تطرح المدينة في سياحة راهننا الثقافي سؤال التأمل حول مضمونها والعلامات التي تفترضها وتشكلها، ولأنها كذلك فهي تشكل موضوعة أساسية في التأمل الفلسفي، هنا -نطرح سؤال العلاقة - في تاريخ تشكل الفلسفة والمدينة معاً وذلك أن تاريخ المدينة هو تاريخ المواطنة، في عمقها الفلسفي والسياسي. إن إعادة طرح تلك العلاقة تأتي في سياق راهننا الثقافي المأهول بالأيديلوجيات حد التخمة، والمأهول بصياغة الآخر، باعتباره قطباً نموذجياً للمدينة تلك. لذا يكون السؤال في نظرنا مقروناً بأسئلة المرحلة، حول الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان ونظام العلاقة التاريخي بيننا كعرب والآخر. إن السؤال مقلق وإعادة طرحه أشد قلقاً في نظرنا. لذا كان اهتمامنا بهذا الهامش غير المفكر فيه سياسياً، وإن كان التفكير فيه فسيظل مفهوماً بلبس الايدويلوجي فيه. لذا تطرح الفلسفة هذا السؤال، لا لتجيب عليه، بقدر ما تروم لفك بداهاته واختراق قهرياته وإكراهاته، وبالتالي فطرح هذا الكتاب بين يدي القارئ، هو إعادة التأمل في مدينتنا العربية، في كل تجلياتها، سياسياً ومعمارياً وثقاقياً، وإن كان سؤال المدينة هو سؤال ثقافي في عمقه.
الكتاب الذي نقدمه للقراء هو "الفلسفة والمدينة"، منشورات وليلي "ط1، 2003- طنجة/ المغرب". وهو عبارة عن ندوة أقامتها المدرسة العليا للأساتذة بمدينة مكناس. يفترض عنوان الكتاب مقاربات متعددة، من مواقع متعددة. وهذا ما حصل في هذه الندوة، التي نجحت في تأسيس وترسيخ المعرفة للجميع. عوض البقاء على الندوة في مدراج التوثيق والإعلام اليومي. تشكل المدينة إذن رهاناً أساسياً في المجتمع العربي عامة والمغربي خاصة، لما تشكله الأسئلة المقترحةمن داخلها من جعل المدينة أفقاً للمستقبل وانخراطاً في التحولات العالمية، لذا فهي تطرح في سياق فلسفي، ماذا تعني هذه المقارنة، مقاربة المدينة بالسؤال الفلسفي ؟ تتراوح دلالة هذه المقارنة بين أصول الفلسفة، باعتبارها مولدة من أحضان المدينة، وبالتالي فشرطها الأول والأخير هو المدينة، وثانياً لأن شروط قيام المدينة في تطورها تضعنا أمام إلزامات فلسفية "القرن 19" كالديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان والتسامح والأخلاق وغيرها. إن هذه القيم الإنسانية التي رسخها الفكر الفلسفي منذ بداياته تؤول في آخر المطاف إلى غايات محددة تشكلها الفلسفة ك السعادة وغيرها. من هاتين الزاويتين إذن نقرب من المدينة - ليس كموضوع مفارق للواقع، بل كموضوع واقعي يطمح لكيفية تدبيره ونوع العلاقات الموجودة داخله. إن التجربة الفلسفية وضعت موضوع المدينة لمساءلته "كمفهوم وتخترقها كفضاء واقعي وتتأملها كمشهد مفارق، وتسائلها كشرط من شرائط المستقبل الإنساني" ص 13تمثل المدينة هنا موضوعاً ثقافياً، حسب الاستاذ محمد ياسين وتفترض هذه المقارنة أن كيان المدينة في تمفصلاتها وتقاطعاتها بين ما هو عملي وما هو نظري، كالسياسة والواجب والأخلاق والحرية... إلخ، هذه التقاطعات تتأرجح بين الأزمنة والأمكنة في التاريخ والحضارة، ولعل الفلسفة هي قطب الرحى في هذا الفعل الثقافي،، سيقدم الباحث في المداخلة الأولى الدلالة المفهومية للمدينة، باعتبارها موضوعاً للدراسة. إن تحديد مفهوم المدينة يرمينا مباشرة في أحضان التجربة اليونانية، باعتبارها مؤسساً لها، عبر مفكريها : أرسطو وافلاطون وقبلهما صولون وبريكلس، فلا أحد من القراء والمتتبعين يستطيع نفي هذه الذاكرة، اعتباراً أن المدينة ليست فقط فضاء للتبادل التجاري، بل هذ مجال لتبادل الأفكار وإنتاج الخطابة واللوغس، إنها الفضاء العمودي AGORA للتداول والتواصل، كما أن له فعلاً ثقافياً يروم التفكير في شؤون المدينة، عن طريق اللوغوس رغبة في إبداع الشعر والخطابة و "العلم" والفلسفة. إن التجربة اليونانية في تدبير المدينة سواء في سن القوانين وقواعد اللعبة السياسية، في النظام الديمقراطي لأثينا، جعل من الفضاء العمومي فضاء للتشاور والجدال السياسي والفكري (السوفسطائيون، سقراط) فالغاية من التجمع البشري "المدينة" - حسب أرسطو - هو بلوغ السعادة باعتبارها أفقاً للكمال.
إن التصور الغربي الفلسفي للمدينة لم يبرح المرجعية اليونانية على الرغم من الاختلاف الموجود داخل هذا التصور، يضعنا ذلك مع الباحث أمام التأكيد على الأهمية التالية :
أ - إن المدينة نموذج كوني في الانتقال الحضاري وخاصة في الإنتاج المعرفي، وهذا ما يعطيها الخصوصية الثقافية والابداعية وغيرها في سلم القيم.
ب - إن المدينة ليست واقعاً عينياً فحسب، بل مخيال يروم الفيلسوف إلى تصور مدن أخرى "افلاطون - الفارابي" ضداً على الأزمة والثلج الذي يتعرض له.
ج - إن المدينة تستمر بمفاهيم الدولة ونظام الحكم والعدالة والحرية والتعاقد،، وهي كلها مفاهيم سياسية، لهذا تظهر الفلسفة السياسية جدارتها كأفق إبستملوجي.
د - إن التفكير في المدينة ليس فقط محدداً بأفقه السياسي، بل هو فعل ثقافي عام تطبعه صياغات رمزية متعددة.إن الحديث عن المدينة، اذن هو حديث عن المواطنة والعدالة والتعاقد والحق والواجب، وسن القوانين والحرية وغيرها .. وهي كلها مفاهيم تنتعش في الخطاب الفلسفي منذ بدايته إلى حدود ترسيخه في القرن 18.مفهوم الحرية مثلاً، الغاية القصوى في الخطاب الفلسفي، فهو حاضر في تمثيله "أي المفهوم" كجوهر إنساني في الحياة. وحاصل في الفضاء الذي يتحرك فيه الإنسان - أي المدينة، سواء عبر الاختيار الحر للحاكمين أو القائمين على تدبير شؤون المدينة، أو بالامتثال الحر للقوانين دون ضغط أو إكراه. إن هذا التعبير الحر هو تأكيد للحق في أقصى تجلياته وتحقيق للمواطنة في عمقها الوجودي.
في نفس السياق تقريباً، تروم مداخلة الاستاذ عز الدين الخطابي "الفلسفة وسؤال الديمقراطية" مبرزاً المفاهيم الأساسية التي تتجاوز وتتعايش مع مفهوم الديمقراطية، ومركزاً الحديث عنها في المدينة ونطلاقاً منها في كونها تخص المجتمعات الحداثية. إلا أن مفهوم الديمقراطية بكونه "حكم الشعب" يحمل التباساً، وهذا ما أكده مؤسسو الديمقراطية الأثينية "بركليس"، ذلك أن هناك قلة قليلة من العارفين بالمشروع السياسي للمدينة، وبالتالي فهؤلاء يتم العودة إليهم لتدبير شؤونها، في حين يرى أن أحد المفكرين المعاصرين كارل بوبر قائلاً : "لا يمكن للقرارات المتحدة سلباً وإيجاباً أن تصدر عن عدد كبير من الناخبين ولهذا السبب تبدو عبارة "المبادرة الشعبية" خادعة وتحيل إلى ما هو دعائي، إذ يتعلق الأمر عموماً بمبادرة بعض الأفراد، التي يتم اخضاعها في احسن الأحوال للتقييم النقدي للشعب" ص 33.يتضح إذن من خلال المرجع الغربي للديمقراطية بترابطه النسقي مع مجموعة من المفاهيم الأخرى، لكن إذا نظرنا إلى ما يتوهمه بعض المفكرين العرب في كون الديمقراطية هي الشورى، فإن هذا يدخلنا في مغالطة التاريخ وإنتاج المفاهيم، فالشورى - حسب الاستاذ الجابري- هي الوسط بين الاستبداد والعدل، وبالتالي فالحكم العربي يحتاج لأهل الحل والعقد "علماء - فقهاء - علية القوم" باستشارتهم. لكن مشورتهم ليست تقريرية، بل يمكن العمل بها من طرف طالبها أي الحاكم، أو تركها. من هناك تطرح الأسئلة حول حدود كل من المفهومين، الديمقراطية بمفهومها الغربي والمرجعية الدينية للشورى، فكيف يتم الربط بينهما؟ تحيلنا الإجابة عن هذا الرابط إلى صعوبة التزاوج والتطابق بينهما لاختلاف المنظومات والآليات والتصورات التي يقرها الإنسان للكون والعالم والفكر ..إلخ. لكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن الوعي بالديمقراطية يلزم فلسفة من أجل ترسيخه داخل المجتمع، ومن هنا يمكن الإنصات لدرس هابرماس في إخضاع التنظيم الإجتماعي لقيم العقلانية والحرية. لقد شدد هذا الفيلسوف الألماني على ذلك فيما سماه "نظرية التواصل العقلاني" مؤكداً على أهمية التواصل الديمقراطي لأنه يرتكز على ترسانة من المفاهيم الفلسفية مثل العقلانية والفاعلية التواصلية والعالم المعيش وأخلاقية النقاش والاعتراف بالآخر ...إلخ. تدخل كل هذه المفاهيم ضمن المجال العمومي "المدينة". إن ما يؤسس خطاب هذه المداخلة هو التأكيد على ضرورة الدرس الفلسفي، باعتباره الدرس الاداة لتفعيل هذه المفاهيم وترسيخها في المجتمع، وأن تغييبه هو غياب التواصل الديمقراطي، ونكوص مبدأ التسامح كأحد المرتكزات الأساسية التي ترتكز عليها الحداثة والديمقراطية، التسامح إذن هو الموضوع الذي اختارته الأستاذة حبيبة العرائشي حيث تحيل قراءة هذه المداخلة إلى النقاش الدائر في الأوساط والمنتديات الفكرية والسياسية والإعلامية بعد 11سبتمبر المدمرة بعناوين متعددة ويافطات متنوعة. كلها تصب للعودة إلى الجذور التي تأسست عليها الثقافات. فالاسلام مثلاً يميل في أكثر من نص ديني "قرآن وسنة" إلى التسامح. غير أن ما وقع مؤخراً في الدار البيضاء والرياض يعيد السؤال من جديد، محاولة لدرء التعصب الذي عانت منه الثقافات والشعوب عبر تاريخها. ولعل قراءة هذا المبدأ على المستوى الفلسفي يحيل إلى فلسفة الأنوار والشعارات التي صاحبته، يعرف فولتير التعصب ب "لا يوجد علاج لهذا الداء المعدي إلا الروح الفلسفية التي بانتشارها شيئاً فشيئاً تتهذب أخلاق البشر وتتحاشى التطرف". إن مطالبة هذا الفيلسوف الأنواري. هي بشكل من الأشكال مطالبة فلاسفة ومفكرين آخرين - ليس من أجل استنتساخ التجربة الغربية. بل للاستفادة من دروسها ودروس مفكرينا وفلاسفتنا القدماء، لذا فالفضاء العمومي كفضاء للحوار والنقاش كفيل بإضعاف التعصب. من هنا تذهب الاستاذة إلى اعتبار نشر الفكر الفلسفي اختياراً استراتيجياً ثقافياً وسياسياً.
في سؤال آخر حول علاقة المدينة بالأخلاق يقترح الاستاذ عبد الحي أزرقان تحديداً أولياً لمفهوم المدينة عبر ربطه بنقيضه القرية، مخترقاً بذلك التصورات الشائعة التي تفيد أن المدينة تتميز بتعدد سكانها ومساحتها وشوارعها ومؤسساتها، لكن الواقع عكس ذلك، لأن ما يؤسس المدينة، وخاصة في مفهوم الواجب، بالشكل الذي حددته فلسفة الأنوار اعتباراً أن التصورالراسخ للمدينة هو تصور أرسطو الذي أكد عن أن تحقيق الحياة السعيدة هو المقصدية العامة للمدينة. تتجلى وتتوضح هذه الغاية في المجال الأخلاقي. ويفترض الاستاذ أزرقان ثلاث قضايا لتحقيق ذلك وهي :
@ "ملازمة البعد الأخلاقي للحياة داخل المدينة، وملازمته كذلك للعلاقات الإنسانية داخل المدينة"
@ "في تجاوب البعد الأخلاقي لإطار الواجب إن لم نقل في غلبة الأول على الثاني"
@ في وجود المجال العمومي بجانب المجال الخاص.
إن تأثيث المجال العمومي من أهم مقتضيات المدينة، لكن العلاقة بينها تثير أكثر من سؤال وبالضبط في الكيفية التي يخضع فيها الثاني للأول، أو العكس صحيح. ويثير هذا النوع من الفرص انحرافات متعددة سواء في استعمال السلطة، أو في خضوع الأغلبية للأقلية الفاقدة : لذا يقترح الباحث نوعاً من التداخل بينهما أي كيف "يصبح الخصوصي بدوره عمومياً" ص 67.ولكي يكون الأمر كذلك يجب أن "يتوصل الفرد إلى مستوى يجعله يقتنع أن التحقق الفعلي لما هو خصوصي مقرون بتحقيق فعلي لما هو عمومي" ص 67.فالمسألة إذن لا تقتصر على أخلاق الواجب، بل تتعداه إلى الأخلاق كشرط إنساني، كاحترام الآخر، وتقديم الذات والآخر.
وبالتالي فهذه الأخلاق تحيل إلى نبذ التطرف والتعصب أيا كان شكله والاعتراف بقدرات الانسان ومهاراته.
في مداخلة أخرى للأستاذ حميد سلاسي، يطرح مجموعة من الأسئلة المنهجية، أولها أنه "أي الباحث" لا ينتمي لمجال الفلسفة، بل هو باحث في علم النفس وعلوم التربية، وبالتالي فالحديث عن المدينة من خلال مقارنة فلسفية لذوي الاختصاص، هو أمر مجحف لاعتبار بسيط، أن الفيلسوف الذي وضعها موضوعاً لدراسته كان بالإضافة إلى ذلك مهندساً وداعية سياسياً ورياضياً وطبيعياً وطبيباً ..إلخ.لكن الفيلسوف بهذا الإطار لم يعد موجوداً، لذا كان على الندوة أن تستدعي رجال التاريخ والجغرافيا والهندسة المعمارية ورجال السياسة وفعاليات المجتمع المدني، لكن هذا التحذير المنهجي - إن شئنا - لم يعقه في توضيح رأيه حول الموضوع المطروح، منطلقاً من كتاب الفيلسوف هنري لوفيفر Henri Lefebvre بعنوان Le Droit à la ville باعتباره كتاباً يرتكز على مرتكزات نظرية، لكن قبل هذا وذاك إلتجأ الباحث إلى معجم "لسان العرب" لتحديد المدينة والتي تدل على معنيين : الأول يعني الإقامة في مكان معين، والثاني يعني الحصن الذي يبني ويشيد على أرض معينة. لكن المدينة في تشعبات التعريفات المعطاة إليها، تقودنا في آخر المطاف إلى كون المدينة مشروعاً فلسفياً بامتياز منذ افلاطون إلى هيجل، وكذلك من خلال ما شيده أرسطو في كون الإنسان كائن سياسياً ومدنياً"، إذن فالمدينة لم تشكل موضوعاً ثانوياً في تاريخ الفلسفة، بل شكلت محوراً مركزياً تدور عليه قضايا فلسفية أخرى. يحاول الاستاذ الباحث في مداخلته طرح هذه العلاقة من خلال تاريخها، أي من خلال تاريخ الفلسفة، معتمداً على مرجع لوفيفر Lefevre ويمكننا الالتفات إلى بعض العناصر المهمة في هذا التاريخ، أولها أن الفلسفة والمدينة مرتبطتان بشكل كبير عند الإغريق - على الأقل - أعني أن لا وجود للفلسفة خارج المدينة، وبتوضيح أكثر أن المدينة هي التي انشأت الفلسفة، وذلك بالفضاء العمومي الذي فتحته لها "مدينة أثينا - إحلامات صولون وبيركليس - توزيع العمل " إن نفس اللزوم تقريباً نجده عند أحد المهندسين الأساسيين في تاريخ الفلسفة وهو هيجل، ذلك أن هيجل في تصوره العام للواقعي والمثالي، والعلائق التي تربط بين الواقع والعقل، تحضر المدينة كما لو كانت إحدى تجليات هذا التطابق وتحجها الدولة باعتبارها نشداناً للكمال من حيث هي حق وحرية ولوغوس. إن العلاقة هنا، علاقة نسقية بين المدينة كنسق جزئي والدولة كنسق كلي، وهي بالأساس ربط بين الفلسفي والسياسي. لكن في العصر الحالي بدت المدينة موضوعاً غامضاً بالنسبة للفلاسفة المرموقين "في القرن 20" حسب الباحث - ص 79. بينما نرى العكس لاعتبارات تدخل في صميم التحولات التي وقعت في الخطاب الفلسفي، ذلك أن الفيلسوف أصبح بدون موضوع. وهذا ما تركه لنا باشلار Bachlard من كتابات رائعة عن المنزل، وهايدجر في كتابه عن الأصل - واللوغوس الإغريقي، ويظهر أنه "استعار موضوعاته داخل الذي حصل ضمن التعارض الموجود بين المنزل والتسكع" ص
79.لقد أضحت هذه التصورات وغيرها في الفكر المعاصر إمكانيات أخرى بعد التطور الهام الذي حصل في السيميائيات وعلوم أخرى، وتخلص هذه المداخلة إلى كون العلاقة بين الفلسفة والمدينة مرت عبر ثلاث مراحل أساسية:
@ تأملت الفلسفة المدينة ككل "جزئي" ضمن الشمولية الكلية.
@ تأملت الفلسفة في كلية متعالية للمدينة: التاريخ - الانسان - الدولة - المجتمع.
@ ساعد التأمل الفلسفي للمدينة في الارتقاء العقلاني للمارسة التي تتحول إلى عقلانية مدينية - ص 82.
إن هذه الفترات تستحضر أهم فيلسوف عربي، طموح المدينة كموضوع مركزي واضح، وهو الفارابي فكتاباته مهمة في هذا التاريخ. لكن يبقى السؤال مطروحاً لم التفكير في المدينة الآن ؟
ومدننا تنهار أمامنا يوماً بعد يوم، من فاس إلى بغداد ؟ هل حان الوقت لإعادة التفكير في الفضاء العمومي، رغبة في ترسيخ القيم الإنسانية بعيدين كل البعد عن وصايا الطاغوت الأمريكي، في نقل أكله ولباسه وعمارته وسلوكه، عبر عولمتها إلى كل المدن، وحتى المدن الأوروبية منها، تلك أسئلة، لنتأمل في مدننا أكثر .. فأكثر!!
الكتاب الذي نقدمه للقراء هو "الفلسفة والمدينة"، منشورات وليلي "ط1، 2003- طنجة/ المغرب". وهو عبارة عن ندوة أقامتها المدرسة العليا للأساتذة بمدينة مكناس. يفترض عنوان الكتاب مقاربات متعددة، من مواقع متعددة. وهذا ما حصل في هذه الندوة، التي نجحت في تأسيس وترسيخ المعرفة للجميع. عوض البقاء على الندوة في مدراج التوثيق والإعلام اليومي. تشكل المدينة إذن رهاناً أساسياً في المجتمع العربي عامة والمغربي خاصة، لما تشكله الأسئلة المقترحةمن داخلها من جعل المدينة أفقاً للمستقبل وانخراطاً في التحولات العالمية، لذا فهي تطرح في سياق فلسفي، ماذا تعني هذه المقارنة، مقاربة المدينة بالسؤال الفلسفي ؟ تتراوح دلالة هذه المقارنة بين أصول الفلسفة، باعتبارها مولدة من أحضان المدينة، وبالتالي فشرطها الأول والأخير هو المدينة، وثانياً لأن شروط قيام المدينة في تطورها تضعنا أمام إلزامات فلسفية "القرن 19" كالديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان والتسامح والأخلاق وغيرها. إن هذه القيم الإنسانية التي رسخها الفكر الفلسفي منذ بداياته تؤول في آخر المطاف إلى غايات محددة تشكلها الفلسفة ك السعادة وغيرها. من هاتين الزاويتين إذن نقرب من المدينة - ليس كموضوع مفارق للواقع، بل كموضوع واقعي يطمح لكيفية تدبيره ونوع العلاقات الموجودة داخله. إن التجربة الفلسفية وضعت موضوع المدينة لمساءلته "كمفهوم وتخترقها كفضاء واقعي وتتأملها كمشهد مفارق، وتسائلها كشرط من شرائط المستقبل الإنساني" ص 13تمثل المدينة هنا موضوعاً ثقافياً، حسب الاستاذ محمد ياسين وتفترض هذه المقارنة أن كيان المدينة في تمفصلاتها وتقاطعاتها بين ما هو عملي وما هو نظري، كالسياسة والواجب والأخلاق والحرية... إلخ، هذه التقاطعات تتأرجح بين الأزمنة والأمكنة في التاريخ والحضارة، ولعل الفلسفة هي قطب الرحى في هذا الفعل الثقافي،، سيقدم الباحث في المداخلة الأولى الدلالة المفهومية للمدينة، باعتبارها موضوعاً للدراسة. إن تحديد مفهوم المدينة يرمينا مباشرة في أحضان التجربة اليونانية، باعتبارها مؤسساً لها، عبر مفكريها : أرسطو وافلاطون وقبلهما صولون وبريكلس، فلا أحد من القراء والمتتبعين يستطيع نفي هذه الذاكرة، اعتباراً أن المدينة ليست فقط فضاء للتبادل التجاري، بل هذ مجال لتبادل الأفكار وإنتاج الخطابة واللوغس، إنها الفضاء العمودي AGORA للتداول والتواصل، كما أن له فعلاً ثقافياً يروم التفكير في شؤون المدينة، عن طريق اللوغوس رغبة في إبداع الشعر والخطابة و "العلم" والفلسفة. إن التجربة اليونانية في تدبير المدينة سواء في سن القوانين وقواعد اللعبة السياسية، في النظام الديمقراطي لأثينا، جعل من الفضاء العمومي فضاء للتشاور والجدال السياسي والفكري (السوفسطائيون، سقراط) فالغاية من التجمع البشري "المدينة" - حسب أرسطو - هو بلوغ السعادة باعتبارها أفقاً للكمال.
إن التصور الغربي الفلسفي للمدينة لم يبرح المرجعية اليونانية على الرغم من الاختلاف الموجود داخل هذا التصور، يضعنا ذلك مع الباحث أمام التأكيد على الأهمية التالية :
أ - إن المدينة نموذج كوني في الانتقال الحضاري وخاصة في الإنتاج المعرفي، وهذا ما يعطيها الخصوصية الثقافية والابداعية وغيرها في سلم القيم.
ب - إن المدينة ليست واقعاً عينياً فحسب، بل مخيال يروم الفيلسوف إلى تصور مدن أخرى "افلاطون - الفارابي" ضداً على الأزمة والثلج الذي يتعرض له.
ج - إن المدينة تستمر بمفاهيم الدولة ونظام الحكم والعدالة والحرية والتعاقد،، وهي كلها مفاهيم سياسية، لهذا تظهر الفلسفة السياسية جدارتها كأفق إبستملوجي.
د - إن التفكير في المدينة ليس فقط محدداً بأفقه السياسي، بل هو فعل ثقافي عام تطبعه صياغات رمزية متعددة.إن الحديث عن المدينة، اذن هو حديث عن المواطنة والعدالة والتعاقد والحق والواجب، وسن القوانين والحرية وغيرها .. وهي كلها مفاهيم تنتعش في الخطاب الفلسفي منذ بدايته إلى حدود ترسيخه في القرن 18.مفهوم الحرية مثلاً، الغاية القصوى في الخطاب الفلسفي، فهو حاضر في تمثيله "أي المفهوم" كجوهر إنساني في الحياة. وحاصل في الفضاء الذي يتحرك فيه الإنسان - أي المدينة، سواء عبر الاختيار الحر للحاكمين أو القائمين على تدبير شؤون المدينة، أو بالامتثال الحر للقوانين دون ضغط أو إكراه. إن هذا التعبير الحر هو تأكيد للحق في أقصى تجلياته وتحقيق للمواطنة في عمقها الوجودي.
في نفس السياق تقريباً، تروم مداخلة الاستاذ عز الدين الخطابي "الفلسفة وسؤال الديمقراطية" مبرزاً المفاهيم الأساسية التي تتجاوز وتتعايش مع مفهوم الديمقراطية، ومركزاً الحديث عنها في المدينة ونطلاقاً منها في كونها تخص المجتمعات الحداثية. إلا أن مفهوم الديمقراطية بكونه "حكم الشعب" يحمل التباساً، وهذا ما أكده مؤسسو الديمقراطية الأثينية "بركليس"، ذلك أن هناك قلة قليلة من العارفين بالمشروع السياسي للمدينة، وبالتالي فهؤلاء يتم العودة إليهم لتدبير شؤونها، في حين يرى أن أحد المفكرين المعاصرين كارل بوبر قائلاً : "لا يمكن للقرارات المتحدة سلباً وإيجاباً أن تصدر عن عدد كبير من الناخبين ولهذا السبب تبدو عبارة "المبادرة الشعبية" خادعة وتحيل إلى ما هو دعائي، إذ يتعلق الأمر عموماً بمبادرة بعض الأفراد، التي يتم اخضاعها في احسن الأحوال للتقييم النقدي للشعب" ص 33.يتضح إذن من خلال المرجع الغربي للديمقراطية بترابطه النسقي مع مجموعة من المفاهيم الأخرى، لكن إذا نظرنا إلى ما يتوهمه بعض المفكرين العرب في كون الديمقراطية هي الشورى، فإن هذا يدخلنا في مغالطة التاريخ وإنتاج المفاهيم، فالشورى - حسب الاستاذ الجابري- هي الوسط بين الاستبداد والعدل، وبالتالي فالحكم العربي يحتاج لأهل الحل والعقد "علماء - فقهاء - علية القوم" باستشارتهم. لكن مشورتهم ليست تقريرية، بل يمكن العمل بها من طرف طالبها أي الحاكم، أو تركها. من هناك تطرح الأسئلة حول حدود كل من المفهومين، الديمقراطية بمفهومها الغربي والمرجعية الدينية للشورى، فكيف يتم الربط بينهما؟ تحيلنا الإجابة عن هذا الرابط إلى صعوبة التزاوج والتطابق بينهما لاختلاف المنظومات والآليات والتصورات التي يقرها الإنسان للكون والعالم والفكر ..إلخ. لكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن الوعي بالديمقراطية يلزم فلسفة من أجل ترسيخه داخل المجتمع، ومن هنا يمكن الإنصات لدرس هابرماس في إخضاع التنظيم الإجتماعي لقيم العقلانية والحرية. لقد شدد هذا الفيلسوف الألماني على ذلك فيما سماه "نظرية التواصل العقلاني" مؤكداً على أهمية التواصل الديمقراطي لأنه يرتكز على ترسانة من المفاهيم الفلسفية مثل العقلانية والفاعلية التواصلية والعالم المعيش وأخلاقية النقاش والاعتراف بالآخر ...إلخ. تدخل كل هذه المفاهيم ضمن المجال العمومي "المدينة". إن ما يؤسس خطاب هذه المداخلة هو التأكيد على ضرورة الدرس الفلسفي، باعتباره الدرس الاداة لتفعيل هذه المفاهيم وترسيخها في المجتمع، وأن تغييبه هو غياب التواصل الديمقراطي، ونكوص مبدأ التسامح كأحد المرتكزات الأساسية التي ترتكز عليها الحداثة والديمقراطية، التسامح إذن هو الموضوع الذي اختارته الأستاذة حبيبة العرائشي حيث تحيل قراءة هذه المداخلة إلى النقاش الدائر في الأوساط والمنتديات الفكرية والسياسية والإعلامية بعد 11سبتمبر المدمرة بعناوين متعددة ويافطات متنوعة. كلها تصب للعودة إلى الجذور التي تأسست عليها الثقافات. فالاسلام مثلاً يميل في أكثر من نص ديني "قرآن وسنة" إلى التسامح. غير أن ما وقع مؤخراً في الدار البيضاء والرياض يعيد السؤال من جديد، محاولة لدرء التعصب الذي عانت منه الثقافات والشعوب عبر تاريخها. ولعل قراءة هذا المبدأ على المستوى الفلسفي يحيل إلى فلسفة الأنوار والشعارات التي صاحبته، يعرف فولتير التعصب ب "لا يوجد علاج لهذا الداء المعدي إلا الروح الفلسفية التي بانتشارها شيئاً فشيئاً تتهذب أخلاق البشر وتتحاشى التطرف". إن مطالبة هذا الفيلسوف الأنواري. هي بشكل من الأشكال مطالبة فلاسفة ومفكرين آخرين - ليس من أجل استنتساخ التجربة الغربية. بل للاستفادة من دروسها ودروس مفكرينا وفلاسفتنا القدماء، لذا فالفضاء العمومي كفضاء للحوار والنقاش كفيل بإضعاف التعصب. من هنا تذهب الاستاذة إلى اعتبار نشر الفكر الفلسفي اختياراً استراتيجياً ثقافياً وسياسياً.
في سؤال آخر حول علاقة المدينة بالأخلاق يقترح الاستاذ عبد الحي أزرقان تحديداً أولياً لمفهوم المدينة عبر ربطه بنقيضه القرية، مخترقاً بذلك التصورات الشائعة التي تفيد أن المدينة تتميز بتعدد سكانها ومساحتها وشوارعها ومؤسساتها، لكن الواقع عكس ذلك، لأن ما يؤسس المدينة، وخاصة في مفهوم الواجب، بالشكل الذي حددته فلسفة الأنوار اعتباراً أن التصورالراسخ للمدينة هو تصور أرسطو الذي أكد عن أن تحقيق الحياة السعيدة هو المقصدية العامة للمدينة. تتجلى وتتوضح هذه الغاية في المجال الأخلاقي. ويفترض الاستاذ أزرقان ثلاث قضايا لتحقيق ذلك وهي :
@ "ملازمة البعد الأخلاقي للحياة داخل المدينة، وملازمته كذلك للعلاقات الإنسانية داخل المدينة"
@ "في تجاوب البعد الأخلاقي لإطار الواجب إن لم نقل في غلبة الأول على الثاني"
@ في وجود المجال العمومي بجانب المجال الخاص.
إن تأثيث المجال العمومي من أهم مقتضيات المدينة، لكن العلاقة بينها تثير أكثر من سؤال وبالضبط في الكيفية التي يخضع فيها الثاني للأول، أو العكس صحيح. ويثير هذا النوع من الفرص انحرافات متعددة سواء في استعمال السلطة، أو في خضوع الأغلبية للأقلية الفاقدة : لذا يقترح الباحث نوعاً من التداخل بينهما أي كيف "يصبح الخصوصي بدوره عمومياً" ص 67.ولكي يكون الأمر كذلك يجب أن "يتوصل الفرد إلى مستوى يجعله يقتنع أن التحقق الفعلي لما هو خصوصي مقرون بتحقيق فعلي لما هو عمومي" ص 67.فالمسألة إذن لا تقتصر على أخلاق الواجب، بل تتعداه إلى الأخلاق كشرط إنساني، كاحترام الآخر، وتقديم الذات والآخر.
وبالتالي فهذه الأخلاق تحيل إلى نبذ التطرف والتعصب أيا كان شكله والاعتراف بقدرات الانسان ومهاراته.
في مداخلة أخرى للأستاذ حميد سلاسي، يطرح مجموعة من الأسئلة المنهجية، أولها أنه "أي الباحث" لا ينتمي لمجال الفلسفة، بل هو باحث في علم النفس وعلوم التربية، وبالتالي فالحديث عن المدينة من خلال مقارنة فلسفية لذوي الاختصاص، هو أمر مجحف لاعتبار بسيط، أن الفيلسوف الذي وضعها موضوعاً لدراسته كان بالإضافة إلى ذلك مهندساً وداعية سياسياً ورياضياً وطبيعياً وطبيباً ..إلخ.لكن الفيلسوف بهذا الإطار لم يعد موجوداً، لذا كان على الندوة أن تستدعي رجال التاريخ والجغرافيا والهندسة المعمارية ورجال السياسة وفعاليات المجتمع المدني، لكن هذا التحذير المنهجي - إن شئنا - لم يعقه في توضيح رأيه حول الموضوع المطروح، منطلقاً من كتاب الفيلسوف هنري لوفيفر Henri Lefebvre بعنوان Le Droit à la ville باعتباره كتاباً يرتكز على مرتكزات نظرية، لكن قبل هذا وذاك إلتجأ الباحث إلى معجم "لسان العرب" لتحديد المدينة والتي تدل على معنيين : الأول يعني الإقامة في مكان معين، والثاني يعني الحصن الذي يبني ويشيد على أرض معينة. لكن المدينة في تشعبات التعريفات المعطاة إليها، تقودنا في آخر المطاف إلى كون المدينة مشروعاً فلسفياً بامتياز منذ افلاطون إلى هيجل، وكذلك من خلال ما شيده أرسطو في كون الإنسان كائن سياسياً ومدنياً"، إذن فالمدينة لم تشكل موضوعاً ثانوياً في تاريخ الفلسفة، بل شكلت محوراً مركزياً تدور عليه قضايا فلسفية أخرى. يحاول الاستاذ الباحث في مداخلته طرح هذه العلاقة من خلال تاريخها، أي من خلال تاريخ الفلسفة، معتمداً على مرجع لوفيفر Lefevre ويمكننا الالتفات إلى بعض العناصر المهمة في هذا التاريخ، أولها أن الفلسفة والمدينة مرتبطتان بشكل كبير عند الإغريق - على الأقل - أعني أن لا وجود للفلسفة خارج المدينة، وبتوضيح أكثر أن المدينة هي التي انشأت الفلسفة، وذلك بالفضاء العمومي الذي فتحته لها "مدينة أثينا - إحلامات صولون وبيركليس - توزيع العمل " إن نفس اللزوم تقريباً نجده عند أحد المهندسين الأساسيين في تاريخ الفلسفة وهو هيجل، ذلك أن هيجل في تصوره العام للواقعي والمثالي، والعلائق التي تربط بين الواقع والعقل، تحضر المدينة كما لو كانت إحدى تجليات هذا التطابق وتحجها الدولة باعتبارها نشداناً للكمال من حيث هي حق وحرية ولوغوس. إن العلاقة هنا، علاقة نسقية بين المدينة كنسق جزئي والدولة كنسق كلي، وهي بالأساس ربط بين الفلسفي والسياسي. لكن في العصر الحالي بدت المدينة موضوعاً غامضاً بالنسبة للفلاسفة المرموقين "في القرن 20" حسب الباحث - ص 79. بينما نرى العكس لاعتبارات تدخل في صميم التحولات التي وقعت في الخطاب الفلسفي، ذلك أن الفيلسوف أصبح بدون موضوع. وهذا ما تركه لنا باشلار Bachlard من كتابات رائعة عن المنزل، وهايدجر في كتابه عن الأصل - واللوغوس الإغريقي، ويظهر أنه "استعار موضوعاته داخل الذي حصل ضمن التعارض الموجود بين المنزل والتسكع" ص
79.لقد أضحت هذه التصورات وغيرها في الفكر المعاصر إمكانيات أخرى بعد التطور الهام الذي حصل في السيميائيات وعلوم أخرى، وتخلص هذه المداخلة إلى كون العلاقة بين الفلسفة والمدينة مرت عبر ثلاث مراحل أساسية:
@ تأملت الفلسفة المدينة ككل "جزئي" ضمن الشمولية الكلية.
@ تأملت الفلسفة في كلية متعالية للمدينة: التاريخ - الانسان - الدولة - المجتمع.
@ ساعد التأمل الفلسفي للمدينة في الارتقاء العقلاني للمارسة التي تتحول إلى عقلانية مدينية - ص 82.
إن هذه الفترات تستحضر أهم فيلسوف عربي، طموح المدينة كموضوع مركزي واضح، وهو الفارابي فكتاباته مهمة في هذا التاريخ. لكن يبقى السؤال مطروحاً لم التفكير في المدينة الآن ؟
ومدننا تنهار أمامنا يوماً بعد يوم، من فاس إلى بغداد ؟ هل حان الوقت لإعادة التفكير في الفضاء العمومي، رغبة في ترسيخ القيم الإنسانية بعيدين كل البعد عن وصايا الطاغوت الأمريكي، في نقل أكله ولباسه وعمارته وسلوكه، عبر عولمتها إلى كل المدن، وحتى المدن الأوروبية منها، تلك أسئلة، لنتأمل في مدننا أكثر .. فأكثر!!