التيار او الاتجاه الجديد في السرد الأدبي وقد قال الأستاذ كنعان عبد الزهرة الموسوي حول ذلك :
( لي الشرف حقا بقراءة تجربتك الأدبية الثرة بالفعل ، لك كل الاحترام والتقدير إزاء التجديد بالسرد الأدبي ودفعه باتجاه الشاعرية الأمر الذي فتح نقاشا كبيرا بين مجموعة من الأدباء من ضمنهم الناقد والباحث الفني خالد خضير أيضا ) .
من جهتي ، أحييك و مجلتكم السباقة إلى إلقاء الضوء حول هذا الأمر وهو الشيء الذي يدفع بي إلى تطوير هذا الاتجاه الهام بالنسبة للقصة القصيرة وصيرورتها .
8 ــــ كلمة أخيرة؟
> بعد الشكر الكبير لك الأستاذ الراقي حسن يارتي والعرفان كلمتي الأخيرة لكم في مجلة برشلونة الأدبية تتلخص كالتالي :
يقولون عندما نصادف الطريق الصحيح في حياتنا ، الوقت يتوقف ، لكن ما لم يقولوه أن الوقت لما يأخذ مجراه الطبيعي في حياتنا بعد ذلك فإنه يكون متسارعا جدا وجنونيا لكي نتمكن من تعويض ما فات لكن مع ذلك لكل نهاية هناك بداية وعندما تتمكن منا الأحزان فإنه يمكننا أن نحب غروب الشمس ،
وهكذا علمتني حياتي الماضية الطويلة أن أستمر في المشي كي لا أسقط .
هذا الكلام موجه أيضا لمجلة برشلونة الأدبية ,
لم أعرف حقا كيف أقوله لكم ، ذلك أنكم تلك القصة الجميلة للمودة والإخاء التي لن أتوقف عن قراءتها أبدا .